بغرض التستر علي جرائم الاستعماريين وحماية إسرائيل: الهولوكست من مصطلح ديني الي مصطلح سياسي

حجم الخط
0

بغرض التستر علي جرائم الاستعماريين وحماية إسرائيل: الهولوكست من مصطلح ديني الي مصطلح سياسي

د. واصف منصوربغرض التستر علي جرائم الاستعماريين وحماية إسرائيل: الهولوكست من مصطلح ديني الي مصطلح سياسي الهولوكست كلمة يونانية الأصل تعني القربان الكامل، وهي في الأصل مصطلح ديني يشير الي القربان الذي يضحّي به الي الخالق ويحرق بشكل كامل ولا يترك منه أي جزء لمقدم القربان ولا للكهنة، مما يؤكد أنه يعد من أكثر الطقوس قداسة.وقد بدأ استخدام مصطلح الهولوكست في ستينيات القرن الماضي، عندما أصدر ايلي فيزنتال كتابه (الليل) عام 1958. وأصبح المصطلح أكثر شيوعا بعد أن تم انتاج فيلم سينمائي باسم الهولوكست .منذ ذلك الوقت أصبح هذا اللفظ مقترنا بإبادة اليهود علي يد النازيين، والمقصود منه الايحاء بان اليهود هم القربان المحروق، مما يعني بالمفهوم الديني انهم جماعة مقدسة وبدأت عملية توظيف هذا المصطلح بمحاولة الصهاينة وحلفائهم وحماتهم فرض معني ضيق له يقول إن أكبر ابادة جماعية في التاريخ هي ما اقترفه هتلر ضد اليهود في المعتقلات النازية. ومن أجل اعطاء هذه الواقعة مكانة محورية في تاريخ العالم وتاريخ أوروبا علي وجه الخصوص، صدرت عشرات الافلام والأعمال الفنية، وعقدت عشرات الندوات والمؤتمرات، وصدرت مئات الكتب والآلاف من الدراسات، من أجل حفر هذه الواقعة في ذاكرة العالم باعتبارها واقعة حدثت لليهود وحدهم. وأدرجت الهولوكست ضمن مناهج عشرات الجامعات والمعاهد في العالم وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، واقيمت نصب تذكارية مكتوب عليها بالعبرية والانكليزية في واشنطن ونيويورك ولوس انجلوس وغيرها. وأسطورة الهولوكست واقترانها باليهود جعلت الباحثين ينقسمون الي ثلاث مدارس:المدرسة الأولي وهي الأوسع انتشارا، تري أن الهولوكست موجّه بكامله لليهود، وان اليهود استأثروا بعذاباته كلها، فمن حقهم الاستحواذ علي كل التعاطـف والتعويضات.المدرسة الثانية، تعترف بما جاء في رواية أصحاب المدرسة الأولي عن أعداد اليهود الذين تمت ابادتهم، وبوجود غرف الغاز ووسائل القتل الأخري. الا أن رجال هذه المدرسة تحدثوا عن (غير اليهود) الذين شملهم الهولوكست.المدرسة الثالثة: تشكك في أحداث الرواية كلها بدءاً من رقم (ستة ملايين) الذي يذكره أصحاب المدرسة الأولي، مرورا بأفران الغاز، وانتهاء بالمحارق التي استخدمت في حرق الضحايا وهم أحياء.أصحاب المدرسة الأولي التي تقصر الهولوكست علي اليهود، يستهدفون تحقيق عدد من الأهداف:ـ تبرير الفظائع التي ارتكبتها اسرائيل (دولة اليهود) ضد الفلسطينيين والعرب.ـ تبرير اغتصاب فلسطين واعتباره نوعا من تعويض العالم لليهود عما حاق بهم من (الغوييم) أي غير اليهود، أو كما قال احد الحاخامات اليهود بان (خلق دولة اسرائيل هو رد الله علي الهولوكست).ـ تبرير المطالبة بتعويض الضحايا اليهود عما حاق بهم علي يد (الغوييم) الأغيار. وبما ان المانيا هي التي اقترفت المذبحة فان ما قدمته لحد الآن (سبعين مليار دولار ) أقل مما يجب تقديمه كتعويضات لستة ملايين يهودي، وبما أن العالم لم يستطع حماية اليهود من هتلر والنازية فانه مطالب بتقديم تعويضات للضحايا.أما أصحاب المدرسة الثانية الذين يعترفون بتعرض اليهود لجريمة الابادة علي يد هتلر والنازيين، فانهم يقولون ان ضحايا المجزرة في غالبيتهم العظمي من غير اليهود. فهم يقولون ان معسكرات الاعتقال النازية الأولي، بنيت خصيصا للشيوعيين الألمان الذين كان هتلر يكرههم أكثر من كراهيته لليهود، وان زعيم الشيوعيين الألمان (تالمان) قضي في أحد هذه المعتقلات.ـ وهم يقولون أن الحرب العالمية الثانية خلّفت أكثر من خمسين مليون قتيل، منهم 17 مليون سوفييتي وتسعة ملايين ألماني وأعداد كبيرة من السلافيين والغجر والبولونيين ومن مختـلف دول أوروبا، وحتي من الآسيويين والافارقة والأمريكيين.أما أصحاب المدرسة الثالثة الذين يشككون في أحداث الرواية كلها، فانهم يعارضون تكريس الرواية الصهيونية للهولوكست، ويسوقون عددا من الأدلة علي صحة ما يذهبون اليه. فهم يقولون ان الكتاب اليهودي الأمريكي رقم 5702 الذي يغطي الفترة من 22 ايلول (سبتمبر) عام 1941 والي غاية 11 ايلول (سبتمبر) من عام 1942 يشير في الصفحة 666 الي أنه كان في أوروبا الخاضعة للاحتلال النازي ثلاثة ملايين وعشرة آلاف وسبعمئة واثنان وعشرون يهوديا فقط (3.110.722 ) بمن فيهم يهود المانيا نفسها، فكيف تتم ابادة ستة ملايين منهم؟ ـ ان اسحق شامير ـ زعيم عصابة شتيرن الارهابية الصهيونية قبل 1948 ورئيس وزراء اسرائيل فيما بعد، والذي كانت قوات الانتداب البريطاني في فلسطين تطارده بتهمة الارهاب والتعاون مع (العدو النازي)، كتب يقول (ان اكثرية المهاجرين اليهود الي فلسطين، ليسوا بقايا من عاش بعد محرقة النازية، بل هم يهود البلاد العربية وسكان المنطقة)، خلافا لما يشيعه الصهاينة.ويقول أبرز رجالات هذه المدرسة روجيه غارودي ان تكريس الرواية الصهيونية للهولوكست يخدم أهداف الاستعماريين الغربيين وخاصة الأمريكيين الذين يعتبرون في نظر القانون الدولي (مجرمي حرب)، لنسيان جرائمهم الخاصة مثل مذبحة درسدن في 13 شباط (فبراير) 1945 التي أهلكت خلال بضع ساعات أكثر من مئتي الف مدني بقنابل الفوسفور، ومثل جريمتي القاء قنبلتين ذريتين علي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين لدواع سياسية وليست عسكرية، ومثل المذابح التي تعرض لها الهنود الحمر في الأمريكيتين الشمالية والجنوبية حيث تمت ابادة ستين مليوناً من أصل ثمانين مليون هندي أحمر، وتمت ابادة اكثر من مئة مليون افريقي .وقد نجحت الصهيونية وحلفاؤها لحد الآن نجاحا كبيرا في جعل العديد من الدول الأوروبية تصدر تشريعات تقضي بتجريم كل من يحاول الوصول الي حقيقة الهولوكست أو يشكك فيها، وتبع ذلك صدور قانون في الولايات المتحدة الأمريكية في تشرين الاول (أكتوبر) عام 2004 يحمل اسم (قانون لتعقب معاداة السامية). وفي فاتح تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2005، قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتبني الهولوكست بروايته الصهيونية، وأصدرت قرارا ينص علي (رفض أي انكار للمحرقة كحدث تاريخي، سواء بشكل جزئي أو كلي )، ونص علي وجوب تثقيف شعوب العالم بالمحرقة، وكرّس يوم 27 كانون الثاني (يناير) من كل عام لاحياء ذكري ضحاياها.وانطلاقا من هذه التشريعات، فقد لوحق روجيه غارودي بسبب كتابه( الأساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية) حيث صودر الكتاب، وحكم علي غارودي بالسجن، رغم أنه أورد العديد من الشهادات لشهود عيان ومؤرخين تبطل كثيرا مما بنيت عليه الأسطورة، وخاصة الفصل الذي يحمل (أسطورة الملايين الستة) الذي بيّن فيه كيف تم اختراع هذا الرقم ومضاعفته الي ثمانية ملايين، وكيف تم تخفيضه الي عدد يتراوح بين 950 ألفا ومليون ومئتي الف.ومنذ 26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2004 يقضي الكاتب السويسري رينيه لويس بيركلاز حكما بالسجن لمدة 17 شهرا بتهمة التشكيك بالمحرقة. وفي 3 آب (أغسطس) 2005 اعتقل الكاتب البلجيكي سيغفريد فيربيكيه في احد المطارات الهولندية، بسبب تشكيكه بمذكرات آني فرانك عن المذبحة والتي تدرس في مدارس الكثير من الدول الأوروبية، ويقول فيربيكيه ان هذه المذكرات ملفقة.وفي 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 تم اعتقال المؤرخ البريطاني ديفيد ايرفينغ وهو في طريقه لالقاء محاضرة في احدي جامعات النمسا، بحجة انه القي محاضرة في جامعة لوبن جنوب النمسا عام 1989 شكك فيها بالمحرقة. وفي 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 بدأت محاكمة الكاتب الألماني ارنست ذوندل بتهمة التشكيك بالمحرقة في كتاباته. وفي 16 تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 تم ترحيل عالم الكيمياء الألماني غيرمان رودولف من أمريكا الي ألمانيا ليواجه حكما بالسجن لمدة 14 شهرا، بسبب ورقة علمية كتبها عام 1995، أثبت فيها ان بقايا الغاز (ZYKLON) الذي يفترض انه استخدم ضد اليهود في معسكر (أوشفيتز) غير موجودة أبدا.لقد سبق وأن أشرنا في هذه الدراسة الي ان تكريس الهولوكست (أكبر ابادة جماعية في التاريخ) يخدم أهداف الاستعماريين الغربيين، وعلي ذلك يبدو من الطبيعي ان تصدر العديد من دول الغرب قوانين تعاقب من يتعرض لأسطورة الهولوكست ـ نفيا أو تشكيكا. ولكن الأخطر من ذلك هو قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، فهو وان لم يكن يكتسي صفة الالزام، فانه قدّم غطاء معنويا دوليا لقوانين (مكافحة انكار المحرقة) التي أصدرتها بعض دول الغرب، وهذا في حد ذاته تعزيز للتوجه السائد في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأخري لاصدار قوانين تحد من حرية الرأي والبحث العلمي. والملفت للنظر ان كل الدول العربية والاسلامية بدون استثناء، وافقت علي قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولعل السبب في ذلك ليس هو قناعة هذه الدول بحقيقة الهولوكست، وانما ارضاء للدول والجهات التي تقف وراء هذا القرار.وفي ختام هذه الدراسة لا بد من التأكيد علي أن اليهود قد تعرضوا لعمليات ابادة واضطهاد علي يد النازيين، ولكنهم لم يكونوا وحدهم، ولم تكن أرقام الضحايا بهذه الكثرة التي يتحدث عنها الصهاينة. واذا سلمنا بالرواية الصهيونية بحذافيرها، فان معني ذلك ان البشرية كلها تصبح مدانة بتهمة اللاسامية وكراهية اليهود، وبالتالي تصبح البشرية كلها مطالبة بالاعتذار لليهود وتعويضهم ماديا من جهة، والتغاضي عن كل ما تقترفه اسرائيل (دولة اليهود ) من جرائم ضد الشعب الفلسطيني، بحيث يصبح كل نقد للممارسات العنصرية والارهابية الاسرائيلية جريمة تستحق العقاب. كاتب من فلسطين مقيم بالمغرب8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية