العراق يقرّ باستمرار خطر تنظيم “الدولة” رغم مقتل البغدادي وتحذيرات من دمّجه مع “جبهة النصرة” باسم جديد

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ “القدس العربي”:  أقرّ العراق باستمرار خطر تنظيم “الدولة” على الرغم من مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي، أخيراً، في عملية أمريكية استندت إلى معلومات مخابراتية واستخباراتية عراقية، في إدلب السورية. وفيما يرجّح خبراء احتمالية دمّج التنظيم مع تنظيم “جبهة النصرة” السوري، أكدت المؤسسة العسكرية العراقية استمرار عمليات مطاردة بقايا التنظيم في الجبال والصحراء.

في هذا الشأن يقول المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية العميد يحيى رسول لـ”القدس العربي” إن “مقتل زعيم تنظيم داعش مهم جداً” مبيناً إن “الأجهزة الاستخباراتية العراقية، وجهاز المخابرات العراقي، ومديرية الاستخبارات العسكرية، بالإضافة إلى وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية، كان لهم دور كبير في ملاحقة ومتابعة الإرهابي أبو بكر البغدادي”.

وأضاف: “الضربة الأخيرة (استهدفت البغدادي) كانت وفقاً لمعلومات دقيقة عن تواجده، وأدت إلى مقتله عبر قوة تابعة للولايات المتحدة الأمريكية” موضحاً إن “هناك مساهمة كبيرة وفاعلة من قبل الأجهزة الاستخباراتية العراقية في مقتل البغدادي”.

وعن سبب اختيار التنظيم أبو ابراهيم الهاشمي القرشي، لخلافة البغدادي، أشار القائد العسكري قائلاً: “الاختيار يأتي بعد الخلافات الكبيرة التي حدثت في صفوف تنظيم داعش الإرهابي. هذه الخلافات بدت واضحة بعد الخسارات التي لحقت بالتنظيم” مؤكداً إن “هذه الخلافات بين الصفوف الأولى والثانية والثالثة للتنظيم، ألقت بظلالها على مسألة اختيار زعيم جديد لداعش”.

وتابع: “اختيار التنظيم لشخصيات عراقية للزعامة، يأتي للم شتات ما تبقى من داعش في المناطق العراقية” منوهاً بأن “التنظيم ما يزال موجوداً في العراق وله خلايا وفلول وعصابات داخل الأراضي العراقية، وخصوصاً في السلاسل الجبلية والصحراوية، كذلك لا يزال لديه تواجد في مناطق شمال شرق سوريا”.

ومضى إلى القول: “الأجهزة الاستخباراتية متابعة لكل تصرفات التنظيم” موضحاً أن “عديل البغدادي وناقل بريده، الذي تم إلقاء القبض عليه من قبل الأجهزة الاستخباراتية العراقية، أشار إلى إن التنظيم انتهى بشكل كبير، لكنه لا يزال يمثل خطراً”.

وأكمل: “ما يزال التنظيم يمني نفسه في أن يعود إلى سابق عهده، لكنه انتهى مثلما انتهى تنظيم القاعدة بعد مقتل زعيمه أسامة بن لادن” مرجّحاً في الوقت عيّنه “ظهور تنظيمات أخرى على الساحة”.

هزائم وانكسارات

واعتبر المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية، مقتل زعيم التنظيم بأنه “مهم جداً” بكونه يمثل “أعلى سلم هرم التنظيم. البغدادي مجرم وقاسي، وتمكن من السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي العراقية والسورية، لكن بعد الهزائم والانكسارات، والانقسامات داخل صفوف التنظيم ومقتل زعيمه أخيراً، كل ذلك يعد نكسة كبيرة للتنظيم الإرهابي”.

أما رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية (مؤسسة غير حكومية) الدكتور واثق الهاشمي، فحثّ العراق والتحالف الدولي، برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، ودول العالم، إلى استغلال حالة “الانكسار” التي يمرّ بها تنظيم “الدولة” عقب مقتل زعيمه البغدادي، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى إن التنظيم لن ينتهي بنهاية البغدادي.

وقال الهاشمي لـ”القدس العربي” إن “العراق كان له دور في متابعة البغدادي وقتله. الاستخبارات العراقية قامت بأكثر من عملية منذ خروجه من الأراضي العراقية” موضحاً إنه “قبل أكثر من ثلاثة أشهر كانت هناك ضربة قام بها الطيران العراقي على منطقة قريبة من الحدود العراقية ـ السورية، أسفرت عن قتل 7 من القيادات التي كان يُعتقد أن البغدادي كان معهم، لكنه لم يكن ضمن الرتل. كان هناك تواصل مع الجانب الأمريكي في هذا الأمر”.

وأضاف: “المخابرات العراقية كان لها دور في كشف المكان الأخير الذي تم فيه قتل البغدادي. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعترف بذلك، لكن السؤال المطروح الآن هو ماذا بعد البغدادي؟”.

وأكمل الهاشمي حديثه قائلاً: “هذه التنظيمات لن تنتهي لكون إن لها فكرا ولها قيادات، لكن هذا لا يعني إن التنظيم يعيش حالة انهيار بعد خسارته الموصل وخسارة ما يسمى بالدولة الإسلامية، ومقتل أبرز قادة التنظيم” موضحاً إنه “في الشهرين الأخيرين، وعقب خطاب البغدادي، حوّل الأخير إدارة التنظيم إلى اللجنة الأمنية، مهمتها قيادة التنظيم، وبشكل نظام خيطي للحفاظ على وضعه”.

وأشار الهاشمي إلى إن “التنظيم يعاني من مشكلة المتطوعين. كانت أعدادهم تقدّر بنحو ألف متطوع شهرياً، في أثناء احتلالهم للموصل وسوريا، فضلا عن أموال هائلة كدعم، لكن الآن عدد المتطوعين الجدد للتنظيم (صفر) وهناك مشكلة في التمويل المالي”.

وتابع: “الفرصة بالنسبة للعراق ودول المنطقة، تتمثل باستغلالها لضبط الحدود وتنشيط الأعمال الاستخباراتية للوصول إلى الخلايا النائمة” منوهاً بأنه “إذا تُرك التنظيم فسيتمكن من إعادة تنشيط نفسه”.

ومضى قائلاً: “اختيار شخصية جديدة (الهاشمي) لقيادة التنظيم، وهو من قيادات الخط الثالث، يعدّ مفاجأة. كان المرشح أبو عمر التركماني خلفاً للبغدادي” مشيراً إلى إن “جميع الشخصيات التي اختيرت لقيادة التنظيم هم عراقيون”.

عودة العمليات الانتحارية

وشدد الهاشمي على أهمية أن “يتعاون العراق مع التحالف الدولي ودول الجوار، للاستمرار بملاحقة التنظيم، بكونه إذا لم يُتابع الآن، فإنه سيعود مرة أخرى ويبدأ عملياته الانتحارية والسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة لإثبات وجوده” منوهاً بأن “التنظيم في الفترة السابقة كان يحاول أن تكون القيادة لشخصيات غير عراقية، لكن بعد تسلم البغدادي زمام القيادة، أصبحت جميع القيادات المقربة منه عراقية، حتى يكون له ثقل في العراق، باعتبار إن ما كان يسمى دولة الخلافة في هذا البلد”.

واعتبر رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية‏ إن “مقتل البغدادي خطوة إيجابية، لكن هذا لا يعني إن التنظيم توقف. يخطئ من يقول إن التنظيم انتهى بانتهاء البغدادي” مبيناً إن “هذه التنظيمات الإرهابية عندما تصاب بالضعف تنحلّ لتنشئ تنظيماً آخر يكون أكثر قوة وجريمة وبشاعة”.

ويواصل: “لو نقارن بين القاعدة وداعش، لرأينا إن الأخير أكثر فتكاً” مرجّحاً “دمّج تنظيم داعش مع جبهة النصرة. هناك تواصل فيما بينهما لإنشاء تنظيم باسم جديد أو البقاء بالاسم نفسه، وهذا يعدّ أيضاً من القضايا التي لها تأثير في المرحلة القادمة، إذا لم يكن هناك إنجاز في محاربة التنظيم”.

واعترف تنظيم “الدولة” الخميس الماضي، بمقتل زعيمه أبو بكر البغدادي والمتحدث باسمه أبو الحسن المهاجر، فيما كشف عن اسم زعيمه الجديد ويدعى أبو إبراهيم الهاشمي القرشي.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية