خيبة أمل من تأخر خطوة الرئيس للقاء رؤساء الأحزاب السياسية ولا بادرة لرفع القيود عن نشاطها

حسنين كروم
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: استحوذت امتحانات الثانوية العامة التي بدأت يوم السبت 8 مايو/أيار على المساحات الأكبر من الصحف، وكانت في مادتي اللغة العربية والدين، وخرج الطلاب من اللجان والفرحة على وجوههم لسهولة الأسئلة، وغطت الصحف هذه المشاهد وحوارات معهم ومع أولياء الأمور الذين رابطوا أمام اللجان الامتحانية. وقد أخبرنا الرسام عمرو سليم في «المصري اليوم» نجاح وزير التربية في هزيمة عفريت الثانوية بضربه بالسيف.

اتهام للحكومة بإفشال خطة السيسي للنهوض بصناعة الغزل والنسيج والسلطة لم تعد في حاجة إلى الإعلام المؤيد أو المعارض

والموضوع الثاني الذي ظل يخطف الاهتمام أيضا منذ أول أيام العيد هو العملية الإرهابية في العريش، بالهجوم على كمين للشرطة واستشهاد ثمانية من أفراده بينهم ضابط، وقتل خمسة من المهاجمين، ونجحت الشرطة في تتبع سير باقي الإرهابيين الذين انسحبوا، واكتشاف مكان اختبائهم، وهاجمتهم وقتلت أربعة عشر عنصرا منهم، وواصلت هجماتها على عدة أماكن كانت تراقبها، وتعلم بوجود عناصر إرهابية داخلها، ولكنها كالعادة تنتظر معرفة من يتردد عليهم وتتبعه، أو خروج أفراد منهم لإحضار مواد غذائية أو مياه وتتبعه لمعرفة من يتعامل معهم، وهذه خطتها بفضل معلومات جهاز الأمن الوطني، إلا انه عقب أي عملية مفاجئة تسارع الشرطة بمهاجمة هذه الأماكن. وشنت عدة هجمات قتلت فيها ستة وعشرين إرهابيا، بالإضافة إلى الخمسة الأوائل، باستخدام القوات الخاصة المدربة بشكل عال، ومجهزة بأحدث الأسلحة والأجهزة. وكانت المرة الأولى التي تنشر فيها الداخلية صورا لعمليات الهجوم الليلي على إحدى المزارع واستخدام الكشافات القوية الموجهة إلى أشجار الزيتون وإطلاق وابل من النيران عليها، وكذلك مهاجمة مبان تحت الإنشاء، والحقيقة أنه منذ إطلاق عملية سيناء 2018 لاقتلاع الإرهابيين من شمال سيناء، بواسطة الجيش والشرطة، نجحت القوات الأمنية في قتل حوالي خمسمئة من العناصر الإرهابية، وأحكمت سيطرتها على مناطق واسعة في المحافظة لمحاصرتها الطرق المؤدية إلى بعض المدن المتناثرة في الصحراء وقليلة السكان مثل، الشيخ زويد، ولكن المشكلة هي في العريش عاصمة المحافظة، لأنها كثيفة السكان والمباني متجاورة وبالتالي سهولة اختباء الإرهابيين، وكأنهم من السكان، لكن هناك قلق من أن تكون بعض القبائل، تقدم دعما للعناصر الإرهابية، في مخالفة لما تعهدت به للجيش والشرطة، مقابل تخفيف الضغط عليها.
وكذلك اهتمت الصحف المصرية باستمرار الاستعدادات لبدء فعاليات كأس الأمم الإفريقية في الواحد والعشرين من الشهر الحالي، واستمرار وزارة الداخلية في إضافة إجراءات جديدة على إجراءاتها المتخذة لتأمين المباريات والفرق المشاركة فيها ومشجعيها، لضمان سلامتهم.
وإلى ما عندنا….

حكومة ووزراء

ونبدأ بالحكومة ومشاكلها الاقتصادية المزمنة، وتلك التي في طريقها إلى الحل، حيث أشار في «الأهرام» الدكتور طه عبد العليم إلى الجهود التي قام بها الرئيس السيسي لإحياء صناعة الغزل والنسيج، التي أشرفت على الموت بسبب إهمال الحكومات السابقة لها أيام حكم الرئيسين السادات ومبارك وقال: «الاستراتيجية تستهدف تطویر 21 مبنى بجميع شركات الغزل والنسيج، وتخصيص استثمارات للإنشاءات لإحلال بعض المنشآت القائمة وتجديدها، بما يواكب خطط التطوير واحتياجاتها، واستثمارات لتطوير الماكینات المستخدمة، لمواكبة التطور التكنولوجى العالمي، وتستهدف الخطة مضاعفة الطاقة الإنتاجية الحالية 4 مرات، بتكلفة استثمارية تبلغ نحو 25 مليار جنيه، وتحويل خسائر شركات الغزل والنسيج إلى أرباح بعد إتمام خطة التطوير، وتتضمن الخطة الاتفاق مع الشركات الموردة للماكينات الجديدة على تدريب العاملين، مع فتح المعاش المبكر للراغبين، وتعيين عمالة شابة مدربة، وتم طرح مناقصة دولية وتمت إجراءات ترسيتها على إحدى كبريات الشركات الهندية، التي قامت بإنشاء وتطوير 60 ألف محلج في العالم، وبدأ التحديث بتركيب أول محلج مطور في الفيوم، مع دمج وتحديث محالج الشركة القابضة في 11 محلجا موزعة على مناطق زراعة القطن. وهنا تبرز أهمية مضاعفة الاستثمار في الزراعة لتوفير احتياجات الصناعة المصرية من القطن قصير التيلة، وإن توجب تعظيم إنتاج وتصنيع القطن المصري طويل التيلة الذي يستخدم في إنتاج أرقى وأغلى الماركات العالمية».

توفير الموارد المالية

لكن الواقع كان شيئا آخر، كما قال عدد من الخبراء وهو أن الحكومة تفشل خطة الرئيس السيسي بعدم توفير الدعم المالي لها، وهو ماء جاء في تحقيق آلاء المصري في «أخبار اليوم» إذ قال لها المهندس مجدي طلبة رئيس المجلس التصديري للغزل والنسيج: «قام المجلس الأعلى للصناعات النسجية بوضع استراتيجية للتطوير، وتم عرضها ومناقشتها مع مجلس الوزراء والوزارات المعنية بقطاع الغزل والنسيج، ووضعنا أمامهم في هذه الاستراتيجية تعهدات بزيادة إجمالي الصادرات من 3 مليارات جنيه حاليًا إلى 12 مليارا، مع توفير ما يزيد على نصف مليون فرصة عمل سنويًا، بالإضافة إلى مليون فرصة للتدريب في قطاع المنسوجات، وزيادة القيمة المضافة إلى 80٪ بدلًا من 50٪ حاليا، ولكن لم يتم حتى الآن التحرك لتحقيق هذه الاستراتجية، لأن الخطوة الأولى لابد أن تأتي من الحكومة، من خلال توفير الموارد المالية اللازمة، إذا كانت هناك نية حقيقة لتطوير قطاع الغزل والنسيج، وللأسف القطاع المصرفي في الوقت الحالي لا يوفر التمويل اللازم لإعادة إحيائها مرة أخرى، بالإضافة إلى عدم توفير الطاقة البشرية المدربة والمؤهلة للعمل في قطاع الغزل والنسيج، وكذلك عدم وجود آليات واضحة لتحديث الماكينات، بالإضافة إلى التشريعات والقوانين التي تعرقل عملية التطوير من الأساس، وعدم وجود قاعدة بيانات حقيقية حول المصانع المتعثرة والمصانع المغلقة أو المتوقفة عن العمل. إن المتغيرات العالمية حاليًا تعمل في صالح مصر بشكل كبير، ويجب استغلالها بشكل فوري، فالصراع القائم بين أمريكا والصين بعد فرض أمريكا ضرائب على الوارادت الصينية لها، جعل الصين تبحث عن مزيد من الاستثمارات في الخارج، ويمكن لمصر الاستفادة من هذه النقطة، بالإضافة إلى فرض أمريكا رسوما جمركية أيضًا على تركيا والمكسيك والهند، جعلت تكلفة الإنتاج لديهم أعلى من تكلفة الإنتاج لدينا بكثير، وهو ما يفتح الأسواق العالمية أمامنا بقوة، ولكن يجب اتخاذ خطوات جادة نحو ذلك، لان هناك منافسة شرسة من دول أخرى تحاول أيضًا استغلال هذه الفرصة، خاصة دول جنوب شرق آسيا، ولكن للأسف أنه حتى الوقت الحالي ردود الأفعال من الجهات المعنية سيئة جدًا، رغم أننا لا نملك رفاهية الوقت لتطوير قطاع الغزل والنسيج، ورغم أننا نملك خبرات كثيرة على كافة المستويات يمكن الاستعانة بهما».

أزمة الصحف المصرية

«منذ عدة سنوات تحيا الصحف المطبوعة من غير سوق حقيقية تستوعب ما تطبعه من نسخ. بعض الأسر التي لم تزل تشتري الصحف تستخدمها كما يقول محمود خليل في «الوطن»، لأهداف أخرى غير القراءة، مثل تنظيف الزجاج، وفرشها على موائد الطعام وجمع الفضلات. ولست في حاجة إلى أن أكرر لك ما تعلمه بالضرورة عن أن بعض الصحف اليومية في مصر لا يزيد توزيعها على 2000 نسخة، وأن عدد الصحف (جرائد ومجلات) ينقرض ويتراجع بصورة عجيبة، في مجتمع يبلغ تعداده أكثر من 100 مليون «بني آدم». عندما كان عدد المصريين أقل مما هم عليه الآن لم يكن وضع الصحافة على هذا النحو. يشير الشاعر الراحل صلاح عبدالصبور في كتابه «قصة الضمير المصري الحديث» إلى أن عدد الصحف اليومية في مصر وصل إلى 10 صحف أواخر القرن التاسع عشر، حين كان عدد المصريين لا يزيد على 15 مليون نسمة، وكانت بعض الصحف مثل «الأهرام» و«الأستاذ» توزع ما يقرب من ثلاثة آلاف نسخة، أي أكثر مما توزع بعض الصحف اليومية حالياً. وعندما قامت ثورة يوليو/تموز 1952 كان عدد الصحف اليومية في مصر يزيد على 20 جريدة، غير المجلات والصحف الأسبوعية. ولا خلاف على أن عدد الصحف المطبوعة أخذ في الانحسار خلال فترة الستينيات والسبعينيات، لكن حدثت انتعاشة في سوق المطبوع بعد ذلك خلال فترة الثمانينيات وما تلاها، نتج عنها زيادة أعداد الصحف القومية والخاصة والحزبية، بالإضافة إلى العديد من المجلات المتخصصة التي صدرت عن المؤسسات الصحافية القومية. ومع استثناءات قليلة كان استمرار الصحافة خلال حقبة الستينيات وما تلاها انعكاساً لإرادة سياسية، وليس لإرادة مهنية، تعكس وعياً بالدور الذي تقوم به الصحافة في حياة القارئ، وإصراراً من جانب الصحافيين على أدائه. فمنذ صدور قانون تنظيم الصحافة 1960 أصبح الدور الأهم الذي تقوم به الصحف هو التعبئة والحشد وراء توجهات السلطة. وقد ظل هذا الدور قائماً خلال فترة السبعينيات، لكن الرئيس السادات (رحمه الله) أضاف دوراً جديداً للصحف، بعد دخول مصر في التجربة الحزبية الثالثة، وهو دور المعارضة. فعندما سمح الرئيس السادات بعودة الأحزاب السياسية عام 1977 أعطى الصحف الناطقة باسمها هامش حرية منحها فرصاً عديدة لإسماع القارئ أفكاراً وآراء وأصواتاً لا يسمعها في الإعلام الرسمي. ويبدو أنه كان يؤمن بأن الأصوات الناقدة التي تعلو في الصحف المعارضة محدودة التأثير والأثر، فكم عدد النسخ التي توزعها هذه الصحف حتى يكون لصوتها صدى في الشارع؟ هذه المعادلة سار عليها مبارك أيضاً، ومع ظهور البث الفضائي والخروج من دائرة التلفزيون «أبو قناتين» أفسح المجال لبعض البرامج التي تقدم خطاباً معارضاً، وتم ذلك بتخطيط وتدبير من مهندس الإعلام المصري حينذاك صفوت الشريف، الذي أعطى الفرصة لبعض الأصوات المعارضة لتعبر عن نفسها في برامج تلفزيونية، تطبيقاً لمبدأ يمكن تلخيصه في عبارة: «ليه تنقد بره ما دام ممكن تنقد هنا». فبدلاً من أن تذهب هذه الأصوات إلى قنوات معادية لمصر تتعيش على الأصوات المعارضة، أفسح لها «الشريف» مساحة للتعبير داخل القنوات المصرية. لكن تضييق دائرة النقد والمعارضة لم يمنع الإعلام الذي يلعب على يسار السلطة من تحريك الأوضاع، وقلقلة الثوابت، وقد نسبت الكثير من التحليلات إلى الإعلام دوراً مهماً في تحريك المصريين في 25 يناير/كانون الثاني 2011، ثم في 30 يونيو/حزيران 2013، ولكن يبدو أنه مع نمو الإعلام الجديد وتآكل أدوار الوسائل التقليدية القديمة لم تعد السلطة في حاجة إلى الإعلام ككل سواء على مستوى التأييد أو المعارضة».

سرقة العقل المصري

وعن أرشيف الصحف المصرية يقول عباس الطرابيلي في مقاله في «المصري اليوم»: «تعرضت صحف مصر- الكبيرة بالذات- لعمليات تجريف رهيبة.. وإذا كانت صحف الخليج عمدت إلى الاستعانة بالصحافيين المصريين في إنشاء صحفها هناك، وكان ذلك واجباً قومياً وعروبياً، ربما لتواجه دول الخليج أسلوب الصحف اللبنانية ذا الجوانب المالية في المقام الأول.. وأيضاً السلوكيات اللبنانية، فإن الصحف الخليجية عمدت إلى شراء ثروة صحف مصر التي كانت تفخر بها، وبالذات أرشيف صور الصحف العربية مثل دار الهلال و«الأهرام» و«أخبار اليوم».. وأشهد أن صور أرشيف هذه الصحف كان يحفظ ويروي تاريخ أهم فترة في القرن العشرين.. وللأسف ارتكبت صحف الخليج هذه الجريمة «لتفريغ» أرشيف الصحف المصرية من هذه الثروة المسجلة بالصور. وكنت أتمنى أن تسلك صحف الخليج «الباب الرسمي» وهي تؤسس أرشيفها، أي تتفق مع «إدارات صحف مصر» على شراء نسخ من هذه الصور.. لتعود عملية الشراء بالنفع على صحف مصر العريقة.. ولكن الجريمة تمت باتفاق صحف الخليج مع العاملين في أقسام الأرشيف في الصحف المصرية على شراء كل ما هو تاريخي وغني من هذه الصور، خصوصاً أن صحف الخليج كانت تهتم بتاريخ مصر ربما أكثر منا نحن المصريين، وكان كل ذلك يتم بشراء الصور صورة صورة.. وكان الثمن غالياً لمن يعرف قيمتها.. بالذات في فترة الضياع ما بين عامى 1967 و1973. وزادت هوجة البيع والشراء وكان أطرافها من المصريين كبار السن.. في أرشيف صحف مصر.. مع غياب أي رقابة حقيقية على هذه الصور النادرة. ولسبب غريب أيضاً هو أن انكفاء المسؤولين الجدد عن صحافة مصر عن تلبية رغبات السلطان، أي سلطان يحكم مصر.. أي لم يعد أحد يهتم بنشر أو استخدام هذه الصور.. فغمرتها تلال التراب والعنكبوت والنسيان، بينما كانت صحف الخليج تتلهف على هذه الصور.. ومعها ما يساعدها. نقصد أموال الخليج. واكتشفت ذلك بنفسي، إذ وأنا أعمل في جريدة «الاتحاد» في أبوظبي، وكنت مسؤولا عن العدد الأسبوعي، وجدت بين الصور التي قُدمت لي مع أحد الموضوعات صوراً كنت أنا صاحبها ومحررها في «أخبار اليوم»، ووجدت خاتم دار «أخبار اليوم» خلف الصور وعليها اسمي كمحرر للموضوع «زمان»، ووجدتها مختومة بخاتم «أليكس» أحد مصوري الأخبار أيامها، واكتشفت أن مدير الأرشيف في «أخبار اليوم» باع هذه الصور وغيرها بلا عدد إلى جريدة «الاتحاد». واكتشفت أن هذه العمليات تكررت مع معظم صحف الكويت وقطر وسلطنة عُمان. وإذا كان أحد المستثمرين العرب قد اشترى رسمياً معظم دور أفلام السينما المصرية- أيام الأبيض والأسود – فإن هناك من باع الصور النادرة التي كانت تملكها صحف مصر وتودعها في أرشيفها، وكان ذلك عملاً لا تدري عنه إدارات الصحف شيئاً.. وهكذا فقدت مصر واحداً من أهم مصادر الثقافة المصرية، وفقدت مصر- بالسرقة- واحداً من أهم مصادر المعرفة في تاريخ مصر الحديث».

التطوير والتحديث

ومن الإعلام والصحافة إلى التعليم حيث يرى وجدي زين الدين في «الوفد» أن: «الأزمة الحقيقية في عملية تطوير المنظومة التعليمية الفاسدة، هي عدم تعاون المجتمع في المشاركة مع الدولة في الخطة الموضوعة للنهوض بالعملية التعليمية. والحقيقة الغائبة في هذا الشأن، هي غياب ثقافة تفعيل قضية التطوير والتحديث، ورغم أن المواطنين يشكون مُرّ الشكوى من السياسة التعليمية العقيمة القائمة على الحفظ، وقتل الإبداع والفكر والتأمل، إلا أن كثيرًا من الناس، تغيب عنهم ضرورة مشاركة الدولة في الخطة الموضوعة لإنقاذ المصريين من كارثة التعليم الفاشلة، التي استمرت لعدة عقود زمنية مضت. في مصر الجديدة التي يتم التأسيس لها، لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تستمر هذه السياسة التعليمية العرجاء، لأن استمرارها يعني عدم النهوض بالبلاد، وتأخير كل مشروعات التنمية المخطط لها، ورغم الإنجازات الضخمة التي حققتها الدولة المصرية بعد ثورة 30 يونيو/حزيران، وشارك فيها الشعب بكل همة ونشاط، وكان هو البطل الحقيقي فيها، بالتفافه حول القيادة السياسية، إلا أنه يغيب عنه أمر مهم، بل بالغ الأهمية، وهو مشاركة الدولة المصرية في عملية تطوير التعليم. وقد يكون هذا السبب وراء تعطيل وتأخير أمور كثيرة بشأن تطوير العملية التعليمية. عندما تولي القيادة السياسية أهمية كبرى لتطوير التعليم، فهذا إيمان منه بأهمية هذا المشروع لأن العبور إلى بوابة مصر الجديدة العصرية لن يتأتى إلا بتعليم جيد، قائم على الفكر والإبداع والتأمل وضرورة التخلي عن السياسة التعليمية العقيمة القائمة على الحفظ والتلقين.. أقول هذا الكلام بمناسبة الحملات المغرضة التي تتعرض لها حاليًا وزارة التربية والتعليم من فئات كثيرة مستفيدة من السياسة التعليمية الحالية، وأبرزها على الإطلاق مافيا الدروس الخصوصية ومافيا الكتب الخارجية، لأن هؤلاء من مصلحتهم الشخصية استمرار الوضع القائم لتحقيق منافع خاصة لهم، لا علاقة لها بأن تهتم الدولة بتطوير النظم التعليمية المعمول بها حاليًا. فمثلاً مافيا الدروس يهمها بالدرجة الأولى الاستمرار في الوضع القائم لتحقيق مصالحها، وامتصاص دماء المصريين، وبث الرعب في القلوب، خوفًا على ضياع ما يحصلونه من أموال بسبب الدروس الخصوصية. وكذلك الحال بشأن مافيا الكتب الخارجية التي يهمها بالدرجة الأولى استمرار الوضع القائم بشأن العملية التعليمية، لاستفادتها من وضع كتب خارجية قائمة على الحفظ والتلقين، والتحكم في طريقة الامتحانات والنتيجة خريج لا يجيد القراءة ولا الكتابة. لن أخوض في تفاصيل كثيرة مزرية بشأن الحالة المتردية حاليًا لمنظومة التعليم، فالكل يعرفها ويدركها ويعاني منها معاناة شديدة، لكن الذي يهمني بالدرجة الأولى الآن، هو أن الدولة المصرية بدأت مشروعًا للتطوير ينسف كل السلبيات الكائنة في العملية التعليمية، وعلى المجتمع أن يغير ثقافته القديمة القائمة على قتل الفكر والإبداع والتأمل. وأعتقد أن قيام الدولة المصرية بهذا المشروع هو البداية الحقيقية لنهضة الأمة، فلا يمكن في أي حال من الأحوال العبور إلى المستقبل وتحقيق التنمية المستدامة، بدون تطوير التعليم، ومسايرته الواقع الجديد الذي تحياه الدنيا حاليًا. دعوا التطوير يأخذ مجراه، وتخلوا عن مساعدة المستفيدين من الأوضاع الحالية الفاسدة، فقد آن الأوان للتطوير والتحديث».

المثلث ذو الأضلاع الثلاثة

«إن ربط العملية التعليمية بفرص العمل المتاحة، مسألة باتت في رأي بهاء أبوشقة في «الوفد» ذات أهمية بالغة في هذا التوقيت. وهذا يتطلب ضرورة إجراء إصلاح تعليمي شامل وجذري، يقوم على مبادئ تربوية وتخطيط مدروس، ورؤية مستقبلية. وقد يستغرق هذا أعوامًا طويلة، إلا أنه من الأهمية البدء في عملية حقيقية للتطوير قائمة على أسس ومبادئ ضامنة لاستمرارها. وهذا ما بدأته الدولة، لسنا بحاجة إلى تغييرات شكلية ومظهرية تتسبب في تأخير التطوير الحقيقي لسنوات أخرى، والأمر ليس معقدًا فنيًا أو ماليًا، لكن المهم هو وضع رؤى منضبطة لعملية إصلاح التعليم. لسنا بحاجة إلى إطلاق الشعارات الجوفاء، بدون الدخول في عمليات تطوير فعلية تعالج الخلل القائم بالفعل في العملية التعليمية التي تشبه المثلث ذا الأضلاع الثلاثة، والتي تضم المدرسة والمعلم والتلميذ. كل جانب من أضلاع هذا المثلث يحتاج إلى إصلاح جذري شامل، يعيد إلى العملية التعليمية مكانتها ودورها وربطها بالمجتمع، وفرص العمل المتاحة به. الأمر يحتاج إذن إلى وجود قائمين على إجراء هذا التطوير من الذين يقبلون التحدي ويرفضون سياسة «ليس في الإمكان أبدع مما كان». وبالتالي لا بد من اتباع سياسة تعليمية تقضي على نظام المركزية المطلقة التي تسيطر على نظام التعليم في مصر.. مثلًا كل محافظة من محافظات الجمهورية تتوفر فيها فرص عمل مختلفة عن الأخرى، وهنا يجب أن يكون التعليم مرتبطًا بهذه الفرص، خاصة في ما يتعلق بالتعليم الفني أو الصناعي. المحافظات التي تهتم بالزراعة كحرفة أساسية لا بد أن تكثر فيها المدارس الزراعية، وكذلك الحال للمراكز والمدن التي فيها مصانع لا بد أن تكون فيها مدارس صناعية في كافة التخصصات، تتناسب مع طبيعة هذه الأماكن. ولا يختلف الأمر كثيرًا عن التعليم العام والجامعي، حيث إنه يجب أن تراعى الجامعات حاجة العمل من التخصصات المطلوبة، ولا يجوز تخريج أعداد هائلة لا يستفيد منها المجتمع. وهذه هي الظاهرة البشعة، إذ نجد خريجي جامعات، لا يجدون فرصة عمل مناسبة.
وهذا تسبب في زيادة نسبة البطالة بين خريجى الجامعات، أو ما نشاهده الآن من وجود خريجي جامعات في أماكن عمل لا علاقة لها بتخصصاتهم التي حصلوا عليها. ما العمل للخروج من هذه الأزمة؟ لا بد من إعادة النظر في نظام التعليم العام والفني، وبشكل ينسف تمامًا نظام العملية التعليمية الحالية، وإعادة بناء المنظومة كلها من جديد على أسس علمية. كما يجب إعادة النظر في أولويات التعليم وطرق التدريس وتطوير المدارس، وإعادة تأهيل المعلمين طبقًا للتطور الهائل في التكنولوجيا الآن».

فشل المراهنون

وإلى مشكلة الأحزاب السياسية والانتقاد الذي وجهته أمينة النقاش رئيسة تحرير «الأهالي» للنظام في مقالها في «الوفد» بسبب عدم اجتماع الرئيس برؤساء الأحزاب حتى الآن، وقالت تحت عنوان «الخطوة التي تأخرت كثيرا»: «توقع كثيرون مثلي أن تكون الخطوة التالية للاستفتاء على التعديلات الدستورية، الذي خيبت نتيجته آمال بعض من كانوا يراهنون على مقاطعته وفشله، هي التوجه الرسمي نحو فتح حوار مجتمعي للنهوض بالحياة الحزبية والسياسية وإصلاحها، وأن تشمل اللقاءات المهمة التي يقوم بها الرئيس السيسي لقاء بعدد من رؤساء الأحزاب وبعض قادة الرأي العام في مجالات الصحافة والإعلام، والحقل الأكاديمي للتشاور حول التصورات الممكنة للقيام بذلك، والاستماع إلى ما قد يكون لديهم من انتقادات لبعض السياسات القائمة، وإلى قراءتهم لتوجهات الرأي العام بشأن تلك السياسات واقتراحاتهم بحلها، أو على الأقل مدهم ببعض الحقائق التي قد تكون رداً على تلك الانتقادات وتفسيراً للإجراءات الحكومية المتخذة في بعض قضايا الشأن العام، وفي القلب منها قضايا الصحافة والإعلام. لم يعد سراً أن الحياة الحزبية والسياسية ليست أولوية في جدول الاهتمامات الرئاسية، وأن الرئيس رغم مشاغله المتعددة في الداخل والخارج، والتحديات الهائلة التي يواجهها بصبر وإرادة من فولاذ وعزيمة، هي صنو لتاريخ مجيد للعسكرية المصرية للتصدي لإرهاب لا ضمير ولا خلق ولا دين له، تموله وتدعمه قوى إقليمية ودولية، وسعيه لتنفيذ مشروعه في النهوض بالبلاد، وحل مشاكلها المزمنة، والأخذ بها إلى عتبات العصر، رغم هول ذلك يجد الرئيس دائماً من الوقت ما يسمح له بالالتقاء بفئات من الشعب، وإجراء حوار معها والاستماع إلى آرائها في الإدارة الحكومية لمشاكل البلاد، وتطييب خاطرها ورد الجميل لبعض المنتسبين إليها، لا سيما عائلات الشهداء وأبناؤهم، لكن ذلك استثنى قادة الأحزاب والرأي العام، خاصة بعد أن توقف الرئيس عن عقد تلك اللقاءات منذ أكثر من أربع سنوات، الحياة الحزبية خاملة لا روح فيها، ولا رغبة في رفع القيود عن نشاطها، وعن علاقتها بالناس وعن صحفها المكدودة، بفقر الموارد، ولا اهتمام بدعم وجودها بقانون انتخابي يسمح لها بالمنافسة الحرة والتمثيل المناسب في المجالس التمثيلية، فضلاً عن أنها تفتقد أي نوع من الدعم من رأس الدولة».

عملية سيناء الأخيرة

«عملية سيناء الأخيرة مؤلمة على النفس، وقدمت رسائل للمجتمع تقول إننا لم ننتصر بعد على الإرهاب، وإن الحرب مازالت مستمرة حتى ندحض الفكرة الإرهابية قبل تصفية الإرهابيين. ومع كل حادثة إرهابية تبدأ نوعية من الإعلام في تكرار المطالبة بإخلاء سيناء من السكان، ونسي هؤلاء الجهلة أو تناسوا أن أكبر انتصار للإرهاب هو في إخلاء المناطق لا تعميرها وملأها بالبشر، وهي عكس ما تتحدث عنه الدولة عن ضرورة تعمير سيناء وربطها بالدلتا وباقي المدن المصرية عبر أنفاق. يقينا مواجهة الإرهاب، كما يقول ويرى عمرو الشوبكي في «المصري اليوم»، لن تكون بالشعارات ولا بالأغاني الوطنية، إنما بسياسات جديدة تبحث في الأسباب الاجتماعية والسياسية التي تقف وراء الإرهاب، ولا تكتفي فقط بالجوانب الدينية والعقائدية التي تراجعت أمام روايات الانتقام والثأر السياسي من الدولة. إن معركة مصر ضد الإرهاب ليست فقط مع التنظيمات الإجرامية التي ترفع السلاح وتروع الأبرياء وتقتل رجال الجيش والشرطة، إنما مع البيئة الاجتماعية والسياسية المحيطة، التي جعلت وجودها واقعا حقيقيا، وهذه البيئة قد تكون مظالم سياسية أو مجتمعية، أو علاقة ثأرية مع الدولة، أو تضامنا قبليا وعائليا، أو تضررا اقتصاديا أو قريبا قتلا بدون أن يعوض أهله، أو أوضاعا إنسانية صعبة يعيشها الكثيرون، خاصة في سيناء، كل هذه الجوانب لا بد من فتحها ومناقشتها، ولدينا القدرة على فعل ذلك وتحقيق تقدم يغير من الواقع. التركيز على أن المشكلة في تفسيرات دينية متطرفة تخفي حقيقة الأبعاد المركبة للإرهاب الجديد، التي باتت تشمل أبعادا سياسية واقتصادية وعالمية، فلم تعد هي التنظيمات المحلية التي عرفتها مصر في السبعينيات والثمانينيات، مثل الجهاد والجماعة الإسلامية، إنما صارت تنظيمات عالمية عابرة للدول والحدود. النصوص الدينية لا تصنع في أي مكان عنفا أو إرهابا، إنما الوسيط البشري الذي ينهل منها ويفسرها نتيجة ظروفه الاجتماعية والسياسية، هو الذي يصنع هذا الإرهاب. لماذا لم يفرز النص الديني الموجود معنا منذ قرون تكفيريين في العالمين العربي والإسلامي طوال العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي مثلا؟ فلم يكن هناك تنظيم «القاعدة» ولا «داعش»، رغم أننا كنا بلادا محتلة، وكان من يقود التحرر الوطني في بلادنا جماعات وطنية وليست جماعات دينية أو إخوانية أو داعشية. النصوص الدينية لا تصنع عنفا ولا إرهابا إنما هي مثل البنزين لن يشتعل إلا إذا ألقى فيه عود ثقاب، وهذا هو الواقع الاجتماعي والسياسي الذي يدفع البعض إلى تفسيرات متطرفة أو معتدلة تبعا لهذا الواقع. الانتصار على الإرهاب سيبدأ حين يتم التمييز بين الواقع الاجتماعي والسياسي الذي يفرز الإرهابيين، وهنا يجب أن يتم التعامل معه برؤى سياسية واجتماعية، وبين التنظيمات الإرهابية المسلحة التي ستواجه أساسا بالأدوات الأمنية. رحم الله شهداء سيناء والوطن».

عمرو أم تامر في كأس الأمم؟

وإلى الاستعدادات لافتتاح مباريات كأس الأمم الإفريقية في الواحد والعشرين من الشهر الحالي فبعد أن اطمأن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي على استعدادات الملاعب التي تجري فيها المباريات وأحكمت وزارة الداخلية إجراءاتها لضمان الأمن، حتى في معرفة أسماء المشجعين الذين سيحضرون عن طريق شراء التذكرة بالبطاقة الشخصية، وعدم التنازل عنها للغير، وتأمين تنقلات مشجعي الفرق المشاركة، فقد ظهرت مشكلة ليست من اختصاصات رئيس الوزراء، ولا من اختصاصات اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، وإنما من اختصاصات رعاة المباريات وهي، من المطرب الذي سيغني في حفل الافتتاح؟ وفي تحقيق في مجلة «الإذاعة والتلفزيون» لكريم حسين جاء فيه: «من الاتجاهات التي تم اقتراحها من الجهة المنظمة للفعاليات، عمل أوبريت ضخم بعدة لغات وأداؤه بتقنية الـ«playback» وكان هناك اتجاه بأن يأتوا بمطرب مصري إلى جانب نجم آخر عالمي ويغني كل منهما بلغته، وهناك اتجاه آخر لاختيار نجم مصري واحد إلى جانب العروض التي ستقدم طوال الحفل، لكن يبدو أن الجهة المنظمة استقرت على الرأي الأخير، وهو اختيار نجم مصري كبير معروف عالمياً، وله قاعدة جماهيرية كبيرة، واستقر الأمر على عدة اختيارات منها الهضبة عمرو دياب، خاصة أن له تجربة سابقة مع دورة الألعاب الإفريقية وقدم خلالها أغنية «إفريقيا» بثلاث لغات هي العربية والإنكليزية والفرنسية، علاوة على أن دياب له باع طويل في الساحات العربية والإفريقية والعالمية بشكل عام، حيث أن أغنياته دائما ما يسمعها الكثيرون في أوروبا وإفريقيا، لكن اللجنة المنظمة شهدت انقساما بين أعضائها، لأن بعضهم أيد إحياء تامر حسني للحفل، خاصة أن تامر يعبر عن شباب الجيل الجديد، والدورة دورة شباب، واستندوا في رأيهم إلى أنه عندما اختير عمرو دياب للدورة الخامسة كان عمره لا يتجاوز الـ33 عاماً، فتم اختياره لإحياء الحفل في ذلك الوقت، لكن القرار في النهاية لن يكون بيد الجهة المنظمة فقط، فهناك الجانب الأقوى في التنظيم وهم الرعاة، وبعض المنتجين الفنيين الذين لم يتخذوا قرارا حتى الآن، وإن كانت كفة الهضبة هي الأرجح، من حيث اختيارات الرعاة والمنتجين الفنيين حتى الآن، وإذا تمت الموافقة على إحياء الهضبة للحفل سيتقاضى مليون دولار على أقل تقدير يتحملها الرعاة كاملة كجزء من مشاركتهم ودعمهم للبطولة».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية