بيروت – «القدس العربي» : في وقت لم تنته الحكومة بعد من درس وإقرار الموازنة، عادت تحركات العسكريين المتقاعدين إلى الشارع وتحديداً إلى ساحة رياض الصلح على مقربة من السراي الحكومي حيث أشعلوا الإطارات لايصال رسالة احتجاج إلى رئيس الحكومة سعد الحريري والوزراء.
وأعلنت هيئة التنسيق لحراك العسكريين المتقاعدين في بيان «أن العسكريين المتقاعدين لا يعيشون براتب كامل، فكيف سنعيش بنصف راتب؟»، مؤكدة «أننا لن نخرج من الشارع قبل سحب كل البنود المتعلقة بحقوقنا من الموازنة»، مشيرة إلى أن «المشكلة ليست في رواتبنا بل في منظومة الفساد حيث لا بد من إقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة ورفع الحصانة عن الفاسدين ليتمكنوا من مساءلتهم». وطالبت الهيئة بـ»تكليف أحد الوزراء من قبل الحكومة، ليتعهّد أمامهم بسحب المواد المتعلقة بالعسكريين وإحالتها للجنة مؤلفة من وزير الدفاع الياس بوصعب ووزيرة الداخلية ريا الحسن لوضع مسودة اقتراح للحكومة وإلا لن نخرج من الساحة وسنستمر بالتصعيد إلى ما لا تحمد عقباه».
وهكذا تكون هدنة التحركات قد سقطت في مواجهة عدم سحب الحكومة خططها وفي ضوء الارباك الذي يصيبها حيث ترحّل البنود الشائكة من يوم إلى آخر في انتظار التوافق السياسي على الارجح .ولوحظ في هذا السياق قيام وزير الخارجية جبران باسيل بزيارة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري حيث أعلن «أن الوقت حان لتحسم الدولة أمرها وتقرّ موازنة غير عادية». وأكد «أن محاربة التهرّب الضريبي والإصلاح الحقيقي ضروريان لإقناع الرأي العام اننا ذاهبون إلى موازنة تقشفية جدية». ورأى « أن الوضع المصرفي لا يزال متيناً «، مشيراً إلى « ضرورة وقف التضخم بحجم الدين والتهريب وإذا لم نفعل سيحدث الانفجار».
وكانت جلسات مجلس الوزراء المتتالية شدّدت على الإجراءات المطلوبة لخفض النفقات التشغيلية. وقدّم الفريق الاستشاري للرئيس سعد الحريري دراسة تفترض إمكان خفض ما بين ألف و1200 مليار ليرة من مشروع الموازنة.فيما لم يجزم وزير المال علي حسن خليل بصرف النظر عن المادة 61 من مشروع الموازنة التي تتعلق بالرواتب. وعبّر رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره عن استيائه من الأجواء التي افتُعلت في الأيام الأخيرة حول الوضع الاقتصادي والمالي، بما احدث بلبلة عارمة على مستوى كل فئات الشعب اللبناني، ووصفها بـ»مناخ تآمري على البلد». وعن مفتعلي هذا المناخ، وما اذا كانوا من الخارج أو الداخل قال بري «من الداخل مع الأسف عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض القنوات التلفزيونية وهذا أمر مريب».
وإذ أكّد بري « انّ الجميع مطالبون بالتضحية من أجل البلد ومن أجل موازنة بعجز مخفوض إلى ما دون 9 في المئة «، أوضح « من جهتي أرفض أي محاولة في الموازنة لإبقاء العجز فيها على ما هو عليه (11,5 في المئة) المطلوب 9 في المئة ونزول «، مشيراً إلى انّه «إذا لم يحصل هذا الخفض فالأفضل لهم ان لا يحيلوها إلى مجلس النواب».