من زيدان الى نيمار أبرز التعساء والسعداء بعد اغلاق الميركاتو الصيفي!

عادل منصور
حجم الخط
0

لندن – “القدس العربي” : كما جرت العادة في السنوات الماضية، نجحت الأندية الأوروبية في استغلال العرض المفتوح في اليوم الأخير لسوق الانتقالات الصيفية، بتدعيم صفوفها بدماء جديدة إما لسد الثغرات التي يعاني منها المدربون، أو لتعزيز دكة البدلاء بخيارات جديدة، وفي المقابل، فشلت أندية أخرى في تحقيق تطلعات وآمال جماهيرها، بالاكتفاء بموقف المشاهدة في آخر ساعات الميركاتو، من دون حسم الصفقات التي ظلت تتحدث عنها الصحف والمواقع الرياضية طوال فصل الصيف.

أطول مسلسل صيفي
صحيح تحطمت الأرقام القياسية على مستوى الإنفاق في الدوريات الأوروبية الكبرى، خصوصا في إنكلترا وإسبانيا وإيطاليا، لكن الشيء الملاحظ أن أغلب الصفقات الكبرى التي روّج لها الإعلام في موسم الشائعات لم تر النور، لعل أبرزها صفقة النادم الأكبر في الميركاتو نيمار جونيور، الذي فعل كل شيء ليجمع شمله بالبرغوث ليو ميسي ولويس سواريز مرة أخرى في “كامب نو”، لكن من دون جدوى، وبلغة المصريين كانت “ضربة معلم” من الرئيس ناصر الخليفي والمدير الرياضي ليوناردو، منها مارس رجل الأعمال القطري هوايته المفضلة بتوجيه ضربات موجعة لبرشلونة ومجلس إدارته، منذ بدء الحرب الباردة بينهما عندما حاول البارسا تحريض الإيطالي ماركو فيراتي على الباريسيين، لتتدهور العلاقات بضربة نيمار وما تبعها من صراعات حامية الوطيس على أبرز اللاعبين في السوق في آخر عامين، ومنها أيضا أظهر المسؤول البرازيلي حنكته وقدرته على إدارة الملفات المعقدة، وذلك في أول اختبار صعب بعد تسلمه مهمة إعادة الانضباط داخل غرفة خلع الملابس في “حديقة الأمراء”، خلفا للبرتغالي انترو هنريكي، الذي على ما يبدو لم يُقنع الإدارة القطرية بسياسة “رفاهية اللاعبين”، وبالأخص النجوم الكبار. تلك السياسة التي لم يجن منها النادي سوى الخروج العجيب من دوري أبطال أوروبا 3 مرات على التوالي من دور الـ16 بطرق لا تتكرر إلا مرة واحدة في العمر، هذا بخلاف الدرس القاسي للاعب البرازيلي، بنجاح لدرجة الامتياز في إخضاعه ووضعه تحت السيطرة، لدرجة إجباره على اختيارين لا ثالث لهما، إما بإظهار رغبة حقيقية في التضحية لاستعادة مكانه مرة أخرى في التشكيلة الأساسية، لإنقاذ مسيرته وسمعته كلاعب من الطراز العالمي، كان مصنفا ليكون الوريث الشرعي لكريستيانو رونالدو وليو ميسي في الوقت الراهن، أو يختار مواجهة المجهول، كما حدث مع المتمرد السابق أدريان رابيو، الذي قضى موسمه الأخير مع “إلبي إس جي” يتدرب منفردا، وبطبيعة الحال، أصبح اللاعب مُجبرا على الخيار الأول، إلا إذا لم يعد مكترثا بالعودة لسابق عهده، كنجم حاضر ومنافس في حفلات توزيع الجوائز الفردية المرموقة.

الرابحون والخاسرون
كما لفتنا أعلاه، يبقى باريس سان جيرمان الرابح الأكبر من تعثر صفقة إعادة نيمار إلى برشلونة، ومن أكثر الأندية الرابحة في السوق الصيفية بوجه عام، أولاً احتفظ بلاعب من الصعب تعويضه بسهولة، وقد يصنع الفارق في اللحظات الصعبة إذا تأقلم على الأمر الواقع في ما تبقى من الموسم، ثانيا وهو الأهم، عالجت الإدارة نقاط ضعف الفريق، بضم قلب دفاع واعد مثل عبدو ديالو ولاعب وسط شرس كالسنغالي إدريس غيي، بجانب صاحب الخبرات الكبيرة في حراسة المرمى كيلور نافاس والمهاجم الأرجنتيني ماورو إيكاردي، لحل معضلة الغياب شبه المتكرر للأوروغواني إدينسون كافاني منذ الموسم الماضي بداعي الإصابات المتلاحقة، آخرها انتكاسة ليلة ميتز، التي شهدت خروج ديالو ومبابي أيضا بداعي الإصابة، لذا يُمكن القول بأن الإدارة أصابت الهدف بالتعاقدات الجديدة غير المكلفة، التي ستخلص توماس توخيل من صداع كثرة الثغرات، خصوصا في الوسط والهجوم في وجود غيي وإيكاردي، فضلاً عن الاستعانة بخبرات حامي عرين أبطال دوري الأبطال 3 مرات في آخر 4 سنوات، كيلور نافاس، على أمل أن يقضي على مشاكل الفريق في مركز حراسة المرمى في المباريات الحاسمة، ما يعطي مؤشرات الى أن أثرياء عاصمة الضوء قد يتخلصون من عقدة الخروج المبكر من البطولة الحلم بالنسبة للخليفي. أما بالنظر للخاسرين من الصفقة، فيأتي في المقدمة صاحب الشأن نيمار، الذي لم يجد سوى البكاء ليخرج ما بداخله من حزن وحسرة على انهيار خطة العودة إلى بيته القديم، ونفس الأمر ينطبق على ليو ميسي، باعتباره العقل المدبر لانقلاب زميله البرازيلي على ناديه الباريسي، كما كشفت صحيفة “ليكيب” الفرنسية، عن الدور الخفي الذي لعبه البرغوث في الخفاء، برسائل مكتوبة لنيمار لحثه على العودة في أسرع وقت ممكن، لحاجة برشلونة لخدماته، وبصرف النظر عن صحة الرواية من عدمها، فتبدو من الوهلة الأولى انها منطقية نوعا ما، لحاجة ميسي قبل برشلونة للاعب حاوي قادر على تقديم الدعم في الوقت المناسب، أو بالأحرى لاعب قادر على انتشال الفريق من براثن الضياع في الأوقات العصيبة، لذا يُمكن إدراج هدف الليغا وبرشلونة التاريخي ضمن قائمة الخاسرين من الصفقة، تماما مثل مدربه ارنستو فالفيردي، الذي كان يُمني النفس بالحصول على جوهرة بقيمة الابن العاق، على الأقل كورقة مخيفة للمنافسين سواء على المستوى المحلي أو القاري، بإعادة مثلث MSN  مدعوما بالعطر الفرنسي المتمثل في الأنيق أنطوان غريزمان والقطار السريع عثمان ديمبيلي، إذا ابتعدت عنه الإصابات، لكن في النهاية لم يمنحه القدر تلك الفرصة النادرة، ليكون أكثر التعساء بفشل الصفقة.

خاسرون وعائدون
واحد من أكثر الخاسرين في الميركاتو الصيفي، هو الفرنسي بول بوغبا، الذي عاش على أمل الهروب من سفينة النرويجي أوليه غونار سولشاير وبدء حياة جديدة في مشروع مواطنه زين الدين زيدان في “سانتياغو بيرنابيو”، إلا أنه استفاق في النهاية على كابوس إجباره على البقاء مع الشياطين الحمر، رغم إجهاره برغبته في الرحيل، وأكثر منه وكيله مينو رايولا، بتفنن ماكر في وضع المدير التنفيذي إد وودوارد في موقف محرج أمام الجماهير، بالتأكيد في عشرات المقابلات الصحافية، أن الجميع داخل “أولد ترافورد” يعرف جيدا أن موكله لم يعد يريد الاستمرار مع النادي، مع ذلك، لم يكترث المسؤول البارز في عملاق الإنكليز على المستوى المحلي بتصريحات الوكيل الإيطالي، وأصر على موقفه، بوضع شروط تعجيزية أمام رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز لتمرير الصفقة، إذ يُقال إنه أراد حوالي 170 مليون جنيه إسترليني لإطلاق سراح بطل العالم من مسرح الأحلام، وهو ما عجل بانسحاب رجل الأعمال الإسباني من الصفقة، لعدم اقتناعه بدفع مبلغ كهذا في لاعب وسط محوري، ورغم أنه محق في رأيه، لكن تعثر الصفقة، أصاب اللاعب بخيبة أمل مريرة، نلاحظها كلما أتيحت له فرصة ارتداء قميص النادي، ويتجلى ذلك في تربص الجماهير معه، وكأنهم ينتظرون منه أي هفوة أو خطأ، لجلده وتوبيخه، على عكس وضعه قبل يخسر شعبيته لدى الجماهير، بتكرار نغمة الحديث عن رغبته في الرحيل، التي حّولته من النقيض إلى النقيض. من لاعب يحظى بدعم لا يُصدق من الجماهير، لدرجة الانحياز له في صراعه مع المدرب السابق جوزيه مورينيو، وخلق الأعذار والمبررات لعدم ظهوره مع الفريق بالصورة المطلوبة والمنتظرة منه، من نوعية خطأ توظيفه بالاعتماد عليه في مركز غير مركزه وأنه كان يلعب تحت ضغط نفسي لا يُطاق، والآن أصبح لاعبا منبوذا بالمعنى الحرفي للكلمة، وهذا يُعيدنا لأساس المشكلة، بإصرار إد وودوارد على الإبقاء على اللاعب، في قرار مثير للجدل كان من الممكن تفاديه، بالموافقة على إرساله إلى ريال مدريد بمبلغ واقعي، بدلا من ظهور اليونايتد في الوقت الراهن في صورة أحد الأطراف الخاسرة من عرقلة الصفقة، نظرا للمستوى الباهت الذي يقدمه بوغبا مع الفريق، وكأنه يتعمد معاقبة الإدارة على قرار إجباره على البقاء، واستمرار الوضع كما هو عليه لنهاية الموسم، قد يساهم في هبوط قيمته السوقية لأدنى مستوى منتصف العام المقبل، الذي سيتزامن مع دخوله موسمه الأخير في عقده مع النادي، ما قد يُلزم الإدارة على تقديم تنازلات كبيرة للاستفادة منه قبل أن يرد لهم الصاع صاعين بموجب قانون بوسمان، على غرار ما حدث مع الدنماركي كريستيان إريكسن، بعد مبالغة رئيس توتنهام في بيعه للريال في صيف 2018، بنفس طريقة تعامل اليونايتد مع الريال في ملف الدولي الفرنسي. في النهاية وصل بدانييل ليفي الحال ليعرض بضاعته على الريال، كما ذكر بعض التقارير، عن قيامه بالاتصال بعملاق الليغا لعرض لاعب أياكس السابق عليهم، وكان ردهم “أغلقنا الصفحة”، والآن يواجه كابوس خسارة لاعبه بدون مقابل بعد انتهاء عقده الصيف المقبل، لذا قد يتكبد اليونايتد نفس الخسائر وربما أكثر في المستقبل، لكنها تبقى خسائر مادية، أما على مستوى الخسائر الفنية، فكل المؤشرات تظهر أن وضع اللاعب يسير من سيئ إلى أسوأ، والسبب حالته المزاجية غير الجيدة بعدما بدأ يشعر باقتراب خطوة تجديد الحياة مع أشهر ناد في العالم.
لا شك أبدا أن زيدان أبرز وأكثر الخاسرين على ضياع التوقيع مع مواطنه، لحل صداع الاختيارات المحدودة في وسط الملعب المتهالك في وجود الثلاثي المحظوظ كاسيميرو وتوني كروس ولوكا مودريتش. حتى أول ثلاث مباريات في الليغا وقبلها المباريات التحضيرية للموسم الجديد، أظهرت حاجة الفريق للاعب وسط محوري، قادر على مساعدة كاسيميرو على وضع حد لمسلسل سهولة اختراق الوسط والدفاع من العمق، التي كشفها أتلتيكو مدريد في فضيحة السباعية النكراء، وبسببها اضطر زيدان لتعديل إستراتيجيته باللعب بثلاثة في قلب الدفاع. والأمر المحبط بالنسبة لزيدان، بحسب التقارير الصحافية المدريدية، أن الميركاتو أغلق من دون أن تدعمه الإدارة بلاعب جديد في المركز الذي وضعه كخيار أول في قائمة المطلوبين في مشروعه الجديد، خاصة أنه حدد بدائل لبوغبا، مثل إريكسن وبرونو فرنانديز لاعب سبورتنغ، لكن في النهاية لم يسمع أحد بذوي القنابل التي لمح إليها في حديثه مع الصحافيين قبل مباراة فياريال الأخيرة، على طريقة المقولة الشهيرة “تمخض الجبل فولد فأرا”، باستبدال نافاس مع ألفونسو أريولا في اليوم الأخير، من دون أن تلبي الإدارة رغبته الأولى بتدعيم مركز الارتكاز بلاعب من الطراز العالمي، لكنه من جهة أخرى، كان في قمة حظه، باستفاقة الويلزي غاريث بيل من سباته، بعودة لا تصدق على أرض الملعب، بعدما كان على رأس المنبوذين والمعروضين على لائحة البيع، وأثبت ذلك بتقمص دور رونالدو في اختبار “لا سيراميكا” الصعب أمام الغواصات الصفراء، فقط ينقصه المواصلة ليُحرج الجماهير ويكسب ثقتهم رويدا رويدا، إذا فعلها سيكون أشبه بالصفقة الجديدة أو هدية السماء إلى زيدان وجماهير الريال. وبوجه عام، ما قدمه بيل مع الفريق في الآونة الأخيرة، أثبت أنه من أكثر الرابحين بحصوله على فرصته الأخيرة مع زيزو والميرينغي.

أكثر السعداء
من الصعب غض النظر عن اللقاء العاطفي الأول غير المباشر بين كيليان مبابي وبين ريال مدريد وجماهيره، بدأ بمغازلة من زيزو، بتفضيله على نيمار في تصريحات صحافية بعد عودته في الولاية الثانية، وبلغ الذروة عندما فتح اللاعب اليافع الباب للملكي في حفل توزيع الجوائز في فرنسا، باعتراف لا لبس فيه عن استعداده لخوض تجربة أكثر شغفا من تجربته الحالية، وهو ما جعله الخيار الأول بالنسبة لمشجعي الريال في جُل الاستفتاءات الخاصة بالتصويت على “غالاكتيكوس” المستقبل، ويقال في بعض الصحف الفرنسية، إنه اتفق مع مسؤولي الريال على بدء مفاوضات خروجه من “حديقة الأمراء” الصيف المقبل، حيث سيكون توقيتا مثاليا قبل انتهاء عقده بعامين، بعدما يُمهد الطريق بإخطار الإدارة صراحة في الوقت المناسب بعدم رغبته في التجديد، وإلى أن تأتي تلك اللحظة، ستبقى أسهم صاحب الـ20 عاما في الارتفاع بنسبة كبيرة، كما سترتفع قيمته السوقية كلما تزايدت القصص والروايات عن خطة ذهابه إلى البيرنابيو، لذا يبدو واضحا أن مبابي ربح الكثير هذا الصيف، بوضع حجر أساس تحويل حلم الطفولة إلى حقيقة العام المقبل، بينما على مستوى الأندية، فهناك وفرة في الرابحين، يأتي في المقدمة أتلتيكو مدريد، الذي قام بميركاتو تاريخي، بضم ثمانية مواهب بأعمار أصغر من الثمانية الكبار الراحلين، وفوق كل هذا، خرج بحجم انفاق أقل من عوائد بيع لاعبيه، رغم أنه كسر الرقم القياسي على مستوى الإنفاق، والآن بدأ التشولو دييغو سيميوني يجني الثمار، باعتلاء صدارة الليغا بفارق 5 نقاط عن ريال مدريد وخمسة عن بطل آخر عامين، تماما بنفس البداية الموفقة في موسم إنهاء احتكار البارسا والريال في موسم 2013-2014، يتبقى فقط إظهار قدرته على الاحتفاظ بفارق النقاط مع زيدان وفالفيردي. رابح آخر؟ الإنتر بكونتي ولوكاكو والضربة الأخيرة باستعارة أليكسيس سانشيز والتخلص من إيكاردي، ويظهر بوضوح الفارق الكبير بين بصمة ملك الغرينتا وكل من سبقه في الإدارة الفنية للأفاعي، وإذا استمر على هذا المنوال، حتما سيضايق يوفنتوس في الصراع على اللقب التاسع على التوالي، لا ننسى أن اليوفي نفسه، من أكثر الرابحين في الميركاتو، باستكمال خطة إعادة هيكلة ونمط الكرة في النادي بعد قفزة كريستيانو رونالدو العام الماضي، وهذا العام بخطف ماتياس دي ليخت من أنياب البارسا وباريس سان جيرمان، مع استغلال مثالي للهدايا المجانية كالعادة بتوفير خيارات عدة في الوسط بضم أدريان رابيو وآرون رامزي في صفقة انتقال حر بجانب سامي خضيرة وميراليم بيانيتش وبقية لاعبي الوسط، ومعهم الثنائي العائد مجددا غونزالو هيغواين وجيجي بوفون، لذا أفلت الفريق من أول اختبارين أمام بارما ونابولي بفضل عنصر الخبرة وتمرس اللاعبين على تجاوز مثل هذه المباريات، حتى لو بدون مدرب، كما اضطرتهم الظروف بعد تعرض ماوريسيو ساري لوعكة صحية قبل بداية الموسم. فقط يبقى اللغز المحير في السوق هو روما بجيش المعارين الذين جمعهم في الأيام الأخيرة مثل كريس سمولينغ وهنريخ مخيتاريان ونيكولا كالينيتش وزاباكوستا بجانب الصفقات الأولى كإسبينزولا وباو لوبيز. في حقيقة الأمر، من الصعب جدا التكهن بما ستحققه هذه الخلطة الجديدة على الذئاب… والآن حان دورك عزيزي القارئ لتشاركنا الرأي في أكثر الرابحين والخاسرين في ميركاتو 2019.

نيمار عاد الى تدريبات سان جيرمان بعد فشل انتقاله الى البارسا

بوغبا لم ينتقل الى الريال

بيل قد يعتبر صفقة جديدة لزيدان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية