دائما كان الفن بكل صياغاته الشكلية وفي المقدمة منها الموسيقى، يعبّر عن وجدان الإنسان بشكل مطلق منذ أن واجه قدره على كوكب الأرض، لأن رسالته تسمو في دلالاتها فوق الحدود والحواجز والمتاريس التي طالما كدَّسها محترفو السياسة، ليتاجروا بالموروثات والقيم الثقافية المختلفة والمتنوعة للشعوب، تعزيزا ودعما وتكريسا لمصالحهم الفئوية والذاتية.
نقف مسحورين أمام ما أنجزته مخيلة الفنان من عوالم وشطحات غريبة لم يغب الواقع عن أن يكون باعثا ومحفزا لها، لا نسأل عن جنسيته ولا عن دينه، دهشتنا منبعها فرادة ما أنجزه من عمل فني، تجلت بما اجترحه من أنغام وإيقاعات وألوان توغل فيها بين مسامات جلدنا بدون جواز سفر على اختلاف ألواننا.. الفن يلمس مناطق سريّة فينا لن نتمكن نحن من الإمساك بها والوصول إلى حالة النشوة من خلالها، وكأنه كاشف للغيب وفاضح لأسرارنا الذاتية، فينطق بما يدور من هواجس ومشاعر في دواخلنا، وعلى اختلاف لغاتنا تتفاعل وتتواشج مشاعرنا الإنسانية في صوره المبتكرة وتتهاوى جدران الهويات الفرعية المتحجرة التي صنعتها مصالح ونوايا صناع الخرافات من الساسة ورجال الدين.
هذه الأيام تتعالى ضجة مفتعلة لتغيير النشيد الوطني العراقي، تقف خلفها نوايا أقل ما يقال عنها ليست طيبة، واستثني بهذا الخصوص بعض الفنانين المبدعين، الذين قدموا نماذج جديدة للنشيد، وأجزم أن رغبتهم في أن تكون لهم بصمة فنية خالدة في ذاكرة العراقيين، هي التي دفعتهم إلى المشاركة في حفلة التهريج هذه، ومؤكد أنه ما من صلة تجمع نواياهم الفنية النبيلة مع تلك النوايا السوداء التي يخفيها أنصاف المثقفين والفنانين من أتباع زعماء الطوائف.
لو لم يكن هذا النشيد من أجمل الأناشيد لما ردده أغلبنا، أفرادا وجماعات وشعوبا، وما يزال نجوم الغناء يتسابقون من خلاله لاستعراض إمكاناتهم الصوتية وتقنياتهم في الأداء، إلاّ أن «بعض» المؤدلجين، في مقدمتهم من يُحسبون على اليسار والعلمانية، والبعض الآخر من دعاة الطوائف، يسعون وبقوة ومنذ عدة أعوام لأجل تغييره، لمجرد أن مؤلف النص إبرهيم طوقان فلسطيني والملحن محمد فليفل لبناني. بمعنى أن دافعهم إلى التغيير عنصري.
ماذا لو أن موتسارت أو بيتهوفن أو هاندل أو أي ملحن آخر من صنف هؤلاء العظماء قد تبرع ولحَّن النشيد الوطني العراقي، هل سننجرف إلى منزلق الداعين إلى تغييره لأنهما لا يحملان الجنسية العراقية؟
أي منصف وعارف في الشعر ما أن يقرأ كلمات النص سيجدها تفيض بالمعاني الإنسانية، ولا تحمل بين دلالاتها أي انحياز وتكريس لنبرة دينية أو قومية أو طائفية، أما البناء اللحني فيكتسب شرعيته الجمالية من حرص نجوم الطرب على غنائه في حفلاتهم الخاصة والعامة. يؤسفنا أن ينزلق من يحسبون على النخب المثقفة إلى هذا السعير المحموم الداعي إلى الحكم بالإعدام على النشيد الوطني العراقي، ولا غرابة في ذلك طالما نحن في زمن عنصري بامتياز. ماذا لو أن موتسارت أو بيتهوفن أو هاندل أو أي ملحن آخر من صنف هؤلاء العظماء قد تبرع ولحَّن النشيد الوطني العراقي، هل سننجرف إلى منزلق الداعين إلى تغييره لأنهما لا يحملان الجنسية العراقية؟ ماذا لو أن كلمات النشيد كتبها الشاعر ت. س. أليوت أو والت ويتمان، هل سنتخندق ضدهما لأنهما يحملان جنسية أجنبية؟
تأتي الدعوة المحمومة لتغيير نشيد «موطني «ضمن السياق العام للمشهد السياسي في العراق، ابتدأ من الأعوام التي أعقبت احتلاله عام 2003 حيث تمضي الأحداث مسرعة بكل عناوينها في مسار تهديم الثقافة والقيم الوطنية والإنسانية من بعد أن تشكلت عبر قرون بفعل إنجازات فردية وجماعية شهدت عليها حضارات سومر وأكد وآشور والعباسيين والأمويين وتظافرت فيها جهود أبنائه من السريان والمسلمين والعرب والكرد والتركمان والإيزيديين والصابئة. بتأسيس دولة المكونات بديلا عن دولة المواطنة نجح دعاة الهدم في تفريغ الثقافة العراقية من محتواها الإنساني، وإشاعة ثقافة لا تنتج إلا صور التوافق والتالف والتعايش مع الفوضى داخل المجتمع فتشظى إلى خنادق متقابلة تتمترس فيها الأصوات الداعية إلى العنف والكراهية، وعميت بصيرة الكثير فسقطوا في بركة التفسير الطائفي المسبق لكل شيء، واشتبك الزمن في وجدانهم حتى أنهم ما عادوا يفرزون بين الماضي والحاضر، فصار الماضي بكل التباساته وخرافاته حاضرا وبقوة ، أما الحاضر بكل ما يحمله من أحلام وإشراقات وتطلعات واحتياجات وحرمان فقد تأجل موعده إلى أن يظهر صاحب الزمان. إذا ما شاعت ثقافة القداسة على كل ما لا يستحق التقديس ووقفت خلفها مؤسسات رسمية ووظِّف لأجلها كتبة وأقلام وفنانون يمارسون دورا ثقافيا مكملا لهذا الخطاب في أشعارهم ومسرحياتهم وأطروحاتهم الأكاديمية، فلا غرابة أن يُغيَّبَ الوعي الجمعي وتُقدَّم القرابين لشياطين يتنكرون مرّة بالعمامة وأخرى بثياب العسكر أو بآخر صيحات الموضة، وفي كل مرة يظهرون فيها على المنابر يدفعون عامة الناس بخطاباتهم إلى كهوف التاريخ وبقعها المعتمة ليكونوا وقودا في حرب عبثية رموزها خليط عجيب وغريب من القادة والأئمة والخلفاء والسلاطين، وفي حقيقة الأمر ما كانوا إلا مجرد أشباح وأوهام أنتجتها مخيلة مريضة، هي حروب لا جدوى منها سوى مزيد من الدم والكراهية والحقد والعنصرية، بينما يقف الشياطين المعاصرون بلحمهم وشحمهم على المنابر والمنصات وشاشات الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي يتلقون من جمهورهم آيات الإعجاب والتبجيل والتقديس.
إنها حرب تستهدف الأرض والماء والإنسان والفنون والأدب والعلم والمعرفة، حرب على كل شيء من أجل لاشيء وليست حربا تقتصر على النشيد الوطني، وخلفها تقف كتيبة من صغار الكتاب والمثقفين والفنانين ليس لهم مجد ولا إنجاز، يهدفون من خلالها أن يضيفوا سطرا آخر في سجلهم الذي بدأ مع اللحظة التي دعوا فيها الغزاة الأمريكان لاحتلال بلدهم بذريعة إسقاط النظام السابق، فكانت الكلفة باهظة بسقوط الدولة وتفخيخ جسد الثقافة بما يحملونه من سموم.
ختاما نستذكر كلمات الشاعر إبراهيم طوقان، لنزيح ما علق من غبار على مشاعرنا :
مَوطني
الجلالُ والجمالُ والسَّنـاءُ والبهـاءُ في رُبـاك
والحيــــــاةُ والنّجـــــــاةُ والهـناءُ والرّجاءُ في هـواك
هل أراك سالماً مُنعّـماً وغانماً مُكرّماً
هل أراك فـي عُلاك تبلغُ السّماك
مَوطني
الشبابُ لن يكلَّ همُّهُ أن تستقـلَّ أو يبيد
نستقي من الرّدى ولن نكون للعـدى كالعبيد
لا نُريد ذُلّنا المؤبّدا وعيشنا المُنكّدا
لا نُريد بل نُعيد مجدنا التّليد
الحسامُ واليراعُ لا الكلامُ والنزاعُ رمزنا
مجدُنــــــا وعهدُنــــــــا وواجبٌ إلى الوفا يهزُّنا
عِزُّنا غايةٌ تُشرف ورايةٌ تُرفرفُ
يا هَنَاك في عُلاك قاهراً عِداك
مَوطني
٭ كاتب عراقي
بعد ثورة 1952 في مصر اقترح بعض الضباط الأحرار طرد الفنانة أم كلثوم وعدم اذاعة أغنياتها…بدعوى أنها تنتمي إلى العهد الملكي..
فما كان من الرئيس جمال عبد الناصر إلا واتصل بصاحب المقترح : وقال له : غدا تأخذ معك بلدوزر وتقتلع الأهرامات من أماكنها…
أستغرب هذا ( الشخص رحمه الله ) فردّ على الرئيس عبد الناصر: كيف ياأفندم نفعل ذلك ، هذه الأهرامات العظيمة تراث مصرالخالد .فردّ عليه الرئيس بعبقريّة : لأنها تنتمي إلى العهود السابقة للثورة.فوصلت الرسالة ، وأعيدت أم كلثوم للغناء الصادح.
لا عجب ان يطالبوا بذلك بعدما غيروا موطن الجمال و الجلال
–
و السناء للضد
–
تحياتي
وهل لا يوجد شعراء عراقيون ،،حتى يكون النشيد الوطني العراقي من تأليف شاعر فلسطيني!مع كل الاحترام له
النشيد العراقي يجب أن يكون عراقي ١٠٠%،، لأنه، ليثبت هويه العراق به و أمام العالم ،،هذا النشيد من تأليف شاعر عراقي و تلحين عراقي و عزف فرقه عراقيه و على أرض العراق،،لأنه يقدم العراق لكل العالم ،
يكون جيد أو سيء ، فهذا شيء لنا ، و نعتز به مهما يكون ، لأنه كياننا ، ولن يكون استيراد ابدا
تحياتي
عفيف/امريكا, يا سيد عفيف انت تعلم في عراق الميليشيات الشيعية لا يتحرك شئ دون موافقة ايران, وانت تعرف كل قرار يتخذ بعد الرجوع الى ايران ثم يتم اضفاء شرعية دينية عليه عبر الحوزة بقيادة السيستاني ,الايراني طبعاً, ليكون ملزم, بحيث يكون عبادة إذا عمل به وردة إذا لم يعمل به!ّ؟ يا سيد عفيف العراق اصبح خبر كان منذ 2003 بقرار الصهيونية العالمية بالاتفاق مع الصفويين!
سيد عفبف من امريكا النشيد الوطني للجزائر الشقيقة من ألحان
–
الموسيقار الراحل محمد فوزي و الشعب الجزائري لا يزال يكرم الرجل
–
و ليست له اية عقدة نقص من ذلك و اعتقد ان العراقيين كذلك الا
–
من له حساسية طائفية و يرى الامور من زاوية الطائفية
–
تحياتي
{ يكون جيد أو سيء ، فهذا شيء لنا ، و نعتز به مهما يكون ، لأنه كياننا ، ولن يكون استيراد ابدا }.يا سيد عفيف لو كان كلامك صحيحا
لماذا تركت بلدك الذي تعتز بنشيده الوطني ؟
إلى الجالسين في البلد الذي غزا و حطم العراق و ينظرون بروؤس الآخرين،
أي عراق تعنون الذي يجب أن يكون نشيده بكلماته و لحنه و عزفه و منشده عراقيون؟!
هل هو عراق حدود سايكس بيكو؟
أم عراق بريمر؟!
أم عراق الخامنئي؟!
أم عراق تجار الطوائف؟!
أم عراق ترامب؟!
.
ربما كنت سأتقبل الفكرة، اي فكرة نشيد وطني عراقي خالص بكل عناصره لو جاء المقترح ممن هو ينظّر من داخل البلد و يعيش فيه بكل مآسيه
اما ان يأتي المقترح ممن هو يقيم في حضن بلد جورج بوش، قاتل أطفال العراق، و صحبه ، فهذه تعذروني…. واسعة جداً… جداً
على أقل تقدير… اصمت!
الى المغتربين ولهم الحق باغترابهم دعوكم من العراق وشانه فانتم اقسمم باغلض الايمان روحكم فداء لاامريكا الغازيه بلدكم والمدمره لحظارتكم والقاتله لشعبكم والمنتهطه لحرماتكم ماشانكم بالنشيد الوطنى العراقي ستقول لياي انا عراقي ودفعتنى الظروف وغيرها من التاوليات أقول لك ابداء حياتكم من جديد ودع العراق للعراقين وهذا ينطبق على المتفرسين اتباع الارجنتين المجاوره اكيد سيفرضون النكه الفارسيه للنشيد الوطنى المزعوم والجديد لاارضاء ايران
من اخر النشيد
الحسامُ واليراعُ لا الكلامُ والنزاعُ رمزنا
لا الكلام والنزاع رمزنا
هل النزاع هو ما يريده اهل العراق
النزاع معناه الفرقه والتناحر والتباعد
عسى ان يتم النظر فى ما كتب واهم من النشيد هو اخراج المستعمر من العراق
ولن يتم السلام فى العراق ويد المحتل تقتل وتنهب فى العراق ومن عينهم بيدهم مقاليد الامور
صوت من مراكش لك كل التحية و كان الأجدر بك يا أخي قبل أن تستشهد بالنشيد الوطني الجزائري أن تذكر النشيد المغربي الذي وُضِع له لحنا من ابداع ليو مورغان (فرنسية Léo Morgan ) 1919-1984؛ و هو قبطانٌ ورئيس فرقة الموسيقى العسكرية بالحرس الشريفي في الحماية الفرنسية بالمغرب.