المونيتور: عودة القوات الأمريكية تشير لقلق سعودي من التصعيد الإقليمي

حجم الخط
0

لندن – “القدس العربي”:

يرى المعلق، الزميل الباحث في معهد بروكينغز، بروس ريدل، أن إعلان السعودية عن نشر قوات أمريكية على أراضيها يؤكد مظاهر القلق لدى الملك سلمان بن عبد العزيز من التوتر المتصاعد في المنطقة.

وقال إن عودة القوات الأمريكية إلى السعودية بعد 16 عاما من خروجها جاء ببيان صدر، السبت، وتحدث عن نشر مئات من الجنود الأمريكيين في قاعدة الأمير سلطان بن عبد العزيز الجوية خارج العاصمة الرياض. ويتزامن ذلك مع التوتر المتزايد بين إيران وحلفائها، وإدارة الرئيس دونالد ترامب والأمير محمد بن سلمان. ولم يكن نشر القوات الأمريكية في السعودية من الأمور التي تحظى بشعبية وهي من الأمور التي عارضها أسامة بن لادن، زعيم القاعدة. ويتزامن مع تخلي حلفاء بن سلمان عنه في الحرب الدائرة في اليمن.

وأشار الكاتب إلى أن الرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين ديلانو روزفلت رتب عملية بناء أول قاعدة عسكرية جوية في الظهران بالمنطقة الشرقية، وذلك أثناء الحرب العالمية الثانية. فيما أمر جون أف كيندي بنشر الطائرات القتالية الأمريكية إلى الظهران لمنع الطيران المصري من ضرب السعودية أثناء الحرب الأهلية في اليمن بداية الستينيات من القرن الماضي. أما جورج هربرت بوش، فقد أرسل نصف مليون جندي إلى المملكة عام 1990، فيما عرف بعملية “عاصفة الصحراء” لإخراج القوات العراقية من الكويت. وبقي الطيارون الأمريكيون والبريطانيون والفرنسيون بعد وقف إطلاق النار عام 1991، وقاموا بمراقبة منطقة الحظر الجوي في جنوب العراق.

وعندما دعمت إيران الإرهابيين الشيعة السعوديين في مهاجمة أبراج الخبر عام 1996، التي كان يقيم فيها الجنود الأمريكيون، قرر وزير الدفاع في حينه ويليام بيري نقلهم إلى قاعدة الأمير سلطان الجوية. ويتذكر الكاتب كيف قام بصفته مساعدا لوزير الدفاع لشؤون الشرق الأدنى بالتفاوض على تفاصيل الانتشار الجديدة والتمويل السعودي له. وبالنسبة للأمريكيين، فقد منحت القاعدة الجديدة حراسة أمنية مشددة. فعلى خلاف القاعدة الجوية في الظهران التي كانت وسط منطقة حضرية وذات غالبية شيعية، فقاعدة الأمير سلطان الجوية تقع في وسط الصحراء ومغلفة بمحاور عازلة من كل الاتجاهات.

وعنى هذا الترتيب للسعوديين ابتعاد الجنود الأمريكيين عن أنظار السكان السعوديين. فيما تظاهرت السعودية علنا أنهم خرجوا من البلاد. وفي عام 2003، خرج الأمريكيون من السعودية، مما أدى لارتياح الملك عبد الله بن عبد العزيز. فقد ذهب صدام ولم تعد هناك حاجة لعملية مراقبة الجنوب. ومن هنا فعودة الجنود الأمريكيين إلى البلاد من جديد تشير إلى حالة التصعيد الناجمة عن انتهاك الأمريكيين للاتفاقية النووية الموقعة مع إيران، وهو ما عبّد الطريق أمام صدام بين الولايات المتحدة وإيران.

ودعت الصحافة التي تتحكم فيها الحكومة إلى عملية عسكرية ردا على هجمات إيران على ناقلات النفط. وفي الوقت نفسه، تحولت الحرب السعودية في اليمن إلى مستنقع مكلف جدا؛ فصواريخ الحوثيين ضربت مناطق عدة في العاصمة الرياض وأبها في الجنوب. وحصل المتمردون على المساعدة الفنية من إيران وحزب الله. وعندما بدأت عملية عاصفة الحزم قبل أربعة أعوام، قدم العديد من حلفاء الرياض الدعم لها. وانتهى معظم ذلك الدعم.

وكان آخر شريك مهم هي الإمارات العربية المتحدة التي سحبت قواتها تاركة المملكة تترنح وحدها. ومن هنا فستجد المملكة صعوبة في إدارة التحالف الهش المعارض للحوثيين. وكان الكونغرس واضحا عندما طلب من إدارة ترامب مراجعة سياستها تجاه السعودية وبخاصة ولي العهد محمد بن سلمان. وصوت مجلس النواب الأسبوع الماضي على مشروع قرار للحد من صفقات السلاح إلى الرياض.

وسيواجه القرار فيتو الرئيس لكنه يظهر عدم شعبية المملكة، خصوصا ولي العهد، في الكابيتال هيل. وحملت المقررة الخاصة للأمم المتحدة في مجال القتل خارج القانون السعودية مسؤولية قتل الصحافي جمال خاشقجي. وبإرسال الإدارة قوات إلى القاعدة الجوية فإنها تتصرف بطريقة عكسية. وستصبح الولايات المتحدة مشاركا رئيسا في الحرب اليمنية لو تم استخدام صواريخ باتريوت للدفاع ضد الحوثيين. كما أن مخاطر سوء التقدير والتصعيد متزايدة. وربما اعتقد ولي العهد أنه قادر على الهروب من التداعيات المسمومة لتصرفاته المتهورة عبر النزاعات الكبرى، وحتى عبر نزاع إقليمي، وهو ما يستدعي عقولا حكيمة لتبريد الوضع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية