غزة ـ «القدس العربي»: أنعشت «السلال الغذائية» التي وزعتها مؤسسات دولية وجمعيات خيرية محلية وعربية، خلال الأيام الماضية، موائد الأسر الغزية الفقيرة خلال الإفطار والسحور في شهر رمضان، في ظل معاناة غالبية المواطنين من الفقر وارتفاع نسب البطالة، التي تحرم الكثير من أرباب الأسر من القدرة على توفير الطعام لأسرهم.
وفي ظل الانتقادات التي عبر عنها سكان القطاع، كما في الأعوام الماضية، لطريقة توزيع المعونات الغذائية على الأسر الفقيرة، من خلال تجمع المستهدفين بطوابير أمام مراكز الجمعيات لاستلام «الطرود الغذائية»، تخلت بعض المؤسسات عن تلك الطريقة التقليدية، وتركت الحرية للمواطنين باختيار ما يحتاجونه من مستلزمات، من خلال «القسائم الشرائية» التي تتيح لحاملها الشراء من محال تجارية محددة، تدفع مسبقا أثمانها من قبل القائمين على مشروع المساعدة.
غير أن الطريقتين الأولى التي يرى فيها السكان شيئا من «إهانة الكرامة»، والثانية التي تبعد الفقراء عن الحرج، وفرتا كميات لا بأس بها من الأطعمة على موائد فقراء غزة، الذين يرتفع عددهم مع مرور الأيام، بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 13 عاما، الذي حول حياة مليوني مواطن إلى جحيم.
وخلال الأيام الماضية، استهدفت المؤسسات الخيرية في قطاع غزة، نحو 100 ألف أسرة، حسب ما أكد رئيس التجمع أحمد الكرد، من خلال توزيع طرود غذائية وقسائم شرائية ومساعدات نقدية على العائلات الأشد فقرا، بقيمة بلغت نحو 35 دولارا للطرد أو القسيمة الشرائية الواحدة.
كذلك وزعت مؤسسة خيرية جزائرية، عبر وكلاء لها في غزة طرودا غذائية على آلاف الأسر الفقيرة، بالإضافة إلى طرود أخرى وزعتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» على أكثر من 8500 أسرة.
«الأونروا» أوضحت أن الآلاف من اللاجئين في غزة تمكنوا بعد توزيع الطرود من الاستمتاع بوجبة سحور جيدة، بفضل تبرع مقدم من منظمة الإغاثة الإسلامية في الولايات المتحدة.
وقد اشتملت الطرود على مواد غذائية متنوعة منها المربى والحمص المعلب والشاي والأجبان والتمور، وأنواع أخرى من المعلبات والمعكرونة، فيما قدمت جمعيات أخرى ومطاعم خيرية «تكايا» مساعدات غذائية أخرى لوجبات الإفطار، شملت أنواعا من الطعام المطهو، ووجبات من الأرز ولحم الدجاج.
وتقول «الأونروا» إن الطرود الغذائية التي تم توزيعها، تعد «مصدرا للأمل والسعادة» للاجئي فلسطين الذين لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية.
ولم تكن آلاف الأسر الفقيرة تستطيع أن توفر هذه الأنواع من الأطعمة، بسبب حالة الفقر التي تعيشها، لولا تلك المساعدات. ويقول محمد نباهين، وهو لاجئ يقطن وسط قطاع غزة، ممن تسلموا المساعدات التي وزعتها «الأونروا» أنه لم يعمل منذ ثلاث سنوات، وأنه أعتمد بالكامل على «الأونروا» من أجل المعونة الغذائية». ويقول نباهين الذي يعيل أسرة فيها أربعة أطفال «في رمضان هذا، لم أتمكن من شراء أي طعام من أجل السحور»، وأن الطرد الذي تسلمه جاء في وقته المناسب.
وفي السياق، تقول سيدة في بداية الخمسينيات، وتدعى سميرة، وهي امرأة توفي زوجها بسبب المرض، وتعيل أسرة مكونة من سبعة أفراد، بينهم أطفال وآخرون في جيل الشباب، إنها حصلت على «قسيمة شرائية» تمكنت من خلالها من توفير بعض الأطعمة لأفراد الأسرة، وإن مساعدات غذائية على شكل وجبات أرز ولحوم، تصل العائلة بين الحين والآخر عند الإفطار، وتؤكد هذه السيدة، أنها لا تسطيع أن توفر تلك الأطعمة لولا المساعدات.
وإلى جانب هذه المساعدات، وجدت عشرات آلاف الأسر الغزية، ومنها من استفاد من تلك الطرود والقسائم، في المساعدة المالية التي قدمتها دولة قطر وقدرها 100دولار، لأكثر من 100 ألف أسرة، فرصة لشراء مستلزمات الشهر الفضيل، ولوحظ وجود حركة تجارية نشطة في أسواق غزة، تخللها شراء السكان للخضراوات.
ويعاني سكان قطاع غزة من ارتفاع نسب الفقر والبطالة بشكل كبير، بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 13 عاما، الذي نجم عنه إغلاق غالبية المصانع والورش أبوابها وتسريح العاملين فيها، وكذلك بسبب عدم حصول الموظفين الحكوميين على رواتبهم كاملة.
وأوضحت آخر إحصائية رسمية صدرت عن الجهاز المركزي للإحصاء، أن نسبة البطالة في غزة بلغت أكثر من 52%، فيما تؤكد تقارير محلية ودولية أن نسبة الفقر طالت أكثر من 70% من أسر غزة، وجعلت 80% من السكان يعتمدون على المساعدات الخارجية لتدبير أمور حياتهم، حيث تؤكد «الأونروا» أن هناك مليون لاجئ في القطاع، من أصل 1.3 يعيشون في غزة، يعتمدون على مساعداتها الغذائية.
ويقول وزير التنمية الاجتماعية أحمد مجدلاني، إن عدد الأسر التي تعيش تحت خط الفقر يبلغ 350 ألف أسرة، نتيجة استمرار حصار الاحتلال لقطاع غزة وممارساته في الضفة الغربية.
ويتوقع أن تواصل معدلات البطالة الارتفاع، في ظل غياب أي حراك دولي ورسمي لحل أزمات القطاع، وهو ما من شأنه أن ينعكس بالسلب على «الأمن الغذائي» لآلاف الأسر الغزية، وسيعزز من ارتفاع معدلات الفقر.
وقد أظهر تقرير سابق للجنة الشعبية لمواجهة الحصار، أن معدل دخل الفرد اليومي في قطاع غزة يبلغ دولارين، في حال وجد، وهو أمر يحول دون قدرة هذه الأسر على شراء الكثير من مستلزمات الحياة الضرورية.