خيارات الأردن

حجم الخط
13

أصبح واضحاً بما لا يدعُ مجالاً للشك أن الأردن يتعرض لضغوط لم يسبق أن شهد لها مثيلاً منذ استقلاله، ولأن هذه الضغوط تمارسها دول عربية، تنفضح يوماً بعد آخر، فقد مررت القمة العربية في تونس بعض التأكيدات لذر الرماد في العيون، والتمويه بتورط بعض الأنظمة في الحصار المفروض حالياً على الأردن.
الأردن اليوم حاله أشبه بقطاع غزة، كلاهما يتعرض لحصار عربي من أجل كسره وتغيير موقفه، لكن المفارقة هنا هو أن الأردن الذي يتعرض لضغوط من أجل تغيير موقفه من القدس والقبول بصفقة القرن هو ذاته يقيم علاقات مع إسرائيل منذ أكثر من ربع قرن، والعلم الإسرائيلي يُرفرف على أراضيه، وهو ما يعني بالضرورة أن «صفقة القرن» التي يتم الضغط على الأردن للقبول بها هي درجة مبالغ فيها من الانحطاط والتنازل.
الأردن ليس في حالة حرب مع إسرائيل، بل ثمة علاقات سياسية ودبلوماسية واقتصادية، وثمة اتفاق سلام واتفاق آخر للغاز وآخر للمناطق الصناعية المؤهلة، التي يُشترط على مصانعها أن تستخدم المواد الأولية الإسرائيلية، ومع ذلك كله فإنه يتعرض لضغوط من دول خليجية، لا تقيم علاقات علنية مع إسرائيل، وإنما تنحصر علاقاتها العلنية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.. فماذا تريد هذه الدول من الأردن؟
واقع الحال وتجربة الـ25 عاماً الماضية من السلام الأردني الإسرائيلي، يشيران إلى أن الأردن لديه خطان أحمران لا ثالث لهما، الأول هو القدس التي كانت منذ ما قبل احتلالها تحت الولاية والوصاية الهاشمية وسقطت تحت الاحتلال، بسبب النكسة العربية الشاملة، كما أنها كانت جزءاً من الأردن بموجب مقررات مؤتمر أريحا الذي انتهى إلى توحيد الضفتين عام 1950. أما الخط الأحمر الثاني بالنسبة للأردن فهو «اللاجئون» إذ أن توطينهم على أراضيه يعني تذويب الهوية الوطنية الأردنية وضياعها وتغيير معالم الدولة، فضلاً عن أن اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم المقيمين في الأردن يرفضون فكرة «الوطن البديل» جملة وتفصيلاً بغض النظر عن المكان، إذ لا بديل لديهم عن فلسطين ولو في أجمل بقاع الأرض. وبسبب الحصار الخليجي الأمريكي الاسرائيلي، الذي يتعرض له الأردن نفهم سبب الأزمة الاقتصادية، إذ كانت المساعدات الخليجية تشكل نحو 10% من موازنة الأردن السنوية، لكنها غابت بشكل شبه كامل منذ نحو عامين، إضافة إلى أن قرار تقليص التمويل الأمريكي لمنظمة «أونروا» ساهم في هذه الأزمة، نتيجة أن أغلب أنشطة وكالة الغوث في الأردن وأغلب انفاقها يتم في الأردن، وهذا ما تقلص أيضاً.. والسبب وراء ذلك كله هو دفع الأردن لتغيير موقفه من القدس و»صفقة القرن»، أو تليين موقفه على الأقل.

يواجه الأردن اليوم المرحلة الأصعب، وأزمته الاقتصادية ناتجة عن الحصار الذي يتعرض له وليس بسبب الفساد

وأمام هذه المعطيات فإن الأردن يقف أمام مفترق طرق حقيقي، وهنا فإن الخيارات التي يتوجب على غرف صنع القرار في الأردن دراستها يجب أن تتوسع لتشمل ما يلي:
*أولاً: إعادة فتح مكاتب حركة حماس في الأردن، وتغيير الموقف من الحركة بشكل استراتيجي، وذلك على قاعدة تلاقي المصالح وليس الأيديولوجيا، إذ ليس مهماً إن كانت حماس تندرج ضمن مدرسة «الإخوان المسلمين» أم لا، وإنما المهم أنها أقوى المعارضين لفكرة «الوطن البديل»، ويمكن أن تلعب دوراً مهماً في مقاومة أي عملية توطين قد تطمح لها إسرائيل والولايات المتحدة. وعلينا أن نتذكر أن حماس كانت حليفاً للنظام في سوريا عندما كانت عقوبة الانتماء للاخوان المسلمين هي الإعدام، ما يعني أن التعامل مع حركة حماس بمعزل عن الحاضنة الأم (الإخوان) يمكن أن يكون خياراً.
*ثانياً: ثمة ثلاث عواصم مهمة في منطقة الشرق الأوسط يتوجب على الأردن أن يبحث إعادة هيكلة العلاقة معها، وهي: الدوحة وأنقرة وطهران. وهذه العواصم الثلاث يمكن أن تكون مفاتيح الحل للأزمة الاقتصادية، ويمكن أن تقدم الدعم السياسي والدبلوماسي اللازم للموقف الأردني، خاصة في قضية القدس.
*ثالثاً: يتوجب تعزيز التحالف بين الأردن والسلطة الفلسطينية، إذ أن «صفقة القرن» تقوم على القفز على هذين الطرفين فقط، وتشكل تهديداً مباشراً لهما، وهو ما يوجب التحرك المشترك لمجابهة هذا المشروع الأمريكي المدمر الذي تتجلى ملامحه بشكل أوضح يوماً بعد آخر، وبدأ بنقل السفارة إلى القدس لكنه انتقل إلى الاعتراف بالتهام أراضي الجولان العربية والاعتراف بشرعية احتلالها، ما يعني أن ترامب ليس لديه أي مانع في انتهاك القانون الدولي أيضاً.
يواجه الأردن اليوم المرحلة الأصعب، وأزمته الاقتصادية ناتجة عن الحصار الذي يتعرض له وليس بسبب الفساد – كما يتخيل البعض- ويُراد لهذا الحصار وهذه الأزمة أن ينتهيا بتغيير الموقف من القدس واللاجئين.. هذه هي الحكاية.
كاتب فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول تيسير خرما:

    بينما تشغل دول الخليج مليون أردني فإن باقي دول الجوار والإقليم إما أرسلت ملايين لاجئين وعمال نافسونا على موارد محدودة فأصبح ثلث السكان ونصف العمالة أجانب، أو جذبت متهربي الضريبة لإيداع أموالهم لديها أو روجت السياحة وشراء عقارات لديها أو نقل مصانعنا إليها أو صرف زكاتنا وصدقاتنا لديها ولا بد من وضع حد لكل ذلك وحماية اقتصادنا وعمالتنا وأمن مجتمعنا.

    1. يقول الحرحشي-المفرق-الاردن:

      لا يمكن القاء الذنب على من لجأ الى الاردن لضروف انسانية. ان فشل حكوماتنا كان قبل قدوم اخواننا السوريين الى اهلهم في الاردن.
      مارغرتت تاتشر عزت فشل سياساتها الاقتصادية لقدوم المهاجرين من دول الكومنولث اي انها حملت ذلك الفشل الى الطبقة الاضعف وهذا من العث والفشل وتراكم الفشل.

    2. يقول الأردن:

      قالها المرحوم الحسين بن طلال : ” الأردن ؛عرب العرب وداره الإسلام ” وستبقى كذلك انشالله …. والله لن نكون هذا إلا إذا كان الشعب الأردني مضياف محب لاخوانه عرب ومسلمين والمثل الأردني :” بيت الضيق يسع ألف صديق “، أهلاً بكم بلمجأ الاجيئين السورين والعراقين واليمنين والليبين رحبنا في الماضي في اللبنانين و بمسلمين البوسنه و بنغلادش وسعوب الشركس والشيشان والاباظة وجيراننا المسيحين من الأرمن ، أكبر فخر للأردن اننا الديار المفتوحة لمن سدت الأبواب والحدود في وجوهوهم وإننا نجدة المستضعفين

  2. يقول سامح //الأردن:

    *أكيد وضع (الأردن ) صعب
    كان الله في عونه.
    حمى الله الأردن من الأشرار والفاسدين.

  3. يقول ابو تخين الشمري:

    الفساد ثم الفساد تم الفساد هو السبب الرئيس والاخير، وهو ما يمنع دول الخليج من مساعدة الاردن نقدا، ولهذا السبب تجد بعض الاردنيين يطلبون من بعض سفارات الدول المانحة في عمان عدم اعطاء الاردن مساعدات مالية ” كاش” والاكتفاء بالعينية ودعم انشاء مشاريع…. وأكبر دليل على ذلك دعم السعودية مشكورة السخي في تعبيد اكبر طريقين في الاردن.
    لقد منحة الشقيقة السعودية الاردن مبلغ 2600 مليار دولار خلال 9 اشهر في نهاية عام 2010 وبداية 2011، ولم يدخل الخزينة منهم ولا دولار…. ويقول البعض ان دول الخليج تتأمر على الاردن، حرام بعد ذلك منحة دول الخليج حوالي 5 مليار للأردن واصرت بعظها على تقديمها على شكل تنفيذ مشاريع حتى لا تذهب لجيوب الفاسدين.
    عدو الاردن الفاسدين وخاصة كبارهم الذين بددو مقدرات الدولة، ولو كان هناك في الاردن زعيم كا مهاتير محمد في ماليزيا واردغان في تركيا لما حتاج مساعدات اصلا.
    حسبنا الله ونعم الوكيل، وكل الشكر لدول الخليج الشقيقة على دعمها السخي، وندعوها نحن الاردنيين عدم دفع اي مبالغ للأردن على شكل كاش، والاكتفاء فقط بدعم مشاريع في الاردن، مع طلب الاشراف على تنفيذها وعلى كافة المراحل.

    1. يقول خدام:

      الاخ الشمري كلامك صح 100%100 المشكله عندنا هي الفساد

    2. يقول الحرحشي-المفرق-الاردن:

      2600 مبلغ مبالغ فيه . كلامك منطقي في ان الفساد هو العدو الحقيقي لاي امكانية لنهوض البلاد من الهاوية التي تسبب بها هذا السرطان الذي انقض على الباد والعباد ولم يرقب فيهم إلا ولا ذمة واحرق الحرث وانسل والضمانه الحقيقية لان لانتزاع هذا السرطان الخبيث هو عبر عملية اصلاح سياسي حقيقي يبدا من خلال قانون انتخابي عليه اجماع وطني وعدم العبث في نتائج الانتخبات عبر الاجهزة الامنية وهذا ليس تجني بل اقر به رؤساء وزراء سابقون ورؤساء مخابرات سابقون….الاردن لن يكون قويا وتقوم قائمتة الا عبر الديمقراطية ومن يعادي الديموقراطية في البلاد هو عدو حقيقي لهذا البلد الصابر المحتسب.

  4. يقول Amnad:

    الأمور في الخليج لم تعد كما كانت في أواخر القرن الماضي فالسعودية لديها بطاله وفقر لم تعد الوفرة المالية الضخمة لأسباب كثيره والصحيح ان الأمل بالدعم الخليجي سراب لن يتحقق مهما فعل الأردن لان فاقد الشيء لا يعطيه

  5. يقول خدام:

    ابو تخين الشمري أبريل 2, 2019 at 7:25 ص
    الفساد ثم الفساد تم الفساد هو السبب الرئيس والاخير، وهو ما يمنع دول الخليج من مساعدة الاردن نقدا، ولهذا السبب تجد بعض الاردنيين يطلبون من بعض سفارات الدول المانحة في عمان عدم اعطاء الاردن مساعدات مالية ” كاش” والاكتفاء بالعينية ودعم انشاء مشاريع…. وأكبر دليل على ذلك دعم السعودية مشكورة السخي في تعبيد اكبر طريقين في الاردن.
    لقد منحة الشقيقة السعودية الاردن مبلغ 2600 مليار دولار خلال 9 اشهر في نهاية عام 2010 وبداية 2011، ولم يدخل الخزينة منهم ولا دولار…. ويقول البعض ان دول الخليج تتأمر على الاردن، حرام بعد ذلك منحة دول الخليج حوالي 5 مليار للأردن واصرت بعظها على تقديمها على شكل تنفيذ مشاريع حتى لا تذهب لجيوب الفاسدين.
    عدو الاردن الفاسدين وخاصة كبارهم الذين بددو مقدرات الدولة، ولو كان هناك في الاردن زعيم كا مهاتير محمد في ماليزيا واردغان في تركيا لما حتاج مساعدات اصلا.
    حسبنا الله ونعم الوكيل، وكل الشكر لدول الخليج الشقيقة على دعمها السخي، وندعوها نحن الاردنيين عدم دفع اي مبالغ للأردن على شكل كاش، والاكتفاء فقط بدعم مشاريع في الاردن، مع طلب الاشراف على تنفيذها وعلى كافة المراحل.

    رد

  6. يقول الحرحشي-المفرق-الاردن:

    نسيت الشيء الاهم وهو القيام في اصلاح سياسي حقيقي لتمتين الجبهة الداخلية واعطاء شرعية وقوة للنظام في مواجهة المشاريع والضغوط الخارجية.
    الكثير من الانظمة تفضل التنازل للخارج على التنازل للحاضنة الداخلية التي الاهم والاضمن ولنا في ذلك عبرة فيما مرة عليه نحن في الاردن من تحديات.

  7. يقول سلام عادل(المانيا):

    الامر المهم الذي يغيب عن بال الكثيرين الان ان دول الخليج كانت تقدم المساعدات لالاردن سابقا لانها كانت ضمن المحور الخليجي المتصارع مع الانظمة القومية اليسارية كالعراق وليبيا وسوريا والجزائر ومصر جمال والان تغيرت تلك الانظمة ولا خوف منها وبالتالي فقد الاردن جزء من المساعدات بالاضافة للفرق بين الملك حسين كشخصية وقائد والملك عبدالله

  8. يقول الحرحشي-المفرق-الاردن:

    نسيت الشيء الاهم وهو القيام في اصلاح سياسي حقيقي لتمتين الجبهة الداخلية واعطاء شرعية وقوة للنظام في مواجهة المشاريع والضغوط الخارجية.
    الكثير من الانظمة تفضل التنازل للخارج على التنازل للحاضنة الداخلية التي الاهم والاضمن ولنا في ذلك عبرة فيما مررنا به نحن في الاردن من تحديات في السابق.

  9. يقول هاني الشرعة الاردن:

    إيران دولة تشد العالم السني من الاطراف وتلعب نفس دور إسرائيل.
    هناك قناعة تامة لدى إسرائيل أنه لا حروب بعد تفكيك الدول المحورية في المنطقة.
    3 دول غير عربية تسعى إلى لعب دور محوري في المنطقة هي إيران تركيا وإسرائيل.
    الهلال الشيعي اكتمل ووصلت إيران للبحر المتوسط ، وعلى العرب الانكفاء في مظلة جديدة تمحيهم منها اما تركيا واما إسرائيل هكذا يخطط الغرب وامريكيا.
    استمرار تدفق النفط من الشرق الاوسط لم يعد مسالة أمن قومي امريكي، فواشنطن بدأت بانتاج وتصدير النفط والغاز.
    امريكيا ستتكور في قواعد لمراقبة إيران شبيهة بقواعدها في كوريا وتايوان ووجهتها الصين.
    لا الوم الدول الخليجية من خوفها من إيران فمشروعها يعادل في مخاطره المشروع الاسرائيلي.
    إيران لم تقدم بادرة حسن نية اتجاه جيرانها العرب، واكتفت باطلاق المبادرات اللفظيه، فيما الحرس الثوري يقيم مشاريعه الخاصة في الاقليم.
    اما الاردن وشعبه وقيادته فهو بسيط ولكن عنيد ويعرف المستعمر الانجليز ذلك، وسنقاوم مشروع ترامب.

إشترك في قائمتنا البريدية