الخرطوم: تعترض السودان، رزمة من الصعوبات السياسية والاقتصادية، وتعيق مساره، أبرزها الدين العام الخارجي المستحق على البلاد منذ القرن الماضي.
ويأمل السودانيون أن تعمل الحكومة الانتقالية التي تشكلت في أغسطس/ آب الماضي، على إيجاد حل جذري لمشكلة الدين الخارجي، البالغ 56 مليار دولار وفق أحدث إحصائية رسمية.
وعلى هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين، بواشنطن مؤخرا، ناقش وزير المالية السوداني إبراهيم البدوي، خلال لقائه بمسؤولين غربيين، التحديات التي تواجه بلاده في الحصول على التسهيلات المالية الدولية بسبب تأثير العقوبات الأمريكية.
ودعا الوزير السوداني إلى “أهمية النظر بجدية لمعالجة ذلك الأمر، وتأثيره على استدامة التحول الديمقراطي المنشود في البلاد”.
وأقرت الولايات المتحدة حصارا اقتصاديا على السودان منذ 1993 على خلفية دعاوى “ممارسة الإرهاب، بجانب الحرب الدائرة في إقليم دارفور غربي البلاد”.
وتعطل الديون الخارجية، حصول السودان على أي مساعدات مالية من قبل المؤسسات الدولية وفي مقدمتها البنك وصندوق النقد الدوليين.
ومنذ منتصف ثمانينات القرن الماضي، حُرم السودان من تلقي أي منح أو قروض دولية، واكتفت المؤسسات الدولية بالمساعدات الفنية في مجال الخدمات.
ورفعت واشنطن في 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، عقوبات اقتصادية وحظرا تجاريا كان مفروضا على البلاد منذ عام 1997، لكنها تستمر منذ 1993 بإدراج اسمه ضمن قائمة “الدول الراعية للإرهاب”.
تقول الصحافية الاقتصادية شادية عربي (سودانية)، إن عدم رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، يقف حجر عثرة أمام حل قضية الديون الخارجية في الوقت الراهن.
وتؤكد “عربي”، أن بلادها نفذت كافة الاشتراطات الاقتصادية المطلوبة للاستفادة من مبادرة “الهيبك”.
ومبادرة “الهيبك”، اتفاق بين كافة جهات الإقراض الدولية الرئيسية، على منح فرصة بداية جديدة للبلدان التي تكافح لتجد مخرجاً من خلاله، تستطيع أن تتكيف مع أعباء ديونها التي تثقل كاهلها.
وأوضحت أن السودان في الفترة من الأعوام 2000 – 2007 حقق “استقراراً اقتصادياً مع تطبيقه لسياسة التحرير الاقتصادي منذ 1992، وهذه الشروط تؤهله للاستفادة من مبادرة الهيبك”.
وعن إمكانية أن تحقق الحكومة الانتقالية إحداث أية مؤشرات إيجابية في قضية الديون، أكدت “عربي” على أهمية “الاستمرار في سياسات الإصلاح الاقتصادي مع بذل جهود مع الولايات المتحدة في إزالة اسم البلاد من قائمة الإرهاب”.
ونهاية الشهر الماضي، قال المتحدث باسم “مجلس السيادة” السوداني، محمد الفكي، إن الخرطوم لن تقدم أية تنازلات مقابل رفع الولايات المتحدة اسم السودان من قائمة الدول التي تتهمها برعاية الإرهاب.
وأضاف الفكي: “لم نسمع بأية اشتراطات من الإدارة الأمريكية لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب”.
وفي وقت سابق أعلن رئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، عن إجراء تفاهمات مع واشنطن، لرفع اسم بلاده من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لافتا إلى إحراز تقدم كبير في سبيل ذلك.
ويرى أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم، محمد الجاك، أن الديون الخارجية على السودان “عملية معقدة وطويلة، وتحتاج إلى حسابات دقيقة لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية الحالية”.
ويبيّن الجاك أن المؤشرات الاقتصادية الحالية تقف حائلا دون إحراز الحكومة الجديدة لاختراق في هذه القضية، لا سيما تلك المتعلقة بتعدد أسعار صرف العملات الأجنبية.
وخلال 2018، ارتفعت حدة أزمة أسعار صرف العملة المحلية في السودان، بالتزامن مع شح النقد الأجنبي وزيادة الطلب عليه، ليبلغ سعر صرف الدولار 80 جنيها في تعاملات السوق الموازية، و47.5 جنيها في السوق الرسمية.
ويشدد الجاك على أهمية أن تعمل الحكومة الجديدة على تحقيق الموازنة بين الحاجة إلى مساعدات مالية قصيرة الأجل، وبين المخاطرة في الاقتراض بتكلفة عالية.
وفي 24 أبريل/ نيسان الماضي، كشف المجلس العسكري الانتقالي بالسودان، حينذاك، عن البدء في سداد ديون البلاد الخارجية، دون مزيد من التفاصيل.
وفقد السودان 80 في المئة من إيرادات النقد الأجنبي بعد انفصال الجنوب عنه في 2011، على خلفية فقدانه ثلاثة أرباع آباره النفطية، بما يقدر بـ50 في المئة من إيراداته العامة.
ومؤخرا، أكدت المديرة القُطرية (الإقليمية) للبنك الدولي كارولين ترك، بالعاصمة الخرطوم، ضرورة سداد الحكومة السودانية للمتأخرات للمؤسسات المالية، التي تبلغ 16 مليار دولار.
(الأناضول)