مدريد ـ «القدس العربي»: سيتولى جوزيب بوريل، وزير الخارجية الإسباني المؤقت، منصب الممثل الأعلى للخارجية الأوروبية، وهو منصب يمزج بين الدفاع والدبلوماسية، ويراهن كثيرون على وزن ورؤية هذا السياسي لتأكيد حضور الاتحاد في الساحة الدولية وسط التغيرات الحالية التي تهدف إلى عالم متعدد الأقطاب.
وكان توزيع المناصب في المفوضية الأوروبية عملية صعبة بسبب تعدد الأحزاب السياسية في البرلمان الأوروبي، لكن في آخر المطاف وقع تفاهم، مساء أول أمس، على أسماء وازنة أظهرت هيمنت المحور الثلاثي برلين- باريس- مدريد، حيث عادت رئاسة المفوضية إلى ألمانيا التي ستشغلها أورسولا فون دي لاين، والبنك الأوروبي إلى فرنسا، حيث ستتولى رئاسته كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي حالياً، بينما انفردت إسبانيا بتمثيلية الخارجية الأوروبية في شخص بوريل الذي سيعوض فدريكا مورغيريني.
وهناك إجماع على بوريل وسط مختلف الأحزاب الأوروبية بأنه الشخصية المناسبة لتعزيز حضور الاتحاد الأوروبي في الساحة الدولية، خاصة وأن تعيينه يتزامن مع رغبة الأوروبيين في تحقيق قفزة نوعية في هذا الشأن.
وعملياً، ينتاب الأوساط الأوروبية التخوف من فقدان مكانتها أمام سياسة الانعزال التي تنهجها الولايات المتحدة، لاسيما بعد مجيء دونالد ترامب إلى الرئاسة والمكانة التي تكتسبها الصين خلال العقد الأخير في المجال الاقتصادي والعسكري وبدأت تخطط لهيمنتها الدبلوماسية بشكل صامت.
ويعد بوريل من جيل السياسيين المخضرمين في أوروبا، فقد شارك في الانتقال الديمقراطي في إسبانيا وتولى مناصب وزارية ورئاسة البرلمان الأوروبي في الماضي.
ويعد من أشد المدافعين عن سياسة أوروبية مستقلة عن الأقطاب الكبرى، إذ يدعو إلى تنسيق عقلاني مع الولايات المتحدة دون الانجرار والانخراط في مبادراتها.
وكان من الأصوات التي وصفت دبلوماسية واشنطن في قضايا دولية بـ«دبلوماسية رعاة البقر»، فقد عارض بقوة قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، واعترض على سياستها تجاه فنزويلا، ورفض بشدة الانسحاب الأمريكي من الاتفاقية المتعددة الأطراف حول المشروع النووي الإيراني.
وخلال الأزمة الإيرانية – الأمريكية، كان من الذين قرروا سحب فرقاطة عسكرية إسبانية من الخليج العربي خلال مايو/أيار الماضي، مؤكداً أن وجود تلك الفرقاطة كان بدواع انتفت مع رهان واشنطن على الحرب.
في الوقت ذاته، يمتلك حساسية خاصة تجاه الهجرة، وينادي بضرورة التعاون مع الجنوب، وخاصة شمال إفريقيا وعلى رأسها المغرب، معالجة الظاهرة بعيداً عن المنطق الأمني. وبعلاقته بالمغرب، يعتبر من المدافعين على علاقات مغربية-جزائرية أو تكامل مغاربي يبدأ بتغليب التعاون الاقتصادي وخلق مصالح مشتركة تكون مقدمة لحل نزاع الصحراء الغربية.
وفي ظل الهجمة على الإسلام، يعتبر بوريل من السياسيين الأوروبيين الذين تصدوا للإسلاموفوبيا، فقد أدلى بتصريحاته الشهيرة خلال يناير/ كانون الثاني الماضي: «الإسلام يشكل جزءاً من المشهد العام في أوروبا، إسبانيا هي الجزء الذي دام فيه الإسلام قروناً طويلة وأعطاها ميزة خاصة في أوروبا في اللغة والهندسة والآن في الديمغرافية الإسبانية، لدينا 4٪ من المسلمين؛ 42٪ يحملون الجنسية الإسبانية، الركيزة العربية توجد في الثقافة الأوروبية، والإسلام لم يصل عبر قوارب الهجرة إلى أوروبا».