كيف نقرأ، كيف نفهم وكيف نفسِّر احداث الاسبوع الماضي؟. وأهمّ من ذلك: كيف نستفيد ونتعلم من هذه القراءة والفهم والتفسير؟. ضرورة التوضيح تستدعي تسجيل ملاحظة انه كان اسبوعا حافلا بالاحداث والتطورات: (1) «قمة السبعة الكبار» في فرنسا، ودعوة وزير الخارجية الإيراني للقاء الرئيس الفرنسي خلالها، والتصريح عن اقتراب (احتمال) لقاء قمة إيراني أمريكي. (2) اقتراب ناقلة النفط الإيرانية إيّاها، (بإسميها)، من الموانئ السورية. (3) اعلان الصين عن رفضها لقرار لجنة التحكيم الدولية بخصوص حقوقها على مناطق وسيادة على واحد من البحور في تلك المنطقة البعيدة/القريبة. (4) الرشوة/المنحة/القرض/الثمن للنفط، وقيمته 15 مليار دولار، لثلاثة اشهر فقط، (رُبع سنة)، الذي تتفاوض فرنسا، (ممثلة لأوروبا)، حوله مع إيران. (5) أحداث اليمن، مع التركيز على ما يجري ويستجد كل لحظة في عدن وجنوب اليمن ككل، (ولن ازيد).
كل واحد من هذه المواضيع، (وغيرها الكثير)، جدير بأن يكون عنوانا ومقالا لكاتب فلسطيني، يتابع الاحداث والتطورات، بدقة بالغة على الصعيد المحلي الفلسطيني والإسرائيلي، وبمتابعة دقيقة على الصعيد العربي، وبمتابعة عميقة، لا غنىً عنها، على الصعيد الدولي.
لكن ما ساتناوله في هذا المقال، هو الحدث الاهم، (فلسطينيا، على الاقل)، في هذا الاسبوع: المواجهة العسكرية العنيفة على حدود لبنان الجنوبية مع شمال فلسطين.
في هذا الاسبوع اثبتت إسرائيل، بالدليل القاطع، انها دولة عاقلة. تتعامل باحترام مع من يحترم نفسه. ومن «يحترم نفسه» في هذه الصحراء والخواء العربي، اسمه «حزب الله» اللبناني، وزعيمه، حسن نصرالله.
ليس صحيحا القول بان إسرائيل دولة غير عاقلة، بل الصحيح هو ان إسرائيل دولة عاقلة، بل وعاقلة جداً.
آخر الاثباتات على ذلك، هو أحداث الاسبوع الماضي، التي كشفت استيعابها الكامل، لجميع الدروس السابقة، التي لقّنها اياها «حزب الله» اللبناني وزعيمه، السيد حسن نصرالله، على مدى العقدين الاخيرين.
في بداية هذين العقدين، عام 2000، انسحب الجيش الإسرائيلي، مهزوما، من جنوب لبنان، هربا من ضربات المقاومة اللبنانية المتواصلة. تعلمت إسرائيل من تجربتها هذه، ان ثمن احتلال ارض جنوب لبنان عالٍ وغالٍ جدا: (1) من دماء جنودها، و(2) من انعكاس ذلك على المجتمع الإسرائيلي، الذي راح يتململ من بقاء ابنائه الجنود في الجيش الإسرائيلي اهدافا لبنادق ومدافع المقاومة اللبنانية والغامها وكمائنها، واصبحت حركة «الأُمهات الأربع» الإسرائيلية، رمزا وقائدا لهذا التململ.
مضت ست سنوات عجاف على الجيش الإسرائيلي، منذ انهزامه من جنوب لبنان، كانت ستة اعوام سِمان على المقاومة اللبنانية، وانتهت هذه السنوات والأعوام بمبادرة من «حزب الله»، ردا على تلكّؤ إسرائيل في الافراج عن اسرى ومختطفين لبنانيين، على رأسهم الاسير اللبناني الدرزي البطل، سمير قنطار، (الذي اغتالته إسرائيل لاحقا). ردّاً على التلكؤ والمماطلة الإسرائيلية، بادر «حزب الله» صباح يوم 12.7.2006، الى قصف وإعطاب دبابة إسرائيلية، وخطف جنديين منها، (تبيّن لاحقا انهما قتلا في تلك العملية، وأخفت المقاومة هذه الحقيقة في حينه، الى ان استكملت عملية التبادل، والافراج عن جميع اللبنانيين الاسرى والمختطفين في المعتقلات الإسرائيلية). على ان إسرائيل، في ذلك اليوم، ارتكبت حماقة الرد غير المتوازن على عملية «حزب الله» هذه، وشنّت هجوما كاسحا بالطيران على الضاحية الجنوبية من بيروت، على مَرافق لبنانية حيوية، والحقت بذلك هجوما وتوغّلا بريّا باتجاه بعض القرى في جنوب لبنان، وتكبدت خسائر فادحة، في اشتباكات مباشرة، وفي قصف متبادل طال حيفا ومناطق في مرج ابن عامر، على مدى 34 يوما، وليس «ستة ايام». (وفي هذا السياق يخطر ببالي التفكير في سر استخدامنا لتعبير «ايام العرب»، للتدليل على حروبهم، من امثال «يوم بدر» و«يوم القادسية» وما الى ذلك).
حقيقة احداث ووقائع هذا الهجوم الإسرائيلي الفاشل، الذي تسميه إسرائيل «حرب لبنان الثانية»، (وبالمناسبة: تحرص إسرائيل على تثبيت مسميات حرب، اشتباك، عملية تخريبية، عمل عدائي، وما الى ذلك، لعلاقة الأمر بنوع وحجم وكمية التعويض على المتضررين من جرّاء ذلك)، تثبت، وبالدليل القاطع ايضا، ان إسرائيل استوعبت جزئياً، وجزئياً فقط، درس هزيمة وانهزام جيش الاحتلال والاستعمار الإسرائيلي في العام 2000 من جنوب لبنان.
إسرائيل دولة وكائن حي، مثلها مثل أي كائن حي آخر. يمكن دحرها. يمكن قهرها. ويمكن لنا أن ننتظر، وأن نعمل، وأن نناضل، وأن نحقق أهدافنا الوطنية المشروعة
بعد ثلاث عشرة سنة من احداث وتطورات، تلت سنة 2006، ولأسباب إسرائيلية داخلية، ذات علاقة مباشرة لصيقة بانتخابات برلمانية هناك، اقدم رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قبل اسبوعين فقط من تلك الانتخابات، المقررة ليوم السابع عشر من الشهر الحالي، على تحريض جيشه للتحرش بلبنان، واخطر من ذلك: التحرش بـ«حزب الله». قتلت صواريخه وقذائفه اثنين من عناصر «حزب الله» جنوب دمشق، وسقطت/انفجرت طائرتان مسيّرتان إسرائيليتان، في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية، بيروت، حيث معقل وقيادة «حزب الله». كان هذا عملا عدوانيا إسرائيليا، استوجب، حقّا، ردّا من «حزب الله». وكان الرد.
إسرائيل، صاحبة اقوى ثالث او رابع جيش في العالم، سحبت جنودها وقواعدها العسكرية من الشريط الحدودي مع لبنان. وضعت شواخص واهداف لضربة قادمة من «حزب الله» للتمويه، ولامتصاص الرد العسكري المُشرّف. لكن المقاومة اللبنانية كانت اذكى من الوقوع في فخ «الاسترضاء» الإسرائيلي، وألقمت ذلك العدو ضربة دمّرت فيها ناقلة جنود، على بعد امتار من سيارة مدنية تقصدت المقاومة اللبنانية عدم ضربها. يا له من منطق وقواعد قتال مشرِّفة.
تحتفل إسرائيل، كذبا، انها لم تخسر في هذه المواجهة. تقول: ما تم الاعلان عنه الساعة 16:41 دقيقة في ذلك اليوم المشهود، من ان هناك اصابات بين قواتها وجنودها، كان لـ«التمويه» ولاعطاء «حزب الله» مبررا للتوقف عن القصف ومتابعة الهجوم!!.
ما ارادته إسرائيل من تلك الحركة السخيفة، تم تحقيقه. لكن، من قال ان جيش إسرائيل، الذي قد يكون تعداده 400 الف جندي، يمكن ان يتأثر بفقدان اثنين من ذلك العديد؟. انهما ليسا اكثر من نصف بالألف من جيش إسرائيل.
من قال ان إسرائيل أوهَن من بيت العنكبوت صدق. لكن بيت العنكبوت هذا اقوى من كل الرياح الكاذبة. لكنه اضعف من كل كفٍ صادقة مصممة.
هل لكاتب ان يسجّل تجربة، ويسرد احداث حدث عرفه وشارك فيه؟.
ان كان الجواب ايجابيا، فإنني اقول:
ليلة 22على 23.7.1981، واثناء انعقاد جلسة للقيادة الفلسطينية واللبنانية الوطنية، (برئاسة الصديق الوطني القومي اللبناني، محسن ابراهيم)، في قبو مكتب الدائرة السياسية الفلسطينية في حي الفاكهيني في العاصمة اللبنانية، بيروت، جاء ابو احميد، (قائد جهاز الكفاح المسلح في لبنان، في حينه، وقائد الارتباط مع قوات الأمم المتحدة للهدنة بين لبنان وإسرائيل)، وأسرّ في أُذن أبو عمار ما عرف لاحقا، حيث قال ابو عمار ان قائد قوات الأمم المتحدة، الجنرال كالاهان (على ما اذكر)، يقترح التوصل الى وقف اطلاق النار بين قوات الثورة الفلسطينية وحلفائها اللبنانيين من جهة، وبين الجيش الإسرائيلي.
لحظتها كان رئيس الدائرة السياسية، فاروق قدومي (ابو اللطف)، اول المشجعين لقبول هذا العرض. لكنني رفضت هذا المنطق. قلت يومها: يجدر بنا ان نستجيب لطلب إسرائيلي بوقف اطلاق النار، وليس لطلب من جهة دولية. كان الجو مكفهرا ومعاديا لما اقول. خرجت من القاعة، لحق بي الشهيد القائد سعد صايل، لاحظ انفعالي، عاد الى غرفة الاجتماع في ذلك القبو، وبعد لحظات جاءني كبير مرافقي ابو عمار وطلب الي تلبية طلب ابو عمار بالعودة الى غرفة الاجتماع. عدت طبعا. وجاء القرار من ابو عمار: ابلغوا كالاهان ان القيادة الفلسطينية اللبنانية المشتركة ستعد اجتماعا وتبلغك قرارها بعد اثنتي عشرة ساعة. في هذه الأثناء عاد ابو حميد، رحمه الله، حاملا طلب إسرائيل، رسميا وعلنيا، من كالاهان السعي لوقف اطلاق النار.
قد لا يعرف كثيرون انه في ظهيرة ذلك اليوم، 22.7. من العام 1981، اطلقت المقاومة الفلسطينية، ولأول مرة، قذيفة من مدفع 122ملم، (على ما اعتقد)، على مدينة نهاريا الإسرائيلية، شمال عكا. وكان ذلك سبب طلب إسرائيل وقف اطلاق النار.
لقد استشهد في هذه الاثناء، وتوفي، العديد العديد من القادرين على تأكيد هذه الحقيقة وتثبيتها من القادر على الشهادة على دقة هذه المعلومات؟
. لكن قائد قوة المدفعية الفلسطينية اللبنانية المشتركة، اللواء واصف عريقات، ابو رعد، ومطلق تلك القذيفة المقدسة على نهاريا، حي يرزق. بانتظار شهادته.
اخيرا.. في كلام العرب: «مين فرعنك يا فرعون؟؟». وجوابه: «ما لقيت مين يرُدْني»».
ما «فرعن» إسرائيل، هو انعدام وجود من يردّها.
فهل نعقل؟.
إسرائيل دولة وكائن حي. مثلها مثل أي كائن حي آخر. يمكن دحرها. يمكن قهرها. ويمكن لنا أن ننتظر، وأن نعمل، وأن نناضل، وأن نحقق أهدافنا الوطنية المشروعة.
كاتب فلسطيني
صدقت اخي عماد شقور وهذا هو امر القصف وهذا هو مدفع ال ١٣٠ ملم الذي قصف أهدافا عسكرية منها في نهاريا وعكا وأخيه ال ١٥٥ ملم وفرسان المدفعية ويظهر بالصورة ايضا احد مدافع ال ١٣٠ ملم أسيرا عند الصهاينة موضوعا في وسط نهاريا
المجد والخلود للشهداء ولهم نجدد العهد والقسم
وقد نشرت الوثائق على صفحتي الفيسبوك
Wasef eriqat abu rad
اعرف وحضرتك تعرف الظروف المحيطة بقضية فلسطين لكن بحساب الربح والخسارة ماذا بقي باليد سوى قبض الريح.نريد شيئا ملموسا لا وعودا كوعود عرقوب.هناك شعب اغتصب وانتهك وطرد وشتت ، لا يهمني منْ اطلق قذيفة على مستعمرة حتى توافق اسرائيل على طلب وقف اطلاق النار..ثم ماذا بعد ؟ اسرائيل اليوم تضرب الجميع ليل نهار.ساكون مع حضرتك صريحا وصادقا كاتب هذه السطور كان احد حضورمؤتمر للمقاومة العراقية عام 2004 ، وطُرح السؤال التالي : متى سيخرج الجيش الاميركي من العراق ؟ وتحدث العديد من العسكريين والمدنيين.واستاذنت للحديث وقلت ( لم تغادرالقوات الاميركية فيتنام إلا بعدما بلغ عدد قتلاها نحو ستين الفا…والقوات الاميركية لن تغادر العراق إلا اذا بلغ عدد قتلاها اكثر من ستين الفا ).وصدقت النبوءة القائمة على معطياتها..غادرت القوات الاميركية بعدما تجاوز عدد قتلاها الستين الفا ، بسبعة عشر الف قتيل آخر…طبعا هم قالوا فقط خسروا اربعة آلاف…ليقولوا ما يقولون.امريكا خسرت ( 77 ألف قتيل ) من قواتها فغادرت العراق ..رغم كل الصخب النفسي والخداع الاعلامي.هذا هوالعقـل ياسيدي.
الاخ ابراهيم
ممكن ان تسمي لي المقاومة العراقية التي حضرت المؤتمر واين هم الان