مشاكل أوباما… أصدقاء إقليميون غاضبون وميليشيات ومعارضة لا يوثق بها وحكومة لم يظهر خيرها

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: سيواجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما مشكلة في تحقيق أهداف استراتيجيته في العراق وسوريا التي أعلن عنها الأربعاء لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ـ «داعش».
ويعتمد نجاح استراتيجيته على حلفائه الإقليميين وحلفائه المحليين في العراق وسوريا، فلا يزال من غير الواضح إن كان حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي الجديد يمنح «رؤية جديدة» حسب مجلة «تايم» فالترحيب الأمريكي به يذكر حسب المجلة بترحيب إدارة جورج بوش باختيار نوري المالكي قبل 8 أعوام رئيسا للوزراء.
وفي الوقت الذي يحاول فيه أوباما التأكيد على الدور القيادي في الحملة ولكن من خلال الحلفاء المحليين والإقليميين أكد أحد المسؤولين البارزين في الخارجية أن جون كيري الذي كان أول المرحبين بحكومة العبادي أثناء زيارته للعراق، قال «سيكون هذا صعب جدا، فالمشاكل التي كانت تواجه العراق تمثل تحديا كبيرا» وعندما «تنظر إليها اليوم فهي شاقة لدرجة تسأل فيها نفسك من أين نبدأ».
وأيا كانت التوقعات من حكومة العبادي التي تشمل على وزراء عدة من بقايا حكومة المالكي، فسيواجه أوباما في تطبيق خطته إشكالية التعامل مع «حلفاء غير موثوقين» منها ميليشيات شيعية وفصائل في المعارضة السورية تردد الرئيس لأكثر من ثلاثة أعوام تقديم الدعم لهم وتسليحهم، وهناك حلفاء إقليميون غاضبون عليه لفشله في ضرب النظام السوري العام الماضي عندما استخدم السلاح الكيميائي.

لاعبون في الساحة

وترى صحيفة «صنداي تايمز» أن غياب الولايات المتحدة عن الساحة السورية فتح المجال أمام دول الخليج كي تدعم فصائل مختلفة في المعارضة السورية، ولا يعرف إن كان الجيش السوري الحر لديه القدرة على مواجهة «داعش» حتى ولو بدعم أمريكي.
وتشير الصحيفة إلى أن دولا عربية عبرت في «قمة جدة» عن استعدادها للتعاون في الحرب ضد «داعش» ولكن لا يعرف نية كل واحدة منها، فقد وافقت السعودية وقطر والبحرين وعمان ولبنان ومصر والكويت والإمارات العربية المتحدة على التعاون. ونقلت عن فردريك هوف، المسؤول السابق في إدارة أوباما «كلها تتشارك في موقفها من ثبات وموثوقية ومصداقية الولايات المتحدة».
مضيفا أنه « حتى ينجح هذا التحالف فعلى أهل المنطقة أن تكون لهم الثقة الكاملة بالولايات المتحدة أثناء المواجهة» مع «داعش». وتشير الصحيفة لموقف تركيا، العضو في حلف الناتو والتي تتمتع بحدود مع كل من سوريا والعراق والتي رفضت الإنضمام للتحالف الجديد.
وتنقل الصحيفة عن النائب أيكان إردمير من حزب الشعب الجمهوري المعارض قوله إن «تركيا تجد نفسها بين المطرقة والسندان، فرغم وجود حوالي 1.000 من مواطنيها في صفوف داعش لكن هناك 49 من أبنائها ودبلوماسييها رهائن لدى التنظيم.
ويقول إردمير «لا نستطيع المخاطرة ونعرض رؤوسهم للقطع» أي حياتهم للخطر. ونفس التردد واضح في موقف مصر التي تقول إنها تواجه حربها الخاصة ضد الإرهاب ونقلت عن مصدر قوله «لدينا حربنا على الإرهاب الخاصة ويجب مواجهتها، ونحن لسنا مهتمين بقتال في أراضي دول أخرى».

لن تقاتل مع الإيرانيين

وفي الوقت نفسه تحاول إسرائيل مراقبة الوضع حيث تخشى أن تؤدي الحرب لتعزيز موقف إيران. وهو نفس الخوف لدى السعودية التي وعدت بتوفير قاعدة عسكرية لتدريب المعارضة السورية على أراضيها وهو أمر تفعله منذ عام 2012، ومن غير المحتمل أن تقدم السعودية قوات حسب جمال خاشقجي المعلق السعودي المعروف والذي قال «لن يشعر السعوديون بالراحة للقتال جنبا إلى جنب مع القوات العراقية الطائفية أو التعاون مع القوات الإيرانية».
وفي اتجاه آخر يعاني كل من الأردن ولبنان من مخاطر انتقال عدوى الحرب لبلادهما ولكن بعد 3 أعوام من تدفق اللاجئين لأراضيهما ومحاولة السيطرة على حدودهما فهما ليسا في وضع يجعلهما يقدمان المساعدة للولايات المتحدة. أما قطر فلديها 12 طائرة ميراج ومن هنا ستكون مشاركتها رمزية.
ولن تنجح استراتيجية أوباما بدون قوات على الأرض، فبحسب مايكل هايدن، مدير السي أي إيه السابق فالإعتماد على القوة الجوية جذاب ويعطي نوعا من الرضا ولكن بدون أي التزام»، ومن مخاطر الغارة الجوية هي ظهور الولايات المتحدة بمظهر من يقف مع طرف في النزاع، فقد حذر ديفيد بترايوس، قائد القوات الأمريكية السابق في العراق من ظهور السلاح الجوي الأمريكي كقوات للميليشيات الشيعية».

شرطي العالم

لكن خطاب أوباما جعل الولايات المتحدة ملتزمة بطريقة أو بأخرى في حرب لم يكن يريدها هو ولا الرأي العام حسب تقرير في صحيفة «لوس أنجليس تايمز» ونقلت عن زائر للنصب التذكاري لضحايا 9/11 قوله «من الصعب القول يجب ان لا نكون شرطي العالم، ولكن كيف سيكون العالم إن لم نكن» وأضاف «أعتقد أنه يجب أن لا نتدخل في شؤون الآخرين وكنا في الشرق الأوسط أكثر من مرة فماذا حققنا؟».
وترى أن الموقف من «داعش» لا يرافقه غضب حقيقي كما حدث مع هجمات 9/11 ولكن شعور بالقلق إن كانت المهمة ستنجح أم لا.
ويرى ستيفن كلاتر، وهو عقيد متقاعد من سلاح الجو «حتى لو نجحنا في إضعاف وتدمير «داعش» في النهاية فسخط وغضب السنة الذين يشكلون عصبها يجعله يتحول إلى شيء آخر».
ولاحظت الصحيفة زيادة في دعم الحملة رغم شعورهم أن التهديد مبالغ فيه فبحسب كلاتر «الأمريكيون في خطر الموت بسبب عصابات المخدرات، العنف، والخمر أكثر من هجمات ينفذها داعش».
والمهم هنا هو أن «داعش» تحول لعدو أمريكا الأول بدلا من إيران وحرف انتباه إدارة أوباما عن اهتماماتها في منطقة البحر الهادىء والتهديدات النابعة منها. وخلال الحديث عن الذكرى الـ13 لهجمات أيلول/سبتمبر ذكر سيناتور أمريكي بدور السعودية في دعم الجماعات الجهادية.

السعودية ودعم «داعش»

ففي مقابلة خاصة أجراها باتريك كوكبيرن لصحيفة «صنداي اندبندنت» اتهم فيها السناتور الذي ترأس المشاركة بلجنة التحقيق في الظروف التي قادت لهجمات أيلول/سبتمبر 2001 الولايات المتحدة بالفشل في الحديث عن دور السعودية و الذي أسهم في صعود «داعش». واتهم السناتور بوب غراهام إدراة الرئيس باراك أوباما التي تحضر لضرب التنظيم في العراق وسوريا بتكرار أخطاء الماضي.
وقال إن ما ساعد على صعود «داعش» هو فشل الحكومة الأمريكية المستمر في التحقيق بالدور الذي لعبته السعودية في هجمات 9/11 والدعم الذي قدمته للحركات الجهادية مثل «القاعدة» منذ تلك الفترة.
وقال السناتور غراهام الذي عمل رئيسا للجنة الإستخبارات في الكونغرس إن الإدارات الأمريكية المتعاقبة في واشنطن أغمضت عينها على الدعم السعودي للجماعات الجهادية، وقال «أعتقد أن الفشل في الكشف عن أفعال السعودية خاصة دورها في 9/11 أسهم في منح السعودية الفرصة لمواصلة تحركاتها التي أضرت بالولايات المتحدة وبالتحديد دعمها لداعش».
ويعتبر غراهام سياسيا معروفا في الولايات المتحدة وانتخب مرتين عن الحزب الديمقراطي حاكما لفلوريدا قبل أن ينتخب للكونغرس الذي أمضى فيه 18 عاما ويعتقد أن تجاهل ما كانت تقوم به السعودية ومعاملتها كحليف موثوق أسهم في فشل وكالات الإستخبارات الأمريكية بالتعرف مبكرا على الخطر الذي يمثله «داعش»، باعتباره قوة صاعدة حتى سيطرته على مدينة الموصل في 10 حزيران/يونيو هذا العام.
وقال إن «واحدا من الأسباب التي جعلت وكالاتنا الأمنية أقل كفاءة» هو أنه لم يعط الدور السعودي في تعزيز القاعدة والجماعات الجهادية المماثلة الإهتمام الكافي.
مضيفا إن وكالة الإستخبارات الأمريكية ـ سي أي إيه ووكالات الأمن القومي الأخرى لم تتعرض بعد لنقد في الولايات المتحدة لفشلها التنبؤ مبكرا في التوسع المفاجىء لداعش الذي يسيطرعلى منطقة أوسع من بريطانيا في كل من شمال العراق وشرق سوريا. ويرى كوكبيرن أن انتقاد غراهام لسياسة الولايات المتحدة تجاه السعودية مهم لأنه يأتي في ظل شكوك متزايدة من خطة الرئيس باراك أوباما التي أعلن عنها يوم الأربعاء لبناء تحالف دولي والتعامل مع دول الخليج كحلفاء مهمين في الحملة لمواجهة التنظيم.

الأسد أولاً

وتقضي الخطة بقيام السعودية باستقبال المقاتلين السوريين الذين يعارضون نظام بشار الأسد وتدريبهم في قاعدة عسكرية سعودية.
ومشكلة الرياض التي تمقت «داعش»، مهما كان دورها في صعوده، هي تأكيدها على ضرورة تغيير النظام في دمشق أولاً.
ورغم كل هذا يرى السناتور غراهام أن من الحكمة إشراك السعودية رغم نفيها كونها «الرمز المركزي في تمويل «داعش» والجماعات المتطرفة الأخرى»، ولكنه حذر من إمكانية عدم نجاح الخطة كما تريد أمريكا بسبب التحالف الطويل بين العائلة السعودية الحاكمة والمؤسسة الوهابية الدينية والتزامها بنشر الفكر الوهابي. ويقول السناتور إن السعودية لا تقدم دعما للسنة في كل أنحاء العالم بل «للعناصر الأكثر تطرفا منهم».
ويشير الكاتب إلى الدور السعودي في هجمات 9/11 حيث كان 15 من 19 مهاجما من السعودية، وكان زعيم القاعدة أسامة بن لادن من السعودية، وتوصل التحقيق في الظروف التي قادت لهجمات أيلول/سبتمبر 2001 إلى أن القاعدة اعتمدت في التمويل على جماعة من المتبرعين الأفراد وجمعيات خيرية في السعودية ودول الخليج الأخرى.
ورغم صلة السعودية بالهجمات إلا أن السعودية ومواطنيها عوملوا بتسامح كبير، وسمح لـ 144 من أفراد العائلة الحاكمة والنخبة السعودية بالعودة لبلادهم من الولايات المتحدة بعد أيام قليلة من الهجمات بدون محاولة من مكتب التحقيقات الفدرالي «أف بي أي» لمساءلتهم. ويقول السناتور غراهام إن «هناك عدة حوادث راعى فيها المسؤولون الأمريكيون شعور السعوديين وبطريقة غير مفهومة».
ورغم ذلك عرقلت السعودية عمل المسؤولين الأمريكيين الذين وصلوا إليها كي يحققوا في الهجمات. ففي عام 2007 أخبر ستيوارت ليفي الوزير المساعد لوزير الخزانة الأمريكي والمسؤول عن مراقبة ومنع تمويل الإرهاب هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» قائلا عندما يتعلق الأمر بالقاعدة «لو حركت أصابعي وأردت قطع الدعم المالي عن القاعدة من بلد واحد، فستكون السعودية»، وأضاف أن السعودية لم تقم بمعاقبة أو محاكمة أي شخص حددته الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة كممول للإرهاب.
وبعد 8 أعوام من الهجمات أرسلت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون برقية سربتها فيما بعد ويكيليكس جاء فيها أن «السعودية تظل المصدر الحيوي لدعم القاعدة المالي وكذلك طالبان وغيرها من الجماعات الإرهابية».
ومع صعود «داعش» وبدايته كتنظيم في عام 2010 اتهم المسؤولون العراقيون السعودية ودول الخليج بتمويله لكنهم حسب قول كوكبيرن تجنبوا نقد حلفاء أمريكا علانية. وفي آذار/مارس اتهم رئيس الوزراء العراقي الطائفي نوري المالكي السعودية وقطر بتمويل الجماعات الإرهابية وحملهما مسؤولية «الإرهاب والطائفية والأزمة الأمنية في العراق». واتهم المالكي الذي أجبر على التنحي بصفته مسؤولا عن صعود داعش كلا من الرياض والدوحة «بشراء الأسلحة لصالح الجماعات الإرهابية».

الصفحات المحذوفة

ويقول الكاتب إن أحد الأمثلة على استعداد واشنطن لحماية حلفائها السعوديين هي 28 صفحة التي منعت نشرها من التحقيق الرسمي.
ولا يسمح للسناتور غراهام الكشف عن محتويات الفصل المحذوف من التقرير، ولكن بعض المصادر الأخرى تقول إن السبب له علاقة بالهجمات و السعودية.
وفي كتاب أعده كل من أنتوني سامرز وروبن سوان «اليوم الحادي عشر: القصة الكاملة لهجمات 9/11» أشار لكلام مسؤول شاهد الصفحات الـ 28 المحذوفة قبل حذفها من التقرير بناء على طلب من جورج بوش على ما يبدو «لو كشف عن الـ 28 صفحة فلا شك لدي أن طبيعة العلاقة مع السعودية ستتغير بشكل سريع».
ودعا السناتور غراهام للكشف عن الصفحات المحذوفة قائلا إنها لا تهدد الأمن القومي فلا مبرر في استمرار الحجز عليها بعد 13 عاما.
ويقول إن بعض وكالات الدولة خاصة أف بي أي لديها المبرر للإبقاء عليها بدون نشر .
وعن السبب الذي يدعو الولايات المتحدة التغطية على الدور السعودي ومنذ عام 2001 أجاب السناتور غراهام أنه قد يكون مرتبطا بالتحالف الطويل بين الولايات المتحدة والمملكة والذي يعود للحرب العالمية الثانية، كما أن هناك علاقة شخصية بين عائلة بوش والمملكة. ولكن ما يجد صعوبة في فهمه هو»استمرار التغطية على دور المملكة في الهجمات في ظل إدارة أوباما» رغم أنها تعهدت لعائلات ضحايا الهجمات أثناء الحملة الإنتخابية عام 2008 بنشر الصفحات المحذوفة من التقرير لكنها فشلت بعد 6 أعوام في البيت الأبيض».
ويقول الكاتب إن السناتور غراهام لا يؤكد دورا مباشرا للسعودية في إدارة «داعش» لكنه يقول إن ما قامت به من دعم للجماعات الجهادية في العراق وسوريا فتح المجال أمام صعود «داعش».
وهي الفكرة نفسها التي طرحها مدير الإستخبارات البريطاني (أم أي -6) السابق ريتشارد دير لاف والذي قال في تموز/يوليو إن السعودية «منجذبة بشكل عميق تجاه التطرف الذي يواجه الشيعية». وقال في محاضرة له بالمعهد الملكي للدراسات المتحدة في لندن إن حكام السعودية يميلون لمعارضة الجهاديين في السعودية ومعاملتهم كأعداء وتشجيعهم في الخارج خدمة لمصالح السعودية الخارجية.
وستجد الولايات المتحدة صعوبة في مراقبة الجماعات السورية التي تقودها الرياض.
ويرى السناتور غراهام إن هناك «جانب مظلم»من السعودية واضح في هجمات 9/11 وما بعدها ويجب أن يعرفه الرأي العام الأمريكي.
وستجيب الولايات المتحدة والدول الغربية عن السبب الذي أدى لصعود «داعش» لكن التواطؤ السعودي سيكون بالتأكيد جزء من الإجابة.

إبراهيم درويش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية