باريس: اعتبر الباحث رولان مارشال المتخصص في شؤون النزاعات في القارة الإفريقية، أن “نقاشات مهمة تجري داخل الجيش” لمواكبة التظاهرات المناهضة للرئيس عمر البشير، إلا أن لا شيء يشير حتى الآن الى أن المؤسسة العسكرية قد تميل لجهة المتظاهرين.
سؤال: يتجمع آلاف المتظاهرين منذ ثلاثة أيام أمام المقر العام للجيش السوداني في الخرطوم ويطالبون العسكريين بدعم تحركهم الاحتجاجي. ماذا يمكن أن يحدث؟
جواب: “تجري نقاشات مهمة داخل الجيش. من المعروف أن الرئيس البشير هو الذي عين كبار الضباط في مراكزهم، إلا أن لدى هؤلاء عائلات أيضا، والعامل الأساسي الذي حرك الأزمة الحالية هو الوضع الاقتصادي.
كما أن هناك نقاشات تجري حول الفساد الذي يعم أجهزة النظام، وحول الوضع الشخصي للبشير، وحول التدخل في اليمن. فقد أرسلت السلطات السودانية إلى اليمن عناصر من قوة الدعم السريع التي لا تشكل جزءا لا يتجزأ من الجيش ولو أنها على علاقة وثيقة به.
وفي الثاني والعشرين من شباط/فبراير أقيل النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن بكري حسن صالح من منصبه، مع العلم أنه كان من المشاركين في الانقلاب الذي أوصل البشير الى السلطة عام 1989. وكان حتى ذلك التاريخ يعتبر الممثل الرئيسي للجيش في السلطة.
إلا أن لا شيء يشير حتى الآن الى أن الجيش سيختار دعم المتظاهرين”.
سؤال: هل وصل السودان الى منعطف؟
جواب: “قد يكون الأمر كذلك، لأن مسألة رحيل البشير قد فتحت بالفعل. إلا أن هذا لا يعني أن الأمور ستتسارع نحو إجراء انتخابات ديموقراطية…
يفتقر المتظاهرون الى أطر سياسية، والغضب وحده لا يكفي لتغيير الأمور. والعرض السياسي الذي قدمه المتظاهرون ضعيف جدا. وإذا كان الإسلاميون في موقع المتهم فهم لا يزالون أقوياء ومتجذرين اجتماعيا.
ويبقى أن خيارات الحكومة محدودة للغاية.
هل يمكن استخدام القوة وإطلاق النار على المتظاهرين؟ من الصعب القيام بذلك خاصة وأن المتظاهرين هم أيضا أبناء النظام، والقمع الشديد لا يمكن إلا أن يؤدي الى ردة فعل. عندها سيكون على الاتحاد الأوروبي الخروج عن صمته بعد أن كان موقفه حتى الآن حذرا للغاية لخشيته من الفوضى ومن تدفق المهاجرين، ومن استغلال الإسلام المتطرف للوضع … قد لا نستسيغ نظام البشير لكننا على الأقل نعرفه، والعلاقة به لا تتخللها المفاجآت”.
سؤال: هل بالإمكان إجراء مقارنة بين ما يجري في السودان وتظاهرات الجزائر؟
جواب: “النظامان مختلفان تماما. بوتفليقة كان يحكم البلاد وكأنه رئيس مجلس ادارة يضم ممثلين عن مصالح مختلفة وفصائل تجارية وعسكرية… في السودان الأمر يتخذ شكلا آحاديا أكثر وعموديا.
في الجزائر كان هناك رئيس عجوز ومريض في الثالثة والثمانين من العمر، في حين أن البشير لا يزال في الرابعة والسبعين ولا ينقصه النشاط والحيوية.
إلا أن الصحيح أن المتظاهرين السودانيين يريدون الاستفادة من النضج السياسي الذي كشف عنه الجزائريون”(أ ف ب)