لماذا تضغط تركيا على أوروبا بقضية اللاجئين؟

حجم الخط
7

خلال الحملة الانتخابية لعلي بن يلدريم، مرشح حزب «العدالة والتنمية» لمنصب عمدة إسطنبول، ترددت طروحات جديدة اعتبرت مناهضة للاجئين السوريين في المدينة الكبرى، وسواء كان ذلك لسحب هذه «الورقة» الشعبوية التي كانت رائجة لدى خصمه، مرشح حزب «الشعب الجمهوري»، أكشرم إمام أوغلو، أم لا، فإن خسارة بن يلدريم لم توقف هذا الطرح داخل «العدالة والتنمية»، وجاءت خطوات بلدية إسطنبول لـ«تنظيم» وجود اللاجئين السوريين فيها، وطرد الآلاف منهم إلى المناطق التركية الأخرى، أو إعادتهم إلى سوريا، لتتناسق أحيانا مع اتجاه تركيّ عام، رغم جهود عديدة من مسؤولين أو صحافيين أو نشطاء أتراك لصدّ الموجة وإعادة البعض الذين أبعدوا من دون حق.
ومع تصاعد هجوم النظام السوري وروسيا وحلفائهما على أرياف حماة وحلب واللاذقية، والغارات الدموية العنيفة على أرياف ومدن محافظة إدلب ضمن ما يسمى «منطقة خفض التصعيد» حسب اتفاقات أستانة، وهروب مئات آلاف النازحين، تفاقمت إشكاليات قضية اللجوء السوري إلى تركيّا، فتناظرت حملة طرد السوريين والخطاب السياسي الشعبوي ضدهم مع الأزمة الإنسانية الكبيرة داخل سوريا نفسها وهو ما وضع الاستثمار السياسي التركي في «المسألة السورية»، وكذلك الخطاب الإسلامي والإنساني لحزب «العدالة والتنمية» في مأزق، فلا التقارب التركي مع روسيا، والمفاوضات المستمرة على مدى سنوات أمّن حماية للمدنيين السوريين في إدلب والمناطق التي تسيطر عليها المعارضة، ولا التحالف التاريخي مع أمريكا، وانتماء تركيا إلى حلف «الناتو» أوقف اعتماد الأمريكيين على ميليشيات «حزب العمال الكردستاني» ذات المسميات العديدة داخل سوريا، أو للسماح لأنقرة بالسيطرة على منطقة آمنة وواسعة بما يكفي لإعادة جزء كبير من اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيها، أو لصد خطر قوات «الكردستاني» عن الحدود التركية.
كمحاولة لفتح ثغرة في هذه القضية المركّبة بدأت أنقرة في الأيام القليلة الماضية اتباع سياستين متوازيتين، الأولى هي الضغط على واشنطن للبدء بتكريس «المنطقة الآمنة» داخل الحدود السورية، وكان آخر هذه الضغوط اتصال إبراهيم قالن، الناطق باسم الرئاسة التركية، بمستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، وحديث الرئيس رجب طيب اردوغان أمس أن بلاده عازمة على إقامة «منطقة آمنة» مع نهاية شهر أيلول/سبتمبر، وأنها مستعدة للتحرك منفردة إذا اقتضى الأمر، وتهديده أن تركيا قد تفتح الطريق إلى أوروبا أمام المهاجرين، وهو أمر قد بدأ فعلا منذ عدة أيام.
يشير تحول قضية اللاجئين السوريين إلى أداة ضغط سياسية على أوروبا إلى نفاد صبر السلطات التركية من الوعود الأمريكية المعسولة، ومن التجاهل الأوروبي للمقتلة السورية وتبعاتها الكبرى على تركيا، وهي بإعادة فتح الباب لسياسة خروج اللاجئين إلى أوروبا تعيد وضع العالم أمام مسؤولياته وتكشف تنصله من التداعيات الخطيرة لترك الجغرافيا السورية للنظام الذي يسعى لحسم المعركة على الأرض دون أيما انشغال بعداد الدم المفتوح أو بحركة الفرار البشري الهائلة من المجزرة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    لا توجد منطقة آمنة داخل الحدود السورية! الأسد أو نحرق البلد!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    على أوروبا التعاون مع الأتراك حتى لا يأتيهم فيضان بشري!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول أحمد:

    يستطيع الغرب الاستعماري الجشع أن يحل المسألة في غمضة عين، حين يغير وكيله في دمشق بوكيل آخر لديه شيء من الإنسانية فيتصالح مع الشعب السوري ويوقف سفك الدماء وهدم العمران،ويتيح المجال لعودة السوريين المهجرين. ولكن الغرب له وجهة نظر أخرى!

  4. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم رأي القدس اليوم عنوانه (لماذاتضغط تركياعلى أوروبابقضيةاللاجئين؟)
    اوروبا لا تريد تدفق جديد للاجئين السوريين إليها وهذه نقطة قوة لدى تركيا حتى تتحرك اوروبا لترشيد سياسة امريكا وروسيا وإيران في شمال سوريا.(ومع تصاعد هجوم النظام السوري وروسيا وحلفائهما على أرياف حماة وحلب واللاذقية، والغارات الدموية العنيفة على أرياف ومدن محافظة إدلب ضمن ما يسمى «منطقة خفض التصعيد» حسب اتفاقات أستانة، وهروب مئات آلاف النازحين، تفاقمت إشكاليات قضية اللجوء السوري إلى تركيّا)
    والخوف الأوروبي من فتح حدودها مع تركيا أمام اللاجئين السوريين قد تستثمره تركيا لفرض منطقة آمنة داخل سوريا بعمق عشرات الكيلومترات تستوعب مئات الآلاف من اللاجئين السوريين في اراضيها بعيدا عن وحشية النظام السوري الدموي . يعزز ذلك (حديث الرئيس رجب طيب اردوغان أمس أن بلاده عازمة على إقامة «منطقة آمنة» مع نهاية شهر أيلول/سبتمبر، وأنها مستعدة للتحرك منفردة إذا اقتضى الأمر، وتهديده أن تركيا قد تفتح الطريق إلى أوروبا أمام المهاجرين).
    ومع أن إضعاف أو إسقاط حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم هدف صهيوامريكي صفوي الا ان هذا الحزب معه أوراق قوة تحميه من كيدهم.

  5. يقول سلام عادل:

    كلام لا اهمية له فتركيا اصبحت مازومة بسبب سوريا واوربا تعلمت الدرس ولن يستطيع اردوغان ان يستغل الامر كما في السابق ولهذا يسعى بسرعة لمنطقة امنة مهما تكن مساحتها لكي يستغلها لتوطين الهاربين مستقبلا من ادلب لان روسيا لن تنتظر تركيا التي لم تقوم بواجبها بحسب التفاهمات في ادلب ولهذا اجتمع مع بوتين بعد المعارك الاخيرة لايقافها واعطاء وقت اضافي لتحضير منطقته الامنة

  6. يقول سامح//الاردن:

    *أكثر دول ساعدت اللاجئين السوريين
    الهاربين من بطش الطاغية(الاسد)
    (تركيا // الاردن // لبنان ) .
    *من الدول التي تخلت عن السوريين
    (السعودية والامارات ) .
    حسبنا الله ونعم الوكيل.

  7. يقول فؤاد مهاني - المغرب:

    في الحقيقة تركيا تتحمل ما لم تتحمله أي دولة عربية في استضافة اللاجئين السوريين بل حتى المعارضة من سورية ومصرية وغيرهما بدون أي محاولة من دولة عربية خاصة منهم دول الخليج من تخفيف هذا العبء الكبير المسلط على هذا البلد المسلم كتقديم مساعدات تخفف هذه الضغوط على هذا البلد والأنكى من ذلك تسعى إلى إضعاف تركيا والكيد لها متماهية مع أمريكا التي لا تريد حماية الشعب السوري بتكوين منطقة عازلة ومع المعارضة التركية التي استغلت ذلك سياسيا للضغط على أردوغان في الإنتخابات التركية.

إشترك في قائمتنا البريدية