تركيا بعد الانتخابات الرئاسية

حجم الخط
0

بخطاب الفوز وبعد صدور نتائج الانتخابات، سمع اردوغان مرتاحا ونبرته سلمية قياسا بخطابات سابقه، نأمل ان تكون هذه الفاتحة عاملا بتخفيف التوتر بين اسرائيل وتركيا.
ان نجاح رئيس حكومة تركيا رجب طيب اردوغان بالرئاسة من الجولة الاولى (مع 52 في المئة من اصوات الناخبين) يؤكد مكانة حزب العدالة والتنمية في السياسة التركية. اردوغان يسيطر على تركيا منذ اكثر من عقد. ويخطط للبقاء في السلطة فترتين انتخابيتين كرئيس. وكما اوضح خلال الدعاية الانتخابية لن يكتفي بالجانب الرمزي لمنصبه الجديد وانما بدور حقيقي، صحيح انه غير معروف كيف ستدار تركيا مع هكذا صلاحيات عليا. ونظرا لان البعد التنظيمي الناجح والطاعة الحزبية هم جزء من مميزات حزب العدالة والتنمية. فبالامكان القول انه ستتوفر حلول مناسبة بدون توترات.
كان موضوع غزه وعملية «الجرف الصامد» جزء من دعاية اردوجان الانتخابية ويمكن القول ان اردوجان كان سيفوز ايضا بدون الانتقادات الشديدة تجاه اسرائيل، الا ان موضوع غزه كان مريح له نسبيا. موضوع غزه وضع جانبا الاتهامات بالامور الداخلية والخارجية والتي كانت ستظهر بقوة لولا ازمة قطاع غزه. مثل ازمة الدبلوماسيين الاتراك وعائلاتهم الذين اختطفوا في العراق ولم يتم تحريرهم بعد. اضافة لذلك الموضوع الفلسطيني الذي يوحد الاتراك لذا استطاع اردوجان من خلال التركيز عليه ابعاد الاتهامات له بالتفريق الذي يتسببه لدى الاتراك.
الانتقادات الشديدة التي اسمعتها تركيا ضد اسرائيل خلال الحرب على غزة هي التي دفعت اسرائيل لعدم التعاطي مع الوساطة التركية والقطرية. هذا على العكس من جولات الصراع السابقة مع حماس. حيث لم تكن الوساطة كبيره الا ان اسرائيل لم تتحفظ عليها. بالمقارنة مع الماضي فمن الظاهر ان هذه المرة ايضا ستصاب العلاقات الاقتصادية بين اسرائيل وتركيا ستكون اكبر بفعل التراكم خلال السنوات الاخيرة (الامر بارز بموضوع السياحه، واعلنت شركة الخطوط التركيه عن الغاء ربع رحلاتها الى اسرائيل) وبرغم التوتر في العلاقات الا ان اسرائيل وتركيا نجحتا بالتنسيق فيما يخص المساعدات التركية الانسانية لغزة. وقد سمحت اسرائيل بايصال مولدات كهربائيه ووقود بالاضافة الى الطعام والدواء. وكذلك نقل مصابين من غزة لتركيا عن طريق مطار بن جوريون. والطرفان ينظران الى استخلاصات ازمة مرمرة عند التعامل مع المساعدات الانسانية. تنظيم أي اتش اتش التركي الذي كان وراء مرمرة عام 2010 رفض قرار خروج السفينة الى ما بعد الانتخابات الرئاسية في تركيا ونأمل ان تدفع استجابة اسرائيل للمساعدات الى الضغط على الحكومه التركية بعدم الاقدام على ارسال سفينة اخرى. هذا خوفا من ان يتسبب ذلك بصدام الاسطول التركي وسلاح البحرية الاسرائيلي، يشار الى ان المساعدة التركية والمشاريع مثل بناء مشفى يضمن ان تكون هذه المساعدات من اجل السكان ولا يتم استغلاله من قبل سلطة حماس.
العلاقات الاسرائيليه التركية تعرضت لازمة اخرى بعد عملية «الجرف الصامد» وليس من الواضح كيف سيخرج الطرفان من الازمة. حيث قال اردوغان انه طالما استمر في السلطة فان العلاقات بين تركيا واسرائيل لن تتحسن.ونجاحه في الانتخابات يثير الخوف تطبيق هذا الامر الذي يعني عدم تحسن العلاقات بالمستقبل القريب. وفي اسرائيل هناك نقاش عام منذ عدة سنوات حول كيفية التقدم بالعلاقات بين اسرائيل وتركي. بمعاني كثيره تبين ان من يعتقدون ان لا مجال لتطوير العلاقات بفترة حكم اردوجان قد صدقوا . بالمقابل هناك صحه بالقول ان اردوجان ليس ظاهره عابره ومن الضروري ايجاد طرق للتعاون حتى وان كان ذلك محدود.
بالوقت الحالي وعلى ضوء التحديات التي افرزتها الحرب على غزه من الظاهر ان تركيا لا يجب ان تحتل مكانه مركزيه باولويات الحكومه الاسرائيليه، والخلاصه هي ان اسرائيل تبتعد قدر الامكان عن الاحتكاك مع هذه الدوله، وقد سمع اردوغان بخطاب الفوز اكثر ليونة وتصالح بالمقارنة مع خطابات سابقة. ونامل ان يخفف ذلك ولو بقدر قليل التوتر بين اسرائيل وتركيا. وهذا الامر قد لا يتحقق نظرا لخطاباته تجاه اسرائيل بالماضي.

نظرة عليا 11/9/2014

غاليا ليندشتراوس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية