أزمة “المقاصة” تزيد الأعباء على كاهل الاقتصاد الفلسطيني المنهك

حجم الخط
0

غزة-مصطفى حبوش: تواجه السلطة الفلسطينية أزمة مالية خانقة، منذ قرار إسرائيل اقتطاع جزء من أموال الضرائب الفلسطينية، بذريعة ما تقدمه السلطة من مستحقات مالية إلى أسر الشهداء والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

انعكست تداعيات الأزمة المالية بشكل رئيس على القطاع الخاص، والموظفين العموميين، باقتطاع الحكومة الفلسطينية 50 في المئة من رواتبهم الشهرين الماضيين.

وسيتواصل الاقتطاع بنسب متفاوتة خلال الفترة المقبلة، حال استمرار الأزمة وعدم التوصل إلى حلول، الأمر الذي ينعكس سلبا على الحركة التجارية المحلية والنشاط الاقتصادي عموما.

وفي 17 فبراير/ شباط الماضي، قررت إسرائيل خصم 11.3 مليون دولار من عائدات الضرائب (المقاصة)، كإجراء عقابي على تخصيص السلطة الفلسطينية مستحقات للأسرى وعائلات الشهداء.

وإيرادات المقاصة، هي ضرائب تجبيها إسرائيل نيابة عن وزارة المالية الفلسطينية، على السلع الواردة للأخيرة من الخارج، ويبلغ متوسطها الشهري (نحو 188 مليون دولار)، تقتطع تل أبيب منها 3 في المئة بدل جباية.

وردا على القرار الإسرائيلي، أعلنت الحكومة الفلسطينية رفضها استلام أموال المقاصة من إسرائيل مخصوما منها أية مبالغ غير متفق عليها مسبقا.

ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في تصريحات سابقة، إلى تفعيل قرارات القمم العربية السابقة الخاصة بتوفير شبكة الأمان المالي بقيمة شهرية 100 مليون دولار، والوفاء بالالتزامات المالية العربية لدعم موازنة دولة فلسطين.

وحذر رئيس حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية، رامي الحمد الله، الشهر الماضي، من أن اقتطاع إسرائيل جزءاً من أموال الضرائب، يضع اقتصاد بلاده في دائرة الخطر ويهدد قدرة الحكومة على دفع رواتب موظفيها.

ارتفاع الدين وانكماش الاقتصاد

المختص الاقتصادي الفلسطيني، محمد أبو جياب، قال إن “الأزمة المالية التي تعصف بالسلطة بسبب اقتطاع أموال المقاصة تعمق من الأزمات التي يواجهها الاقتصاد المحلي”.

وأضاف أبو جياب: “هذه الأزمة الخانقة ستزيد الصورة الاقتصادية الفلسطينية تشاؤما وسلبية.. سيترفع الدين العام وسينكمش الاقتصاد خلال العام الحالي، وربما تعجز الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها على صعيد قطاع الخدمات العامة”.

وتابع: “الحكومة الفلسطينية، بحسب ما أعلن وزير المالية شكري بشارة، تعتزم اقتراض مبلغ 60 مليون دولار شهريا على مدار 6 أشهر قادمة من عدد البنوك المحلية، وهذا سيزيد من الدين العام وسيرهق الموازنة العامة”.

وتوقع المختص الاقتصادي، أن تتسبب الأزمة الحالية بتراجع في الإنتاج وبأزمة عميقة للقطاع الخاص الفلسطيني.

“القطاع الخاص سيعاني من ارتفاع الديون الحكومية المستحقة له وانخفاض نسبة سداد الديون السابقة، إضافة إلى الضعف الذي ستشهده الحركة التجارية جراء الاقتطاع من رواتب الموظفين”.

تعميق أزمات غزة 

ورأى أبو جياب، أن الأزمة ستنعكس بشكل أعمق على قطاع غزة الذي يعاني أصلا من ضغوطات اقتصادية خانقة منذ سنوات، بسبب الحصار الإسرائيلي.

وقال: “اقتطاع 50 في المئة من رواتب موظفي السلطة والمتقاعدين في غزة، بالتزامن مع الأزمة الحالية، يعني مزيدا من ركود حركة الأسواق، ومزيدا من خفض الإنتاج بالمصانع، وتسريح أعداد جديدة من العمال”.

الضرائب المحلية 

من جانبه، قال الصحافي المختص بالشأن الاقتصادي، حامد جاد، إن “الأزمة المالية التي تواجهها السلطة الفلسطينية حاليا، ستنعكس سلبا على مجمل النشاط الاقتصادي الفلسطيني وخاصة الحركة التجارية”.

وأضاف “جاد”، إن “اقتطاع 50 في المئة من رواتب موظفي الحكومة البالغ عددهم 138 ألف موظف، سيكون له تأثير كبير جدا على الحركة التجارية بالسوق المحلية، وسيترتب عليه خفض المواطنين لمشترياتهم”.

وزاد، ان تراجع القوة الشرائية، يعني هبوطا في الإيرادات الضريبة، خاصة ضريبة القيمة المضافة المجباة محليا، أو عبر المقاصة.

وذكر “جاد” أن اللجوء إلى الاستدانة من البنوك المحلية ليس حلا للأزمة، لأن البنوك لديها سقف معين للإقراض لا يمكنها تجاوزه بأي حال.

وقال، إن “المطلوب لحل هذه الأزمة أن يكون هناك تحرك فاعل من وسطاء دوليين مثل الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي لتمكين السلطة الفلسطينية من استلام أموال المقاصة كاملة دون أي اقتطاع”.

وأضاف: “في حال استمرار الاقتطاع من أموال المقاصة ستواجه الحكومة صعوبات بالغة بقدرتها على سداد متطلبات الإنفاق العام المختلفة”.

وفي فبراير/ شباط الماضي، أعلن وزير المالية الفلسطيني، شكري بشارة، أن الحكومة، ستتخذ إجراءات مالية تقشفية”، للتعامل مع “أزمة المقاصة”.

وقال بشارة، إن “الحكومة ستتجه إلى الاقتراض من البنوك العاملة في السوق المحلية (14 بنكا)، لكنه سيكون اقتراضا حكيما، بما لا يؤثر على الحكومة أو على البنوك”.

والجمعة الماضية، حذر وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، خلال كلمته في الاجتماع التحضيري للقمة العربية الثلاثين على مستوى وزراء الخارجية في تونس، من الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها الحكومة.

وناشد المالكي المجتمعين بتنفيذ قرار توفير شبكة الأمان المالية للحكومة الفلسطينية بمبلغ 100 مليون دولار شهريا.

وأقرّت القمة العربية بالكويت عام 2010، “شبكة أمان مالية عربية”، قيمتها 100 مليون دولار شهريا، يتم تفعيلها في حال ضغطت إسرائيل على الفلسطينيين مالياً، من خلال حجب إيرادات المقاصة الشهرية. (الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية