16 مليونا ينتخبون مجدداً اليوم رئيس بلدية إسطنبول في استفتاء غير مسبوق على شعبية اردوغان

إسماعيل جمال
حجم الخط
1

إسطنبول-“القدس العربي”: يتوجه، أكثر من 10 مليون ناخب يحق لهم الاقتراع من أصل 16 مليونا هو عدد سكان إسطنبول إلى صناديق الاقتراع، اليوم الأحد، لانتخاب رئيس بلدية أكبر وأهم محافظات البلاد مجدداً، وذلك بسبب إلغاء نتيجة الانتخابات الماضية، في تصويت يعتبر بمثابة أهم وأصعب استفتاء على شعبية الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم منذ وصولهم إلى السلطة قبل أكثر من 17 عاماً.

وتجري هذه الانتخابات في ظروف استثنائية للغاية لا سيما فيما يتعلق بالتحديات السياسية التي تمر بها البلاد، والصعوبات الاقتصادية التي عصفت في الاقتصاد التركي بالأشهر الأخيرة، لكن الظروف المباشرة المتعلقة بإلغاء نتائج الانتخابات السابقة وما رافقها من اتهامات متبادلة بالتزوير والتلاعب والضغط على اللجنة العليا للانتخابات أكسبتها أهمية أكبر من كونها مجرد انتخابات لرئاسة بلدية.

فعقب الانتخابات المحلية العامة التي جرت في عموم البلاد نهاية شهر آذار/مارس الماضي أعلنت اللجنة العليا للانتخابات فوز مرشح تحالف المعارضة أكرم إمام أوغلو برئاسة بلدية إسطنبول، قبل أن تعود اللجنة وتقرر إلغاء النتائج وإعادة الانتخابات عقب تقديم حزب العدالة والتنمية سلسلة من الطعون والاعتراضات قال إنها تثبت حصول عمليات تزوير وتلاعب في الأصوات لصالح مرشح المعارضة.

ويتنافس في هذه الانتخابات مجدداً أكرم إمام أوغلو مرشحاً عن “تحالف الأمة” الذي يضم أحزاب الشعب الجمهوري والجيد ويتلقى دعما غير معلن من حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، وبن علي يلدريم مرشحاً عن “تحالف الجمهور” الذي يضم حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية.

وبينما يسعى إمام أوغلو الذي يقول إنه تعرض لـ”ظلم كبير” إلى الفوز مجدداً بالانتخابات والعودة لكرسي رئاسة بلدية إسطنبول، يعمل يلدريم من أجل ترميم صورة حزب العدالة والتنمية وتأكيد عدم تراجع شعبيته في الشارع التركي عبر الفوز الذي سيعتبر بمثابة تأكيد على صحة ادعاء الحزب بحصول عمليات تزوير في الجولة الأولى من الانتخابات.

وعلى الرغم من أن المرشحين شاركا في أول وأبرز مناظرة انتخابية تشهدها البلاد منذ 17 عاماً، إلا أنهما فشلا في حسم النتيجة مبكراً وقدما أداءً متقارباً إلى درجة كبيرة، وبالتالي لم يستطيع أحدهم التأثير بشكل قوي على شريحة المترددين التي كانت مستهدفة بالدرجة الأولى من المناظرة والتي يعول عليها في حسم نتيجة الانتخابات.

وحتى قبيل ساعات من فتح صناديق الاقتراع لم يعبر أي طرف سياسي أو إعلامي أو بحثي في البلاد عن ثقته المطلقة بحسم النتيجة لأحد الأطراف وذلك في ظل التقارب الكبير بحظوظ المرشحين والتضارب في استطلاعات الرأي التي باتت تعتبر موجهة بدرجة كبيرة من قبل الأطراف السياسية التي تحاول التأثير على توجهات الناخبين، حيث عبر اردوغان مجدداً عن عدم التفاته إلى استطلاعات الرأي.

وفي الانتخابات الماضية، تقلص الفارق بين المرشحين إلى مستويات تاريخية، ومن أصل أكثر من 10 مليون شخص يحق لهم الاقتراع وقرابة 9 مليون صوت فعلي لأشخاص شاركوا في التصويت، وصل الفارق إلى أقل من 14 ألف صوت فقط، وهو فارق تاريخي مقارنة بعدد الناخبين، الأمر الذي جعل من إمكانية التكهن بنتيجة الانتخابات المقبلة أمراً بالغ الصعوبة، وفتح الباب أمام التشكيك بالنتيجة.

ويعول كل طرف على مجموعة من الأسباب والمتغيرات التي يمكن أن تساهم في تغيير نتيجة انتخابات اليوم، حيث يركز إمام أوغلو بالدرجة الأولى على قدرته في توسيع الفارق السابق مستفيداً من دعايته الانتخابية التي ركزت على إظهار “مظلوميته” وكشفه خلال الأيام الثمانية عشر التي ترأس فيها بلدية إسطنبول عما قال إنها “عمليات تبذير وتلاعب وتربح وفساد مالي وإداري وغيرها” وقدم وعوداً للناخبين بالتوفير والتقشف واستخدم شعاراً أساسياً هو “الحق سيعود لأصحابه” في إشارة إلى أنه سيعود لرئاسة بلدية إسطنبول.

في المقابل، يعول يلدريم على مجموعة من المعطيات الأخرى التي نتجت عن التغييرات التي قام بها الحزب طوال الأسابيع الماضية وأبرزها محاولة رص صفوف العدالة والتنمية مجدداً وحث جميع أنصار الحزب على المشاركة في التصويت، وتوحيد تصويتهم لصالح يلدريم، وجلب من وصفوا بـ”المتكاسلين” إلى صناديق الاقتراع، ومحاولة اقناع ناخبي الحزب الذين يتوقع أنهم صوتوا ضد يلدريم في محاولة لإيصال رسالة لقيادة الحزب نتيجة امتعاضهم من بعض السياسات المتعلقة بالحزب والحكومة بالعدول.

وفي اتجاه آخر، سعى اردوغان بقوة إلى محاولة كسب أكبر قدر ممكن من أنصار حزب السعادة الإسلامي المتحالف مع المعارضة وحثهم على مخالفة قرار قيادة الحزب، إلى جانب تكثيف العمل من أجل اجتذاب أصوات الأكراد الذي يعتبرون العنصر الأبرز في حسم النتيجة لصالح أحد الطرفين.

وفي محاولة غير مسبوقة لكسب أصوات الناخبين الأكراد، سمحت السلطات التركية بتسريب رسالة من زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان من سجنه يدعوا فيها الناخبين الأكراد إلى التزام الحياد بانتخابات إسطنبول، في رسالة فهم أنها بمثابة دعوة للناخبين الأكراد للتمرد على قرار حزب الشعوب الديمقراطي الكردي بالتصويت لصالح مرشح المعارضة إمام أوغلو.

ومع اجماع المراقبين على أن لا تغيير في توجهات أصوات أنصار العدالة والتنمية والشعب الجمهوري، فإن التعويل الأساسي ينصب على المتغيرات السابقة المتعلقة بأصوات الأكراد وأنصار حزب السعادة والعمل على رفع نسبة التصويت، وهو ما يجعل من توقع النتيجة أمراً صعباً في ظل التقارب الكبير بحظوظ المرشحين مع إعطاء أفضلية بسيطة لإمام أوغلو في انتخابات اليوم التي يتوقع أن تحسم مجدداً بفارق ضئيل.

وفي كلا الحالتين يبقى موقف الرئيس التركي صعباً، فالخسارة ستكون بمثابة دليل على تفوق إمام أوغلو في الجولة الأولى وعدم حصور تلاعب وتأكيد قطعي على تراجع شعبية العدالة والتنمية في الشارع التركي، وفي حال الفوز فإنه سيبدو بمظهر من أصر على إعادة الانتخابات من أجل الفوز بها بأي طريقة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول AL NASHASHIBI:

    CONGRATULATIONS YES WE ARE ONE FAMILY

إشترك في قائمتنا البريدية