عندما وطأت قدما النجم الهولندي الشاب ماتيس دي ليخت مدينة تورينو، وبالتحديد مقر نادي يوفنتوس الايطالي يوم الاربعاء الماضي، تعالت صيحات الاعجاب والترحيب، رغم ان غالبيتها كانت موجهة الى مرافقه ووكيل أعماله “السوبر” مينو رايولا.
أصبح رايولا الهولندي المولد والايطالي الاصل، صاحب التأثير الاكبر في نشاطات الأندية العملاقة في سوق الانتقالات، ليلعب دورا، ربما غير مباشر، في تحديد الى أين ستذهب الالقاب في الموسم الجديد، فهو يدير أعمال أكثر من 60 نجماً كرويا، بينهم مجموعة هائلة من المواهب، لعل أبرزها الفرنسي بول بوغبا والبلجيكي روميلو لوكاكو ودي ليخت والايطالي ماركو فيراتي والحارس دوناروما ومخيتريان وماتويدي، وهو مثلما يسهل اجراءات انتقال النجوم الى الأندية المحببة له، مثل يوفنتوس، الذي تعود العلاقة معه الى التسعينات، وزادت علاقتهما متانة، منذ تعيين “السيدة العجوز” النجم التشيكي بافل نيدفيد مديرا كرويا، وهو كان من أوائل زبائنه عندما نقله الى اليوفي ليحل مكان زين الدين زيدان المغادر الى ريال مدريد في 2001، مثلما يعكر صفو الاجواء على أندية أخرى، مثلما يفعل الآن بحض نجميه بوغبا ولوكاكو على الرحيل من مانشستر يونايتد في وقت لا يريد فيه النادي الانكليزي العملاق هذا الأمر، ولهذا كانت ولا زالت علاقة رايولا ويونايتد مضطربة، حتى أيام السير أليكس فيرغسون، الذي نعت الوكيل الهولندي بـ”الخبيث” خلال احدى جلسات المفاوضات، وهو الذي قاد بوغبا الى الرحيل من يونايتد في 2012، الى يوفنتوس، ومثلما وعد النادي الايطالي انه سيكون مجانا، شرط حصوله على عمولة 25% عند بيعه لاحقاً، وهذا ما حصل في 2016 عندما عاد بوغبا الى يونايتد في مقابل صفقة قياسية عالمية حينذاك بلغت 100 مليون يورو، ليحصل على 25 مليونا عمولة.
أي صفقة يديرها رايولا يخرجها بطريقة صحيحة، فهو كان بامكانه ان ينقل موكله دي ليخت الى برشلونة، لكنه أقنعه بأنه سيهمش في ظل ضم البارسا النجم الفرنسي انطوان غريزمان ومواطنه فرنكي دي يونغ، وقد لا يلعب اساسيا في ظل وجود بيكيه ولانغليه أمامه، شارحاً انه اذا أراد أن يكون دي ليخت الأفضل في العالم عليه ان يلعب في الدوري المشهور بخططه الدفاعية وعقليته التكتيكية، ولهذا اقنعه بالموافقة على عقد لمدة خمس سنوات مع اليوفي، وأصر على أن مبلغ فك العقد لا يتخطى 150 مليون يورو، أي ضعفي ما دفعه يوفنتوس لأياكس، وأن يفعل بعد 3 سنوات من توقيع العقد.
هذه عقلية وكيل أعمال ينظر الى المستقبل، ويعلم ان مستقبل دي ليخت لن يكون في تورينو الى الأبد، وأن عليه الاستفادة ماديا من كل صفقة في كل صيف، كي يزيد من ثروته الشخصية المقدرة بـ82 مليون يورو. وهذا التخطيط الطويل الأمد لأبن مهاجر ايطالي عاش شبابه في هولندا بائعا لشطائر البيتزا، ليس غريبا عندما أنشأ شركته الخاصة بعد ممارسته اللعبة هاويا والتحاقه بشركة وكلاء لاعبين ليرى نفسه قادرا على جذب النجوم وتحصيل الأفضل لهم، بل واعتبارهم “مثل عائلتي” بحسب ما دائما يردد، فهو يقول: “ما تعلمته من نيدفيد من التزام وتفان في العمل نقلته الى زلاتان الذي يملك شخصية متمردة، مثلي، لكنه خاض مسيرة هائلة، ونقلتها اليوم الى بوغبا”. طبعا لا تخلو لائحة لاعبيه من أصحاب المشاكل على غرار النجم الايطالي ماريو بالوتيلي، الذي قال عنه رايولا: “مشكلة ماريو انه يتعامل مع موهبته الفطرية في ممارسة كرة القدم على انها أمر ثانوي ويولي اهتماماته الى مهاراته الاساسية الى الفوضى”.
لكن رايولا “البغيض” عند البعض، هو هبة من السماء عند البعض الآخر، فقبل 4 أعوام، ذهب الى منزل الحارس الايطالي الشاب جانلويجي دوناروما، وجلس مع والده واضعا أمامه مبلغ 450 ألف يورو هدية مقابل ادارة أعمال الابن، وهو يدرك أنه سيحظى بأضعاف هذا المبلغ في أول فرصة ينتقل فيها الحارس الواعد من ميلان، وهو كان قريبا من ذلك قبل عامين. ولهذا اذا أردنا أن نعرف من هم المرشحون من كبار أوروبا لاحراز الألقاب في الموسم، علينا أن نرى أين يسهر مينو رايولا اليوم.