لندن- “القدس العربي”:
تحدث المعلق في صحيفة “واشنطن بوست”جاكسون ديهل عن نزعات التنمر والبلطجة لدى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قائلا إنها لم تتوقف، مضيفا أن هذه هي أخبار سيئة للناشطين السعوديين.
وقال إن الناشطة النسوية السعودية ملك الشهري هربت إلى الولايات المتحدة قبل عام وسط حملات الاعتقال التي طالت المدافعات عن حق المرأة بقيادة السيارة مثال عن خوف الناشطات.
فبعد مقتل وتقطيع الصحافي جمال خاشقجي في تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي كشف عن اعتقال الناشطات في مكان سري وخضعن للتعذيب الوحشي.
وبعد الغضب الدولي الذي اندلع عقب الجريمة، طرح سؤال كبير حول ما إذا كان ولي العهد والذي أمر بشكل محتمل العمليتين سيرد على المناشدات الغربية ويحد من سطوة بلطجيته.
ولكن الشهر الماضي جلب معه جوابا قاطعا: لا. ففي نيسان/ أبريل، اعتقل زوج الشهري، أيمن الدريس في مزرعة العائلة إلى جانب 14 شخصا لديهم علاقات بالناشطات السجينات.
واعتقل السجناء الجدد دون توجيه تهم له، وسمح لهم بمكالمة واحدة لعائلاتهم ولا يعرف شيء عن ظروف سجنهم. وليست هذه هي الرسالة الوحيدة التي أرسلها محمد بن سلمان المعروف في الخارج باسم “م ب س” لمعارضيه في الداخل ونقاده في الخارج.
ففي 25 نيسان/ أبريل أخبرت المخابرات النرويجية الناشط إياد البغدادي، الذي تعامل عن قرب مع خاشقجي ويعيش في أوسلو أنه مهدد من الحكومة السعودية. وفي 16 أيار/ مايو، قامت الطائرات السعودية بقصف أهداف مدنية في العاصمة اليمنية صنعاء قتل فيها سبعة أشخاص، أربعة منهم أطفال. وجاء الهجوم بعد أسابيع من تمرير الكونغرس وفيتو الرئيس ترامب على قرار يدعو لوقف الدعم العسكري للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
وبالعودة للناشطة الشهري، فقد اعتقلت في عام 2016 لوضعها صورة لنفسها على وسائل التواصل الإجتماعي دون حجاب، وأفرج عنها بعد احتجاج الناس في الخارج.
وفي ذلك الوقت تقول إنها تغيرت، فالقيادة السعودية في ذلك الوقت كانت حساسة للرأي العام الغربي. ولكنها الآن لم تعد كذلك، وتضيف: “لا أعتقد أنهم يهتمون لاعتقادهم أن ترامب يدعمهم”.
ويقول ديهل إن الشهري وغيرها من الناشطات والناشطين السعوديين كانوا في واشنطن الأسبوع الماضي لتغيير حسابات “م ب س.”فكما اعتقد الرئيس العراقي السابق صدام حسين من قبله، فإن “م ب س” يراهن على أنه لن يواجه أي عقوبات من الولايات المتحدة على الوحشية التي يرتكبها، سواء كانت تعذيب الناشطات السلميات أم قصف الأطفال في مدارس اليمن. ولماذا لا؟ يقول الكاتب، لأن ترامب ضاعف من دعمه للنظام السعودي بعد مقتل خاشقجي. فيما فشل الكونغرس رغم تعبيره عن الغضب في الاتفاق على عقوبات ذات معنى يمكن أن تمر دون فيتو من ترامب.
ويقول ديهل إن المبعوثين من الكونغرس الذين زاروا “م ب س” طلبوا منه الإفراج عن السجناء السياسيين ووقف الحرب في اليمن وإلا واجه دفعة أخرى من التشريعات الجديدة. وكانت النتيجة الوحيدة هو الإفراج المؤقت عن ثماني ناشطات اعتقلن العام الماضي. وكانت لفتة مشروطة. فالناشطات يواجهن محاكمة في الرياض وممنوعات من التحدث علانية، ولا تزال الناشطات المعروفات مثل سمر بدوي ولجين الهذلول في السجن.
وليس صعبا التكهن لماذا يتم احتجاز الهذلول، فعائلتها بمن فيهم شقيقها وليد وشقيقتها لينا تحدثوا نيابة عنها، خاصة التعذيب الذي قالت إنه مورس عليها مثل الإيهام بالغرق والضرب والصدمات الكهربائية والتحرش الجنسي.
وقال وليد الهذلول إن سبب سجنها “لأنكم تتحدثون ولن يفرج عن لجين”. وهي طريقة للتأكد من بقاء بقية العائلات صامتة على الاعتقالات وسوء المعاملة. ونتيجة لهذا الأسلوب لم تكن منظمات حقوق الإنسان ولا الناشطون السعوديون قادرين على تحديد عدد المعتقلين في سجون النظام السعودي.
وتقول المخرجة السينمائية صفا أحمد التي وثقت العنف في السعودية إن عدد المعتقلين بمن فيهم المشايخ ورجال الدين يتجاوز الآلاف.
وقالت: “تظل الكثير من العائلات صامتة” لأن “الخوف هو واضح فنحن نخشى الحديث مع الناس على الأرض لأن التحدث معنا جريمة”. ولا تبالغ صفا أحمد في كلامها لأن من بين التهم الموجهة للهذلول هي التواصل مع صحافيين أجانب ومنظمة “هيومان رايتس ووتش”.
ويرى ديهل إن الأخبار الجيدة وسط حالة القمع والتنمر لدى ولي العهد هي تركيز الكونغرس عليه لاعتقادهم أنه قادر على تدمير التحالف الأمريكي- السعودي الذي مضى عليه 75 عاما.
واستقبل الناشطون والناشطات السعوديات بحفاوة في الكابيتال هيل بمن فيهم المشرعون البارزون.
ويعمل السناتور الجمهوري عن ولاية إيداهو جيمس أر ريستش، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ على مشروع قرار يعاقب النخبة السعودية إلا إذا أفرجت عن المعتقلين السياسيين. ولكن الأخبار السيئة هي أن “م ب س” لا يتعامل مع التهديد من الكونغرس بجدية. وهذا يعني أن الناشطين المدافعين عن حقوق المرأة سيظلون تحت التهديد في الداخل والخارج إلا في حالة كشف عن خطئه.
الطيور علي أشكالها تقع ..