تظاهرات العراق تتجدد اليوم… البغداديون يخزِّنون المواد الغذائية والوقود تحسباً لأي طارئ

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: تترقب الحكومة والأوساط الشعبية والسياسية، تجدد الحراك الاحتجاجي الذي بات يعرف محلّياً بـ«ثورة أكتوبر»، اليوم الجمعة، في العاصمة العراقية بغداد ومحافظات البلاد الأخرى، وسط استنفارٍ شعبي لشراء وتخزين المواد الغذائية ومصادر الطاقة (النفط والغاز)، تحسباً لأي طارئ.
وطبقاً لشهود عيان، فإن الأسواق المحلية شهدت إقبالاً واسعاً من المواطنين لشراء الحاجيات الأساسية، وتكديسها في المنازل، خشية من تطور الأوضاع بعد اليوم الجمعة، واحتمال عودة فرض حظر التجوال، في حال تكرر مشهد التظاهرات التي انطلقت مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، وخلّفت آلاف الضحايا.
وعلمت «القدس العربي» من مصادر محلية، إن العراقيين أقبلوا بشكل كبير على محطات التزود بالوقود (النفط والغاز)، رغم إعلان وزارة النفط توفر تلك المنتجات، وحثّها المواطنين على عدم تكديسها في المنازل نظراً لخطورتها، لكن ذلك لم يمنع العراقيين من زيادة إقبالهم على شراء تلك المنتجات.

حالة من الحذر

وبالإضافة إلى ذلك، تسود الشارع العراقي حالة من الحذر والترقب الشديدين، تزامناً مع أزمة مرورية حادة، شهدتها أغلب مدن العاصمة العراقية بغداد.
ومن المقرر أن يجدد المحتجون المطالبون بـ«الثأر» من قتلة المتظاهرين، فضلاً عن إسقاط الحكومة وحلّ البرلمان، وإجراء تعديلات دستورية وانتخابات مبكّرة برعاية أممية، تظاهراتهم اليوم الجمعة في ساحة التحرير وسط العاصمة، ومحافظات البلاد الأخرى، لا سيما الوسطى والجنوبية، في حين من المتوقع مشاركة أنصار التيار الصدري بعد دعوة زعيهم مقتدى الصدر للنزول إلى التظاهرات وسط مخاوف أن يقوم الصدر بركوب موجة الاحتجاجات.
وعلى الصعيد الأمني، من المفترض أن تتولى قوات «حفظ النظام»، المشكّلة حديثاً، مهمة تأمين التظاهرات في بغداد والمحافظات، والتي تلقت توجيهات صارمة بمنع حمّل السلاح، أو استخدام «العنف» تجاه المتظاهرين السلميين العزل.
وبالفعل، أبلغ مصدر أمني «القدس العربي»، إن القوات الأمنية بجميع تشكيلاتها، دخلت حالة الانذار القصوى «ج» أول أمس، وبدأت باتخاذ إجراءاتها الأمنية المشددة، للسيطرة على تظاهرات الجمعة.
ومساء الأربعاء، أوصى مجلس الأمن الوطني، يترأسه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بتكفّل القوات الأمنية حماية المتظاهرين والممتلكات العامة والخاصة، وعدم السماح بـ«حرف» التظاهرات عن مسارها السلّمي. في حين قامت مؤسسات الدولة بنقل الوثائق والأموال إلى أماكن بديلة، حسب رئيس تحالف «تمدّن» النائب فائق الشيخ علي.
وأضاف في «تغريدة» له على صفحته في «تويتر»، أمس، «يتم منذ أيام نقل وثائق وأموال مؤسسات الدولة إلى أماكن بديلة، تحسبا لتعرضها إلى الإتلاف أو المصادرة». وتابع: «بل أغلقت بعض المؤسسات أبوابها وأجازت موظفيها».
وختم تغريدته: «من المؤكد أن المتظاهرين لن يتعرضوا لها.. ولكن الخشية من قبل المتربصين بها الذين اعتادوا تهريبها للخارج».
ويبدو أن التطمينات الحكومية بعدم التعرض إلى المتظاهرين أو «قمّع» تظاهراتهم، لم تُقنع الكتل السياسية، المعارضة منها تحديداً، إذ دعا حزب «بيارق الخير»، المنضوي في ائتلاف «النصر»، بزعامة حيدر العبادي، التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة إلى توفير غطاء جوي للمتظاهرين العراقيين لحمايتهم من القتل.
وقال الأمين العام للحزب النائب محمد الخالدي، في بيان له أمس،: «في هذه الأيام الصعبة التي يمر بها شعبنا العراقي، وبعد وصول العملية السياسية إلى طريق مسدود، وبعد الاعتداءات التي أدت إلى مجزرة كبيرة راح ضحيتها آلاف العراقيين المتظاهرين السلميين ومن الأجهزة الأمنية، وبعد صدور التقرير الحكومي البائس الذي تجنب الإشارة إلى الجهة المجرمة التي قتلت عددا كبيرا من أبنائنا وفي وقت قياسي خلال ثلاثة أيام، ندعو رئيس الجمهورية ممارسة دوره الدستوري والديمقراطي بإرسال طلب للبرلمان يطلب فيه بإقالة الحكومة». وطالب، البرلمان بـ«تأدية دوره الرقابي كأعلى سلطة في البلد وإقالة الحكومة من خلال التصويت بالأغلبية المطلقة، وإحالة كل من رئيس مجلس الوزراء ووزراء الدفاع والداخلية والأمن الوطني للتحقيق في قتل وجرح آلاف المواطنين العراقيين».
ودعا،»قوات التحالف الى حماية المتظاهرين من خلال تسيير طائرات مسيرة وضمن الاتفاقية الأمنية بين العراق والتحالف الدولي، لمنع تكرار إبادة جماعية أخرى كما حصلت سابقا»، داعيا المتظاهرين إلى «الحفاظ على سلمية تظاهراتهم وعلى الممتلكات العامة والخاصة».
وطالب، «وسائل الإعلام بتأدية دورها في نقل الوقائع ومساندة المتظاهرين من أجل إصلاحات حقيقية تبدأ بإقالة الحكومة ومحاسبة القتلة ومكافحه الفساد وإعادة مليارات الدولارات في بنوك العالم، وتصحيح العملية السياسية بتغير قانون الانتخابات وتشكيل مفوضيه من القضاة المشهودة لهم بالنزاهة».
وقبل ساعات من تجدد الحراك الاحتجاجي، أعلن رئيس الوزراء السابق، حيدر العبادي، عدة مطالب، أبرزها تنظيم انتخابات مُبكرة وإبعاد «الفاسدين والمزورين» عن العملية الانتخابية. وكتب العبادي، أمس، على منصة التواصل الإجتماعي «تويتر»: «التظاهر السلمي حق دستوري، وهو أداة ضغط جماهيري لتصحيح المسار، وندعو المتظاهرين للحفاظ على سلمية التظاهرات ووطنيتها، ونهيب بالقوى الأمنية الحفاظ على الأرواح والسماح للمواطنين بممارسة حقوقهم المدنية والسياسية». وشدد على أن «يجب تقديم من أساء للعراقيين واسترخص دماءهم إلى العدالة مهما كانت مواقعهم»، مطالبا «بحماية الإعلام وإيقاف حملات ملاحقتهم وملاحقة الناشطين من قبل جهات حكومية أو جهات خارجة على القانون تعمل تحت الرعاية الحكومية».
كما أكد أن «مطالب المتظاهرين مشروعة، ويجب دعم الرقابة الشعبية على الدولة وضمان نزاهة وعدالة القضاء الذي هو أحد الأركان الأساسية لقيام الدولة».

انتخابات مبكرة ونزيهة

ودعا إلى «تنظيم انتخابات مبكرة ونزيهة بإشراك أممي، وتشريع قانون انتخابات منصف وعادل وإبعاد الفاسدين والمزورين عن العملية الانتخابية»، كما طالب بـ«ملاحقة الفساد واللجان الاقتصادية لأحزاب الحكومة وتجريم تقسيم الغنائم والمناصب فيما بينهم».
موقف العبادي الذي يعد واحداً من قيادات حزب «الدعوة الإسلامية»، بزعامة نوري المالكي، يأتي مطابقاً لما دعا إليه حزبه بـ«إعادة» تشكيل الحكومة بما يساهم في تحقيق مطالب المتظاهرين، والذي عبّر أيضاً عن «تأييده» لـ«تعديل» مواد الدستور المطلوب تغييرها واحالتها للاستفتاء الجماهيري وفق الآليات الدستورية.

أنباء عن نقل الحكومة وثائقها إلى أماكن آمنة… وحزب سنّي يطلب من التحالف حماية المحتجّين

جاء ذلك وفقاً لبيان أصدره الحزب جاء فيه: «وقفنا مع ملايين العراقيين في التصويت على الدستور، والتزام الآليات الديمقراطية في العملية السياسية، والتبادل السلمي للسلطة، وتحقيق تطلعات الشعب العراقي في الوحدة والسيادة الوطنية ونبذ التفرقة والتمييز العنصري والطائفي، والسعي لتحقيق التنمية الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، ودعم توجهات المرجعية الدينية العليا التي بادرت ووجهت لتحقيق هذه الانجازات الكبيرة».

مواجهة التحديات والأزمات

وجدد الحزب وقوفه أيضاً مع «الشعب العراقي في مواجهة التحديات والأزمات»، مؤكداً «موقفه الثابت المؤيد لمصالح الشعب»، معلنا عن جملة من المواقف بينها ما نصه «تأييدنا الكامل لجميع المطالب القانونية للمتظاهرين، مع شكرنا للجهود التي بذلت حتى الآن لتنفيذ هذه المطالَب، وندين أعمال العنف كافة ضد المتظاهرين السلميين والقوات الأمنية والإعلاميين والسياسيين، ونطالب بإطلاق سراح المعتقلين منهم».
ودعا الحزب إلى «إعادة تشكيل الحكومة بما يساهم في تحقيق مطالب المتظاهرين المشروعة والتصدي للتحديات وبما ينسجم مع الآليات الدستورية» مضيفاً: «ندعم قرارات شمول المفسوخ عقودهم من القوات الأمنية وإعادتهم إلى الخدمة شرط التدقيق المهني والأمني لمنع عودة الذين تواطأوا مع الإرهابيين وقدموا لهم الدعم والمساندة وباعوا الوطن بثمن بخس».
وتابع: «عدم قناعتنا بالتقرير الذي صدر من اللجنة المكلفة بالتحقيق بالأحداث المؤسفة والمخالفة لحقوق الإنسان، كذلك، فإن التقرير لم يشخص مسؤولية الذين نفذوا الأعمال الإجرامية والانتهاكات للقانون، ونخص بالذكر القتل بالقنص وتدمير وحرق البنايات الحكومية والأهلية والتخريب لمقار الأحزاب السياسية وغيرها من الأعمال المخالفة للقانون»، مطالبا بـ «إحالة المسؤولين عن هذه الانتهاكات إلى المحاكم». وأيد الحزب، «تشكيل لجنة من الخبراء الدستوريين لتعديل مواد الدستور المطلوب تغييرها وإحالتها للاستفتاء الجماهيري وفق الآليات الدستورية»، مجددا الدعوة لـ«الاسراع في تقديم ملفات الفساد إلى القضاء ومعاقبة المفسدين، والتأكيد على احترام السيادة الوطنية الكاملة للعراق، ونرفض بشكل قاطع التدخل في الشؤون الداخلية للعراق، ولا نقبل المساومة أو المداهنة على استقلال العراق ووحدته، وأن لا يكون العراق ساحة صراع الإرادات بين الدول».
وأكد «مساندة القوات الأمنية البطلة من جميع الصنوف والحشد الشعبي والتي كان لها دورا مشرفا في الحفاظ على وحدة وسيادة العراق، وفِي محاربة الإرهاب»، داعيا إلى «العمل والتعاون والاشتراك مع بقية التيارات والكيانات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والجماهير في تبني المشاريع والبرامج التي تقدم الخدمات للمواطنين وحل المشاكل والتحديات التي تجابهها».
واختتم الحزب بيانه قائلا: «نقف بـجلال وإكبار لكل شهداء العراق الأبرار الذين ضحوا بدمائهم الزكية الطاهرة لله لتخليص الشعب العراقي من الظلم والطغيان والضياع والتفكك، وحققوا الانتصارت على أعداء الله والعراق، والذين استشهدوا ظلما في التظاهرات الأخيرة، ونعاهدهم ونعاهد الشعب العراقي بأننا ماضون بنهج بناء العراق وتحقيق الرفاه والسعادة للشعب العراقي والحفاظ على العراق ومكوناته ووحدته وسيادته الكاملة». على حدّ البيان. ورغم أن القوى السياسية العراقية أعلنت دعمها لمطالب المتظاهرين، غير أنها لم تحثّ جماهيريها على النزول للشارع والانضمام إلى المجموع المُحتجّة، باستثناء التيار الصدري الذي يعدّ العدّة للمشاركة الواسعة في تظاهرات اليوم.

نصائح الصدر

في هذا الشأن، أصدر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مجموعة من النصائح الى متظاهري الجمعة المقبلة، داعيا إياهم إلى الحفاظ على ممتلكات الشعب العامة والخاصة.
وقال في بيان له، «عاهدت الله أن لا أكون ظهيرا للفاسدين، بل كما علمني أبي أن أكون نصيرا للمصلحين، لذا، أقدم مجموعة من النقاط قد ينتفع بها الثوار، فاعطِ لأخيك في القوات الأمنية وردة، والتحلي بروح المثابرة والصبر من أجل الوطن فحب الوطن من الإيمان».
وزاد، يجب «الحفاظ على ممتلكات الشعب العامة والخاصة فهم اخوتكم، وأن لا يستهدف الصالح بذنب الفاسد، ففي الحكومة من هم مغلوب على أمرهم فلا تؤذوهم، وإعكسوا صورة جميلة بتنظيمكم وهتافتكم وفِعالكم وأفعالكم، ولا تبتدئوا العنف، فالفاسد لا يخاف من السلاح أكثر من السلام».
وتابع، أن «الكثير من الشعب بل ومن المنتمين للأحزاب من غير المشتركين في الحكومة يرغب بمشاركتكم إلا أنه يجهل مطالبكم وآلياتكم فأعلنوها كي يتجلى أمركم، وحافظوا على أنفسكم قدر الإمكان فآذاكم يؤذينا، كما لا تسمحوا لأحد بمصادرة جهودكم لمن هم في الداخل والخارج فأنتم أصحاب المبادرة، وأخوتكم في التيار الصدري بجميع تشكيلاته في خدمتكم. نسأل الله أن لا تحتاجوا لمعونة أحد». وأوضح أن «رفع مستوى مطالبكم أمر جيد بشرط التحلي بالحكمة من أجل عدم ضياع العراق دستوريا وامنيا، فالتفتوا رجاءا، ووثقوا وصورا ما يحدث قدر الإمكان»، مؤكدا بالقول: «سمعتكم عندنا أهم من مطالبكم فالتفتوا لذلك رجاء».
ودعا إلى، «التنسيق مع العشائر العراقية والنخب الثقافية والأدبية والإعلامية وغيرهم»، منوها إلى أن «صبر الفاسد سرعان ما ينفد وصبركم أطول فاعتصموا بحبل الله ولا تيأسوا فسلميتكم أعظم من جدرانهم وسلاحهم».
وأشار مخاطبا المتظاهرين: «إعلموا أن لو تم الاعتداء عليكم مرة أخرى فسنتصرف بما يليق وبما يرضي الله ويرضيكم»، مرددا في ختام بينه: «موج الشعب قادم فيا شاطئ إنحني ويا فاسد إنثني».
وتعهدّ رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، أخيراً بتقديم تعديل وزاري بعيداً عن المحاصصة، إلى مجلس النواب، مع أولى جلسات انعقاده (مقررة غداً السبت)، بالإضافة إلى تشريع قانون «من أين لك هذا»، وتشكيل محكمة مختصة بقضايا الفساد.
ومن بين جمّلة الوعود التي طلقها عبد المهدي، خفض رواتب ومخصصات الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة إلى النصف، بحيث يصل أعلى مرتب شهري إلى 10 ملايين دينار (8 آلاف و300 دولار)، على أن تذهب مبالغ الفائض لصندوق الضمان الاجتماعي، الذي يوفر أيضاً رواتب شهرية لكل مواطن عراقي لا يمتلك عملاً، تصل كحدٍ أدنى إلى 130 ألف دينار (نحو 100 دولار).

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية