إسطنبول ـ «القدس العربي»: يُظهر تعامل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان مع ملفي صفقة صواريخ إس 400 الروسية، والتنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط، استراتيجية جديدة في السياسة الخارجية التركية، لا سيما مع الولايات المتحدة الأمريكية و«الناتو» والاتحاد الأوروبي.
وظهر بشكل واضح التغير في خطاب المسؤولين الأتراك الذين باتوا يذكّرون في كل مناسبة الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي «الناتو» والاتحاد الأوروبي، بموقع تركيا الجيوستراتيجي ومكانتها وأهميتها ودورها في كثير من الملفات والاتفاقيات الأمنية في المنطقة، إلى جانب ملف اللاجئين الذي يعتبر من أبرز الملفات التي لا يمكن لأوروبا أن تتخلى عن تركيا فيه.
وعلى الرغم من أن سياسة التحدي لم تغب عن استراتيجية اردوغان في تعامله مع الغرب بشكل عام منذ وصوله إلى الحكم، إلا أن الأشهر الأخيرة شهدت تعزيزاً لافتاً لهذه السياسة، إلى جانب التركيز على التلويح بأن أي دولة تعادي تركيا ستكون هي الخاسرة، متسلحاً بالاتفاقيات السياسية والأمنية والاقتصادية لتركيا مع هذه الدول، التي ترى أنقرة أن الأطراف الأخرى لا يمكنها التضحية بها.
وفي أزمة إس 400 الروسية، أصر اردوغان على إتمام الصفقة رغم التهديدات الأمريكية المتعاقبة بفرض عقوبات على تركيا، وركزت كثير من التصريحات إلى أن الولايات المتحدة لا يمكنها القيام بخطوات قاسية ضدها تدفعها للابتعاد أكثر عن الغرب والتقارب أكثر مع روسيا.
ورجح المسؤولين الأتراك أن تلجأ واشنطن إلى فرض عقوبات محدودة على أنقرة خلال المرحلة المقبلة بمقدار لا يصل إلى مستوى قطع أو تجميد علاقات أو عقوبات اقتصادية قاسية قد تؤدي إلى غضب تركي وفقدان الأمل بـ«الحليف الأمريكي» يدفعها للتوجه أكثر نحو روسيا.
وفي ظل التلويح الأمريكي بتجميد دور تركيا في برنامج صناعة وشراء طائرات إف 35 الأحدث في العالم، تلوح تركيا بأنها سوف تتجه إلى شراء طائرات حربية روسية حديثة في حال تعذر حصولها على طائرات إف 35، وهو ما تعول من خلاله أن تدفع الإدارة الأمريكية لمراجعة خطواتها في هذا الإطار، وتقدر دوائر صنع القرار في أنقرة أن يجري تجميد دور تركيا لفترة ما قبل أن تعود لتتسلم الطائرات الأمريكية.
متسلحاً بموقع بلاده الجيوستراتيجي والمصالح الأمنية
ولا يتوانى المسؤولون الأتراك لتذكير مسؤولي حلف شمال الأطلسي في كل مناسبة بالموقع الجغرافي الاستراتيجي لبلادهم، من حيث المساحة، والموقع بين قارتي آسيا وأوروبا، والسواحل الهائلة على ثلاثة بحار، والمكانة الاستراتيجية لمضيق البوسفور، وموقعها الملاصق للقارة الأوروبية، واعتبارها الجغرافيا التي تفصل بين أوروبا ودول الشرق الأوسط المضطربة وما تصده عنها من أزمات سياسية وعسكرية وأمنية وإنسانية.
وفي ملف الصراع على مصادر الطاقة في شرق البحر المتوسط، وتصدر الاتحاد الأوروبي عبر تبينه دعماً كاملاً لقبرص اليونانية، اعتمدت تركيا التحدي المباشر هذه المرة، ولأول مرة ردت على بدء قبرص اليونانية بالتنقيب عن الطاقة بدون التنسيق مع جارتها الشمالية بإرسال سفن أبحاث وتنقيب وفرض أمر واقع في المنطقة وتوفير الحماية العسكرية لسفن التنقيب عبر سفن وطائرات حربية.
ومع تنفيذ الاتحاد الأوروبي تهديداته وإعلانه رسمياً البدء بفرض عقوبات على تركيا رداً على تنقيبها في شرق البحر المتوسط، أعلنت أنقرة أن العقوبات الأوروبية «لن تدفعها للتراجع على الإطلاق»، وإنما ستدفعها لتزيد من أنشطتها، ونفذت ذلك بالإعلان عن إرسال سفينة تنقيب رابعة إلى شرقي البحر المتوسط.
وشدد وزير الخارجية، مولود جاوش أوغلو، على أن الاتحاد الأوروبي لا يرغب في فرض عقوبات على تركيا والكثير من الدول تخشى ذلك، لافتاً إلى أن الكثير من العقوبات الأخيرة شكلية، وهي نتيجة ضغط قبرص واليونان على الاتحاد وليس نتيجة رغبة أوروبية مباشرة من قيادة الاتحاد.
وسخر الوزير التركي من العقوبات الأوروبية، قائلاً: «لن نأخذ تدابير الاتحاد الأوروبي ضد تركيا على محمل الجد، لأن الاتحاد قطع المساعدات في وقت سابق قبل الانضمام، هذه أشياء بسيطة لن يكون لها تأثير علينا، وهي غير ملزمة»، مضيفاً: «الاتحاد الأوروبي وزعماؤه سيأتون مضطرين للتحاور مع تركيا، لأنه لا يوجد لديهم خيار آخر».
وتعتبر تركيا أن جميع دول الاتحاد الأوروبي مضطرة للحوار معها في ملفات تتعلق بالدرجة الأولى في ملف اللاجئين والخشية من وقوع موجة هجرة جديدة من البر والبحر التركي نحو دول الاتحاد، والتعاون في ملفات مكافحة الإرهاب، والجريمة والتهريب، بالإضافة إلى التعاون في ملفات المنطقة السياسية والأمنية على اعتبار أنها باتت طرفاً مباشراً فيها جغرافياً وسياسياً.
لا زال الوقت مبكر وبكل الاحوال تركيا لن تستطيع الوثوق ببوتين الا مرحليا وسوريا لا زالت خنجر في الخاصرة التركية فان استسلمت لروسيا فهذا يعني ان حل سوريا سيكون على حساب المعارضة واللاجئين السوريين وستخسر مصداقيتها ومع ذلك سيبقى الاكراد ومشكلتهم تقلق تركيا كذلك لانها لن تصطدم مع امريكا عسكريا