طرابلس – جهاد نصر: بعد شهرين من المعارك في العاصمة الليبية طرابلس، طرح أحد طرفي القتال، وهو المجلس الرئاسي مبادرة سياسية حظيت بتأييد محلي ودولي.
لكن ثمة تساؤلات بشأن إن كانت قادرة على إسكات أصوت البنادق، خاصة وأن مبادرات سابقة لاقت التأييد ذاته، ولم تنجح .
وأعلن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فائز السراج، الأحد، عن مبادرة من سبع نقاط، تتضمن إقامة ملتقى ليبي يفضي إلى إجراء انتخابات قبل نهاية 2019 .
ومنذ 4 أبريل/ نيسان الماضي، يشن قائد قوات الشرق الليبي، اللواء متقاعد خليفة حفتر، هجوما للسيطرة على طرابلس، مقر حكومة الوفاق، المعترف بها دوليا، لكن قوات الوفاق تتصدى للهجوم.
وقالت بعثة الأمم المتحدة، في بيان، إن مبادرة السراج “بناءة للدفع بالعملية السياسية قُدما لإنهاء النزاعات الطويلة في ليبيا”.
كما اعتبرها الاتحاد الأوروبي “خطوة لدفع العملية السياسية، ووضع حد للصراع والانقسام”.
وأعلن وزير الخارجية الإيطالي، إينزو مورافي ميلانيزي، دعم روما لتلك المبادرة.
وقال حزب “العدالة والبناء” الليبي (إسلامي)، إن مبادرة السراج تهدف إلى “حقن الدماء”.
ومنذ 2011، يعاني البلد الغني بالنفط صراعا على الشرعية والسلطة، يتركز حاليا بين حكومة الوفاق وحفتر.
أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الليبية، مروان بوراس، قال إنه “بغض النظر عن نجاحها من عدمه، فإن إطلاق مبادرة سياسية لحل الصراع، بعيدا عن السلاح، هو أمر إيجابي ومطلوب”.
وأضاف بوراس، أن “مطلق المبادرة (السراج) هو الكاسب في حال فشلت أو نجحت.. في حال نجحت يكسب السراج إنهاء الحرب ومجد القائد الحكيم الذي تنازل لحقن دماء الليبيين”.
وتابع: “العاصمة، التي يسيطر عليها السراج، تعيش أزمات معيشية، منها انقطاع الكهرباء يوميا وأزمة وقود حادة (حُلت الأحد جزئيا) كما أنه محاصر داخل العاصمة.. وإنهاء تلك الحالة لصالحه”.
واعتبر أنه “حتى لو فشلت المبادرة، فالسراج كاسب أيضا، فالمجتمع الدولي سيصطف بجانبه بجدية ضد خصمه (حفتر)، لكونه بادر بإثبات حسن النية، وسيكون الطرف الآخر في موقع المعرقل للسلام”.
ورأى بوراس، أنه “يوجد عيب واحد في مبادرة السراج، وهو عدم احتوائها على جديد يميزها عن المبادرات المطروحة سابقا، سواء على صعيد المحاور أو توقيت التنفيذ، خاصة ما يتعلق بالانتخابات”.
أما وليد الدالي، صحافي ليبي، فرأى أن “موقف حفتر من المبادرة سيكشف حقيقة الأوضاع العسكرية غربي البلد”.
وأوضح الدالي، أنه “في حال قبول حفتر (لم يعلق حتى الآن) بالمبادرة، فسيثبت صحة الكلام بأنه وضع نفسه في مأزق ولا يستطيع التقدم في طرابلس.. يتردد أنه حتى الدول الداعمة له تضيق عليه الخناق بعد تأخر دخوله وسط طرابلس”.
وتابع: “أما في حال رفضه للمبادرة فسيكون حفتر في وضع قوي عسكريا، ويثبت ذلك صحة كلام قادة قواته بأنه يتعمد عدم اقتحام قلب العاصمة؛ لرغبته في استنزاف قوات الوفاق على الأطراف كي لا تكون هناك معارك شرسة وسط المباني”.
اعتبر علي الزليتني، كاتب سياسي ليبي، أن “الرفض متوقع، خاصة بعد تصريح السراج، بأنه لن يتحاور مع حفتر”.
وبعد ساعات من إعلان السراج للمبادرة قال إنه “لن يجلس مجددا مع حفتر للتفاوض.. حفتر أثبت خلال السنوات الماضية أنه ليس شريكا للعملية السياسية”.
وأضاف الزليتني، أن “السراج أقصى حفتر من المبادرة، وهو يمثل أكثر من 95 في المئة من الطرف الآخر (شرقي ليبيا)، فكيف يكون هناك حوار أصلا ومع من؟”.
وتابع: “إن كان الحوار كما يقول السراج مع عقلاء شرقي ليبيا وفاعليها، فهم جميعا في صف حفتر، وهو من يمثلهم، والسراج وكل العالم يعلم ذلك.. وتكررت تصريحات المجتمع الدولي بأن حفتر، الرجل القوي، هو جزء من الحل، ولا يمكن إقصاؤه”.
واستطرد: “إن كان السراج يعول على الـ12 شخصا الذين أسماهم، بعد اجتماعه معهم مؤخرا، بوجهاء قبائل شرقي ليبيا، والذين شكلوا بعد الاجتماع الهيئة البرقاوية، فهم لا يستطيعون حتى دخول المنطقة الشرقية، وبعضهم تبرأت منهم قبائلهم، فكيف سيمثل هؤلاء تلك المنطقة؟”.
ورأى أن “طرح مبادرة ووضع شروط هو أمر يدل على عدم صدق مطلقها، والسراج يعلم ذلك.. هو يهدف فقط إما إلى وقف الحرب مؤقتا لتقوية مواقع قواته المحاصرة أو كسب تعاطف المجتمع الدولي كونه المبادر بمد يده للسلام”.
ورأى أن “السراج أعلن مبادرته وحكم عليها بالفشل في اليوم ذاته”.
أمر آخر تطرق إليه الزليتني، وهو “عدم ذكر السراج في مبادرته لأنصار نظام (العقيد الراحل معمر) القذافي (1969- 2011)، متناسيا أن معظم من يقاتل بجانب حفتر في الغرب، وخاصة قيادات غرف العمليات الرئيسة، هم من أنصار القذافي وقياداته العسكرية، وكان عليه على الأقل مغازلتهم لكسب تأييدهم للمبادرة”.
واستدرك: “السراج لم ينساهم تماما، لكن اكتفى بذكرهم في فقرة عن تشكيل لجنة مصالحة، أي ذكرهم في موضع ضعف، ولم يصفهم كند في الحوار، وهذا خطأ آخر كونهم يشكلون قوة في الواقع”.
مبادرة السراج تتألف من سبعة بنود، وهي:
أولا: “عقد ملتقى ليبي، بالتنسيق مع البعثة الأممية، يمثل جميع القوى الوطنية ومكونات الشعب ممن لهم التأثير السياسي والاجتماعي”.
ثانيا: “الاتفاق خلال الملتقى على خارطة طريق للمرحلة القادمة، وإقرار القاعدة الدستورية لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة قبل نهاية 2019، ويتم تسمية لجنة قانونية مختصة من قبل الملتقى، لصياغة القوانين الخاصة بالاستحقاقات التي يتم الاتفاق عليها”.
ثالثا: “يقوم الملتقى باعتماد القوانين الخاصة بالعملية الدستورية والانتخابية المقدمة من اللجنة القانونية مع تحديد مواعيد الاستحقاقات ثم إحالتها إلى المفوضية العليا للانتخابات”.
رابعا: “يدعو الملتقى مجلس الأمن والمجتمع الدولي لدعم هذا الاتفاق، وتكون مخرجاته ملزمة للجميع، وتقوم الأمم المتحدة بالإعداد والتنظيم لهذه الاستحقاقات.. ويدعو الملتقى الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي لتقديم الدعم اللازم لانجاحها”.
خامسا: “يتم تشكيل لجان بإشراف الأمم المتحدة من المؤسسات التنفيذية والأمنية الحالية في كافة المناطق لضمان توفير الإمكانيات والموارد اللازمة للاستحقاقات الانتخابية، بما في ذلك الترتيبات الأمنية الضرورية لانجاحها”.
سادسا: “يتم الاتفاق من خلال الملتقى على آليات تفعيل الإدارة اللامركزية والاستخدام الأمثل للموارد المالية والعدالة التنموية الشاملة لكل مناطق ليبيا، مع ضمان معايير الشفافية والحوكمة الرشيدة”.
وسابعا: “ينبثق عن الملتقى هيئة عليا للمصالحة الوطنية تقوم بالإشراف والمتابعة لملف المصالحة الوطنية، وتفعيل قانون العدالة الانتقالية وقانون العفو العام، وجبر الضرر، باستثناء من ارتكب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية”.(الأناضول)
آن الأوان لإعادة وضع ليبيا لما كانت عليه قبل عام 1970 مستقرةً وآمنة وتحظى باحترام دولي ولا يوجد بها ميليشيات مسلحة وأمراء حرب ودويلات فوق الدولة ومجموعات إرهاب وعصابات تهريب بشر وغسيل أموال وانتهاك أعراض وسلب ممتلكات خاصة ونهب ثروة وطنية. إذن آن الأوان لوضع حد لفوضى ليبيا بإخضاع أمراء حرب وعصابات والقضاء على بؤر إرهاب وطرد مقاتلين أجانب ومهاجرين غير شرعيين وتفكيك ميليشيات تتبع دول أجنبية طامعة بها وحصر سلاح بيد الجيش والأمن تمهيداً لعودة رعاية عربية ودولية وإغداق مساعدات عربية لإعادة الإعمار.