الداخلية التركية تعزل أبرز 3 رؤساء بلديات أكراد وتحذيرات من نتائج عكسية خطيرة

حجم الخط
0

أنقرة ـ «القدس العربي»: في تحرك واسع، عزلت وزارة الداخلية التركية رؤساء أبرز 3 بلديات في كبرى المحافظات التركية التي تقطنها أغلبية كردية جنوب شرقي البلاد، في خطوة أدانتها المعارضة وشخصيات سياسية عديدة في البلاد، كان أبرزها الرئيس السابق عبد الله غل، ورئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو.
وحذر مواطنون وسياسيون من أن تؤدي هذه الخطوة إلى نتائج عكسية خطيرة على البلاد وحزب العدالة والتنمية الحاكم على غرار ما جرى عقب قرار إلغاء نتائج الانتخابات المحلية في إسطنبول وإعادتها من فوز كاسح لمرشح المعارضة، أكرم إمام أوغلو.
ومنذ الساعات الأولى من صباح الإثنين، بدأت قوات الأمن التركية بحملة أمنية واسعة جرى خلالها اعتقال أكثر من 420 شخصاً أغلبهم من المنتمين إلى حزب الشعوب الديمقراطي الكردي بتهم تتعلق بارتباطهم بتنظيم «بي كا كا» وتقديم الدعم أو الدعاية له.
وحاصرت قوات كبيرة من الأمن التركي بلديات ديار بكر ومردين ووان في جنوب شرق البلاد قبل أن تصدر وزارة الداخلية بياناً موسعاً أعلنت فيه عزل رؤساء بلديات المحافظات الثلاثة المنتمين إلى حزب الشعوب الديمقراطي الكردي والذين فازوا في الانتخابات المحلية التي جرت في البلاد نهاية آذار/مارس الماضي.
وعُيّن والي ديار بكر حسن بصري غوزال أوغلو رئيساً لبلدية ديار بكر بالوكالة، كما عُيّن والي ماردين مصطفى يمان رئيساً لبلدية ماردين بالوكالة، ووالي وان محمد أمين بلماز والياً رئيساً لبلدية وان بالوكالة، وذلك استمراراً لسياسة سابقة بدأت قبل سنوات بتعيين أوصياء مقربين من الدولة في رئاسة بلديات اتهم رؤساؤها بالتعاون مع تنظيم «بي كا كا» الإرهابي.
وذكر بيان الوزارة لائحة طويلة من التهم التي تشملها التحقيقات الجارية والقضايا المرفوعة بحق رؤساء البلديات الثلاثة، ومنها «تأسيس أو إدارة تنظيم إرهابي مسلح، والعضوية في تنظيم إرهابي، والدعاية لتنظيم إرهابي». وقال البيان إن «بعض رؤساء البلديات قاموا بتسخير إمكانيات بلدياتهم بشكل غير قانوني لصالح تنظيم بي كا كا». وأضاف: «رؤساء هذه البلديات، وخلافاً للدستور والقانون، حاولوا تحويل بلدياتهم إلى نموذج إداري منفصل عن النظام القائم في البلاد، والمساس في مبدأ الدولة غير القابلة للتجزئة وسخروا الأموال والعربات واللوجستيات التابعة للبلديات لصالح دعم أنشطة إرهابية».
وفي السابق، نجح الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، في تحقيق تقدم لافت في الأصوات التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية في المناطق ذات الأغلبية الكردية، لا سيما في الانتخابات الأخيرة، وذلك من خلال اتباع سياسة تعيين رؤساء بلديات مقربين من الدولة ومنحهم إمكانيات ضخمة لتحسين الخدمات في تلك المناطق وتعزيز رغبة سكان تلك المناطق في التصويت لصالح الخدمات بعيداً عن التصويت الذي استمر لعقود طويلة بدافع الانتماء القومي.
وفي انتخابات آذار/مارس الماضي، نجح العدالة والتنمية لأول مرة في الفوز بمحافظات ذات أغلبية كردية كاسحة كمحافظتي «آغري» و«شرناق»، وذلك بعدما تمكن من تطوير الخدمات البلدية للسكان، بعد أن كانت بلديات الشعوب الديمقراطي متهمة بإهمال الخدمات لصالح تقديم الدعم لتنظيم بي كا كا، وهو ما ينفيه الحزب.
لكن في المقابل، يحذر مراقبون من مخاطر هذه الخطوة، مذكرين بتجربة ما جرى في إسطنبول بالانتخابات الأخيرة وردة فعل الناخبين السلبية جداً على قرار إعادة الانتخابات لشعورهم بتعرض إمام أوغلو للظلم وأحقيته بالفوز وهو ما مكنه من الفوز بفارق وصل إلى 10٪ من الأصوات.
واعتبرت كافة أحزاب المعارضة التركية أن هذه الخطوة مخالفة للقانون وتستهدف رؤساء بلديات منتخبين بشكل مباشر من الشعب، فيما ينفي حزب الشعوب الديمقراطي أي صلة بينه وبين تنظيم بي كا كا الذي نشرت وزارة الداخلية صوراً لقياداته قالت إنها تظهرهم وهم يشاركون في جنازات المقاتلين من بي كا كا.
واعتبر رئيس بلدية إسطنبول عن حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة أكرم إمام أوغلو أن الإطاحة برؤساء بلديات منتخبين من الشعب وتعيين مسؤولين مكانهم هو أمر لا يمكن إيضاحه على الإطلاق، مضيفاً: «لا يمكن قبول تجاهل إدارة الشعب والديمقراطية».
لكن الانتقاد جاء من رفقاء اردوغان السابقين الذين صعدوا انتقاداتهم لسياسات الحكومة واردوغان خلال الأشهر الماضية. وكتب الرئيس السابق عبد الله غل ورئيس الوزراء السابق داود أوغلو تغريدات عبر موقع «تويتر» أدانوا فيها القرار، معتبرين أن ذلك يضر بالديمقراطية في البلاد. وقال غل: «من غير الصحيح لديمقراطيتنا طرد رؤساء بلدية منتخبين من مناصبهم بهذا الشكل»، بينما اعتبر داود أوغلو أن لجنة الانتخابات هي التي كان من حقها عدم السماح لرؤساء البلديات بالترشح في حال توفرت المصوغات القانونية، أما عزلهم من مناصبهم عقب انتخابهم «هي عملية تتعارض مع روح الديمقراطية».
وبينما أشاد حزب العدالة والتنمية الحاكم بهذه الخطوة التي باركها حليف اردوغان، دولت بهتشيلي، زعيم حزب الحركة القومية، ندد حزب الشعب الجمهوري بها واعتبرها انقلاباً على الديمقراطية، كما ندد بها حزب السعادة الإسلامي معتبرها «خطوة غير قانونية».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية