مدريد ـ «القدس العربي»: أخذت الدول الأوروبية مسافة من سياسة البيت الأبيض في الخليج العربي، فقد سحبت اسبانيا فرقة كانت ترافق حاملة الطائرات أبراهام لنكولن بينما رفضت فرنسا تعزيز بحريتها الحربية ويحدث الأمر نفسه مع باقي الدول الكبرى مثل ألمانيا وإيطاليا.
في هذا الصدد، أكد الناطق باسم الجيش الفرنسي، الكولونيل باتريك ستيجير، أمس الخميس، اكتفاء باريس بالمشاركة في تقصي الحقائق حول تعرض عدد من ناقلات النفط في مياه الإمارات العربية لاعتداءات ذات المصدر المجهول حتى الآن. ونفى أي تعزيز للبحرية الحربية الفرنسية في الخليج العربي بل الاكتفاء بالسفن الحربية المتواجدة هناك وخاصة في القرن الإفريقي، أو في الإمارات العربية بحكم اتفاقية الدفاع التي تجمع بين الطرفين.
وفي إجراء هام، سحبت إسبانيا فرقاطة «مننديث نونييز ف 104» من مجموعة القتال المرافقة لحاملة الطائرات أبراهام لنكولن الأمريكية، وبررت قرارها بالتخوف من انفلات الأمور من السيطرة السياسية الى مواجهة حربية لا تعني مدريد في شيء. وتوجد الفرقاطة في مياه بحر العرب برفقة حاملة الطائرات الأمريكية التي لم تدخل مياه الخليج العربي، لكن الفرقاطة لم تعد تحت القيادة الأمريكية عكس ما كان عليه الوضع حتى الاثنين الماضي.
ولا ترغب إيطاليا في الانخراط في أي توتر في الخليج العربي، ونفت دبلوماسية روما قيامها، بطلب من البنتاغون، بتقديم ترخيص خاص للقوات الأمريكية، بحكم أنه يعد وجود قوات أمريكية في قواعد إيطالية أساسي في كل مواجهة عسكرية في الشرق الأوسط.
أما ألمانيا، فقّلت تصريحاتها بشأن تطورات الوضع في الخليج الفارسي، وفيما يتعلق باحتمالات حرب بين إيران والولايات المتحدة، وقد اتخذت المستشارة أنغيلا ميركل موقفاً من سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ وصوله الى السلطة، ومن وتصريحاته التي وصفتها في أكثر من مناسبة بالمستفزة وغير المناسبة.
وكانت واشنطن قد أقنعت خلال حرب العراق الأولى 1991 الاتحاد الأوروبي بالانخراط في الحرب، وحصلت على دعم نصف دول أوروبا خاصة الشرقية لحرب الخليج الثانية، وكان قادة مثل البريطاني توني بلير، والإسباني خوسي ماريا أثنار، من أشد المناصرين للحرب. أما في الوقت الراهن، فلا يشاطر قادة أوروبا مسؤولي البيت الأبيض، مثل جون بولتون، أي رغبة في حرب ضد إيران. وذلك، رغم استضافة العاصمة بولندا منذ شهور قمة خاصة حول إيران، وساد الاعتقاد حينها بأن القمة مقدمة لجر أوروبا لحرب ضد طهران.
ومن ضمن العوامل الرئيسية التي تجعل أوروبا تتخلى عن واشنطن في الأزمة الحالية هي تخوفها من انهيار الاتفاق النووي، واعتبرت أوروبا الاتفاق بمثابة نجاح للدبلوماسية العالمية، ونموذجا يحتذى به في حل نزاعات مستقبلية، وترفض موقف ترامب منه وإن نادت بتعديل بعض بنوده.