اردوغان يلتقي كبار زعماء أوروبا الشهر المقبل على أمل “إجبارهم” على تمويل المنطقة الآمنة

إسماعيل جمال
حجم الخط
0

إسطنبول-“القدس العربي”: نجح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ولو جزئياً في فرض شروطه فيما يتعلق بمكان انعقاد القمة المقترحة مع زعماء بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وذلك بعد أن جرى الاتفاق على عقد القمة على هامش اجتماعات حلف شمال الأطلسي “الناتو” في الثالث والرابع من الشهر المقبل في العاصمة البريطانية لندن، وذلك بعدما رفض عقدها في برلين أو باريس.

لكن في المقابل، من غير المعروف بعد ما إن كان اردوغان سوف ينجح في إجبار زعماء هذه الدول في تمويل مشروع المنطقة الآمنة التي تعمل تركيا على إقامتها في شرقي نهر الفرات شمالي سوريا في ظل الرفض الغربي القاطع لهذا الأمر، وتلويح اردوغان بفتح الحدود التركية أمام ملايين اللاجئين السوريين للوصول إلى أوروبا.

ومنذ أسابيع، وعقب إطلاق تركيا عملية نبع السلام ضد الوحدات الكردية في شمالي سوريا بهدف إنشاء منطقة آمنة هناك، خرجت دعوات أوروبية متعددة لعقد قمة مع الرئيس التركي من أجل بحث أوضاع اللاجئين السوريين، وبدأت مداولات بين أنقرة وعواصم أوروبية لترتيب القمة.

وبينما عرضت فرنسا وألمانيا عقد القمة على أراضيهما، رفض اردوغان هذه العروض بقوة، مشدداً على أن القمة يجب أن تنعقد على أراضي الدولة المعنية مقترحاً عقدها في إسطنبول بتركيا، أو إحدى الولايات التركية الحدودية مع سوريا مثل غازي عنتاب وشانلي أورفا، أو الاكتفاء بعقدها على هامش اجتماعات الناتو في لندن.

وقال اردوغان في خطاب له، الثلاثاء: “يدعوني إلى برلين أو باريس، هل أنا سائح؟ الحدث متعلق بتركيا وبالتالي هناك ثلاثة خيارات لعقد القمة هي إسطنبول أو غازي عنتاب أو شانلي أورفا” ولاحقاً قال إن الخيار الآخر سيكون عقدها على هامش اجتماعات الناتو، فيما يبدو أنه حل وسط لجميع الأطراف.

أجندة القمة

والجمعة، أعلن المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، عن اتفاق بلاده مع ألمانيا وفرنسا وبريطانيا على عقد القمة الرباعية حول سوريا على هامش قمة الناتو، المقرر عقدها في لندن يومي 3-4 كانون الأول/ديسمبر المقبل، وذلك عقب اجتماع قالن مع وفود من الدول الثلاث في إسطنبول، للتحضير للقمة.

وأوضح قالن أن الاجتماع التمهيدي تناول أجندة القمة الرباعية، والقضايا التي ستتناولها قمة الناتو، إلى جانب تقييم الخطوات التي يتعين اتباعها على صعيد سوريا، مضيفاً: “ناقشنا بالتفصيل الفرص التي تتيحها عملية نبع السلام، وعودة اللاجئين، وإنشاء منطقة آمنة، وما الذي يمكن عمله بشأن العملية السياسية المقبلة”.

وعلى هامش زيارته إلى المجر، جدد اردوغان تهديداته لأوروبا بفتح أبواب تركيا أمام اللاجئين السوريين، وقال في مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، مذكراً بأن بلاده تستضيف حاليا، 4 ملايين لاجئ، وأن عددا كبيرا منهم يمكنهم الهجرة إلى أوروبا وأن “الهدف من إقامة المنطقة الآمنة في سوريا ضمان عودة اللاجئين إلى ديارهم وأرضهم”.

وأضاف: “سنستمر في استضافة ضيوفنا (السوريين) سواء تلقينا دعما أو لا، ولكن سنضطر لفتح أبوابنا (باتجاه أوروبا) في حال لم يسر الأمر على ما يرام” وأكد اردوغان، أن بلاده لا تستطيع تحمل أعباء اللاجئين بمفردها، مشيراً إلى أن “الاتحاد الأوروبي لم يف بتعهداته حيال مساعدة اللاجئين بالشكل الكامل”.

وتعتقد الجهات الرسمية التركية بقدرتها على الضغط على الاتحاد الأوروبي لـ”إجباره” على تمويل مشروع المنطقة الآمنة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وذلك عبر استمرار الضغط السياسي والتلويح بفتح الحدود والخشية الأوروبية من الآثار الأمنية والسياسية والاقتصادية لأي موجة نزوح جديدة إلى القارة الأوروبية.

ومنذ بداية الأزمة السورية، عرضت تركيا على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مقترحات متتالية لإقامة منطقة حظر طيران ولاحقاً منطقة آمنة شمالي سوريا لحماية المدنيين السوريين من الحرب الدائرة في البلاد، لكن هذه الدعوات لم تلق أي استجابة من قبل الاتحاد الأوروبي وإدارتي باراك أوباما ودونالد ترامب.

أزمة لجوء جديدة

وفيما يبدو أنها محاولة للالتفاف على المخطط التركي للمنطقة الآمنة، قدمت ألمانيا ولأول مرة من خلال وزيرة الدفاع أنيجريت كارينباور مقترحاً لإنشاء منطقة أمنية في شمال سوريا لحماية المدنيين النازحين وضمان استمرار قتال تنظيم “الدولة” وقالت كارينباور: “أقترح أن نقيم منطقة أمنية تخضع لسيطرة دولية بمشاركة تركيا وروسيا”، معتبرة أن الخطوة ستسهم في استقرار المنطقة حتى يتمكن المدنيون من إعادة البناء ويتمكن اللاجئون من العودة طوعاً، وهو المقترح الذي لم يلق أي ترحيب من قبل تركيا وروسيا.

وتشترط أنقرة في درجة أساسية أن تكون المنطقة الآمنة تحت إدارتها المباشرة، وبالتالي فإن الحديث عن منطقة بإدارة أوروبية بالتعاون مع روسيا وتركيا واحتمال إرسال قوات ألمانية إلى شمال سوريا مجدداً، يمكن أن يشكل محور خلاف مبدئي مع المقترح الألماني الذي لا يتوقع أن يلقى أي ترحيب من قبل أنقرة.

وتعتبر تركيا أن الرفض الأوروبي المتكرر لتمويل المنطقة الآمنة هو لـ”الاستهلاك الإعلامي” وأن “الاتحاد مجبر على التعاون مع أي حلول تركيا لمنع حصول أزمة لجوء جديدة إلى دوله” وترى أن خشية أوروبا من 4 مليون لاجئ سوري تستضيفهم تركيا يضمن لأنقرة الحصول على تمويل أوروبي للمنطقة الآمنة.

وعقب انطلاق العملية العسكرية التركية في شمالي سوريا، أعلن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، بأنه يتوجب على تركيا ألا تنتظر من الاتحاد الأوروبي أن يغطي ثمن ذلك، وعلى الرغم من اعتباره أن “العلاقات مع تركيا معقدة” شدد على انها “مهمة أكثر من أي وقت مضى”. وبيّن أن الاتحاد الأوروبي “ملتزم تماما” بالاتفاق مع تركيا حول الهجرة، وأن نتائج ملموسة تمخضت عن برنامج المساعدات المالية للاجئين السوريين بتركيا.

وكانت المجر الدولة الأوروبية الوحيدة التي أعلنت تفهمها للعملية العسكرية التركية في شمالي سوريا، وأعلن وزير الشؤون والتجارة الخارجية المجري بيتر سيرتو، استعداد بلاده للتعاون مع تركيا في حال أنشأت منطقة آمنة من أجل عودة اللاجئين السوريين، واعتبر أن حل تركيا لمشكلة اللاجئين داخل بلادهم تصب في صالح المجر.

والخميس، جدد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، التأكيد على أن بلاده ستنفذ ما يقع على عاتقها بخصوص المنطقة الآمنة في سوريا، وقال: “الرئيس اردوغان أطلعني على المشاريع المتعلقة بالمنطقة الآمنة، وهذه المشاريع تتعلق ببناء مدن وقرى وكنائس ومدارس ومستشفيات. على الرغم من أن المجر ليست دولة غنية أو كبيرة، إلا أننا سننفذ ما يقع على عاتقنا وسنشارك بكل سرور في مشاريع إعادة الإعمار التي أعلنها اردوغان”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية