لندن – “القدس العربي”:
ما هو المعنى الحقيقي لعبارة “أعيدوها لبلادها”؟ تجيب صحيفة “نيويورك تايمز” في افتتاحيتها أن العبارة أصبحت رسالة لرئاسة دونالد ترامب. وتقول إن الرئيس يصر على أنه ليس عنصريا، وهذا الكلام خارج عن الموضوع وما هو مؤلم بشكل واضح ويهم الآن كثيرا هو اختياره تأطير رئاسته من خلال إثارة الكراهية العنصرية. ومهما كان يشعر في عظامه إلا أنه “محارب عنصري شره”. و “هذا هو معنى هتافات “أرسلها لوطنها، أرسلها لوطنها، أرسلها لوطنها” الذي دوت في تجمعه الإنتخابي بغرينفيل في نورث كارولينا مساء يوم الأربعاء واستهدفت في حقدها النائبة الديمقراطية عن ولاية مينسوتا إلهان عمر والتي هاجرت من الصومال. وشوه سمعتها بأنها تتاجر “بمواد معادية للسامية” وراديكالية يسارية متعاطفة مع القاعدة وتكره أمريكا وتنظر بازدراء الى الأمريكيين الذين يعملون بدأب كبير”. وتصف الصحيفة أن الرئيس وقف صامتا وسط الهتافات المعادية للأجانب التي غمرته، ومضى في حملته مهاجما النائبات الجديدات وكلهن من الملونات والتي يطلق على أفرادها باسم “الفرقة”. واقترح أن النائبة عن ميتشغان رشيدة طليب “لا تحب أمريكا” وأن ألكسندريا أوكاسيا- كوريتز النائبة عن نيويورك “تعتبر أمريكا الحديثة أنا وأنتم مجرد صندوق زبالة”.
وتشير الصحيفة إلى أن الرئيس سارع يوم الخميس بإعادة كتابة المشهد وسط الردود السلبية على ما جرى بما في ذلك انتقادات من داخل حزبه الجمهوري حيث قال: “لم أكن سعيدا ولا أوافق عليها” أي الهتافات زاعما أنه حاول قطعه من خلال الحديث بسرعة. وترى الصحيفة أن هذا “تلاعب متهور” حتى من هذا الرئيس لأنه يناقض نفسه. ونصحت الصحيفة المهتم برؤية ما جرى البحث في محرك غوغل ومشاهدة الحادث بالكامل.
وتعلق أن الرؤساء ليسوا في النهاية قديسين، وفي بلد لديه تاريخ مشكل في العنصرية فإن القادة العظام عجزوا عن الدفاع عن مبدأ أن الناس خلقوا سواسية. فأبرام لينكولن ناضل من أجل البحث عن حل لإرث الرق وقال إن الطريقة الوحيدة للتخلص منه هو شحن الأفارقة الأمريكيون إلى المستعمرات الأفريقية أو إلى وسط أمريكا. وكان ودرو ويلسون عنصريا بوضوح، وقامت إدارته بطرد الموظفين السود من المناصب المهمة وحقنت الحكومة الفدرالية بحس من التفوق العنصري الأبيض. وعارض ليندون جونسون وهو في الكونغرس أي مشروع اعترض طريقه عن الحريات المدنية ليتحول ويقاتل من أجل قانون الحريات المدنية عام 1957 وكرئيس دعم مشروعا أوسع للحريات المدنية عام 1964.
ووثق المؤرخون افتراءات جونسون العنصرية واقترح بعضهم أن الإنتهازية السياسية هي ما دفعت جونسون لتغيير موقفه لا الإيمان الحقيقي بالحقوق المدنية. ومهما كانت دوافعه إلا أنه صمد وقرر قتل قوانين جيم كراو التي تفصل بين البيض والسود. وعندما حذره المساعدون في البيت الأبيض من الدفاع عن قانون الحريات المدنية عام 1964 وأنه قضية خاسرة وأنه سيقضي على فرصه لولاية ثانية رد قائلا: “حسنا، اللعنة ما هو هدف الرئاسة إذا”. وبالمقارنة يتعامل ترامب على ما يبدو مع الرئاسة كميكرفون ضخم لإثارة الكراهية العنصرية والإثنية. فهو فقط لا يتبع سياسات تهدف لزيادة الإنقسام مثل منع المهاجرين من الدول ذات الغالبية المسلمة أو بناء جدار على الحدود مع المكسيك بل ويحاول شيطنة من يعارضون سياساته ويصورهم بالمتطرفين الذين يريدون تدمير أمريكا. وفي الحالات التي يكون فيها معارضوه من غير البيض سواء كن نائبات في الكونغرس أو قاض من أصل مكسيكي يعمل ترامب على التركيز على هذه الحقيقة. وترى الصحيفة أن الرئيس يعمل على تقسيم أمريكا على خطوط اللون واستحضار أمريكا لا مكان فيها إلا للبيض الذين عليهم منافسة غير البيض في الوظائف والثروة والأمن. ويعتقد أن هذا النهج سيقوده مرة ثانية إلى البيت الأبيض وولاية من أربع سنوات. ولا يهم عند هذه النقطة إن كان ما يحركه المصلحة السياسية الشخصية إلا أن الغضب الذي يقوم بتربيته والألم الذي يتسبب به حقيقي والضرر الذي يحدثه لن تتم إزالته إلا بعد سنين طويلة.