غزة: 50 مليون دولار قيمة الشيكات المرتجعة خلال النصف الأول من العام الحالي

إسماعيل عبد الهادي
حجم الخط
0

تشكل أزمة الشيكات المرتجعة بدون رصيد، كابوساً حقيقياً على واقع الاقتصاد المنهار في قطاع غزة، بما في ذلك فقدان الثقة في التعاملات التجارية والمالية مع ارتفاع وتيرة الظاهرة التي خلقت نتيجة الحصار الإسرائيلي بالإضافة إلى تفاقم معاناة الموظفين، بسبب القطع والخصم الكبير على الرواتب، الأمر الذي أدى إلى غياب الحركة الشرائية، وما رافقها من غياب للسيولة النقدية في يد التجار.

وانعكست الأزمة سلباً على استمرار نشاط كبرى الشركات العاملة في قطاع غزة، حيث اضطرت المئات منها للإغلاق نتيجة الإفلاس الذي أطاح بها وفقدان الثقة بين التجار الموردين للسلع، بسبب عدم الإيفاء والالتزام بتسديد الديون المستحقة، وهو الحال الذي دفع بمئات التجار إلى السجون، من خلال مقاضاتهم قانونياً من قبل أصحاب البضائع والسلع، بعد أن عجزت تلك الشركات عن تحصيل ديونها المترتبة على زبائنها.

والشيك بصفة عامة، عبارة عن ورقة تجارية تستخدم للوفاء، أوجدت لتجنب المتعاملين مخاطر حمل النقود والتنقل بها، وهو وسيلة للإثبات وضمان الدفع، ويقوم مقام النقود ولأهميته فإن القانون حماه وحافظ على قيمته وحقوق المستفيد منه.

وحسب إحصائيات جديدة لجهات مختصة، فإن عدد الشيكات المرتجعة في قطاع غزة بلغ خلال النصف الأول من عام 2019 نحو 21 ألف شيك، بقيمة مالية بلغت أكثر من 50 مليون دولار. وتظهر إحصائية صادرة عن سلطة النقد الفلسطينية، أن إجمالي عدد الشيكات المرتجعة خلال عام 2018 بلغت قيمتها 47.8 مليون دولار وذلك نحو 17 ألف شيك.

في السياق يقول التاجر أيمن رمزي صاحب ورشة لصناعة الألمنيوم، أن أعمال الشركة تراجعت منذ بداية العام الماضي، ومع دخول العام الجديد تراجعت الشركة أكثر لعدم وجود سيولة نقدية لدى المواطنين لسداد ما عليهم من التزامات مالية، في حين أن الورشة تتعامل بنظام التقسيط منذ عدة سنوات لصعوبة البيع نقداً نتيجة لظروف المواطن الاقتصادية في غزة، خاصة مع أزمة خصم الرواتب للموظفين.

وأشار في حديثه لـ”القدس العربي” أن لدى الشركة العديد من الشيكات المرتجعة من البنوك، نتيجة عدم وجود سيولة في الحسابات، والمترتبة عن عدم التزام المواطنين والتجار بسداد المستحقات، في حين أن الشركة فقدت ثقتها بعدد كبير من العملاء، بالإضافة إلى تسريح عشرات العمال لعدم توفر سيولة نقدية لتوفير رواتب لهم.

وفي خضم تطور القضية اضطر عدد كبير من الشركات إلى نقل مشاريعهم التجارية إلى خارج حدود غزة حفاظاً على مشاريعهم وسمعتهم في السوق، وهذا ما قام به أيضا عدد من التجار، الذين حولوا مشاريعهم وأموالهم إلى تركيا، وما زالوا يواصلون عملهم هناك.

وأكد الخبير الاقتصادي ماهر الطباع، أن ارتفاع أعداد الشيكات المرتجعة منذ بداية العام الجاري مقارنة مع الأعوام الماضية ملحوظ وخطير على واقع الحركة التجارية، وذلك لأسباب أهمها سوء الأوضاع الاقتصادية وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن الفلسطيني.

وقال لـ”القدس العربي”: “إن انخفاض رواتب الموظفين، في غزة كان من بين الأسباب أيضاً، ما أثر ذلك سلباً على حجم المبيعات لدى التجار، بالتالي على عدم قدرة التجار على سداد ديونهم”.

وأشار إلى أن إغلاق المعابر الحدودية مع القطاع، ضمن أسباب ارتفاع أعداد الشيكات المرتجعة، لافتا إلى أن جميع الأسباب السابقة هي حلقة ممتدة في العلاقات الاقتصادية، وفقدان أجزاء منها يؤثر سلباً على الأخرى.

كما أكد أن انتشار ظاهرة الشيكات المرتجعة يؤثر سلباً على الاقتصاد الفلسطيني المتدهور أصلاً، ولا سيما أن الظاهرة لم تقتصر على تجار غزة فحسب، بل امتدت إلى الضفة نتيجة علاقات البيع والشراء التي تربطهم، ما أدى إلى وصول الظاهرة إلى الضفة الغربية، حيث بدأت تشهد أزمة الشيكات المرتجعة منحى تصاعديا.

وطالب الطباع خلال حديثه، البنوك بعدم التساهل في إصدار دفاتر الشيكات كونه يساهم في دفع أصحابها للتراخي عن سد المبالغ المطلوبة، مشيراً إلى وجود تعليمات من سلطة النقد بذلك، وهناك التزام من بعض فروع البنوك، والتي تفرض شروطا مسبقة على العملاء قبل إصدار دفاتر الشيكات.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية