لماذا يتجاهل بيبي الرئيس المصري؟

حجم الخط
0

توجد احداث شغب في القدس: رشق بالحجارة والزجاجات الحارقة، واطلاق نار هنا وهناك ايضا. وفي جبل الهيكل أحرق المشاغبون مركز الشرطة والدولة «تحتوي» الحريق. وتُرفع رايات حماس وداعش في جبل الهيكل بلا اعتراض. ويدرك العرب أنه اذا كان اليهود يتخلون على هذا النحو عن أقدس مكان في زعمهم للشعب اليهودي فانهم سينجحون في طردنا من ارض اسرائيل كلها لأننا مثل الصليبيين وليست لنا صلة بالارض.
لكن في كل مرة توجد فيها احداث شغب في القدس، وكان هذا يحدث فينة بعد اخرى في الـ 100 سنة الاخيرة، ينهض يهود حكماء أذكياء، باحثون عن السلام والأخوة بين الشعوب منذ ايام «حلف السلام» الذي آمن به يهودا لييف ماغنس ومارتن بوبر الى اليسار الاسرائيلي في ايامنا، فيخلصون الى الاستنتاج المنطقي الآتي وهو أن الحل لا يمكن أن يكون بالقوة وأنه لا حل عسكريا بل يُحتاج الى حل سياسي.
إن ذلك «الحل السياسي» على صورة «حلف السلام» قبل ثمانين سنة يقول إن اليهود لا حاجة بهم ألبتة الى دولة. قضى البروفيسور ماغنس، رئيس الجامعة العبرية في جبل المشارف، شهورا طويلة في نيويورك في 1947، يحاول اقناع اعضاء الامم المتحدة بالتصويت اعتراضا على انشاء دولة يهودية. وقد ضُرب هذا التصور ضربة قاسية حينما استقر رأي الجمعية العمومية في 29 تشرين الثاني على فعل عكس ذلك خاصة. ومنذ ذلك الحين، يحاول أبناء رجال «حلف السلام» واحفادهم وابناء احفادهم الروحانيون، يحاولون التوصل الى «حل سياسي» آخر يحرك عجلة التاريخ الى الوراء.
اذا كانت دولة اسرائيل قائمة فيجب تغييرها من الاساس كي لا تكون على الاقل دولة تصر على التمسك بوطنها التاريخي.
وهم يستعينون بأذرع أخطبوط «صندوق اسرائيل الجديد»، الذي يحاول – كاسمه – أن يجعل دولتنا اسرائيل شيئا ما جديدا، وحينما يدعون الى «حل سياسي» لا يعنون سوى انشاء دولة فلسطينية في قلب البلاد. ولا حل آخر.
حينما قام رئيس مصر عبد الفتاح السيسي قبل عدة ايام واقترح حلا آخر بمنح الفلسطينيين 1600 كم مربع في شمال سيناء، في مساحة تزيد على مساحة قطاع غزة بخمسة اضعاف، كي ينشئوا هناك دولتهم ويستوعبوا اللاجئين هناك، وكي يستطيع العرب في يهودا والسامرة أن يصبحوا سكان اسرائيل مع حكم ذاتي في مدنهم، ومواطنين في الدولة الفلسطينية المقترحة – تجاهلوه.
لا يمكن بالطبع معارضة اقتراح سخي كهذا إلا بذريعة «أن الفلسطينيين لن يوافقوا». ومن المناسب أن نسأل: وماذا سيكون إن لم يوافقوا؟ أفربما اذا أسقطت اسرائيل بمرة واحدة والى الأبد الخطة الانتحارية وهي انشاء دولة فلسطينية في قلب البلاد سيكون من الضرورة البحث عن حل آخر؟ لكن ما بقي حتى بنيامين نتنياهو يوافق على منحهم دولة في يهودا والسامرة وغزة فلن يوافق أي عربي على أقل من ذلك، وسيبحث العرب والمجتمع الدولي ايضا عن حل آخر فقط اذا اصبح هذا الطريق مسدودا تماما. إدعوا علي طوال سنين حينما اقترحت أن «الاردن هو فلسطين» أنها فكرة رائعة لكن الفلسطينيين والاردنيين لا يريدونها. فالمصريون الآن يريدون، وقد سقطت الذريعة فلماذا التجاهل؟.
إنهم يتجاهلون لأنهم لا يريدون، لا يريدون أن يحلوا المشكلة إلا بطريقة تفضي الى القضاء على دولة اسرائيل. وهم يهددوننا أنه اذا ضمت اسرائيل يهودا والسامرة فستصبح دولة ذات شعبين أو دولة فصل عنصري. وها هو ذا السيسي يضيف امكانا ثالثا منطقيا. وهو مخيف لأنه قد يُخرج اسرائيل من الطريق المسدود الذي أحدثوه منذ كانت اتفاقات اوسلو.
وهناك سؤال أصعب وهو لماذا تسكت حكومة اسرائيل؟ ولماذا لا يبارك نتنياهو الاقتراح؟ ذلك حسن اذا كان لاسباب مراوغة وبتنسيق مع رئيس مصر، لكن اذا كان هو ايضا لا يريد أي حل سوى دولة حماس في يهودا والسامرة فقد حان الوقت لاستبدال رئيس الحكومة.

هآرتس 17/9/2014

آريه إلداد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية