مئات الضربات الجوية السورية – الروسية على إدلب وحماة واللاذقية تقتل وتصيب عشرات المدنيين

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي» : قتل وأُصيب عشرات المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، أمس الاثنين، في سلسلة غارات وضربات جوية زاد تعدادها عن 450 ضربة نفذها سلاح الجو الحربي والمروحي، العائد لموسكو والنظام السوري على ارياف ادلب وحماة واللاذقية شمال غربي سوريا، إضافة إلى مئات القذائف المدفعية والصاروخية، في وقت تتعهد فيه موسكو بمزيد من «الصرامة» ضد المدنيين دون أي تنازلات، وهو ما ترجمه مراقبون على انه سعي روسي لاستعادة السيطرة على كافة منطقة الحزام الآمن، بعمق 20 كيلو متراً من خط التماس، بما يضمن سلامة قاعدة حميميم بالدرجة الأولى، علاوة على ما يحمل التصعيد من رسائل ضمنية إلى تركيا لاجبارها على الالتزام بصفقة إس 400.

ما هي أهداف موسكو من وراء تصعيدها على شمال غربي سوريا؟

فقد توعد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، بأن روسيا وقوات النظام السوري لن تتركا إدلب دون رد حاسم. وتابع، في مؤتمر صحافي: «بالطبع، لن نترك مثل هذه الحيل بدون رد فعل صارم»، لافتاً إلى تعهدات انقرة ودورها الرئيسي في فصل المعارضة المسلحة عن التشكيلات المصنفة أمنياً وفقاً لاتفاق «سوتشي» الذي أبرم بين الرئيسين الروسي والتركي.

مواصلة التحالف

وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان أن طيران النظام الحربي قصف قرى ريف ادلب موثقاً 23 غارة نفذتها الطائرات الحربية الروسية مستهدفة كلاً من خان شيخون جنوب إدلب، واللطامنة ومورك وكفرزيتا والزكاة والجبين والصياد شمال حماة، كما ارتفع عدد الغارات التي نفذتها طائرات النظام الحربية إلى 65 غارة استهدفت جنوب وشرق محافظة إدلب، وقرى ريف حماة الشمالي. فيما بلغ عدد البراميل المتفجرة التي سقطت على المنطقة 48 برميلاً ألقاها الطيران المروحي منذ ما بعد منتصف الليل على ريف اللاذقية والقطاع الجنوبي من الريف الادلبي، علاوة على 310 قذائف صاروخية ومدفعية استهدفت قوات النظام بها مناطق في اللطامنة وكفرزيتا ولطمين وأماكن أخرى في ريفي حماة الشمالي والشمالي الغربي، بالإضافة لجبال الساحل والقطاع الجنوبي من الريف الادلبي والريف الحلبي.
ومع مواصلة التحالف القائم بين موسكو جواً وقوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية براً، هجماتهم العنيفة على آخر منطقة خارجة عن سيطرتهم، شمال غربي سوريا، يتساءل سوريون عما اذا كانت الجهود التركية – الروسية التي اعلن عنها رسمياً في وقت سابق، سوف تثمر على أرض ادلب، وتقضي بوقف أزيز الرصاص في المنطقة التي تضم أكثر من 3 ملايين مدني، للحيلولة دون موجة نزوح هي الأكبر من نوعها، وسط تخوف الأمم المتحدة من الأوضاع الإنسانية هناك. ويعتقد مراقبون وخبراء أن روسيا تعطل وتعيق إطلاق أي مسار تفاوضي سياسي من أجل شراء الوقت بينما تحقق السيطرة الكاملة على الأرض، في ظل تحركات دولية واقليمية على الصعد كافة أهمها اجتماع مرتقب للمجموعة المصغرة خلال الشهر الجاري، واجتماع «آستانة» المقبل، وذلك لما سوف تعكسه التطورات الميدانية على هذه الاجتماعات.

سحب السلاح

اللواء والمحلل العسكري والاستراتيجي الأردني فايز الدويري يعتقد ان ما تطلبه روسيا على المستوى السياسي هو استعادة النظام لكافة الاجزاء السورية، لافتاً في حديثه مع «القدس العربي» إلى ان هذا المطلب صعب التحقق، وعزا الدويري السبب إلى وجود قوات لا تستطيع روسيا التعامل معها وتحديداً القوات الامريكية شرقي الفرات، كذلك لا ترغب بالدخول في الاشتباكات المباشرة مع القوات التركية. وفي درجة اقل، على المستوى العسكري العملياتي، قال الخبير الاستراتيجي ان موسكو تحاول ان تستعيد السيطرة على المنطقة المنزوعة السلاح، وهي المنطقة التي تم الاتفاق عليها بعمق 20 كيلو متراً من خط التماس، بحيث تضمن سلامة قواعدها ومواقها العسكرية وانتشار جنودها في المنطقة.
وتطلب موسكو من أنقرة حسب قراءة الخبير، ان تنزع أسلحة «هيئة تحرير الشام»، وهو «طلب خارج عن قدرة انقرة، كما انها تطالبها بصورة غير مباشرة بأن تلتزم بصفقة إس 400 مقابل صفقة إف 35 للطائرات الامريكية».
ويرى الدويري، إن ما يجري ضمن لعبة سياسية عسكرية، مستنتجاً ان المآلات مفتوحة كون الموقف الدولي هو الموقف الحاسم، مضيفاً «اذا اتخذت واشنطن موقفاً حاسماً من التدخل الروسي، فإن روسيا سوف تتراجع، اما في حال لم تلق واشنطن اهتماماً لما يحصل، ولم تبد الدول الفاعلة والاتحاد الاوروبي مخاوف حقيقية من عمليات حصول هجرة كاملة كما تهدد تركيا بفتح الابواب، فبالتالي روسيا ستتمادى» جازماً بأن الاتحاد الاوروبي وامريكا لن يقبلا بتهجير 3 ونصف مليون مدني. والعمليات حسب قراءة المتحدث سوف تنتهي باستعادة المناطق التي سميت «منزوعة السلاح « ولكن هذا الامر يحتاج إلى وقت.
التنظيمات المصنفة أمنياً وعلى رأسها جبهة النصرة مازالت الحجة القوية بيد النظام السوري وروسيا، حيث يتخذها الطرفان ثغرة من اجل قصف ادلب واجتياحها، فقد برر لافروف في تصريحات صحافية الاثنين هجمات قواته بمحاولة إيقاف ما وصفه بالهجمات الاستفزازية لمن»يهاجمون، ويستهدفون عبر منظومات الصواريخ والطائرات بدون طيار مواقع الجيش السوري، والمناطق السكنية، وعلى قاعدة «حميميم» الجوية الروسية».
ومن وجهة نظر مقابلة، فيقول السياسي السوري درويش خليفة إن تركيا تريد من الجانب الروسي التعامل معها كفاعل أساسي في الملف السوري، وليس كحارس لحدود فصائل الثورة العسكرية، ومنع تقدمها أو تمددها في وسط البلاد. ولكن الرغبة حسب ما يقول لـ»القدس العربي»: «تتمحور في إبعاد تركيا عن المعسكر الغربي، وبذات الوقت العمل على فرض مخططها في سوريا، وعلى رأسه إعادة الشمال إلى كنف النظام السوري حتى الحدود التركية، بما يتضمنه من فتح للطرفات الدولية الهامة». وقال «خليفة» إنه بعد معارك الأسابيع الأخيرة «بدأنا نلحظ أن التصريحات الدبلوماسية تتجه نحو الهدوء بين الطرفين الروسي والتركي في محاولة منهما للحفاظ على ما تبقى من اتفاق سوتشي حول قطاع إدلب وشمال حماة»، معتبراً أن الوقت قد حان لتحويل مسار «أستانة» نحو جنيف لتستمر العلاقات بين البلدين دون توتر أو حرب باردة. كما يتوجب التنويه، وفق المتحدث إلى العودة الأمريكية الجزئية إلى ساحات الشمال السوري، بعد دخولهم على خط التوتر، والسماح بتسليح المعارضة السورية «الجبهة الوطنية للتحرير» بالأسلحة المتوسطة والخفيفة، عبر المنفذ التركي حصراً.

تحذيرات أممية

ووسط تحذيرات أممية تتخوف من مأساة إنسانية في الشمال السوري، قالت الأمم المتحدة الاثنين إن ما يصل إلى مليوني لاجئ ربما يفرون إلى تركيا إذا استعر القتال في شمال غربي سوريا في الوقت الذي انخفضت فيه أموال المساعدات على نحو خطير. وقال منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية بانوس مومسيس حسب رويتر «نخشى إذا استمر ذلك واستمر ارتفاع أعداد (النازحين) واحتدم الصراع أن نرى فعلا مئات الآلاف.. فإن مليون شخص أو مليونين يتدفقون على الحدود مع تركيا» مضيفاً، إن الوضع في تدهور وإن اتفاقا ًبين روسيا وتركيا على خفض التصعيد في القتال هناك لم يعد مطبقاً فعلياً.
وقال المسؤول الاممي نشاهد هجوما يستهدف فعلا، أو يؤثر على، المستشفيات والمدارس في مناطق مدنية، مناطق فيها سكان وأماكن حضرية، وهو ما لا ينبغي أن يحدث بموجب القانون الدولي الإنساني، وإن منظمات الإغاثة تلقت تشجيعاً على إطلاع الأطراف المتحاربة على أماكنها لتجنب إصابتها، لكن موظفي الإغاثة يرتابون في مثل هذه الطلبات بعد ضربات جوية متتالية على مستشفيات. واعتبر أن ما يحدث كارثة… يجب التدخل من أجل صالح الإنسانية، وقال «طلبنا قبل أشهر قليلة ضمان ألا يحدث هذا السيناريو الكابوسي. في الواقع إنه يحدث أمام أعيننا الآن ونحن نتكلم، وفيما يتعلق بالمساعدات، قال مومسيس إن الأمم المتحدة طلبت 3.3 مليار دولار لتمويل العمل الإنساني في سوريا هذا العام وإنه رغم التعهدات السخية فإنها لم تتلق سوى 500 مليون دولار فقط…».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية