ليبيا: «الناتو» يعلن استعداده للمساعدة في بناء مؤسستي الدفاع والأمن

حجم الخط
0

تونس ـ «القدس العربي»: استُؤنفت أمس الاشتباكات العنيفة في جبهات القتال على تخوم العاصمة طرابلس، وخاصة في منطقة السواني جنوب طرابلس. وجرت معارك بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، مع استمرار القصف الجوي الذي استهدف عددا من المواقع، في إطار العملية التي أطلقها القائد العسكري للمنطقة الشرقية خليفة حفتر، في الرابع من الشهر الماضي. وقال العميد خالد المحجوب مدير المركز الإعلامي في غرفة عمليات الكرامة، التي يقودها حفتر، إن قواته «تقوم باستنزاف المجموعات المسلحة والجماعات المتطرفة على تخوم العاصمة طرابلس».

المهاجرون يتدفقون على جنوب تونس… وحفتر يؤدي العمرة وسط حراسة مشددة

ومع تدهور الأوضاع الأمنية في العاصمة طرابلس يتزايد تدفق المهاجرين الليبيين على مدن الجنوب التونسي، وتضم العاصمة أكثر من نصف سكان البلد. وبعدما كانت طرابلس ملجأ للمُهجرين من مختلف أنحاء ليبيا، إبان الصراعات السابقة صارت اليوم «مُصدرة» للاجئين والمُهجرين، وخاصة من سكان الضواحي الجنوبية، التي كانت مسرحا لمعارك عنيفة بين قوات رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، وقوات القائد العسكري للمنطقة الشرقية خليفة حفتر، وبالأخص تلك البيوت التي أصابتها صواريخ غراد أو القصف الجوي.
واتجهت غالبية المُهجرين إلى المدن التونسية القريبة من الحدود المشتركة. وأفاد الناشط الحقوقي مصطفى عبد الكبير لـ«القدس العربي» أن مدينتي جرجيس ومدنين استقطبتا غالبية الوافدين من ليبيا. وقال إن السلطات المحلية استطاعت حتى الآن تأمين مبيتات مؤقتة يسكن فيها المُهجّرون، لكن الخوف هو أن تتزايد وتيرة التدفق بأحجام أكبر من طاقة الاستيعاب في المدن الجنوبية التونسية. وكانت تونس استقبلت قرابة مليون لاجئ إبان انتفاضة 17 فبراير/ شباط 2011 وسكن كثير منهم في بيوت الأسر التونسية، والباقون في مخيم «الشوشة». غير أن مسؤولين نبهوا إلى أن إمكانات البلد الحالية لم تعد تسمح باستقبال أعداد كبيرة من اللاجئين.
وأوضح عبد الكبير أن مسؤولين من «المنظمة الدولية للهجرة» و«المفوضية العليا لشؤون اللاجئين» يُتابعون في مدن الجنوب التونسي عمليات استقبال اللاجئين وتوزيعهم على المبيتات ومراكز اللجوء.
وتساءل الخبير في شؤون الهجرة منذر القاروب: ماذا لو واجهت تونس واستطرادا أوروبا أزمة هجرة جديدة؟ وقال لـ«القدس العربي» من المحتمل أن تُسفر الحرب الأهلية الدائرة منذ أسابيع في ليبيا، وهي الثالثة منذ عام 2011، عن زيادة في طلبات اللجوء إلى الدول الأوروبية. وكانت طرابلس مسرحا لمعارك عنيفة بين كتائب الثوار وأنصار الزعيم الراحل معمر القذافي، صيف 2011، ثم اندلع صراع دموي في 2014 بين قوات «فجر ليبيا» (تجمّع لجماعات متشددة) و«عملية الكرامة»، التي أطلقها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ما أوقع خسائر بشرية ومادية كبيرة، من بينها غلق المطار الدولي وتدمير عدد من الطائرات الرابضة فيه.
في السياق ناقش رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج، أمس الأربعاء، مع رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، تطورات الوضع ميدانيًا وتداعيات الهجوم على العاصمة طرابلس. وأشار بيان لحكومة الوفاق إلى أنّ الاجتماع تطرق إلى مناقشة الإجراءات المتخذة من قبل اللجنة المتخصصة لتأمين متطلبات النازحين من مناطق الاشتباكات. وأضاف البيان أنّ الطرفين ناقشا الحلول المعتمدة لعدد من المختنقات.
وفي خطوة مفاجئة دخل الحلف الأطلسي على خط الأزمة الليبية، إذ قال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، في بيان أصدره أول من أمس في مقر الحلف في بروكسل «نحن قلقون للغاية بسبب الوضع في ليبيا، وندعو جميع الأطراف إلى إنهاء القتال مثلما دعت إلى ذلك الأمم المتحدة». وأضاف أن «العملية العسكرية الحالية والتقدم نحو طرابلس يزيدان من معاناة الشعب الليبي ويضعان حياة المدنيين في خطر». وأكد ستولتنبرغ أنه «لا يوجد حل عسكري للوضع في ليبيا»، داعيا جميع الأطراف للسعي من أجل الحل السياسي. أكثر من ذلك، أعلن الحلف في ختام قمته المنعقدة في بروكسل، الأربعاء، عن دعمه للعملية السياسية في ليبيا بقيادة ليبية، والتي تهدف إلى الدفع بالمصالحة السياسية الوطنية وتعزيز مؤسسات الدولة.
وفي تجاوب مع المحادثات التي جرت في بروكسل أخيرا بين رئيس حكومة الوفاق والأمين العام للحلف، رحب قادة الحلف بالالتزام الذي قطعته الأطراف الليبية بالعمل بشكل بناء مع الأمم المتحدة لإجراء انتخابات شاملة وآمنة ونزيهة، كما جرى التفاهم بشأنها في مؤتمر باريس يوم 29 مايو/ أيار الماضي. وزاد بيان الأطلسي» ما زلنا ملتزمين بتقديم المشورة إلى ليبيا لبناء مؤسسة الدفاع والأمن»، استجابة لطلب تقدم به رئيس حكومة الوفاق الوطني للمساعدة على تعزيز مؤسساتها الأمنية.
ونوه الحلف إلى أنه سيأخذ في الحسبان الأوضاع السياسية والظروف الأمنية، مؤكدًا أن أية مساعدة لليبيا سيتم تأمينها بشكل تام وباﻟﺘﻜﺎﻣﻞ واﻟﺘﻨﺴﻴﻖ اﻟﻮﺛﻴقين ﻣﻊ ﺟﻬﻮد دوﻟﻴﺔ أﺧﺮى، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، عند الاقتضاء.
وأعرب قادة الحلف عن استعدادهم لتطوير شراكة طويلة الأمد، من المحتمل أن تؤدي إلى عضوية ليبيا في المبادرة المتوسطية للحلف، التي تضم كلا من مصر وتونس والمغرب والأردن وموريتانيا.
وتداول ناشطون، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو يظهر اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر وهو يؤدي مناسك العمرة، وسط حراسة مشددة. وظهر حفتر محاطاً برجال أمن وهو يطوف حول الكعبة المشرفة، مرتدياً لباس الإحرام.
وأثار الفيديو جدلاً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ قال ناشطون إنه وبينما تضيق السعودية على المعتمرين القطريين، تسمح لحفتر المتورط بجرائم حرب، والمنقلب على الشرعية، بالحضور محاطاً بحراسات مثل بقية الزعماء. وقال ناشط آخر: «من أكثر صور الظلم إيلاماً أن ترى قاتل الأبرياء يتجول طليقاً بين الناس».
وأوضح ناشطون أن تردد حفتر إلى السعودية، أخيراً، يشير إلى أنه بات يأتمر بأمر الرياض وأبو ظبي، وإن ادعى استقلاليته.
من جهة أخرى أفادت الشركة الليبية للموانئ بأنَّ الخطوط التجارية البحرية بين ليبيا وتونس عادت للنشاط من جديد، انطلاقا من ميناءي الخُمس وبنغازي إلى الميناءين التونسيين صفاقس وجرجيس (جنوب)، بالإضافة إلى تونس العاصمة وحلق الوادي ورادس (شمال). وأشارت الشركة الليبية للموانئ إلى أنَّ إحدى الشركات الليبية التي تنشط في الملاحة والنقل البحري باشرت نقل حاويات يراوح حجمها بين عشرين وأربعين قدما بين ليبيا وتونس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية