كين ليفنغستون بين التعويم والاغراق اعلاميا
د. يحيي العريضيكين ليفنغستون بين التعويم والاغراق اعلاميا لا تغيب التناقضات ولا الصراعات، هذه طبيعة الكون، وربما تكون هذه الديناميكية سر استمرار الوجود، لا حسما للصراع، هناك غلبة هناك يد أعلي انها يد الاذكي والاكثر دهاء لا الاقوي عدة وعديدا او الانقي حسبا ونسبا وقيما.تغيرت خلال ساعات موجات الهجوم الضارية علي كين ليفنغستون محافظ لندن. صدر الحكم عليه بتجميد عمله اربعة اسابيع، قال صحبه لقد طعنت الديمقراطية بالصميم، فكيف لثلاثة تشكلت منهم محكمة لم ينتخبهم احد ديمقراطيا ان يصدروا حكما علي رجل انتخبته الملايين.فتح عليه اعداؤه أبواب جهنم وأصلوه اوصافا ونعوتا لم تطلق من قبل، اعداؤه يمتلكون تأثيرا منقطع النظير علي موجات الاثير الاذاعي والتلفزيوني والصحافي. عنفوه، هزأوه، حاكموه علي جريمة كان يمكن ان يكافئوه عليها. وجريرته انه وصف صحافيا ملحاحا بأنه كحارس لاحد مراكز الاعتقال النازية. كان يمكن ان يعتبر العبارة تذكيرا بالظلم الذي وقع علي اليهود تاريخيا، لكن أعداء كين لفينغستون حسموا امرهم واصدروا حكمهم عليه منذ زمن بأنه عدو اسرائيل. فحتي لو اشاد باسرائيل ليل نهار فلن تقبل توبته ـ نقول حتي ـ فالرجل لم يعتذر لاحد لم يخطئ معه يوما.جريمة كين لفنغستون بانه لم يجعل من مهمته اضافة لرعايته لمدينة لندن، الاطراء والاشادة باسرائيل واليهود ليل نهار، بل اهتم ـ الي جانب اهتمامه بمدينته وبالاكثريات والاقليات وبالمسيحيين واليهود ـ اهتم الرجل بالمسلمين واعتبرهم بشرا مثل باقي البشر.لم آت بجديد في السطور السابقة، ولكن ما لفت نظري ودعاني لتناول هذا الموضوع هو تحول دراماتيكي في التغطية الاعلامية لمسألة كين ليفنغستون، ليس باتجاه تكثيف او تصعيد الهجوم عليه، بل علي العكس تماما أي تخفيض وانقاص الاهتمام به والسعي لسحب القصة من التداول، ومن هنا اتت المقدمة حول التفوق والغلبة للاذكي.لقد تيقن مستهدفو كين لفينغستون ان الحملة التشويهية لشخص هذا العمدة بدأت تولد غيظا وألما وحنقا عند نسبة هائلة من المجتمع البريطاني تشير الي تحكم وتسلط ممارسة القوي المتحكمة بوسائل الاعلام وقوي تغذي توجهات سياسية واعلامية معينة، مما قد يقلب السحر علي الساحر ويعكس موجة الهجوم علي الهاجمين، تتدرج آراء الناس ـ حسب استطلاعات للرأي من معاد متطرف للعمدة ليفنغستون الي مناصر متطرف له، واثر الحملة الشرسة اخذت الاطياف المندرجة بين المعادي والمناصر تميل اما نحو المحايدة تجاه الموضوع او تناصر الرجل الذي تشعر بأنه يتعرض لحملة ظالمة. من هنا اتي الانكفاء والسعي لسحب المسألة تدريجيا من التداول.يجري ذلك علي صعيد التغطية الاعلامية وموجات برمجة الرأي العام أو التأثير به. الان بدأ الضخ الاعلامي التدميري يأخذ اتجاها آخر، فالتركيز ليس علي رأس الرجل فقصة رأسه سحبت من التداول مرحليا، وبدأ تركيز النار علي عمله ومحيطه، وبدأت البرامج الهادفة تسأل المواطنين البريطانيين عن امنهم وأمانهم في مدينة لندن، عن استعداد الشرطة لمساعدتهم او انقاذهم عندما يقعون في ورطة، عن الضرائب، عن الخدمات، وكأننا امام حملة تجييشية لنسف مصداقية الرجل عبر تشويه كلما ما انجزه الرجل لمدينة لندن حتي الان.ما وراء أكمة ازاحة القصة من التداول وما يخطط من ارادوا انهاء كين ليفنغستون، ومحاولات هؤلاء لنسف سيرة الرجل أو انهاء عمله لن تتوقف ولا احد يدري اين ستصل يد المكيدة لهذا الرجل، لكن المؤكد هو ان هذا الرجل للاسف لن يبقي عمدة لندن.9