«الدولة» يستغل مناطق النزاع بين الجيش والبيشمركه في مخمور لإعادة ترتيب صفوفه وتدريب مقاتليه

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: رغم مرور عامين على إعلان الحكومة العراقية السابقة، برئاسة حيدر العبادي، تحرير الموصل، مركز محافظة نينوى الشمالية، من قبضة تنظيم «الدولة الإسلامية»، ما يزال الأخير يتواجد في أطراف المدينة التي كانت تعتبر مركزاً لـ«دولة الخلافة»، الأمر الذي ولد تخوفاً لدى أهالي نينوى من احتمالية عودة الإرهاب مجدداً إلى مناطقهم مرة أخرى.
ووفقاً لمسؤول كردي، فإن التنظيم بدأ بإعادة ترتيب صفوفه، وأنشأ معسكراً لتدريب وتأهيل مسلحيه مرة أخرى في جبل قرجوغ، القريب من قضاء مخمور (50 كم عن مركز نينوى)، والمحاذي لمحافظة أربيل (عاصمة إقليم كردستان العراق)، فضلاً عن كونه أحد المناطق المختلف عليها بين بغداد وأربيل. وقال رشاد كلالي، مسؤول لجنة تنظيمات مخمور لـ«الاتحاد الوطني الكردستاني»، في تصريح أورده إعلام الحزب إن «مجاميع داعش الإرهابية وبعد دحرها من مدينة الموصل، بدأت باللجوء إلى جبل قرجوغ لإعادة تنظيم صفوفها».

معسكر تدريب

وأضاف: «مجاميع داعش الإرهابية بدأت بإنشاء معسكر لتدريب وتأهيل الإرهابيين في منطقة كلي شر، ضمن جبل قرجوغ، بالإضافة إلى الاستفادة من الكهوف الموجودة في المنطقة»، مشيراً إلى أن «تلك المنطقة تقع بين نقاط تمركز قوات البيشمركه والجيش العراقي، وهي منطقة محرمة، لذا تستفاد المجاميع الإرهابية من عدم وجود القوات الأمنية في تلك المنطقة».
وتابع: «جبل قرجوغ مهم جداً للمجاميع الإرهابية، لأنها تستطيع التسلل من هناك إلى محافظات كركوك وصلاح الدين ونينوى لتنفيذ العمليات الإرهابية».
يأتي ذلك وسط تأكيد رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، في مؤتمره الأسبوعي، بوجود ما وصفها «فجوات واسعة» بين خط تواجد القوات الاتحادية وقوات البيشمركه، وفيما أقرّ بأن «هناك مساحات متروكة يستغلها تنظيم الدولة»، أشار إلى اتفاق يقضي بـ«غلق هذه المساحات».
في الأثناء، حذّر النائب عن محافظة نينوى، وزير التربية السابق، محمد إقبال، من تخوف أهالي نينوى من عودة «الإرهاب» مرة أخرى إلى مناطقهم.
وأضاف في تصريح لـ «القدس العربي»، أن «الأجهزة الأمنية في محافظة نينوى بحاجة إلى دعم كبير»، مبيناً أن «هناك نقصاً كبيراً في عدد الشرطة المحلية، فضلاً عن حاجة الجانب الاستخباري إلى دعم، ناهيك عن ضرورة إعادة توزيع وانتشار القطعات في هذه المنطقة».
وأكمل: «سُجلت خروقات كبيرة خلال الفترة الماضية»، مشيراً إلى أن «هناك تخوفاً من قبل الأهالي من عودة الإرهاب مرة أخرى».
وكشف الصيدلي عما وصفها «ممارسات وسلوكيات لبعض الحشود والقطعات الأمنية في نينوى تحتاج إلى إعادة تقييم»، موضّحاً: «تحدثنا في وسائل الإعلام أكثر من مرة عن هذا الموضوع، وتفاهمنا مع وزير الدفاع الجديد، ناجح الشمري، ووعدنا بإعادة تقييم القيادات الأمنية، وإعادة نشر القطعات بما يحقق مزيداً من الأمن».
وأكد أن «الحكومة المحلية معنية بمتابعة هذا الملف، لأن أي خرق سيقع في محافظة نينوى ستكون آثاره كارثية على بقية المحافظات»، منوهاً بأن «الوضع الأمني ما يزال هشاً ويحتاج إلى دعم مباشر من قبل الحكومة الاتحادية».

نائب عن نينوى: الأهالي متخوفون من عودة الإرهاب مرة أخرى… والعبادي يحذّر من بيع النصر للأجنبي

وأكمل: «من خلال لجنة تقصي الحقائق في نينوى، المشكّلة من قبل أعضاء في مجلس النواب، تم تسجيل عدد من الملاحظات على قيادات أمنية، وتم تثبيت أسماء بعض هذه القيادات، وطالبنا بتغييرها فوراً، لكن لحد الآن، لم يحدث شيء»، معتبراً أن «وجود وزيري دفاع وداخلية يدفعنا لأن نستبشر خيراً بأن تكون الأيام المقبلة أفضل».
تحالف «الإصلاح والإعمار»، المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، رأى أن «الحفاظ على النصر» أهم بكثير من تحقيق النصر، معتبراً عودة الأوضاع في نينوى إلى فترة سيطرة «الدولة» خيانة.

الحفاظ على «النصر»

وقال النائب عن «الإصلاح» علي العبودي، لـ«القدس العربي»، إن «الانتصار الكبير على تنظيم الدولة، تحقق بأنفاس المرجعية وجميع من لبى النداء في الحشد الشعبي»، مبيناً أن «الحشد الشعبي كان أشبه بالأوكسجين الذي غذى المؤسسة العسكرية التي كانت في تراجع وانهيار كبير (في حزيران/ يونيو 2014)، لكن سرعان ما عادت لنشاطها وحققت انتصارات عظيمة، بمساندة الحشد الشعبي والبيشمركه (الكردية) وجميع التشكيلات الأخرى».
وأضاف: «النصر تحقق، لكن الأصعب من ذلك هو كيفية الحفاظ على النصر»، معتبراً أن «ظاهرة الخدر والنشوة بالفوز وعدم مسك زمام الأمور بالشكل الصحيح يأخذنا نحو المجهول، ويعيدنا إلى التراجع السابق».
وكشف عن «وجود نشاط لخلايا النائمة هنا وهناك، لذلك فإن عملية (إرادة النصر) ستكون هي المعالجة النهائية»، لافتاً إلى أن «العودة إلى الفترة الماضية (إبان سيطرة تنظيم الدولة) تعتبر خيانة لدماء الشهداء».
وتزامن، أمس الأربعاء، مرور الذكرى السنوية الثانية على إعلان الحكومة العراقية السابقة «تحرير» مدينة الموصل من سيطرة «الدولة الإسلامية»، حذّر زعيم تحالف «النصر»، حيدر العبادي، من «بيع النصر للأجنبي»، مشدداً في الوقت عينه على أهمية إعادة البناء وعودة النازحين وإعمار المدن وإشاعة التعايش وتحقيق العدالة.
وقال في بيان: «تحل علينا ذكرى العاشر من تموز/ يوليو 2017، ذكرى يوم النصر العظيم بتحرير الموصل الحدباء من رجس الدواعش، أعداء الله والإنسانية والسلام»، وفيما حيّا «بطولات هذا الشعب وتضحيات مقاتليه الأبطال»، أكد بأن «معارك التحرير التي خضناها ضد الإرهاب كانت معارك وجودية للأمة والدولة، وقد كسبنا معركة استعادة الدولة ووحدة الشعب من فم الإرهاب والاستلاب، وأجهضنا خيار إسقاط العراق».
وأضاف: «لم تكن معارك التحرير معارك بندقية وحسب، بل كانت في العمق حروب إدارة فعّالة للدولة باقتصادها ومخابراتها وتوازنات سياساتها الإقليمية الدولية، وقد أثبتنا قدرة الإدارة والإرادة العراقية بكسب الحروب الشاملة المعقدة».
وطبقاً له، فإن «الإنتصار على داعش أسقط خيار الإرهاب والتوحش من أن يفترس المنطقة والعالم، وعلى المنطقة والعالم رفع القبعة للعراق وشعبه ومقاتليه، وتسديد الدين له»، معتبراً أن «الانتصار على الإرهاب كان عراقياً، ومن الحيف بيع النصر إلى الأجنبي أياً كان. لقد ساندنا العالم، وتقدمنا له بالعرفان، لكن أكدنا ونؤكد، أنَّ الدم والنصر كان عراقياً بامتياز، وأنّ مساندة العالم لنا كانت دفاعاً عن دولهم ومصالحهم أن تنهار على يد الإرهاب».
ومضى قائلاً: «بانتصارنا على الإرهاب خرجنا بدولة موحدة وشعب متماسك واقتصاد أفضل وسيادة متعافية، وكسبنا ثقة العالم بنا كدولة وإدارة سياسية قادرة على كسب الرهانات الكبرى رغم الصعوبات والمعوقات الهائلة». ووجه العبادي كلامه إلى الشعب العراقي، قائلاً : «المنجزات التي تحققت بالأمس بإرادتكم وتضحياتكم يجب أن لا تتراجع، لقد أسقطنا خيارات الإرهاب والطائفية والتجزئة والفوضى، وعلينا اليوم تطبيق نفس مسطرة الإدارة والإرادة بالتعاطي مع الدولة وملفاتها لنضمن تراكم المنجزات وتكامل الدولة».
وشدد على أهمية أن «لا نسمح للإرهاب من الاستيطان مجدداً، كما يجب أن نقف صفاً واحداً لإعادة البناء وعودة النازحين وإعمار المدن وإشاعة التعايش وتحقيق العدالة، وعلينا أن نتوحد ونقف بالضد من الطائفية وفوضى السلاح وانفلات الجماعات وارتهان الإرادة للأجنبي».
وأشار إلى أن «كسب رهان الدولة ووحدتها وسيادتها ورفاهها رهن الوحدة الوطنية والحكم الفعّال والإدارة الكفوءة للدولة»، منوهاً بأن «المحاصصة والطائفية والفوضى وارتهان الإرادة للأجنبي أقصر الطرق لفشل الدولة، وأنَّ نجاحنا يكمن بكسب معركة الدولة الموحدة الحرة القوية».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية