واشنطن ـ «القدس العربي»: وردت التجربة الليبية في المناقشات الرسمية الأمريكية ووسائل الإعلام مرارا اثناء الحديث حول التدخل الأمريكي المنتظر في سوريا كحكاية تحذيرية من مغبات التدخل العسكري وحدود ومخاطر مغامرات الإدارة والكونغرس ، وقد ظهرت مشاعر مماثلة من مؤسسات الرأي الأمريكية تمثل اتجاها لاستخدام ليبيا كعدسة يمكن من خلالها عرض وفهم نزاعات الشرق الأوسط مع اهتمام بتبعات التدخل العسكري الأمريكي مع حلف شمال الاطلسي للمساعدة بالاطاحة بالرئيس الليبي السابق معمر القذافي .ولكن عددا من المحللين يرون الآن بأنه يجدر على الولايات المتحدة العمل على ضمان وحدة واستقرار البلاد والاهتمام بالقضايا الليبية الداخلية والنظر إلى الأمام بدلا من الوراء .
ويعتقد المراقبون بأنه حان الوقت للادارة الأمريكية وحلفائها وسط الفوضى العارمة في ليبيا اليوم لصياغة نهج دولي تجاه البلاد لتخفيف التهديدات الفريدة التى تشكلها على الأمن العالمي وقالوا بأن المبادرة الجديدة للرئيس الأمريكي باراك اوباما حول كيفية هزيمة الجماعات الجهادية العابرة للحدود مثل « داعش» تقدم فرصة لإعادة ليبيا في سياق اقليمي أوسع حيث تعتبر ليبيا بلدا غنيا بالنفط وحيوي لسوق النفط العالمي ولها حدود مع 5 دول مهمة استرتيجيا في شمال افريقيا ومنطقة الساحل ولكن بعد اكثر من عامين من الإطاحة بالرئيس القذافي لا تملك البلاد سلطة امنية موحدة او جيش كما تفتقر الحكومة المركزية إلى السيطرة على معظم الاراضي في حين تهيمن الميليشيات على المشهد بدءا من الجماعات الإسلامية مثل «الفجر» التي اقتحمت السفارة الأمريكية في طرابلس الاسبوع الماضي إلى القوات شبه العسكرية القبلية إلى المنظمات الاجرامية المنظمة ، وقد ادى المخزون الهائل من الاسلحة في البلاد التى ينعدم فيها القانون إلى تسليح الجماعات الجهادية القريبة والبعيدة لدرجة أن الطائرات المقاتلة الليبية من عهد القذافي هي الآن في ايدي المنظمات المتشددة .
يقول المحلل الاستراتيجي احمد شاري من مجلس الاطلسي ومركز الدارسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ان الادارة الأمريكية لا تبحث بعناية في الخيارات المطروحة والافكار الموضوعة لانقاذ الموقف حيث ظهرت معسكرات سياسية متنافسة في العام الماضي لتأمين ليبيا من بينها مؤسسة راند كريستفور وجيفري مارتيني جنبا إلى جنب مع دانيال بايمان الذين فضلوا تدريب وتجهيز قوات الأمن الليبية وهي افكار مدعومة من قبل النخب العسكرية الأمريكية بما في ذلك الجنرال كارتر هام وقائد القيادة الأمريكية في افريقيا في حين ظهرت مدرسة اخرى من المعارضين للتدخل تشمل فريد هري من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي وكريم ميزران من مجلس الاطلسي ، وهي مدرسة فكرية تدعو إلى عملية « التسريح ونزع السلاح واعادة الاندماج « تقوم على مبدأ تحفيز الميليشيات سياسيا واقتصاديا لتكون جزءا من قطاع الأمن والحكومة الليبية ، ولم تبتعد هذه المدارس عن بعضها البعض في بعض الأحيان وهي تستحق القليل من الاستماع من صانعي القرار في ادارة اوباما .
ويتساءل المعسكران حاليا بصوت عال عن سبب تجاهل ارائهم بعد تدهور الوضع في ليبيا وقالوا ببساطة بأن الوقت فات لتنفيذ مقترحاتهم حيث اصبحت البلاد غير مستقرة مثل الصومال كما أصبحت ، ايضا ، غير آمنة بالنسبة للأمريكيين الذين يرغبون بتنفيذ مشاريع للإدارة على الأرض ، وهنالك شعور في طرابلس بأن فرصة المشاركة السياسية والأمنية وسط الفوضى واليأس قد تلاشت رغم استقالة رئيس الوزراء في محاولة لإنهاء الصراع الدائر حول السلطة وتكليف البرلمان المتخب لتشكيل حكومة جديدة وشاملة ، ومهما كان شكل الحكومة الجديدة فإنها ستكون كما يقول عدد من المحللين بحاجة إلى دعم الولايات المتحدة امام نية قوات « الفجر « التي تسيطر على معظم طرابلس تشكيل حكومة خاصة بها في العاصمة الليبية .
ويؤكد شاري بأن حملة اوباما ضد « داعش « تنطوي على محاولة توسعية ستستغرق سنوات لإلحاق الهزيمة بالطفرة الجهادية العابرة للحدود وهي حملة من الممكن توسيعها لعلاج المشاكل المتقيحة في ليبيا .
رائد صالحة