ترامب 2020: رغم تقرير مولر.. اقتصاد مزدهر وسياسة خارجية ناجحة

حجم الخط
0

إن فرص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنيله ولاية ثانية في 2020 آخذة في التحسن، بخلاف التوقعات التي كانت منتشرة قبل بضعة أشهر فقط. فقد خطط الديمقراطيون لشهادة المحقق الخاص روبرت مولر في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، عن التدخل الروسي في حملة الانتخابات السابقة، أن تسحب البساط من تحت أقدام ترشيح ترامب لولاية ثانية (ولعلها تؤدي إلى تنحيته)، ولكن العكس هو ما حصل، وكما أجملت ذلك “واشنطن بوست” وهي صحيفة مناهضة لترامب على نحو واضح: “إذا كان الديمقراطيون أملوا في أن تكون الشهادة لحظة تأسيسية مهمة (للإطاحة بترامب) فقد كانت بانتظارهم خيبة أمل لاذعة”. تقديرات مشابهة نشرت أيضاً في “نيويورك تايمز”.

ثمة أعضاء كونغرس ديمقراطيون مختلفون يواصلون محاولة العمل على تنحية الرئيس، ولكن شكاً يساور ذلك. ولا يعني هذا أن ترامب خرج نقياً ونظيفاً من تقرير مولر، ولكن التهمة الأساسية، أي تعاونه النشط هو نفسه أو بقيادته الانتخابية مع روسيا – لم تثبت. إضافة إلى ذلك، وكما أشار المحقق مولر، فإنه حسب الوضع القانوني للولايات المتحدة، لا يمكن على أي حال تقديم رئيس يتولى مهامه إلى المحاكمة (هذه قاعدة موجودة أيضاً في بريطانيا وفرنسا).

وعلى حجة منتشرة أخرى ضد إدارة ترامب، أي ضحالة قدرة الحكم وانعدام أهليته، تطلق اليوم تقديرات جديدة وإيجابية أكثر. هكذا نشر مؤخراً مقالان في “فايننشال تايمز” البريطانية وهي صحيفة معادية لترامب -واحد لإدوارد لوتشا، مراسل الصحيفة للشؤون الأمريكية، والثاني لمحللها السياسي الرئيس جمال غانش -يشيران إلى أن الرئيس الذي يبدو مهزوزاً يحقق في واقع الأمر معظم أهدافه: ازدهار الاقتصاد، بفضل تقليص الضرائب الذي أقره في 2017، وهو ينجح في تعيين اثنين من مرشحيه للمحكمة العليا، وهي مهام حتى دونالد ريغان لم ينجح فيها؛ غير الاتفاقات التجارية مع المكسيك وكندا وفقاً لنواياه، وذلك السور الذي على حدود المكسيك -الخطة التي تعرضت لغير قليل من النقد- يبنى بتمويل من الميزانية. كما أنه يثبت نفسه كزعيم ناجع في مجال السياسة الخارجية، بما في ذلك الخطوات التي اتخذها ضد الصين، ومن ناحيتنا يمكن أن نضيف إلى ذلك نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وتغيير نقاط التشديد بالنسبة للنزاع الإسرائيلي–الفلسطيني. وثمة موضوع مهم آخر موضع خلاف وهو إيران، ولكن رغم أنه من السابق لأوانه أن نحكم على الأمر، ثمة مؤشرات على أن طهران، رغم مناورات استعراض العضلات من جانبها في الخليج الفارسي، ستكون هي الأولى التي ستتراجع.

صحيح أنه ليس للسياسة الخارجية بداية ونهاية، وهي مسيرة متواصلة، ولكن حتى لو انتخب مرشح ديمقراطي، ولا سيما إذا كان هذا رجل التيار المركزي للديمقراطيين مثل جو بايدن، الذي يسبق بفارق واضح المرشحين الآخرين (وترامب أيضاً)، لم تطرأ تغييرات متطرفة في معظم المواضيع آنفة الذكر. وحتى في موضوع الاتفاق النووي مع إيران، الذي كاد كل المرشحين يعلون بأنهم سيعودون إليه، لا توجد أي ضمانة في أن تكون الصيغة التي يرغبون فيها أو يمكنهم أن يختاروها هي تماماً صيغة الرئيس السابق أوباما.

لقد بدأ ترامب في هذه الأثناء حملته الانتخابية بكامل النشاط. ومحوره الدعائي المركزي هو الوضع الاقتصادي الجيد، وتشخيص الحزب الديمقراطي كله من ناحية جماهيرية كجزء من جماعته اليسارية المتطرفة (التي تنتمي إليها عضوات الكونغرس اللاإسرائيلية واللاسامية) التي لا تقبل أغلبية الأمريكيين البيض مواقفها في معظم المواضيع ذات الصلة. وكما كتب في إحدى الصحف: “كثيرون من أولئك الذين لا يتحمسون لترامب لا يرغبون في رئيس اشتراكي”. وطالما كان المرشحون الديمقراطيون يطلقون تصريحات أخرى بروح الجماعة آنفة الذكر مثلما فعل بعض المرشحين في المواجهات فيما بينهم، كتأييد الهجرة غير المقيدة تقريباً أو الأفكار الهاذية في مجال الاقتصاد والتأمين الصحي، فإن ترامب كفيل بأن يحظى بنقاط أخرى (مثلما استفاد الليكود في إسرائيل من تحالف باراك وميرتس وستاف شبير. عملياً، يجري صراع على روح الحزب الديمقراطي، كما أشار محللا الـ “نيويورك تايمز”، توم فريدمان من اليسار وبرت ستيفانز من اليمين، فإن الحزب الديمقراطي سيسير بهذه الطريقة بثبات نحو الانتحار.

لا يزال هناك وقت طويل حتى الانتخابات، والكثير من الأمور يمكن أن تتغير في الاتجاهين. كما لا ينبغي أن ننسى بأن ترامب فاز في الانتخابات السابقة بفضل أغلبية المجلس الانتخابي وليس بأغلبية أصوات الناخبين. وهذا الوضع قد يؤدي إلى تقلبات في الاتجاهين. ولكن إذا ما حاكمنا الأمور حسب المؤشرات الحالية، فإن الأمور تسير في هذه اللحظة لصالح ترامب.

بقلم: زلمان شوفال

معاريف 7/8/2019

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية