تحذر إسرائيل النووية العالم من الخطر النووي الإيراني. ويتوعد بنيامين نتنياهو إيران بالحرب، لخطرها على إسرائيل والشرق الأوسط، والعالم! ويقسم بأن إسرائيل لن تسمح أبدا لإيران بتطوير أسلحة نووية فهو يعتبر نفسه المسؤول عن أمن ومستقبل الشرق الأوسط والعالم. ويتناسى رئيس وزراء إسرائيل خطر الأسلحة النووية، التي تمتلكها إسرائيل وتهدد بها منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
وفي مواجهة السياسة النووية الإسرائيلية، يمكننا قراءة قانون السياسة النووية الإيرانية على النحو التالي: “السلاح النووي حرام شرعا، لكن امتلاك ومهارة استخدام التكنولوجيا النووية هو واجب شرعي”. ولا يجوز أبدا لأمة أن تفرط فيه، باعتباره نهرا من أنهار المعرفة والتقدم، وضرورة من ضرورات إقامة السلام العادل في منطقة مضطربة تعاني من سيطرة القوى الأجنبية.
نتنياهو يحرث في ماء البحر، ويصدر تهديدات صوتية، فهو لا يستطيع أن يفعل أكثر من ذلك، بعد أن بدأ نجمه في الأفول وقوته في الذبول. وما تهديداته إلا محاولة للبحث عن طوق منفوخ بالهواء، ينجو به من الغرق سياسيا.
حال ترامب، ليس أفضل من نتنياهو، فالرئيس الأمريكي، مع اتساع نطاق إجراءات مساءلته، وقرار مجلس النواب جعل جلسات التحقيق علنية، أصبح مذعورا ولا يرى مخرجا. سياسة ترامب ضد إيران، كما هي سياسته الخارجية، تعاني من اضطراب شديد. إن أكثر ما يقلق ترامب حاليا هو كيفية مواجهة محاولة تحقيقات عزله التي تحاصره يوما بعد يوم، فإن لم تعزله، فقد تطيح به في انتخابات الرئاسة بعد عام. ولم يعد في وسعه أن يستجيب لنداءات نتنياهو بشن حرب على إيران فلديه ما يكفي من المشاكل.
رقابة الوكالة الدولية للطاقة النووية
الولايات المتحدة وصفت قرار إيران رفع طاقة إنتاج اليورانيوم المخصب، وزيادة نسبة التخصيب، بأنه “خطوة كبيرة في الاتجاه الخاطئ” وطالبت بإخضاع الإجراءات الإيرانية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة النووية. ويبدو أن الولايات المتحدة في ذلك تتجاهل حقيقتين، الأولى هي حق إيران في تخفيض التزاماتها بالاتفاق النووي “كليا أو جزئيا” عندما لا تنفذ الأطراف الأخرى التزاماتها. والثانية، هي أن إيران أعلنت انها ستقوم بهذه الإجراءات تحت سمع وبصر الوكالة، وخاطبتها كتابة، لإرسال فريق من المفتشين لمراقبة ما يتم. إيران ترد على العقوبات المفروضة عليها، بقوة وشفافية وطبقا لالتزاماتها الدولية.
حقيقة الأمر، أن إيران تستخدم الحق الذي نصت عليه المادتين 26 و36 من الاتفاق النووي، وليس في ذلك أي انتهاك أو خرق للاتفاق الذي أبرمته مع القوى العالمية الرئيسية في عام 2015. وهي عندما تستخدم هذا الحق، فإنها ليست مضطرة للكذب، وإنما تعلن مسبقا الإجراءات التي ستقوم بها، وجدولها الزمني، وتخطر الأطراف المعنية جهرا. إيران صبرت، بما فيه الكفاية، عاما كاملا بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق، قبل أن تستخدم حقها في تخفيض التزاماتها، حفاظا على مصالحها، ورغبة منها أيضا في المحافظة على الاتفاق. وقد تضمن الرد الإيراني تخفيض التزاماتها بمقتضى الاتفاق، بشكل تصاعدي، على خطوات، مع منح شركائها مهلة زمنية تبلغ 60 يوما قبل الانتقال من أي خطوة إلى الخطوة التالية.
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني، إن الإجراءات التي ستتخذها إيران قابلة للرجوع عنها، وإنها على استعداد للتفاوض مع شركائها بشأن استمرار الاتفاق، لكن هذا الاستعداد يتوقف على ثلاثة شروط، الأول هو إلغاء العقوبات المفروضة على صادرات إيران من النفط والمعادن والمنتجات المعدنية، والثاني هو حرية استخدام عائدات التصدير بدون أي قيود. أما الشرط الثالث فهو ان تعيد الولايات المتحدة التزامها بالاتفاق.
وقد نفذت إيران حتى الآن أربعة إجراءات كبيرة، لتخفيض التزامها ببنود الاتفاق النووي، منذ أيار/مايو 2019 بعد أن فشلت القوى الرئيسية الغربية الموقعة على الاتفاق (ألمانيا، فرنسا وبريطانيا، إضافة للإتحاد الأوروبي) في إقناع الولايات المتحدة بإلغاء العقوبات ضد إيران. ورغم ان هذه القوى حاولت إنشاء آلية تنفيذية لتسوية المدفوعات التجارية بينها وبين إيران، لا تعتمد على الدولار، إلا أن هذه الآلية (إنستيكس) ما تزال عقيمة وغير فعالة. ولذلك لم تتمكن دول الاتحاد الاوروبي حتى الآن، من إقامة ترتيبات لاستئناف تجارة النفط والمعادن مع إيران. وبسبب توقف الصادرات، ونظرا لأن السوق الأوروبية هي كبرى أسواق النفط الإيراني، فإن إيران أصبحت محرومة من بيع حوالي أربعة أخماس صادراتها النفطية.
وتضمنت الإجراءات التي نفذتها إيران في أيار/مايو وتموز/يوليو وأيلول/سبتمبر وتشرين الثاني/نوفمبر من العام الحالي، زيادة كمية الماء الثقيل واليورانيوم منخفض التخصيب، ورفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى أعلى من النسبة الواردة في الاتفاق، ثم زيادة عدد أجهزة الطرد المركزي في المفاعلات القائمة، وإضافة أجهزة طرد مركزي متطورة طراز آي آر – 6 تعمل بعشرة أضعاف سرعة الجيل الأول من الأجهزة التي يتم تصنيعها محليا. كذلك فقد تضمنت الخطوة الأخيرة التي بدأت في 6 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي ضخ غاز هكسافلورايد اليورانيوم (يو إف-6) إلى إجهزة الطرد المركزي في مفاعل فوردو، والبدء في عملية تخصيب اليورانيوم إلى 5في المئة هناك.
الأبحاث العلمية
وكانت شروط الاتفاق النووي تسمح لإيران بتشغيل 1044 جهاز طرد مركزي في مجمع فوردو النووي لأغراض الأبحاث العلمية فقط، وعدم ضخ غاز يو إف -6 في هذه المفاعلات. ومع ذلك فإن نسبة التخصيب المستهدفة حاليا تقل كثيرا عن النسبة الكافية لتصنيع سلاح نووي التي تبلغ 90 في المئة لكنها كافية لإنتاج الوقود النووي اللازم لتشغيل مفاعل بوشهر لتوليد الكهرباء. كذلك أكدت إيران انها قادرة على رفع نسبة التخصيب من 5 في المئة إلى 20 في المئة في أي وقت إذا أرادت، نظرا لخبرتها وإمكاناتها السابقة قبل الاتفاق النووي في عام 2015 وما يتوفر لديها حاليا من إمكانات محلية في تصنيع أجهزة الطرد المركزي المتطورة.
وتبدو الصورة الآن على الوجه التالي: عدد أجهزة الطرد المركزي العاملة في المفاعلات والمجمعات النووية في (نتانز) و(فوردو) إرتفع إلى 8660 جهازا، حسب التقارير الرسمية. لكن العبرة هنا ليست بعدد الأجهزة فقط، وإنما العبرة هي بقدرة الأجهزة أي بسرعتها وكفاءتها. وقد استطاعت إيران تطوير أجيال جديدة من الأجهزة المصنعة محليا طراز آي أر، وتقوم حاليا باختبارات تجريبية لأجهزة من الجيل الأحدث (آي آر-9) التي تعمل بسرعة تبلغ 50 ضعف أجهزة الجيل الأول. وفي الوقت نفسه، بدأت في تركيب وتشغيل الأجهزة المتطورة (آي آر-6) ليبلغ عددها حتى الآن حوالي 60 جهازا، تنتج كمية من اليورانيوم المخصب تعادل إنتاج 600 جهاز من الجيل الأول. وتبلغ كمية مخزون اليورانيوم المنخفض التخصيب حوالي 500 كيلوغرام مقارنة بـ 300 كيلوغرام حسب نص الاتفاق النووي. ومن المتوقع ان تزيد هذه الكمية بسرعة مع ارتفاع معدل الإنتاج من نصف كغم إلى 5 كيلوغرامات يوميا. كما ارتفع معدل التخصيب إلى 5 في المئة مقابل 3.7 في المئة في الاتفاق.
إن تطوير التكنولوجيا المحلية لأجهزة الطرد المركزي الجديدة أدى إلى مضاعفة قدرة إنتاج اليورانيوم المخصب 10 مرات منذ تموز/يوليو الماضي، إضافة إلى رفع نسبة التخصيب إلى 5 في المئة. ومن المرجح أيضا أن تتضاعف قدرة إيران على إنتاج كميات أكبر من اليورانيوم المخصب يوميا من مستواه الحالي (5 كيلوغرامات يوميا) كلما زاد تشغيل الأجهزة من طراز آي آر – 6 التي دخلت نطاق الخدمة فعلا في فوردو، ومع البدء في تشغيل الأجهزة الأحدث طراز آي أر – 9.
ويعتبر تطوير قدرات إيران النووية، الحجر الأساس لإقامة توازن نووي في الشرق الأوسط، الذي تحتكر فيه إسرائيل التكنولوجيا النووية المتطورة، والسلاح النووي. هذا التوازن النووي، هو أحد الشروط الضرورية لإقامة السلام العادل في الشرق الأوسط. لكن تحقيق هذا التوازن لا يشترط أن تمتلك إيران سلاحا نوويا، لأن إنتاج السلاح هو قرار سياسي، وإنما يتوقف على امتلاكها الكامل لتكنولوجيا إنتاج هذا السلاح، وهو ما يمثل في حد ذاته عامل ردع، يكسر احتكار إسرائيل لهذه التكنولوجيا في المنطقة.
وإذا استطاعت إيران المحافظة على قدراتها النووية وتطويرها، فإن هذا لن يؤدي فقط إلى كسر احتكار إسرائيل للتفوق النووي الساحق في الشرق الأوسط، وإنما سيفتح آفاق تصدير الماء الثقيل اللازم لتشغيل المحطات الكهرباء النووية من إيران إلى دول المنطقة، وتوسيع نطاق التعاون الإقليمي في مجالات الإستخدامات السلمية للتكنولوجيا النووية. ولهذا فإن الإدعاء بالتهديد النووي الإيراني، يقول به الراغبون في استمرار احتكارهم للقوة، وفرض إرادتهم على المنطقة.
قبل سنوات قليله كان يعتقد بأن تهديدات امريكا واسرائيل لإيران بعدم السماح لها بامتلاك سلاح نووي وان جميع الخيارات موضوعة على الطاولة بما في ذلك الخيار العسكري ، لكن مجريات الأحداث اللاحقة اثبتت عكس ذلك ، اذ انه من المعارك السياسية وشبه العسكرية اثبتت تحدي وتفوق ايران ، وما التصريحات الأمريكية بشكل خاص ما هي الا فرقعات إعلامية وقع في حبالها دول الخليج ،. ابران ماضية قدما في تحديها لترامب ولنتنياهو،،
اذا أردت ان تعرف ماذا يجري بالبيت الأبيض وتل أبيب عليك ان تعرف ما يجري في طهران،،