لندن-“القدس العربي”:عاد الشيخ سلمان العودة ومعه اثنان من الدعاة المعتقلين في السعودية إلى صدارة الاهتمام على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، وذلك بعد تسريب أنباء عن نية الرياض إصدار حكم بإعدامهم وتنفيذه بعد فترة وجيزة من انتهاء شهر رمضان، وهو ما أثار غضب مؤيديهم ما دفع النظام السعودي إلى شن حملة مضادة تدعم إعدامهم.
وفهم الكثيرون على الإنترنت من الحملة السعودية المؤيدة لاعدام المشايخ الثلاثة أنها تأكيد للخبر وتمهيد لتنفيذ الإعدامات، فيما عاد الكثير من النشطاء إلى توجيه الاتهام لأجهزة الأمن السعودية بالوقوف وراء الحملة التي تؤيد إعدام الدعاة الثلاثة.
وكان موقع “ميدل إيست آي” البريطاني نقل عن مصدرين داخل السعودية تأكيدهما أن السلطات ستصدر أحكاما بالإعدام على كل من الداعية والمفكر السعودي سلمان العودة والداعيتين عوض القرني وعلي العمري وتنفذها، وذلك بعد فترة وجيزة من انتهاء شهر رمضان المبارك.
ويقول أحد المصدرين إن السلطات لن تنتظر كثيرا، مضيفا: “بمجرد صدور الحكم سيتم إعدام هؤلاء الرجال” فيما قال المصدر الآخر إن السلطات ستستغل ضعف ردة الفعل على إعدام الـ37 معتقلا مؤخرا لتنفيذ الإعدامات الجديدة.
وأضاف: “عندما اكتشفت السلطات أن رد الفعل الدولي ضئيل للغاية على إعدامهم، لا سيما على مستوى الحكومات ورؤساء الدول، فقد قرروا المضي قدما في خطتهم لإعدام شخصيات بارزة” متوقعا أن تستغل السلطات أجواء التوتر مع إيران لتمرير أحكام الإعدام.
وعاد الداعية سلمان العودة الذي يحظى بجماهيرية واسعة ليتصدر الجدل على شبكات التواصل الاجتماعي، وأطلق المؤيدون لهؤلاء الدعاة العديد من الحملات والوسوم على شبكات التواصل التي تدعو لإطلاق سراحهم بدل إعدامهم، حيث تصدر الهاشتاغ “#اعدام_المشايخ_جريمة” قائمة الوسوم الأكثر تداولاً على “تويتر” كما تصدر الوسم “#سلمان_العودة_ليس_إرهابيا” قائمة الوسوم الأعلى تداولاً.
وكتب المعارض السعودي المعروف الشيخ سعيد بن ناصر الغامدي مغرداً على “توتير”: “تسريبات النظام القمعي الظالم بشأن قتل المشايخ الأسرى ربما تمهيد لجريمة القتل التي إن نفذت (لا مكنهم الله) فسوف تحدث تحولاً، وقد قرن الله بين قتل الأنبياء وقتل المصلحين (ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم)”.
ونشرت الصحافية والكاتبة في جريدة “واشنطن بوست” الأمريكية كارين عطية تغريدة قالت فيها إنه “بعد ثمانية شهور على مقتل الصحافي جمال خاشقجي فإن السعودية تتأهب لإعدام الشيخ سلمان العودة، والد صديقي الدكتور عبد الله العودة، إلى جانب دعاة سعوديين آخرين”.
وعلق أحد السعوديين: “يعلم الله أنه لو تم إعدام هذا الشيخ الجليل ليكونن بداية الخراب على من أمروا بإعدامه دون وجه حق” فيما غرد أسامة مغاري على “تويتر”: “الحرية الحقيقية هي حرية العقول لا حرية الأجساد، لذا يعتزم آل سلول إعدام الحرية بإعدام الشيخ سلمان العودة ورفاقه.. ثم نسأل متى سنصبح أصحاب قرار ونعود لأمجادنا؟”.
وغرد أيمن عزام قائلاً: “اللهم لا تجعل لظالمٍ سلطاناً على من صدع بالحق و جاهد في سبيلك” فيما دعا ياسر ابراهيم لصالح العودة قائلاً: “اللهم أجعله في كنفك الذي لا يضام.. أستودعناك إياه يالله لا تُرينا فيه بأساً يُبكينا”.
وكتب آخر: “شعوبنا لن ترحم محمد بن سلمان ووالده في حال إقدامه على هذا النوع من الحماقات” في إشارة إلى إعدام الدعاة، بينما علق ناشط آخر: “في قتلهم ستكون نهاية مملكة ال سعود وتمزق البلاد وصراعات”.
وغرد فيصل عامود بالانكليزية قائلاً: “لقد آن الأوان أن تقاطع الحج والعمرة، وتقاطع السعودية بشكل كامل، ويتوجب طرد كل الطلبة السعوديين الدارسين ضمن المنح الحكومية، إنها أموال ملطخة بالدم”.
وكتب محمد حراس: “السعوديون بارعون في وضع خطط قذرة وعندما يطبقون الخطة ستكون الفوضى.. بالطريقة نفسها التي قتلوا بها جمال خاشقجي”.
وغرد صاحب حساب يُدعى “الفاقد” قائلاً: “لماذا لا نسمع عن قتله جمال خاشقجي واعدامهم امام الملأ؟ هل بدأ الان اعدام مشايخ الامة الإسلامية؟ حسبي الله ونعم الوكيل في محمد بن سلمان وابوه سلمان في هذا الشهر الفضيل”.
وغرد أحمد محمود: “إذا كان العوده إرهابي والقرني إرهابي ويستحقون الإعدام فماذا عن محمد بن سلمان الذي دمر هو ووالده نصف العرب وفعلوا أكثر مما فعل الإسرائيليون والصفويون في العرب.. السعودية دولة هزيلة وذات نفاق ودجل وحقد عارم وهذا الكلام للملك وولده شخصيآ إنما شعب السعودية نسأل الله ان يحفظه من كل طاغية”.
وكتب صاحب حساب “عربي قديم” قائلاً: “هل الآن أصبح الشيخ العودة والقرني والعمري متطرفين وهم علماء الاعتدال؟ في زمن المغرور الفاشل محمد سلمان كل من لا يوافق نهجه الليبرالي الإنحلالي يُعد إرهابياً يجب قتله. فساد محمد سلمان زكم الأنوف، وفضائحه طافت الدنيا، وفسقه لا يحتاج دليل، فهو غير مؤهل للحكم”.
وقال أحد النشطاء: “محمد بن سلمان إرهابي والغرب يعرف انه إرهابي ومجرم، أستغرب نفاق مجلس الأمن والغرب كيف يزعمون انهم يحاربون الإرهاب وفي طريقة مزدوجة يتعاملون معه؟ حفظ الله شيخنا سلمان العودة وعوض القرني وباقي المشايخ”.
حملة مضادة
في المقابل شن مؤيدون للنظام السعودي ممن يسود الاعتقاد بأنهم “جيش الكتروني” منظم، شنوا حملة مضادة طالبوا فيها بإعدام الدعاة الثلاثة واتهموهم بالإرهاب، وهو ما فهمه بعض المتابعين على أنه تأكيد للتسريبات التي تتحدث عن اعتزام السعودية إعدامهم بعد انقضاء شهر رمضان.
وكتب أحد المغردين المجهولين على “تويتر” يقول: “سلمان العودة بعيد جداً عن الاعتدال وهنا الدليل” ووضع مع تغريدته تقريراً نشرته جريدة “عرب نيوز” السعودية التي تصدر بالإنكليزية وعنوانه “الماضي المظلم لسلمان العودة”.
وغرد آخر: “سلمان العودة ليس معتدلاً، وإنما هو ينتقد النظام في السعودية” في إشارة إلى اعتبار انتقاد النظام نوعا من التطرف.
ونشر صاحب الحساب “MBS” تغريدة يقول فيها: “كل إرهابي مهما كانت مكانته إذا أخل بالأمن فسوف يعدم، سلمان العودة إرهابي والعمري إرهابي وعوض القرني إرهابي. إلى جهنم وبئس المصير”.
وغرّد فرحات عبقور قائلاً: “أكبر إرهابي هو سلمان العودة الذي كان يحرض الجماعات المتطرفة على العنف في الجزائر والعراق”.
وقال سعد ابن خميس مغرداً: “كل إرهابي مهما كانت مكانته إذا أخل بالأمن فسوف يُعدم. سلمان العودة والعمري وعوض القرني هؤلاء هم من غيّر تفكير ابنائنا وجعلهم يقتلون المسلمين في المساجد لدرجة أن الابن يقتل أبيه وابن العم يقتل ابن عمه فهم مفسدون تحت مظلة الدعاة وذمتي بريئة منهم ومن أعمالهم”.
يشار إلى أن الشيخ سلمان العودة كان قد اعتقل في أيلول/سبتمبر من العام 2017 في أعقاب نشره تغريدة قصيرة على “تويتر” فُهم منها أنه يؤيد المصالحة الخليجية لا حصار دولة قطر، حيث كتب فيها: “ربنا لك الحمد لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك.. اللهم ألّف بين قلوبهم لما فيه خير شعوبهم”.
وبعد عدة شهور من اعتقاله تسربت أنباء عن مثوله أمام محكمة سرية تفتقد لمعايير المحاكمات العادلة بسبب كونها غير علنية وبسبب عدم توفر محامي وعدم السماح لأهله وذويه من حضورها أو معرفة تفاصيلها. كما تسرب أن النيابة العامة وجهت له في تلك المحاكمة عدداً كبيراً من التهم من بينها التورط في الإرهاب ونشر الأفكار المتطرفة والترويج لجماعات خارجة عن القانون.