تلقى بنيامين نتنياهو ضربة شديدة في الانتخابات الأخيرة، وفي محاولته لتشكيل حكومة يمينية ضيقة لم يستبعد أي وسيلة لجعل خصومه يسخرون منه. لقد قسم الدولة إلى قسمين: مؤيد ومن هم غير ذلك، الذين هم بالطبع يساريون في معظمهم. لقد هدد الناخبين العرب بكاميرات غير مخفية، وأقنع فايغلين بالتنازل عن تنافس حزبه للكنيست، ونشر في يوم الانتخابات استطلاعات كاذبة، بعد أن عرف أن وضعه غير جيد. لقد تسبب نتنياهو في سقوط حزبه وذهب إلى المعركة وفي جيبه كما يبدو 1.4 مليون ناخب. وأنهاها بـ 1.1 مليون صوت. خسارة تقدر بـ 300 ألف صوت. والآن، “أزرق أبيض” هو الحزب الأكبر في الكنيست.
ولكن نتنياهو يتصرف وكأنه لم تكن هناك انتخابات أو سقوط. هو يربط كتلة اليمين بالأحزاب الحريدية، ويصل إلى 55 مقعداً. لا يؤمن نتنياهو بأنه سيشكل حكومة، ويبذل جهده الآن من أجل الدفع قدماً بحملة انتخابات ثالثة، ويعتقد أن ليس لديه ما يخسره، إلى أن يتم تحقيق النتيجة التي يريدها. ويستطيع أن يضمن بأن شكيد وبينيت وسموتريتش وبن غفير سيتنافسون في قائمة واحدة، ويمكنه تسميتها “ماحل – يمين”. نتنياهو مستعد لأن يتلقى التوبيخ من رئيس الدولة لتسببه في جولة انتخابات أخرى.
الافتراض الأساسي عند نتنياهو في ظل سعيه إلى حملة انتخابات ثالثة هو وجود أحزاب تعلن عدم رغبتها في الجلوس معه، لكنها أيضاً تخشى من انتخابات جديدة. وإذا انضم إليه حزب من الكتلة “المانعة”، فلن يكون بحاجة إلى جولة أخرى. أي أن مجرد التهديد بالموعد “ج” سيؤدي إلى تقدم حقيقي في المفاوضات الائتلافية. بني غانتس وافيغدور ليبرمان يقومان بقراءة مقالات رفيف دروكر، ويفهمان بأنه يجب تجربة كل عملية ممكنة من أجل تشكيل حكومة الآن، ومنع جولة انتخابات أخرى. ولكن إذا لم تنجح كل الجهود، سيطرح على جدول الأعمال خيار الموعد الثالث الذي يظهر الآن كأمر خيالي لكافكا. إمكانية أن تكون جولة انتخابات أخرى لا تطرح كثيراً في العناوين حالياً، لكنها موجودة ويجب الاستعداد لها.
الآن يجب تشكيل كتلة يسار – صهيوني موحدة تشمل العمل وميرتس. عملية كهذه ستعزز مواقفها أمام تهديدات انتخابية مختلفة، مثل سحب أصوات ومخاطرة بالهبوط تحت نسبة الحسم. يجب على القائمة المشتركة الإدراك أن نتنياهو لن يعود إلى قضية الكاميرات في الانتخابات القادمة، ولن يضع مرة أخرى عرب إسرائيل في مركز الحملة. وعليهم التوقع بأن اللامبالاة في أوساطهم ستزداد. على عودة وأصدقائه إقناع ناخبيهم بأنه “يمكن إزاحة نتنياهو نهائياً في هذه المرة “.
اختار “أزرق أبيض” الزعيم الأكثر جدارة. كلما راكم نتنياهو تجربة أكبر بث زعامة أكثر. عليه الاستعداد لانتخابات قريبة، والتطلع إلى تشكيل نظام سياسي مشترك مع ليبرمان. قد لا يوافق ليبرمان على التنازل عن استقلاله السياسي وسيختار احتمالاً آخر، لكن مع ذلك، تجدر محاولة ذلك. خطوة كهذه ستوفر أفضليات مهمة، سواء لغانتس أو ليبرمان، وقد تعقد الوضع أكثر. ولكن يجب عدم تجاهل وضع نتنياهو المعقد: يقف أمام جلسة الاستماع، وبعد ذلك ستحلق لائحة اتهام فوق رأسه. لا نعرف كيف سيتصرف أعضاء الليكود في وضع كهذا. هل سيفعلون مثلما حدث في “متسادا” من أجل زعيم مشكوك فيه؟ ويجدر بنا، نحن في معسكر اليسار – وسط، الكف عن الانهزامية والنظر إلى الواقع بدون خوف. وحتى لو كانت هناك انتخابات ثالثة، فهيا نستعد لها وننتصر بالضربة القاضية.
بقلم: عوزي برعام
هآرتس 24/9/2019