حتى وقت قصير، نسب يساريون صهيونيون كثيرون قوة سحرية لإيهود باراك؛ إذا كان “بيبي” سوبرمان، فإن باراك معادلاً له. الأساس الذي مقابله بقي بيبي عاجزاً، طالما باراك يوجه انتقاده لنتنياهو عبر “تويتر”، وكان يمكن الحفاظ على هذه الأسطورة وتطويرها. كان يمكننا أن نحلم بأن ادعاءات باراك بليغة وقوية، وأن عقله لامع جداً وانتقاده سام جداً إلى درجة أن بوسعه إقناع المقتنعين وهزيمة نتنياهو في صناديق الاقتراع.
الذين يحبون باراك واعتادوا على ظهوره في الشبكات الاجتماعية ونشروها، هم الذين اعتادوا على الرثاء والقول بأنه لو لم يكن بالإمكان إغراؤه بالعودة إلى السياسة ودمجه في المكان المناسب.. لذهب إلى نتنياهو. كان باراك المسيح المنتظر. وهؤلاء أنفسهم هم الأشخاص الذين آمنوا بتوحيد القوى لما يسمونه “المعسكر العقلاني” (هو عاجز أكثر مما هو عقلاني) ودعوا بحماسة إلى تحقيق ذلك. وقالوا إن وقت التسامي على معارك الأنانية وصغائر الأمور قد حان، ووعدوا بأنه إذا حدث الاتحاد الكبير الذي يجمع كل المعسكر المناوئ لبيبي، على طول المسافة بين يعلون وشبير، فسيكون بالإمكان إزاحة نتنياهو.
عندها خرج باراك من “تويتر” ودخل إلى السياسة وتوحد مع عيساوي فريج. ولبيد وغانتس اتحدا، ويعلون معهما، وأشكنازي أيضاً. نعم، لقد نسينا الأشخاص الذين نسجوا الأحلام الخيالية من أجلكم، التي –بحسبها- سيأتي الاتحاد بالحكم، أو سيحضر باراك السلطة.. يحاولون الآن بيعكم الادعاء بأن أشكنازي سيجلب الحكم لكم، وأنه هو المعادل الحقيقي الذي يخاف منه نتنياهو. وهم يرثون ويبكون مثلما بكوا على باراك: لو لم تكن قضية هرباز. عندها، كيف كان نتنياهو سيخاف.
ملاحظة: حتى لو ترأس أشكنازي “أزرق أبيض”، فوضع الحزب في الاستطلاعات لم يكن أفضل. أين أنتم واتحادكم الآن؟ أين أنتم وباراك خاصتكم؟ إن تبخر باراك في هذه الحملة الانتخابية وانكماشه بصوت خافت يضيء بضوء يبعث على السخرية والحماسة التي تملكت اليسار عندما دخل السباق.
هؤلاء هم الأشخاص أنفسهم الذين تحمسوا لعودة عمير بيرتس لرئاسة حزب العمل لأنه يعرف كيف يجلب الأصوات من اليمين. وأين زرع هؤلاء فشل ميرتس في الانتخابات السابقة، في الحملة الفاسدة لتمار زندبرغ؟ متى ستفهمون أن ميرتس ببساطة يساوي في أهميته “القوة اليهودية”؟ القصد هنا ليس أن نفرح لباراك أو بيرتس أو نتسان هوروفيتس.. المشكلة هي في مصوتي اليسار أنفسهم. أيها اليساريون متى ستفهمون أن الوقت حان لحل حزب العمل وميرتس والتنازل عن وهم أن الانضمام التكتيكي بين لبيد و(سجلوا هنا اسم رئيس الأركان المفضل)، سيجعل الجمهور في إسرائيل يخفف مواقفه اليمينية ويصوت لصالح أعضاء الكنيست الذين يعارضون الاحتلال؟ متى ستفهمون أنه لا مناص لكم، وببساطة ستضطرون (رغم عنصرية معظمكم) إلى التعامل مع العرب في الساحة السياسية؟
بعد الانتخابات (التي ستنتهي بهذه الصورة أو تلك، بانتصار اليمين السياسي) يجب تشكيل إطار سياسي جديد من الجذور، يقوم على تعاون عربي – يهودي حقيقي وكامل. أيمن عودة وأحمد الطيبي هما الآن هناك، وبحاجة إلى دفعة بسيطة. وفي أوساط الجمهور العربي مزيد من القوى الإيجابية التي يمكن التعاون معها. وهذا يستوجب الاعتراف بالواقع: لقد تأسست هنا دولة ثنائية القومية، وحزب كهذا لا يمكن أن يكون صهيونياً، ثم يصمم على “دولة اليهود”. لا تتأملوا حدوث معجزة وابدأوا بالعمل.
بقلم: روغل ألفر
هآرتس 8/9/2019