بوليتكو: خطة ترامب للسلام غير أخلاقية وليست عملية وخطر على الشرق الأوسط

إبراهيم درويش
حجم الخط
3

لندن – “القدس العربي”:

في مقال مشترك لمدير الشين بيت الإسرائيلي السابق، عامي أيلون وغيلاد شير، مدير طاقم رئيس الوزراء السابق إيهود باراك وأورني بتيرسشكا رجل الأعمال الإسرائيلي في مجال التكنولوجيا، حذروا فيه من خطة السلام التي تعمل عليها إدارة دونالد ترامب. وقالوا في مقالهم المنشور بمجلة “بوليتكو” إنها غير أخلاقية وغير عملية ويمكن أن تفجر الشرق الأوسط. وعلقوا على الورشة الإقتصادية التي افتتحت يوم أمس في العاصمة البحرينية، المنامة تحت شعار “السلام والإزدهار” في محاولة لإحياء العملية السلمية في الشرق الأوسط. وقالوا “لو قمت بخدش سطح حملة العلاقات العامة لوجدت نهجا تبسيطيا في التعامل مع وضع معقد. وكل من تابع النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني خلال السنوات الثلاثين الماضية يفهم أن إعلان الرئيس دونالد ترامب عن الخطوة الأولى من خطته هي مظهر وليس جوهرا، اسم جديد للفكرة الفاشلة التي أطلق عليها “السلام الإقتصادي” وقبل ذلك “الشرق الأوسط الجديد””. ويرى الكتاب الثلاثة أن وضع الإقتصاد أولا وقبل العملية السياسية هو أمر أكبر من كونه خطأ تكتيكي. ولكنه أيضا خطأ آخر على طريق طويل من المحاولات الفاشلة لتحقيق حل قائم على دولتين. فتركيز إدارة ترامب على الإقتصاد بقيادة صهره جارد كوشنر هو خطأ استراتيجي قد يعيق المفاوضات قبل أن تبدأ. و “لو قرأ ترامب وفريقه التاريخ لعلموا أن وضع الموضوعات الإقتصادية قبل السياسية هي صفعة في وجه الفلسطينيين”. صحيح أن الفلسطينيين يريدون تحسين مستويات معيشتهم وطبعا يريدون  بناء اقتصاد قوي لكنها وتظل هذه أمور ثانوية محلها بعد تحقيق حق تقرير المصير “فلو تم شراء الفلسطينيين  بمنافع اقتصادية لما كنا بحاجة إلى المحادثات أصلا. ومن هنا فنهج ترامب ليس أخلاقيا فقط ولكنه غير عملي”. و “الحقيقة هي أن الأمور الإقتصادية لم تكن أمرا كافيا لحل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. فاتفاقية باريس التي أعقبت اتفاقية أوسلو- والذي احتوى على مجموعة من الإتفاقيات بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في التسعينات من القرن الماضي والتي لم يتم تطبيقها بحذافيرها- وركزت على الإقتصاد ولم تنقذ الوضع الأمني المتردي الذي نجم بعد الإنتفاضة الثانية التي كانت ثورة فلسطينية دموية ضد الإحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية. ولم تندلع الإنتفاضة الأولى ولا الثانية لأسباب اقتصادية (فلم يكن الإقتصاد الفلسطيني في وضع سيء، من ناحية نسبية). فقد اندلعتا بسبب عدم وضوح الطريق للأمام ولشعورهم بأن المنافع الإقتصادية التي حصلوا عليها لن تقود لنهاية الإحتلال. وقتلت الأمال العالية لبناء ثقة بسبب غياب الخطة السياسية لإنهاء النزاع. وأدى هذا الفراغ لولادة اليأس والخيبة مما قاد لاندلاع الإنتفاضتين. ويقول الكتاب الثلاثة “هذا هو الخطر الحقيقي الذي نواجهه اليوم مرة أخرى. فمن خلال تقديم الإقتصاد أولا وتجاهل نهاية اللعبة يقوم ترامب بتكرار الأخطاء الكارثية، أي استئناف المحادثات بدون تعريف الهدف النهائي”، وهو كما يقولون “يجب أن يكون بالنسبة للإسرائيليين والفلسطينيين إنهاء الإحتلال وإنشاء دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل ضمن حدود عام 1967 مع تبادل الأراضي الذي تقتضيه العملية” وبدون تحديد هذه من قبل الطرفين والدولة الوسيطة فستظل الفجوة القائمة مصدرا لعدم الثقة. ويعني هذا أن الجلوس على طاولة المفاوضات عبثي، بل سيقود إلى حالة من الخيبة وتصعيد في العنف. فبدون تحديد المحادثات وطبيعتها بحدود وهي إنهاء الإحتلال وإقامة دولة فلسطينية فسيتم خسارة أوراح أخرى. وأكثر من هذا فلن تكون هناك دولة يهودية وديمقراطية بدون حل للقضية الفلسطينية.والمشكلة هي أن صفقة، ترامب عندما توضع على الطاولة فمن الصعب تجاهلها فيجب على السلطة الوطنية وإسرائيل الرد عليها. وسيضع هذا رئيس السلطة محمود عباس، الذي يعتبره معظم الفلسطينيين متعاونا مع إسرائيل في منحى خطير. فلن يكون قادرا على قبول خطة تجاهلت بشكل صارخ آمال الفلسطينيين ولكن إن رفضها فسينظر إليه كرافض للسلام. وربما وجد نفسه أمام ضغوط محلية لوقف التنسيق الأمني بشكل يزيد من العمليات الإرهابية. والطريق لإشعال المنطقة كلها قصير كما يظهر التاريخ الماضي والمؤلم. وسينفجر الشرق الأوسط من خلال نزاع آخر وهو التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة وإيران المرتبط بالموضوع الإسرائيلي- الفلسطيني. ويعتقد الكتاب الثلاثة أن الطريقة الوحيدة لمواجهة إيران هو تحالف إقليمي يضم الدول العربية المعتدلة تقوده مصر والأردن والسعودية بمشاركة تكتيكية من إسرائيل. وحتى يتم تشكيل هذا التحالف يجب تقديم حل موثوق للقضية الفلسطينية، لأن الشعوب العربية لن تتسامح مع هذا التعاون. وبالنسبة لإدارة ترامب التي جعلت إيران في مركز استراتيجيتها يجب أن تكون هذه الخطة في مركز اهتماماتها. وكما يقول المثل “الطريق إلى جهنم معبد بالنوايا الحسنة”، ولا يعرف إن كانت نوايا ترامب حسنة أم أنه يقوم بتقديم هدايا سياسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. من هنا فتقديم عباس بخيار مستحيل سيسمح لنتنياهو للفوز بجولة ثانية من اللوم واتهام الفلسطينيين برفض خطة جيدة، وهو ما سيخدم قاعدة ترامب الإنتخابية التي ترفض حل الدولتين و”النتيجة قد تكون ضحايا جددا وتصعيدا يؤخر المحادثات البناءة وتحالف شرق أوسطي ضد إيران ولسنوات طويلة” و “لإنهاء النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني وحماية الإسرائيليين والفلسطينيين ومنع  سفك الدماء وزعزعة استقرار الشرق الأوسط يجب التخلي عن نهج ترامب “الإقتصاد أولا” بل ويجب معارضته”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول .Dinars.:

    لو لا العُربان ما تجرّأ على فلسطين يهود غربان.
    ولو لا مجرم الحرب ولد زايد والمنشار ولد سلمان لما تطاول الـ ” ترونز ” كوشنير على فلسطين.

  2. يقول محمد يحيى:

    لا يمكن لخطة سلام أن تنجح إذا كان الوسيط منحازا ، ولا ينصت للطرف المظلوم بل يفتي عليه ما يجب فعله ، وبالمقابل ينسق سرا وعلنا مع الطرف الاخر في كل صغيرة وكبيرة ، لكن الادهى والأمر هو أن لا يلتزم الوسيط حتى بما افتاه في محطات سبقت ، يعني سياسة * هزو وريحو * على رأي الزعيم ، صباحكم اوسلو يا متآمرين ..

  3. يقول العربي الحر:

    قراصنة العصر في الوجهة السياسية
    فمن الناحية السياسية والإقتصادية إضافة الي القيم الإنسانية كيف تعرض حل مشكلة سياسية بطريقة إقتصادية قذرة عن طريق الإستغلال

    تأخذي أرضي ووطني وتقتل شعبي ثم تدفع لي بعض الدولارات ومن محفظة غيرك ثم تترك عدوي يسلبني هذا المال بعد أن سلب أرضي وقتل أهلي وشرد شعبي

إشترك في قائمتنا البريدية