كاتب بريطاني: الديمقراطية المصرية ماتت في قفص المحكمة مع مرسي

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن ـ “القدس العربي”:

قال الكاتب البريطاني روبرت فيسك إن الديمقراطية المصرية مات أمس (يوم الإثنين) في قفص السجن مع مرسي.

 وعلق فيسك في مقالته بصحيفة “إندبندنت” “بالنسبة لي، عندما تموت في سجن الديكتاتور حتى ولو لم تكن رئيسا منتخبا، فقد قتلت”، وأضاف “كانت وفاة مرسي متوقعة، فظيعة ولكنها حسب رأيي حالة قتل”. ولا يهم إن كانت الضحية وضعت في زنزانة إنفرادية أو حرمت من العناية الطبية، ولا يهم الإتهامات المثيرة للسخرية أو ظلم المحكمة وإن كانت الأحكام التي أصدرتها مخجلة  فمن يموت في سجن الديكتاتور هو قتيل في النهاية حتى ولو لم يكن أول رئيس مصري منتخب.

فالسجين الذي يعيش في تلك الظروف ينتظر الموت حتى تفتح له الأبواب والتي لم تكن أبدا لتفتح أمام “الرئيس المصري محمد مرسي”.

وقال “أستخدم لقبه الرسمي لأن رئيسا أطاح به انقلاب عسكري لا يزال الرئيس المنتخب، تماما كما يطلق على الرجل الذي أطاح به، الرئيس عبد الفتاح السيسي، فالأول يعبر عن الشرف أما الثاني فعن الواقع”.

 وأشار فيسك إلى أن مرسي فاز بنسبة تعدت 50% في الجولة الثانية من الإنتخابات أما السيسي فقد فاز العام الماضي بنسبة 97% ومن هنا فالنسب تتحدث عن نفسها. فالنسبة الأولى تمثل الديمقراطية أما الثانية فتعبر فقط عما يمكن وصفه بصبيانية مصر. وبهذا الحس فقد ماتت الديمقراطية المصرية في قفص السجن بالقاهرة ولهذا السبب كان دفن مرسي سريعا وسريا.

ويقول فيسك إن مرسي لم يكن شخصية رومانسية فحكمه الذي لم يستمر سوى 12 شهرا كان فوضويا وأصيب بالغرور، مشيرا إلى أن حركة الإخوان ظلت بعيدة عن الثورة التي أطاحت بمبارك حتى تأكدت من نهايته إلا أن الرمزية مهمة عندما يموت آخر رئيس منتخب لبلد أمام قضاته في قفص مخصص للمجرمين وحرم حسب نجله من جنازة عامة.

ويعلق فيسك “ربما تخيلنا الرد على طلب العائلة: مرسي كان يحاكم بالسجن مدى الحياة للتخابر مع حركة حماس” ويضيف “مع أن واحدا من مهامه الرئاسية هي تنظيم وقف إطلاق النار بين حماس في غزة وإسرائيل والتي واصل خلفه ممارستها بإخلاص، وهي أمر ليس مهما. ولن يحاكم المارشال الرئيس السيسي بتهمة التجسس لأن سياساته العسكرية تشمل توفير أمن الحدود الجنوبية لإسرائيل”.

ويمضي فيسك قائلا “ربما تخيل الواحد رد فعل القضاة في المحكمة الأخيرة لمرسي عندما أنهار الرئيس الذي انتخب عام 2012 على الأرض في وقت كانوا يحضرون لتقديمه إلى حبل المشنقة لكنه ذهب للقاء خالقه قبل الموعد المحدد، فيجب أن يكون شعورهم غريبا”. ولكن هل فوجئوا بهذه النهاية؟ فلطالما احتجت عائلة مرسي على الإهمال الطبي الذي يعاني منه، وكذا فعلت منظمات حقوق الإنسان نفس الأمر. وعانى مرسي من حبس إنفرادي لمدة 23 ساعة في اليوم. إلا أن الصحافة العالمية وساسة العالم تجاهلت هذه الإحتجاجات. فقد كان مرسي رجل الأمس ومحاكماته المتكررة صارت مملة. ومن “المدهش أنه استطاع الحديث لخمسة دقائق إلى القضاة قبل أن يغادرهم وقيودهم القضائية عليه”.

ويقول فيسك إن عائلة الرئيس لم تزره سوى ثلاث مرات طوال الست سنوات الماضية، ولم يسمح له بالإتصال مع محاميه أو حتى مع الطبيب. وهو ما يدل على أن وفاته كانت منتظرة من سجانيه وقضاته والرجل ألأوحد في مصر والذي لا أحد يخالفه. ويقول فيسك إن السيسي حاول منذ وقت طويل الخلط بين جماعة الإخوان المسلمين والقاعدة وتنظيم الدولة ومن يهاجمون الكنائس القبطية والمسيحيين. فلو حملت حماس والإخوان المسلمين وتنظيم الدولة مسؤولية إنتفاضة الإسلاميين في سيناء والجرائم في القاهرة فهل نتوقع ذرة من الندم بين زملاء السيسي عندما وصل خبر وفاة الرجل البالغ من العمر 67 عاما والمصاب بالسكري والذي وفرت وفاته على الحكومة تكاليف الجلاد والشنق؟ ولم يكن هناك جنازة عامة، فأن تستخدم كلمة “إرهابي” لوصف الإخوان المسلمين شيء ولكن وصف كل رجل أو إمرأة يطلق النار على جنازة إرهابيين أمر آخر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية