قواتنا اقتحمت تحت جنح الظلام. لقد كانوا 12 شاباً جميعهم من خيرة أبناء البلاد، من البلدات ومن العاصمة الأبدية القدس ومن عاصمة العنصرية العفولة. القلب يتعاطف معهم ويأمل عودتهم بسلام إلى البيت. هم الآن في المعتقل، في أيدي الأغيار، ومن يعرف ماذا يُفعل بهم هناك. ثمة تقارير بأنهم مقيدون ويتحدثون عن ضربات.
وتنتشر شائعة بأنهم نقلوا إلى قبرص أو تركيا في قطار منتصف الليل السريع. ما الذي فعلوه؟ هم بالإجمال أولاد جيدون، شربوا أكثر من اللازم. مسموح لهم الاستمتاع، ومسموح لهم ذلك قبل الذهاب إلى الجيش. من حقهم أن يتحللوا قليلاً من العبء ويستمتعوا ويقضوا أوقاتهم. الشعب معهم، حتى أمهاتهم يقلن إنهم أولاد جيدون.
الرواية الإسرائيلية الثابتة تظهر في معظم التقارير التي وردت من آيا نافا: العالم كله ضدنا. نحن (مرة أخرى) الضحية. لو لم يكونوا إسرائيليين لما اعتقلهم أحد. 12 ولداً يهودياً معتقلون في المنفى. أنتم تعرفون معنى ذلك؟ معروف أنهم أولاد. لو كانوا فلسطينيين لكانوا شباباً. وكان هناك ضحية الاغتصاب شابة وليس طفلة، رغم أنها في جيلهم. ولكن لدينا نحن الإسرائيليين أبناء 16 – 19 يُعدون أطفالاً. وهل غيرنا من يحبون أطفالهم؟ لذلك، هم أيضاً أطفال الجميع. انتظروا الاستقبال الذي ينتظرهم عند عودتهم، إذا عادوا قريباً. الأطفال سيعودون إلى البيت مع رئيس البلدية وفي ميدان المدينة.
لو كانوا فلسطينيين لثبتت جريمة الاغتصاب ولكن… فلتنتظر قبرص تهمة “اللاسامية”
التقارير عن لاسامية قبرصية.. في الطريق. ومن يستطيع الاعتماد على طريقة المحاكمة القبرصية التي هي متخلفة ووحشية، ليست مثل محاكمنا الأكثر تقدمية وإنسانية في العالم. كيف يتجرأ القبارصة على اعتقال 12 طفلاً يهودياً قبل تجندهم للوحدات المختارة؟ الآباء الذين قالوا لوسائل الإعلام بأن أطفالهم في مرحلة ما قبل التجند للوحدات المختارة، حتى لم يشاهدوا السخرية الصارخة في ذلك: حقيقة أن عدداً منهم سيخدمون في الجيش الذي أساس وظيفته التنكيل بالبشر، تماماً مثلما حدث في تلك الليلة في آيا نافا، هذه الحقيقة من شأنها أن تقف لصالحهم. ربما كانت هذه الليلة هي الليلة التي تسبق التجنيد.
الضحية بالتأكيد هي التي تنكل والمتهمون هم الضحايا، كل موسيقى الجاز الإسرائيلية هي في قصة ليلة واحدة في الغرفة 723. لو كانوا متهمين باغتصاب يهودية إسرائيلية فإن القلب لم يكن ليتعاطف معهم هكذا. لكنهم متهمون باغتصاب واحدة من الأغيار، امرأة وقحة، وهذا شيء آخر. الأقوال لا تقال بصورة صريحة بالطبع، لكنها مغروسة عميقاً تحت نص التقارير، مغلفة بغلاف دقيق من المنطقية والسلامة الذي تفور تحته المشاعر الحقيقية. لو كان يمكن القول بصوت عال ما يفكر به كثير من الإسرائيليين في أعماقهم عن تلك الليلة. مزيج من الشوفينية الذكورية والتفوق القومي. هؤلاء الأطفال كانوا وظلوا ملح الأرض. هم اغتصبوا امرأة من الأغيار، والآن هم الضحية.
يبدو أن التضامن الوطني يسر القلب. فعلياً، القبلية والقومية المتطرفة ظلامية وتلقائية وعمياء وتثير الاشمئزاز. أطفالنا دائماً محقون – الشعب المختار – هم دائما الضحية. هذا هو نفس التضامن مع اليئور ازاريا ومع الجنود الذين يقومون بقنص رأس طفل ابن 10 سنوات في كفر قدوم أو شاب ابن 15 سنة يتسلق جدار الفصل قرب بيت لحم. الجنود الذي أطلقوا النار هم في نظر معظم الإسرائيليين الضحايا، وليسوا الحثالة بالضبط مثل المشتبه بهم بالاغتصاب في آيا نافا. لقد أضروا بغير اليهود، الذين يريدون تدميرنا، لذلك ما فعلوه في آيا نافا وكفر قدوم يعدّ أمراً جيداً.
لقد قيل القليل جداً في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن الضحية، الشابة البريطانية المسكينة، أو الضحايا الفلسطينيين للاغتصاب الجماعي الفظيع الآخر، المستمر بدرجة أكبر بما لا يقاس، اغتصاب الاحتلال. من شأن هذا أن يثير التعاطف مع الضحية الحقيقية، أو على الأقل يثير شكوكاً أخلاقية لدى من ارتكب الخطأ. ومن يفعل ذلك في الحالتين، في آيا نافا وكفر قدوم، هم أطفالنا الطاهرون أكثر من كل الأطفال.
بقلم: جدعون ليفي
هآرتس 21/7/2019
all the respect for you gidon levy you are hero