الخرطوم تئن تحت ثقل الوجود الدولي المكثف في شوارعها
عشرات الشقق المفروشة والفلل والمنازل المحصنةالخرطوم تئن تحت ثقل الوجود الدولي المكثف في شوارعهاالخرطوم ـ القدس العربي ـ من كمال حسن بخيت: الخرطوم أو (العاصمة القومية) كما يحلو للسودانيين تسميتها ظلت تشهد جملة من المتغيرات المتسارعة وهي متغيرات تكاد الان ان تمس العديد من مقومات طابعها القديم ووسط هذه المتغيرات تتصاعد حالياً مشكلة بعينها يري الكثير من الخبراء والمراقبين انها احدي اخطر المشاكل التي تواجه الخرطوم رمز سيادة السودان وهي مشكلة تزايد الوجود الاجنبي الي درجة تحمل الكثير من نذر الخطر.. والمقيم بالخرطوم أو من يأتيها زائراً ـ هذه الأيام ـ لن تخطئ عيناه بالتأكيد كثافة هذا الوجود الاجنبي وهو وجود بدأ صغيراً ثم تناسل وتكاثر علي خلفية عوامل كثيرة مرتبطة ببعض الازمات وكذلك التحولات السياسية التي تصحب حالياً تطبيق اتفاق نيفاشا الذي وقعت عليه الحكومة السودانية مع الحركة الشعبية في مطلع كانون الثاني (يناير) من العام المنصرم.. والذين يرصدون ظاهرة تكاثر اعداد الاجانب في الخرطوم يردون الأمر بالاساس الي ثلاث لافتات عبر منعطفات التحول الذي فرض نفسه سواء باختيار القوي السياسية أو تحفظها او معارضتها والذي يتمثل في دخول السودان الي (المرحلة الانتقالية) بنص منطوق اتفاقية السلام مع الحركة الشعبية التي ظلت تقاتل ضد الحكومة المركزية منذ ايار (مايو) 1983، الي ان وضعت الحرب اوزارها تحت مظلة هذه الاتفاقية برعاية هيئة (ايغاد) الاقليمية ومن فوقها مظلة اوسع تضم امريكا وبعض دول الاتحاد الاوروبي تتمثل في مظلة (شركاء ايغاد) واللافتات الثلاث التي يعتبر بعض المحللين والاعلاميين في السودان انها بمثابة ثقوب كبيرة تسلل منها ذلك الوجود الدولي في الخرطوم هي لافتات نيفاشا وجبال النوبة ودارفور.. ومن المعروف بالنسبة لمراقبي الشعب السوداني ان اتفاق نيفاشا التي احتضنت اتفاق السلام قد نص بوضوح علي تحديد عدد متفق عليه من المراقبين الدوليين يشرف علي تنفيذ الاتفاق وبينهم مراقبون عسكريون وقد اتي هذا الوجود الاجنبي من باب الضمانات الدولية للاتفاق وبآلياته المختلفة.اما بالنسبة للافتة جبال النوبة فهي ترتبط باتفاقية كان مبعوث الرئيس الامريكي جورج بوش الي السودان السناتور جون دانفورث قد اقترحه باسم (جبال النوبة اولا) وهو اتفاق ادي لاستدعاء وجود اجنبي في تلك المنطقة (غرب السودان).اما اللافتة الثالثة التي تسلل منها الوجود الاجنبي المكثف في السودان فتتمثل في (مشكلة درافور) بتداعياتها التي لا تزال تتفاعل داخل الساحة السياسية السودانية. وتظهر معلومات اولية تقديرية بخصوص ظاهرة الوجود الاجنبي في الخرطوم ان نحو ثلاثة آلاف سيارة بانواع مختلفة تتبع لمؤسسات ومكاتب ومنظمات دولية تتجول حاليا في شوارع الخرطوم، وتقول تقارير صحافية ان 75% من دخل وميزانيات ومخصصات مكاتب الامم المتحدة وموظفيها تصرف علي البند الاول وهو المرتبات والمخصصات والحفلات والتحركات. كما تشير هذه التقارير الي ان الواقع الراهن يشهد تكاثف ظاهرة استئجار الاجانب للشقق والفلل اذ يتم الدفع لاصحابها في عدد من احياء الخرطوم بالدولار.. وتضيف هذه التقارير بان عشرات الشقق والفلل والمنازل التي يستأجرها هؤلاء الاجانب تحولت الي حصون لا يمكن للسلطات ان تصل اليها او تحاسب القابعين داخلها او الخارجين منها لأن لديهم حصانات.. وهو الأمر الذي بات يثير الاستياء في أوساط المواطنين السودانيين خاصة عندما يمارس هؤلاء الاجانب بعض الممارسات غير الاخلاقية التي لا يقبلها الدين وتتنافي مع الاعراف الاجتماعية للسودانيين. وتوضح هذه التقارير ان العديد من المطاعم الفخمة في بعض احياء الخرطوم الراقية اصبحت وكأنها محجوزة لهذه الاعداد الكبيرة من الاجانب الذين امتلأت بهم تلك الاحياء في الخرطوم ووصل الامر الي درجة استقدام تلك المطاعم لبعض العاملين الاجانب.. ويقول مراقبون ان بعض الشوارع والطرق الرئيسية في الخرطوم صارت تشهد مشادات متكررة بين اجانب ينتهكون قوانين حركة المرور بسياراتهم ذات اللافتات التي تدل علي امتلاكهم للحصانة باعتبارهم يعملون في الامم المتحدة او في بعض المكاتب والهيئات والمنظمات الاجنبية التي صار لها تحت هذا السبب او ذاك وجود مكثف وسط العاصمة الخرطوم.. وصار المواطن السوداني في الوقت الراهن يبدي العديد من المخاوف علنا حول دوافع هذا الوجود الذي يحمل نذر الخطر بل ان الخرطوم صارت تئن تحت وطأة ثقل الوجود الاجنبي المتزايد في معظم احيائها السكنية.