التيار الكهربائي أكبر خطر على شعبية الرئيس… وصحف مصر تلعن الظلام وبعضها يتذكر غزة على استحياء

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي» ليست الاقدار مع الرئيس عبد الفتاح السيسي على طول الخط.. فللمرة الأولى منذ حقب بعيدة تنقطع الكهرباء عن معظم المدن والقرى، حتى في زمن الحروب لم يشهد المصريون تلك الحالة.. فهل تدبر السماء شيئاً للرجل الذي اقتيد بليل مع رموز جماعته الى غياهب السجون.. هذا ما يثق فيه الاخوان وكثير من رموز السلفيين، الذين يرون ان السماء بالفعل بدأت تعد العدة لإنهاء الليل الذي دام عاماً، انتقل فيه مكتب الارشاد وآلاف من الاسلاميين من سدة الحكم الى عالم الزنازين المظلمة، في مساحات ضيقة ومعتمة لا تتيح في كثير من الأحوال للنزلاء رؤية بعضهم بعضا.. غير ان انقطاع الكهرباء على هذا النحو الكبير لم يحرج فقط الرئيس الجديد الذي وعد الشعب بان يحنو عليه، بعد ان جربت الجماهير معنى اليتم في زمن مبارك، لكن انصار النظام الجديد الذين تغنوا بنعيم مقيم سيعرف الطريق لبيت كل مواطن، وجدوا انفسهم في حرج بالغ، فما الذي يكتبه منافقو النظام في تبرير سقوط الشبكة القومية للكهرباء؟ هل اراد الرئيس توفير جو رومانسي للازواج المتشاحنين، أم ان رئيس الوزراء انتابته حالة هياج «ضميري» فقرر ارسال الكهرباء لغزة المحاصرة.. حينما تسير في شوارع القاهرة او تركب احدى حافلاتها المزدحمة قد تفاجأ بمن يهمس في اذنك وهو يتحدث عن الازمة «دا ذنب غزة واللي عملناه فيها». غير ان ناشطين على الفيسبوك كانوا اكثر شجاعة من عشرات الكتاب الذين يكتفون بمعارضة النظام في الحمام.. اشعل هؤلاء الثوار حروباً الكترونية بمناسبة الازمة الاخيرة، مشيرين الى ان السبب يعود لانتقام الهي للغزاويين. فيما ذهب معظم كتاب الصحف القومية والمستقلة للبحث عن الصدر»الحاني» الذي اغرورقت عيناه يوماً وقال «إن الشعب لم يجد من يحنو عليه».
بالطبع الظلام وسيلة قد تبدو مناسبة لعودة الوئام بين الازواج، لكن الملايين الغاضبة لا تبحث فقط عن لحظات رومانسية، فالمصانع والورش والمتاجر المتضررة التي خسرت ثروات كبيرة بسبب تردي الخدمات وانقطاع التيار تهدد في المقام الاول شعبية الرئيس، وهو ما بدا واضحاً على ألسنة عدد من كتاب الصحف الفقيرة، والمواقع الالكترونية، فيما استمرت الصحف القومية تتحدث عن حاكم بمواصفات اغريقية فائقة الاسطورة والى التفاصيل..

لهذه الأسباب الاعتذار لحماس واجب

بعد ان وضعت الحرب اوزارها في غزة لازالت بعض الاصوات تعيث في الارض فساداً وهو ما يزعج محمد حلمي قاعود في جريدة «الشعب»: «الاعتذار إلى حماس والمقاومة الإسلامية واجب، هناك سببان يفرضان الاعتذار. أولهما سفاهة بعض المنتسبين إلى الثقافة والصحافة والإعلام في وطننا البائس، والآخر موقف محمود عباس رئيس ما يسمى بالسلطة الفلسطينية، حيث حمّل حماس مسؤولية قتل ألفي فلسطيني بلا داع» . يضيف الكاتب: «بالنسبة لسفهاء بلادي فقد زعموا أن حماس استفزت العدو النازي اليهودي حين اختطفت ثلاثة من اليهود الغزاة وقتلتهم في الضفة الغربية، وهو ما جعل اليهود الغزاة يشنون حربا وحشية استمرت خمسين يوما ، ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة.ويتابع قاعود: خدام البيادة السفهاء من الإعلاميين والصحافيين والكتاب يعلمون أن حماس لم تخطف الشبان اليهود الغزاة، ولم تقتلهم، ولكنه عمل فردي قام به عدد من المنتسبين إليها من دون إذن من قيادتها، أي إنه عمل فردي لا يحاسب عليه مليونا فلسطيني، ثم ان الشبان اليهود في القدس والضفة الغربية يقتلون الشباب الفلسطيني ولا يحاسبهم أحد، ولم يكن آخرهم الصبي الفلسطيني الذي اختطفوه في القدس المحتلة وجرّعوه شراب البنزين، ثم أشعلوا فيه النار وأحرقوه حيا حتى قضى وتفحم! لم ينطق خدام البيادة عندنا بكلمة واحدة عن هذه الوحشية البشعة ، ولم يستنكروها، ولم يناشدوا رئيس السلطة الفلسطينية أن يشن حربا شاملة على اليهود الغزاة القتلة، بل تجاهلوا المسألة تماما.. خدام الدولة العسكرية في بلدنا كانوا في دفاعهم الأهوج عن العدو وحربه الوحشية بسبب الشبان اليهود الثلاثة أكثر خسة ونذالة من بعض اليهود الذين كانوا أكثر إحساسا وإنسانية».

حماس وإسرائيل هما الفائزان في الحرب على غزة

ومادمنا بصدد الحديث عن الحرب في غزة فليس بوسعنا الا ان نرصد احد الاقلام التي اعترضت على نتائجها لأنها لا تمثل انتصارا للفلسطينيين كما يرى عمرو صلاح في جريدة «التحرير»: «سقط من الفلسطينيين 2000 قتيل، أغلبهم من المدنيين، وسقط من الإسرائيليين 70، منهم 64 عسكريا تقريبا. الأمم المتحدة تقول «نحو 400 ألف من سكان غزة شُرِّدوا وأكثر من 400 طفل قتلوا»، أما البنية التحتية في غزة فتم تدمير 10600 بيت، و15 مستشفى ومحطة كهرباء، وتكلفة إعادة البناء تتراوح بين 4 و6 مليارات دولار، بينما إعادة بناء البنية التحتية في إسرائيل تحتاج إلى 11 مليون دولار! يضيف عمرو: بخلاف الأرواح لن تدفع حماس أو إسرائيل الكلفة، فإعادة الإعمار كما سبق ستقع على عاتق آخرين، أما تمويل الحرب الإسرائيلية الذي اقترب من مليارَي دولار، فقد أقر الكونغرس ما يقترب من ربع تلك الكلفة لترميم القبة الحديدية الإسرائيلية، التي تصدت لــ86٪ من صواريخ حماس. أما عن الباقى فوفقا لديفيد شينكر في «وول ستريت جورنال» فإن إسرائيل جددت مخزونها في أواخر يوليو/تموز، أي قبل بدء عملية وقف إطلاق النار، من خلال الاستفادة من عتاد حربي أمريكي بقيمة مليار دولار، وفَّرته الولايات المتحدة. ويرى الكاتب أن سكان غزة تحديدا هم من دفعوا ثمنا باهظا، بل باهظا جدا. لكن ماذا عن إسرائيل وحماس تحديدا في ما يتعلق بالمكتسبات الاستراتيجية على الأرض؟ إسرائيل ترى نفسها انتصرت، ودمرت نحو 70٪ من ترسانة الصواريخ الحمساوية، كما دمّرت اثنين وثلاثين من الأنفاق الهجومية ضد إسرائيل. أيضا نجحت إسرائيل في قتل العسكريين الأهم في حماس «أبو شمالة، والعطار، ومحمد برهوم».

دساتير مصر في خدمة الرؤساء

بات من المتعارف عليه ان تكون الدساتير التي تحكم المصريين تمنح الحكام سلطات شبه الهية، وحتى بعد الثورة ظل المصريون في انتظار دستور يليق بنضالهم فهل تحقق الحلم؟ .. محمد عبد القدوس في «الحرية والعدالة» يرى ان الامر لم يشهد ما يلفت الانظار بل الواقع يشير الى ان المصريين سينتظرون طويلاً حتى يأتي دستور يلبي مطالبهم ويحقق لهم المساواة والعدالة: «تحدثت معك عن محاولات أنصار «السيسي» تطويع الدستور ليكون الحاكم الجاثم على أنفاسنا فوق الجميع؛ وذلك بإعطائه سلطات مطلقة تجعله أقوى من كل أجهزة الدولة، بما فيها مجلس الشعب، والقضاء. يتابع الكاتب المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين: يلاحظ أن الدساتير المصرية كانت دوما في خدمة حكامها، خاصة منذ استيلاء الجيش على السلطة عام 1952، وبها مواد جميلة جدا تتحدث عن الحريات العامة وحقوق الإنسان «ومفيش أحسن من كدة»! لكنها ظلت دوما حبرا على ورق لأن الواقع كان مختلفا تماما! وبعد ثورة يناير/كانون الثاني عام 2011 الخالدة كان التوقع وفق ما يشير عبد القدوس أن تتغير الأمور نحو الأفضل والأحسن؛ فلا يكون هناك حاكم فرعون له سلطات هائلة، وأن تكون مواد الحريات وحقوق الإنسان واقعا يشهد به الجميع، لكن بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المنتخب في العام الماضي رأينا «ريما تعود إلى عادتها القديمة».. ولا يأمل الكاتب في ظل النظام الراهن ان يتحسن الوضع وان ترى امنيات الجماهير العريضه النور».

إبحثوا مع أهالي الثوار عن ابنائهم

والى قضية ظلت غائبة عن الاعلام على مدار الفترة الماضية، والخاصة باستمرار غياب العديد من المواطنين وهو ما يؤلم حسن القباني في موقع «الحريه والعدالة»: «تشكل قضية المفقودين لغزا أليما وجرحا غائرا في الأسر المصرية، بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، خاصة بعد مجزرتي رابعة العدوية والنهضة تحديدا، والتي تتحدث تقارير الحقوقيين عن تراوح أعدادهم ما بين 200 إلى 500 مفقود، يشهدون على فقد الانقلابيين للإنسانية والقيم جمعاء». ويلقي الكاتب الضوء على تجربة قاسية لأسرة أحد ضحايا المفقودين، وبعيدا عن صمود الأسرة الملهم العظيم، إلا أن الألم الإنساني كان عميقا، وإن كان يتخفى خلف ستار الصمود، فالضحية لا يعرف أحد صفته: «هل هو شهيد أم معتقل أم مصاب في أحد المستشفيات، فضلا عن أن تجارب البحث كانت قاسية وتقابل بصلف وعدوانية من بعض العاملين بالمؤسسات موضوع البحث، فضلا عن اهتمام المراكز الحقوقية بقضايا الشهداء والمعتقلين بنسبة أكبر يضيف حسن، بالتحري والبحث، نجد أن «العسكر» قرين جرائم الاختفاء القسري، ففي الفترة ما بين 25 يناير 2011 وحتى مارس/اذار العام نفسه، بلغ عدد المفقودين 1200 مفقود بحسب تقارير المراكز الحقوقية ومركز معلومات مجلس الوزراء، وقد لعبت حملات اجتماعية وقانونية دورا مهما في فضح العسكر، ولا نعلم هل وجه الدقة مصير نتائج هذه الحملات الآن في زحمة الأحداث، وبالنظر إلى ما صدر عن الجهات الحقوقية والقضائية والقانونية مؤخرا عن القضية ذاتها، فهناك شبه اتفاق على أن سجن العزولي العسكري بؤرة اختفاء قسري». كما يلقي الكاتب الضوء على حملة «المفقودون في سجون العسكر»، التي يتناول اصحابها قصصا مؤثرة عن المفقودين ومنهم عدد من الفتيات والنساء.

الحل الأمني وحده لا يكفي مع الإخوان

ونحن على ابواب عام دراسي جديد يرى الكثيرون انه سيكون عاماً ساخناً بسبب عزم الاخوان استثماره في التنديد بحكم الرئيس السيسي، وهو الامر الذي دفع الكاتب فاروق جويدة في «الاهرام» للمطالبة بالبحث عن حلول تبعد الصراع عن العام الدراسي: «لا أتصور أن يكون الحل الأمني في الجامعات هو الحل الوحيد، الذي قد تفرضه الظروف كضرورة مرحلة نعيشها، ولكن سوف يبقى الجانب الفكري والديني يمثل معركة لا مجال للتخلي عنها. إن هذا الشباب الذي ضللته أفكار خاطئة ومفاهيم مغلوطة يحتاج إلى مناخ ثقافي وتربوي وأسري يخرج به من هذه الأفكار الهدامة. وهنا يأتي دور أستاذ الجامعة في ترشيد وتوجيه وتنوير طلابه، وهذا الدور غاب تماما عن الجامعات المصرية أمام مئات الأساتذة الذين ينتمون إلى ساحات التطرف والانغلاق. لا بد أن تفتح الجامعات أبوابا للحوار مع أبنائها من الطلاب بكل توجهاتهم وتسمع منهم وتحاورهم وتأخذ بأيديهم». ويضيف الكاتب: «الطالب الذي أغلق أبواب فكره مازالت أمامه سنوات طويلة من العمر والتجارب والعمل، ولا ينبغي أن نتركه لظلمات الجهل والتخلف، واقترح أن تشهد جامعاتنا هذا العام مجموعات من اللقاءات الحوارية بين كبار المفكرين والكتاب والفنانين ورجال الدين، لكي نفتح حوارا حول مستقبل العقل المصري، على أسس من الدين الوسطي القويم والفكر المتحرر والإبداع الخلاق، هذه الندوات واللقاءات يمكن أن تكون بابا لتحرير عقول هذه الأجيال من شوائب التطرف والانغلاق، بحيث نصل إلى خطاب ديني مستنير وخطاب ثقافي واع وجامعات تعيد للعقل المصري خصوبته وانطلاقه. يجب أن تعود الجامعة إلى دورها القديم وتعيد لطلابها بل أساتذتها الإحساس بقيمة الوطن. ويرى جويده ان جيش مصر وقوات أمنها يخوضون الآن معركة شرسة ضد إرهاب الأمن، وعلى النخبة المثقفة وفي صدارتها الجامعات أن تخوض معركتها ضد إرهاب الفكر».

مصر غرقت في الظلام والحكومة لم تعرف السبب!

الى الازمة التي تؤرق كل المصريين الذين لم يعرفوا لماذا غرقوا في الظلام الدامس يوم الخميس، حينما انقطع التيار الكهربائي، وهو ما يزعج كتاب كثيرين من بينهم عماد الدين حسين، رئيس تحرير «الشروق»: «طوال خمس ساعات لم يخرج أي مسؤول كبير ليقول للناس بيانا واضحا محددا عن الأزمة. تحدثت مصادر مسؤولة عن أن سبب المشكلة هو خروج خط أسيوط سمنود عن الخدمة، وفي تفسير ثالث أن تعطل محطة النوبارية أوقف خطوط المترو، أما أغرب تفسير فهو أن مصادر في شركة كهرباء منطقة مصر الوسطى قالوا إنهم لا يعرفون سبب انقطاع التيار، وأن التعليمات عندهم ألا يتكلموا لوسائل الإعلام. مثل هذا الأداء الحكومي كارثي، وإذا كان يصلح في الستينيات، فهو لا يصلح بالمرة الآن.
اليوم هناك فيسبوك وتويتر وقنوات فضائية أجنبية، والأهم هناك متربصون كثيرون بمصر واستقرارها، وفي اللحظة التي تقع مشكلة كبرى مثل التي حدثت صباح أمس، كان ينبغي أن يخرج رئيس الوزراء او وزير الكهرباء مباشرة ليقول للناس كلاما محددا وواضحا ليوقف سيل الشائعات. ويتساءل عماد عن ان هذا الأداء المترهل هو تربة خصبة ولا يسيء إلى الحكومة فقط، بل للأسف الشديد يشكك في المستقبل بأكمله. ويرى حسين ان مثل هذا الأداء لا يمكن أن يكون مناسبا بالمرة للمشروعات القومية العملاقة التي تنوي مصر تنفيذها، وبدأت في بعضها بالفعل.عندما لا نكون قادرين على معرفة سبب انقطاع الكهرباء عن نصف مصر في لحظة واحدة غير مسبوقة لمدة خمس ساعات، فالمؤكد أن هناك خطأ كبيرا. يضيف الكاتب:عندما طال وقت انقطاع الكهرباء وسمعت العديد من شكاوى الناس وتذمرهم، والشلل الذي أصاب معظم القطاعات، تيقنت أننا نعاني وضعا مأساويا حقيقيا، لكن أكثر ما يؤلم ويحزن هو أن أجهزة ومؤسسات حكومية كثيرة ثبت للأسف أنها لم تكن على مستوى الأزمة».

لا بديل عن عزل وزير الأزمة

ومع مزيد من الهجوم على الحكومة بسبب كارثة الخميس، التي دفعت ابراهيم منصور في جريدة «التحرير» للمطالبة باستقالة وزير الكهرباء: «من دون شك فإن ما حدث أمس الخميس، من انقطاع الكهرباء في معظم أنحاء مصر ولمدة 6 ساعات، يؤكد أن الإهمال ما زال هو السائد في تعامل الحكومة في تلك الأزمة المستشرية، يضيف ابراهيم، بدلا من التعامل مع الأزمة بوضع خطط وطرح حلول وتأمين الواقع في الشبكات والمحطات، فإنه يجري التعامل مع تلك الأزمة يومًا بيوم ومن خلال الأحمال والفصل عن مناطق في أوقات مختلفة «حملا بحمل!» إلى أن حدثت الأزمة الكبرى التي لم تكن في الحسبان، وبالطبع لم يكن لها حل سريع يغطي إهمال وزارة الكهرباء والحكومة. ويؤكد الكاتب، لقد تحمل الناس انقطاع التيار الكهربائي لمدة ساعات ولعدة مرات في اليوم، وذلك بعد تفهمهم أزمة الوقود، كما تحمل الناس ارتفاع فواتير الكهرباء ويسددونها رغم انقطاع الكهرباء. وتحمل المواطنون رفع الدعم عن الوقود وارتفاع الأسعار، وذلك من أجل إصلاح الموازنة العامة للدولة، ومن أجل المشاركة في بناء دولة جديدة ونظام جديد يراعي حقوق المواطنين ومعيشتهم التي خرجوا من أجلها في ثورتين وأطاحوا بنظامين فاسدين مستبدين. الازمة كشفت إهمالا كبيرا في هذا القطاع، لم يعد يقتصر فقط على توزيع الأحمال بالنهار والليل، وإنما الأعطال الفنية والهندسية التي لم يُعمل لها حساب، رغم أنه بات معلومًا أن محطات كثيرة ستخرج من الخدمة لاعتبارات الإهمال خلال السنوات الماضية وعدم الصيانة، فضلا عن تغيير نوع الوقود. وانقطاع التيار الكهربائى بهذا الشكل هو قضية أمن قومي في الأساس كما يطالب الكاتب باستقالة وزير الكهرباء».

تأجيل الانتخابات يطلق
يد الرئيس في الحكم المطلق

ونبقى مع جريدة «الشروق» وعضو البرلمان السابق مصطفى النجار الذي يرى ان الخريطة السياسية للبلاد في الوقت الراهن تخيم عليها حالة من التخبط والعشوائية، خاصة والحديث عن الانتخابات البرلمانية لا ينتهي: «أحاديث صاخبة وأخبار متضاربة عن تحالفات انتخابية تتكون ثم تنهار، واشتراط لأحزاب مدنية عدم إشراك أحزاب وقوى سياسية أخرى في تحالفاتها خوفا من الخسارة، كان ينبغي بدء إجراءات الانتخابات البرلمانية في منتصف يوليو/تموز الماضي، فإن عددا من هذه الأحزاب نفسها صار يطالب بتأجيل الانتخابات. ومن المزح السياسية بحسب الكاتب، أن أغلب الأحزاب معترضة على قانون الانتخابات البرلمانية، الذي انفردت السلطة بوضعه وانتصرت فيه للنظام الفردي بكل مساوئه التي عرفناها، ومع كل هذه الضبابية التي لا يعرف أحد فيها موعد الانتخابات البرلمانية تتحرك هذه الأحزاب وتتطاحن لبناء تحالفات للحصول على 120 مقعدا فقط، هي محصلة المقاعد المخصصة للقائمة بنظامها الجديد، الذي جعل هذه المقاعد أقرب للتعيين، بينما لا تدري ماذا ستفعل في 80٪ من المقاعد الفردية. أما السلطة فيبدو أنها بالفعل لا تلقي بالا لهؤلاء السياسيين المشغولين بصراعاتهم وتحالفاتهم الوهمية التي لن تجني سوى السراب. شكلت السلطة منذ عدة شهور لجنة سميت لجنة الإصلاح التشريعي وأعلنت أن هدفها مراجعة القوانين وتنقيتها، كذلك اقتراح مشاريع القوانين الجديدة التي تقر بموافقة مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية وتم تسريب خبر منذ أيام عن الإعداد لتعديلات دستورية بالدستور الذي لم يمر عليه عام لزيادة صلاحيات الرئيس وعلى نمط مفهوم (مرشح الضرورة) نفسه، سميت بـ(تعديلات الضرورة) ويأتي هذا بالتوازي مع المناخ الذي تم تدجينه على مدى عام من إقصاء المعارضين السلميين وتضييق مساحات ظهورهم في الإعلام لحد المنع وتدشين حملات تشويه واغتيال معنوي وتخوين عبر أبواق بخلفية شعار (مصر في حالة حرب) الذي بناء عليه يجب أن تسكت كل الأصوات المغايرة».

متى تتم المصالحة بين الإخوان وخصومهم

كثر الكلام عن حتمية الصلح بين الاخوان ونظام الحكم من اجل لم الشمل واعادة اللحمة الوطنية.. محمود خليل في «الوطن» يرصد هذه القضية: «التجربة التاريخية تقول إن الطرفين ظلا لسنوات طويلة «راسين في طاقية». فما أكثر ما تصافق الإخوان مع الأنظمة السياسية التي حكمت مصر بعد ثورة يوليو/تموز 1952، رغم ما شاب العلاقة بينهما من توترات وصراعات ومصادمات، كانت تأخذ الشكل الدامي في بعض الأحوال، ويجد النظام الحالي في مصر رافداً له في تلك الثورة، على أكثر من مستوى. الواقع المعيش أيضاً يحمل في أحشائه عدة مؤشرات تشير إلى وجود ترتيبات أو تمهيدات من نوع ما لإحداث هذه المصالحة، من بينها المبادرات التي تظهر فجأة من هنا أو هناك، والأهم من ذلك، كما يشير خليل، الإفراج عن بعض القيادات الإخوانية أو المحسوبة على الجماعة، وبعض التصريحات التي تأتي على لسان مسؤولين، بمن فيهم صانع القرار الأول، وتحمل رسالة أن التصالح ممكن مع العناصر التي لم تحمل سلاحاً ولم ترتكب جرائم». يضيف الكاتب: «ذلك ما يقوله التاريخ وما يؤشر إليه الواقع، لكن لمنطق العقل تصاريف أخرى عند النظر إلى موضوع المصالحة بين الإخوان والنظام الحالي بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي. العقل يقول إن توقيت المصالحة عبر وولّى لعدة أسباب، أولها أن ذلك كان ممكناً قبل أزيز الرصاص وأصوات الانفجارات والدماء التي سالت. «الدم» يجعل الصلح صعباً، خصوصاً في هذا التوقيت الذي تتدفق فيه الأحداث. السبب الثاني يتعلق بالإخوان إلى حد كبير والنظام الحالي إلى حد ما، ففي عالم المفاوضات توجد قاعدة تقول إنك تتفاوض على ما حصلت عليه على الأرض، والإخوان خسرت كما يقول محمود الحزب والجماعة وانفرط عقد الصلة التاريخي بين القيادات والقواعد، والأخطر من ذلك أنها خسرت الشعبية».
أبو العز الحريري الذي
كرهه الإخوان حياً وميتاً

رحل عن عالمنا ابو العز الحريري الثائر الذي عارض نظام مبارك وكان احد المؤيدين لعزل الاخوان عن سدة المشهد مما فتح عليه ابواب الجحيم من قبل رموز الجماعة وهاهو خالد منتصر يثأر له في جريدة «الوطن» بعد ان ووري جسده التراب: «لم أندهش من شماتة السلفيين والمتأسلمين في وفاة المناضل اليساري والإنسان الجميل أبوالعز الحريري، ولكني اندهشت من سفالة اللهجة وسرعة الشماتة ودرجة فقدان الإنسانية التي وصلت إلى أدنى وأحط مستوياتها، وأندهش أكثر ممن لا يزال يصر على أن أمثال هؤلاء من الممكن أن يشاركوا في بناء وطن وأن يمارسوا سياسة وأن يكونوا حزباً، ويتساءل منتصر: كيف لمن افتقد أدنى درجات الإنسانية والمواطنة ويؤيد ذبح المخالفين في الرأي أن يضمد جراح وطن ويلملم أحزانه ويجفف دموعه؟! كيف وهو لا يعرف معنى الحزن أو الدموع أو حتى الإنسانية؟ تخيلوا مشرفاً على قناة سلفية، المفروض أنه أكثرهم ثقافة ومرونة يكتب على موقعه: اللهم إنى أسألك أن تعامل أبو العز الحريري بعدلك لا برحمتك، وانتقم منه في قبره وآخرته لكل من آذاهم! فيرد صديقه بكل الحنان والطيبة: اللهم أرِ أبو العز في قبره ما كان ينكره واحشر معه كل من ارتضى أقواله وأفعاله! حضرة السلفي المحترم بيقسم على مزاجه ويطلب من الخالق عز وجل: بلاش الرحمة دلوقتي وخلينا في العدل، وبالطبع العدل بمفهومه وهو الانتقام والتعذيب! حضرته بيتوسط وبيشترط وبيتشفى، وكمان بيتدخل في طريقة الحساب في الآخرة وبيطلبها على مقاس مزاج سيادته».

وزير الكهرباء يستحق الإقالة أم أنه بريء؟

ونعود لأزمة الكهرباء التي دفعت الكاتب والروائي جمال الغيطاني ان يخرج عن شعوره في صحيفة «الاخبار»: استمعت إلى المسؤول الأول عن الكهرباء، الوزير، حديثه متلعثم، غير واضح، كلماته مضطربة، مرة يقول إن الانقطاع الشامل جرى بسبب المناورات التي تتم لتخفيف الأحمال، هذا وزير فاشل ويجب محاسبته. لأن ما جرى أمس خطوة واسعة في طريق ينتهي بإسقاط الدولة، لقد تابعت تصريحاته أثناء ما أطلق عليه تخفيف الأحمال، ولم يكن واضحاً علي الإطلاق، أما قمة الموقف الخطير الذي يعتبر المسؤول الأول عنه، فكان بالأمس. لقد استيقظت في الصباح الباكر لأجد الكهرباء مقطوعة، والماء أيضاً، ظننت الأمر متعلقاً بتخفيف الأحمال، هذا الاستخدام اللغوي المراوغ، المزيف، لقطع الكهرباء، مما يذكرني بعبارات مثل «تحريك الأسعار» أي زيادتها، و«أزهى عصور الديمقراطية»، أي أزهي عصور الديكتاتورية، وهكذا. كنت على موعد مهم. انتظرت ساعتين وعندما طال انقطاع العنصرين الحيويين تصرفت ونزلت إلى مقصدي. في الطريق خاطبني صديق هاتفياً، قال إن الكهرباء مقطوعة عن الجمهورية بالكامل، رحت أبحث عن السبب في مواقع الأخبار فلم أجد بياناً رسمياً أو توضيحاً من الإذاعة البريطانية يقول إنه تم تشغيل الخط الأول لمترو الأنفاق. عظيم.. أخبار بلدنا نعرفها من لندن، ذكرني هذا بيوم الاثنين الأسود الذي بدأت فيه هزيمة يونيو/حزيران وكانت البيانات لا تفصح عما يجري، ولكن، في خضم الحدث المهول كانت هناك بيانات، وكان صوت أحمد سعيد يجلجل بعدد الطائرات التي أُسقطت، بالأمس لم يكن هناك شيء، كهرباء تُقطع عن بلد كامل وما من بيان يوضح السبب، هذا الغموض قلنا وأكدنا أن الشعب يُقدِّر الموقف ويثق بقيادته الوطنية، لكن في مقابل هذه الثقة يجب أن تكون هناك شفافية. ويرى جمال ان حديث وزير الكهرباء، يدفع إلى البلبلة ثم اليأس ثم ما لا يُحمد عُقباه».

ورطة مصر والسعودية في ليبيا

ونحلق بعيداً الى حيث الأزمة مع ليبيا والمعضلة التي تبحث عن حل وفق محمد خليل في جريدة «الشعب» الذي يبحث في موضوع الضربة المصرية الجوية ضد المسلحين الليبين:»التحليل المنطقي لما حدث يستبعد تماما الإمارات وطائراتها من التورط في تلك الواقعة للفرضيات الآتية.. أولا الإمارات ليس لها علاقة ولا تهتم بما يدور في ليبيا ومنطقة الشرق الأوسط إجمالا، ولا يعنيهم في شيء ما يدور فهو بعيد عنها ولم يعرف عنها أنها تورطت في أي من النزاعات بالمنطقة. ثانيا البعد الجغرافي بين ليبيا والإمارات يستبعد فرضية أن تلك الطائرات كانت إماراتية، بالإضافة الى أن الإمارات لا تهتم بالمد الإسلامي في أي من دول المنطقة تحت أي مسمى ذلك أن نظام التأشيرات لدولة الإمارات يمكنها من عمل رقابة شديدة على موانئها ومطاراتها، إضافة الى أن حدودها الجغرافية البرية مؤمنة تماما، حيث أنها تتماس مع المملكة السعودية، فلا خطر عليها من هذه الناحية، اما ثالث الاسباب التي يسوقها الكاتب في هذا الشأن أنه ليس هناك عداء تاريخي من أي نوع بين ليبيا والإمارات، فالثانية مسالمة الى أبعد الحدود، ولم يحدث أي نزاعات بينها وبين أي من جاراتها، أو أي من الدول العربية في وقت ما.. لذا يتبين لنا أن ليس للإمارات مصلحة من أة نوع في مهاجمة تجمع لأي من الجماعات الإسلامية في أي دولة بالمنطقة. ويخلص الكاتب في نهاية الامر لاتهام المملكة السعودية في العملية الجوية، التي اعتادت على خوض كل حروبها بالوكالة وبالعودة بالتاريخ للوراء قليلا نذكر كيف دفعت المملكة المليارات لصدام حسين لوقف المد الشيعي الإيراني في حرب استنزفت موارد المملكة والكويت بجانب العراق».

حسام عبد البصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أحمد - مصر:

    شكرا أستاذ حسام ، فى مقالات هذا الأسبوع ..أثلجت صدورنا بزيادة الجرعة من مقالات كتاب الكلمة الصادقة..

إشترك في قائمتنا البريدية