إن المتحمسين للإبداع الرقمي، باعتباره جديدا، والمعارضين له لأنه يستدعي عادات مختلفة عما ألفوه، لا ينتبهون عادة إلى طبيعة العلاقة التي تربط بين أي نص بأي وسيط. ولعل إعادة النظر في طبيعة علاقة الكتاب بالشاشة، أو الورقي بالرقمي تبين لنا بالملموس أن أي وسيط جديد يأتي لتجاوز الإكراهات التي تم التوصل إليها مع تطور الاشتغال بالوسيط السابق، كي لا أقول القديم. وفي الوقت نفسه يجعل ما كان يجول في ذهن منتج النص ضمنيا، وكانت تلك الإكراهات تمنعه، قابلا للتحقق بسبب ما صار يوفره له هذا الوسيط الجديد من إمكانات قصر عنها الوسيط السابق.
تفرض علينا علاقة النص بالوسيط طرح سؤال: ما هو الكتاب؟ وما هي الشاشة؟ وما هي حدود كل منهما؟ والإمكانات التي يمكن أن يتفرد بها أحدهما متجاوزا غيره؟ يستدعي هذا السؤال إعادة النظر في فهم ما هو النص الذي يمكن أن يتقدم من خلال الكتاب، وماذا يطرأ عليه حين نعاينه من خلال الشاشة؟
لقد تدخلت عوامل كثيرة في تحديد مفهوم النص، أو ما يتصل به، على مرّ العصور. وكانت تتحكم، في كل التصورات حوله، طبيعة الوسيط الذي يتحقق من خلاله. إن تعريفات النص أو الخطاب المتحقق من خلال الكتاب، مثلا، جعلت النظريات المتعاقبة تتعامل معه تبعا للصورة التي جعلته يبدو لنا من خلالها متخذا بعدا خطيا يقرأ من اليمين إلى اليسار، ومن البداية إلى النهاية، وتقليب الصفحات للانتقال في كتلته النصية لتشكيل المعنى الذي يحمله. أما الشاشة فبسبب اختلافها عن الكتاب، جعلتنا نتحدث ليس عن النص، ولكن عن «النص المترابط» لأن طبيعتها «المادية» تستدعي ألا نتعامل معه، وفق ما تمليه طبيعة الكتاب المادية المختلفة. إن طبيعة الشاشة تفرض علينا معاينة فقط ما يمكن أن تستوعبه من النص، لكن بقيته محجوبة عنا. ولقد دفعت هذه الطبيعة إلى ضرورة إيجاد المصعد الذي يسمح لنا بالانتقال من الأعلى إلى الأسفل، أو من خلال روابط ننتقل بواسطة النقر عليها إلى ما لا يظهر لنا من النص الذي نتعامل معه. من الكتاب إلى الشاشة نرى أن الملاءمة أدت إلى الانتقال من النص إلى النص المترابط، الذي يتناسب مع صفحة الفضاء الشبكي. وكل منهما يسمح بتقديم تصور خاص للنص وفق ما يفرضه علينا هذا الوسيط أو ذاك.
لم تبدأ نظرية الوحدة العضوية تتلاشى من الأذهان، جزئيا، إلا مع البنيوية، وتحليل الخطاب الذي كشف لنا أن أي خطاب ليس سوى متتالية من الجمل المترابطة في ما بينها.
إذا كان الوسيط الورقي أو الرقمي قد فرض علينا، كل واحد منهما، طريقة محددة في تقديم النص، ومحاولة تحديده، وجعلنا بذلك لا نلتفت إلى الكيفية التي يتشكل بواسطتها قبل أن يحتمله هذا الوسيط أو ذاك، صار لزاما علينا التساؤل عن ماهية النص (المادة المنتجة) وكيفية تكونها وتطورها، في ذهن منتجها، قبل أن يعطيها الصيغة التي فرضها عليه هذا الوسيط أو ذاك؟ إن البحث في «ما قبل النص» أو تكونه ضرورة لفهم علاقة النص بالوسيط. وتبعا لذلك، نجد أن أي نص، سواء تقدم إلينا من خلال الكتاب، أو عُرِض علينا من خلال الشاشة، لم يكن سوى بنيات (شذرات) تم الربط بينها لتشكيل النص وفق قواعد الأجناس والأنواع التي يسير عليها. وفي ضوء ذلك كان جمع تلك البنيات تحت عنوان في كتاب بين دفتي غلاف. تبعا لذلك يمكننا التساؤل: ما هو الديوان الشعري؟ أليس عبارة عن مجموعة من القصائد كتبت في فترات متباعدة، وجمعت ورتبت على حروف القافية، أو حسب الأغراض، وكل قصيدة منها كتبت مرتبطة بأزمنة ما، ثم كان جمعها بعد إعادة بنائها لتستوي قصيدة متكاملة؟ أليست المصنفات والمؤلفات، كيفما كان نوعها سوى شذرات نصية ظل يجمعها أصحابها خلال فترات تلقي العلم، ودبجوا لها مقدمة تبين طبيعة ما تتضمنه من مواد متعددة ومتفرقة بعد أن تبينت لهم قيمتها؟
إن سؤال: ما هو الكتاب؟ لا يمكن إلا أن يسلمنا إلى اعتباره بنيات، أو شذرات، تم الربط بينها داخل جلدتين لتكون ذات معمار نصي خاص يبين هويتها، ويكشف انتماءها الجنسي أو النوعي. ولقد فرض هذا الوسيط إمكانية التعامل مع الكتاب على أنه ذو وحدة بنيوية ودلالية يستحيل فهم النص بدون وضعها في الاعتبار. لقد جاءت النظرية التي تدافع عن الوحدة العضوية للكتاب وبالتالي للنص لتحول بيننا وبين الانتباه إلى طبيعة النص خلال تشكله، لأنها كانت تتعامل مع النص إبان اكتماله، أي من خلال بنائه كما قدمه الكاتب. ولم تبدأ نظرية الوحدة العضوية تتلاشى من الأذهان، جزئيا، إلا مع البنيوية، وتحليل الخطاب الذي كشف لنا أن أي خطاب ليس سوى متتالية من الجمل المترابطة في ما بينها. لكن مع ذلك ظلت فكرة النص دالة على أننا أمام بنية كبرى تتشكل من بنيات صغرى تجمع بينها مقومات متعددة السمات والمقاصد.
مع الشاشة، والنص المترابط، بتنا أمام ضرورة الانطلاق مما قبل النص لتأكيد أن بناءه واكتماله يتخذ معها صورة مختلفة يفرضها هذا الوسيط الجديد.
٭ كاتب مغربي
لكن قبل الكتاب الورقيّ والشاشة الرقميّة هناك اللوح المحفوظ في مخيال الكاتب.ففيه تتنضد الأفكار منذ البداية إلى النهاية وبينهما…
هذا اللوح المحفوظ في مخيال الكاتب المدوّنة الأم للنصّ…فكلما كانت الأفكارفيه ناضجة التسلسل قابلة للولادة والخروج إلى ( الفضاء )
لتتجسد على الورقة أو على الشاشة ؛ فهي تخرج ( شبه مكتملة ) إلا من لمسات القابلة وإلا ستبقى خداج على الورقة أو على الشاشة.
لهذا فإنّ الأساس في النصّ القراءة وليست الكتابة.وكلما كانت القراءة أعمق يولد النصّ بشكل أفضل صحيًا وعمليًا وتفاعليًا وإبداعيًا.
هي القراءة الذاتيّة المستبطة في مخيال الكاتب ؛ والذي هو كالفرن الساخن ؛ يقوم بانضاج محتوى النصّ كحصيلة وهو الأهمّ ؛ أما الشكل الظاهر للعيان ؛ فليكن ورقيًا أو رقميًا أو شيئًا آخر من وسائل في قابل الإيام التقنيّة ؛ لا يهمّ.مع التقدير والاحترام.
عنوان (ما قبل النص: من الكتاب إلى الشاشة) وزوايا رؤية وتحليل رائعة يا (د سعيد يقطين) ما نشرته في جريدة القدس العربي،
وأحب أن أضيف، المنتج الآن أكبر من الكتاب أو الشاشة،
ما بين الاتصال والتواصل والإقتصاد،
الناتج من احتكاك ثقافة الأنا (الرجل) مع ثقافة الآخر (المرأة) في الطريق لتكوين الأسرة/المجتمع أو الشركة/الدولة،
لاحظت في عصر الجيل الرابع للثورة الصناعية التي أصبحت فيها الآلة لا تحاكي عضلات الإنسان فقط، بل عقله، حتى في اتخاذ القرار في الإدارة والحوكمة والإنتاج، هناك ثلاثة أنواع من الذكاء الآن:
ذكاء الآلة: الذي يعمل على زيادة الإنتاج بجودة وكفاءة تعمل على زيادة الإيرادات.
ذكاء الحيوان: الذي يعمل على تجاوز كل المخاطر التي يمكن أن تواجهنا من أي جهة.
ذكاء الإنسان: رفع جودة التواصل والاتصال لزيادة رفاهية وسعادة الجميع.
ولاحظت كذلك إشكالية عقلية دلوعة أمه على أرض الواقع عند استلامه أي سلطة، بين أهمية الانتباه إلى أنّ واجبات وأسلوب إدارة وظيفة العلاقة داخل الأسرة/المجتمع،
يختلف عن واجبات وأسلوب إدارة وظيفة العلاقة خارج إطار وحدود الأسرة داخل الشركة/الدولة أو في أجواء أدوات وتقنيات العولمة والإقتصاد الرقمي/الإليكتروني،
خلط الحابل بالنابل بلا منطق ولا موضوعية هي مصيبة عقلية دلوعة أمه، لتدمير أي نظام بيروقراطي للإقتصاد والقوانين والدستور، كما حصل في عراق ما بعد 2003، أو بعد استلام دلوعة أمه (دونالد ترامب) كرسي وظيفة الرئيس في أميركا.
رُبّ ضارةٍ نافعةً، فعراق الحضارة الإنسانية، من أجل محاربة حصاره الظالم في الفترة ما بين 1990-2003،
اخترع إقتصاد جديد رائع، أساسه البطاقة التموينية كحاضنة للإقتصاد الوطني من جهة، والمقايضة بمنتجه الوطني من جهة أخرى،
لتجاوز آثار حصار النظام المالي الربوي والتأمين عليه، الذي أعلن انهياره بعد ذلك عام 2008،
ونحن في وقف بسطة (صالح) لإنتاج المُنتج الحلال (أي بلا غش تجاري) معتمدة على أتمتة وحوكمة هذا النظام، لتجاوز إشكالية الإيمان والولاء، أو عدم التفكير بتعدّد الزوجات/الأزواج،
وتوفير مناهج تعليم/تدريب/تدوين إلى الموظف صاحب المنصب (السياسي) أو المنصب (المهني) في القطاع العام أو الخاص في أي دولة من دول العالم بداية من دولنا، أهلنا ما بين دجلة والنيل،
لمن يبحث عن حلول لمشكلة أزمات النظام الإقتصادي لدولة الحداثة في كل المجالات،
الذي من وجهة نظري، لا ولم ولن يستطيع المنافسة في أجواء العولمة والإقتصاد الرقمي/الإليكتروني كإنسان وأسرة وشركة وبالتالي كدولة.??
??????