وزير الخارجية القطري: “دبلوماسية الإنكار” التي تعتمدها دول الحصار تزعزع استقرار المنطقة

نورالدين قلالة
حجم الخط
0

مراكش- الدوحة- “القدس العربي”:
قال وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن هناك اتجاها لـ”دبلوماسية الإنكار” بين بعض الدول في المنطقة التي تشن الحرب والحصار وعدم احترام للآليات الإقليمية والدولية.

ودعا إلى ضرورة توسيع الأمن الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، وإبرام اتفاقية أمنية تحتكم إلى المبادئ الأساسية للأمن وقواعد الحكم الرشيد وتحقيق الحد الأدنى من الأمن، لتحقيق السلام والازدهار، مشددا على أنه بالرغم من حدة التوترات الجيوسياسية في المنطقة ما زلنا نؤمن بجدوى هذا الترتيب.

وقال محمد بن عبد الرحمن في كلمة له أمام مؤتمر “السياسات العالمية” في مدينة مراكش بالمغرب: “نحن نتساءل مرارا وتكرارا، لماذا تكون الصراعات في الشرق الأوسط مقاومة للدبلوماسية الإقليمية والعالمية على حد سواء؟ ولماذا يُسمح لبعض الدول باللجوء إلى “دبلوماسية الإنكار” التي ترفض الدبلوماسية باعتبارها وسيلة مشروعة للعمل الدولي؟”.

وأشار إلى “أننا شهدنا مباشرة كيف أن هذه الإستراتيجية تزعزع الاستقرار بدرجة كبيرة وتخلق حالة من عدم اليقين”، مضيفا أنه “على الرغم من أن هذه الإستراتيجية تستخدمها عادة الشبكات الإرهابية ومجرمو الحرب والميليشيات، فقد رأينا اتجاها لدبلوماسية الإنكار بين بعض الدول في المنطقة التي تشن الحرب والحصار وعدم احترام للآليات الإقليمية والدولية”.
ونوه الوزير القطري إلى أن الشرق الأوسط يعتبر الموطن الأول للخطابات الدبلوماسية والاتفاقيات التي تعود إلى حوالي عام 2500 قبل الميلاد حسب اكتشافات علماء الآثار، مضيفا: “نحن نأتي من مركز حيوي لمصادر الطاقة، وركيزة من ركائز الشبكات المالية الدولية وملتقى طرق للهجرات البشرية، ولسوء الحظ أتينا أيضاً من نفس المنطقة التي تعاني من الانقسام بسبب النزاعات في مختلف أرجائها ومن انعدام الثقة والتنسيق”.
وذكّر بدعوة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد إلى إبرام معاهدة أمنية إقليمية في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن المنطقة تحتاج بشدة إلى إطار مستدام لضمان السلام والاستقرار على المدى الطويل، واعتبر أن “تسلسل الأحداث في منطقتنا أظهر الاحتياج العملي لنهج مستدام للأمن الجماعي الإقليمي”. وأضاف أنه “يتذكر تصريحات الأمير في الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن وجود نظام أمني إقليمي أمر بالغ الأهمية للحفاظ على أمن واستقرار الشرق الأوسط بشكل عام ومنطقة الخليج بشكل خاص”.
وقال وزير الخارجية القطري في كلمته: “إن ما نحتاج إليه في الشرق الأوسط آلية إقليمية جماعية (ملزِمة) مبنية على مبادئ متفق عليها في مجال الأمن ومجموعة من قواعد الحكم واحترام السيادة والمساواة بين أعضائها”، مشيرا إلى أن “هذا يعني أن جميع البلدان بحاجة إلى الاتفاق على أساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية والخارجية للدول الأخرى”، مشدداً على أن “الأهم من ذلك، من أجل عدم استخدام التنوع العرقي والأقليات كذريعة للتدخل، علينا أن نبني دولا تحترم قواعد التعايش في المجتمع الدولي، على أمل أن توفر هذه الخطوات الأولية الحافز اللازم وتمهد الطريق لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة”.
ورأى أنه من المهم أيضا توسيع نطاق الاتفاقية، بحيث لا يقتصر الأمر على القضايا الأمنية، بل يشمل أيضا قضايا التعاون والحوار والقضايا ذات الأبعاد الاقتصادية والسياسية لبناء الثقة بين الأعضاء. وقال إن السياسات غير المتوازنة في المنطقة وسوء الحسابات العدوانية لا تعتبر أدوات عملية لتنفيذ السياسات، لافتا إلى أننا شهدنا خلال الأشهر والسنوات الماضية توترات غير مسبوقة ناجمة عن سوء التقدير.
واعتبر محمد بن عبد الرحمن “فكرة أن يلعب أحدنا ضد الآخر في سيناريو لاختبار توازن القوى أمر خطير، ويعرِّض دولة قطر والمنطقة للأخطار بدلا من ممارسة أقصى قدر من الضغط أو العزل”، مشددا على أن هناك احتمالاً لتحقيق مكاسب أكبر بالتعاون والعمل معا لاحتواء التهديدات ضمن مشروع للأمن الجماعي الإقليمي.
وتابع: “كما أكد أن تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط يصبح من دون شك أكثر احتمالا إذا كان هناك أساس للاستقرار في تلك البلدان التي تحتاج إلى دعم من الدول الصديقة”، مضيفا أنه “مع وجود أساس مستقر، يمكننا العمل جنبا إلى جنب مع تلك الدول للنهوض بالتجارة والتنمية الإقليمية والحكم الرشيد والاستخدام الإنتاجي لمصادر الطاقة”.
وكان وزير الخارجية القطري قد تساءل في بداية كلمته أمام المؤتمر: “كيف ننتقل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من إدارة الأزمات إلى البحث عن حلول شاملة لها من خلال نظام أمن إقليمي؟”. ونوه إلى أن أمير قطر تحدث قبل أسابيع قليلة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حول التحديات الكثيرة التي نواجهها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: الأزمات والصراعات والتهديدات والتوترات الدبلوماسية والتدخلات العنيفة، مضيفا: “لقد شهدنا فشل المنظمات الإقليمية والمتعددة الأطراف في حل النزاعات بالإضافة إلى الفشل في أو رفض مساءلة الجناة”.
وقال إنه “بالرغم من أن منطقة الشرق الأوسط تمر باضطرابات، إلا أننا في دولة قطر نعتبرها منطقة حيوية ذات أهمية عالمية”، لافتا إلى أنها تمثل الملتقى العالمي للهواء والبحر، وحتى أنها موطن ولادة الأديان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية