تعقيبا علي مقال حسن المودن: قبل أن يكسر المجانين بوابة العنبر
تعقيبا علي مقال حسن المودن: قبل أن يكسر المجانين بوابة العنبر كتب الناقد المغربي، الأستاذ حسن المودن، مقالاً نشرته القدس العربي بتاريخ 8/2/2006 تحت عنوانٍ تـَنازعني بأمره. فور قراءته شعور مبهم ثلثه اعجاب ونصفه استغراب، والكسر العشري المتبقي عصي علي الوصف. العنوان كان: تطبيق الأدب علي التحليل النفسي .وقد زاد من أثر العنوان في نفسي أن محرر صفحة (أدب وفن) اختار لهذا المقال خلفية تبدأ رمادية في الأعلي قبل أن تتحول تباعاً الي البياض، وهي فنية مطبعية تختصها القدس العربي ـ علي ما أحسب ـ للمقالات المعتبرة، لترفع بذلك من درامية الموضوع وتزيد من ضخ الأدرينالين في دم القارئ. لكن، لابد أن أسجل بأن أيا من هذه الجماليات اللونية لم تكن لازمة هنا، فمقال الأستاذ المودن يملك عناصر شدّ وتشويق تتركه في غني عن خلفية تائهة بين الرماد والبياض. يقدم السيد حسن المودن في مقاله رؤية يقترح عبرها استيلاداً مقلوبا للتحليل النفسي من الأدب، تماشياً مع تيار يصفه بالأقوي ينادي باستنباط النظرية النقدية من النص الأدبي بدلاً من خلع القوالب الجاهزة علي الأعمال الفنية. ولا يبدو واضحاً ما الذي يعنيه السيد المودن عندما يصف هذا التيار بالأقوي وهو يصف خصمه المعكوس، الداعي للاحتكام الي بنية نظرية معروفة سلفا في مقاربة الأعمال الروائية والشعرية، بالسائد والأكثر انتشاراً. لكن لا بأس، فليس هذا المعيار الغامض للقوة مدعاتي الأقوي لتسجيل تحفظي علي المقال المعني.ان ما يدعو للتحفظ في الواقع جملة عبارات تقريرية لابد من الاعتراف لها ـ قبل أي شيء آخر ـ بالجرأة البالغة، الا أنها، رغم تلك الخصلة الحميدة، قد تدفع العارفين بأبجدية التحليل النفسي لزمّ شفاههم وتغضين جباههم وحدج أقرب حائط متاح بنظرات ملؤها السخط وكأن الجدار هو المسؤول عمّا يُـكتب في صحيفة عربية تصدر من لندن. وحتي لا تعيقنا المقدمات طويلاً، فلعل من المناسب استدعاء واحدة من هذه العبارات اللافتة. يقول السيد المودن: ان الأدب هو أساس النظرية النفسانية فمن دون الأدب لم يكن، ربما، ممكنا تأسيس التحليل النفسي . ويبدو كاتبنا هنا وهو يمارس خلطا بارعا بين مفهوم بالغ التخصيص كالتحليل النفسي، ومصطلح أخطبوطي ممحول الأطراف وفاقدٍ للملامح كـ النظرية النفسانية . ولا أصف هذا الخلط بالبارع من باب السخرية معاذ الله، بل لأن كل ما يليه في مقال السيد حسن يتناسل من رحمه ويعتاش علي الالتباس الذي أسس له. أما الابن البكر لهذا السفاح الحرام فهو زعم كاتبنا بأنه لولا الأدب لم يكن ممكنا، ربما، تأسيس التحليل النفسي . وهذه الربما المزروعة علي استحياء بين فاصلتين تبدو وكأنها مخرج طوارئ ابتناه السيد المودن عمداً لاداركه بأن تصريحه هذا أقرب الي المغامرة منه الي التصريح.عوني بلالرسالة علي البريد الالكتروني6