مستقبلاً… هل يمكن لمزارعي إسرائيل أن يعملوا تحت سيادة الأردن؟

حجم الخط
0

أمس، كما كان متوقعاً، انتهت التسوية الخاصة بين إسرائيل والمملكة الأردنية الهاشمية، التي تمكن مزارعون إسرائيليون في منطقتي الغمر والباقورة في إطارها من فلاحة أراض تحت السيادة الأردنية. وكانت التسوية الخاصة نافذة على مدى 25 سنة، وكان من المتوقع أن تتجدد تلقائياً، ولكن الأردن –لاعتبارات داخلية بالأساس– قرر بأن استمرار التسوية لا يخدمه. ونتيجة لذلك، لن يكون بوسع المزارعين فلاحة الأرض التي اعتنوا بها على مدى عشرات السنين.

فهل هذا تغيير سياسي ما؟ هل يوجد هنا “إرجاع لأراض”، مثلما يدعي كثيرون؟ الجواب هو لا. بخلاف ما يعتقده كثيرون، فإن التسوية الخاصة ليست استئجاراً للأرض. فاتفاق السلام بين الدولتين لا يتحدث على الإطلاق عن استئجار أراض. العكس هو الصحيح: فهو يعرف بصراحة بأن الأراضي تحت السيادة الحصرية للأردن، وليس لإسرائيل أي حجة للحصول عليها.

هذه المسألة كانت طلباً مركزياً للأردنيين الذين أصروا على أن يتلقوا من إسرائيل كل الأراضي التي يعتبرونها لهم، مثلما استردت مصر كل سيناء في اتفاق السلام في 1979. ما كان يمكن للملك حسين أن يسمح لنفسه بأن يلين في هذه المسألة مع إسرائيل، وإلا فقد كان يتعين عليه أن يشرح لكل العالم العربي لماذا حصل الرئيس المصري السادات على أكثر مما حصل هو.

لهذا السبب، نقلت إسرائيل السيادة بشكل كامل وواضح منذ العام 1994. أما المكانة السياسية لهذه الأراضي فلن تتغير مع إنهاء التسوية: كانت وستبقى تحت الحكم والسيادة الأردنية.
كانت الحادثة القاسية للمذبحة التي جرت في الباقورة مثالاً على انعدام السيادة الإسرائيلية في هذه الأراضي، عندما أطلق جندي أردني النار فقتل فتيات إسرائيليات كن يرافقن المزارعين في 1997. ولأن الأرض كانت منذ ذلك الحين تحت السيادة الأردنية، ما كان يمكن للقوات الإسرائيلية خلف الحدود أن تدخل إلى الأرض وتنقذ الفتيات دون أن تنسق ذلك مسبقاً مع الجنود الأردنيين في المنطقة.

صحيح أن مدة التسوية نفدت، ولكن العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والأردن تطورت في الـ 25 سنة الأخيرة. هكذا مثلاً وقعت اتفاقات لمناطق تجارة حرة تتيح التعاون بين الشركات في مجالي الإنتاج والتصدير، والسياحة آخذة في التزايد، وبالطبع التعاون مع مجالات سياسية.

بالنسبة لإسرائيل أيضاً، فإن التسوية التي انتهت الآن خدمت الهدف الأسمى: الإثبات بأن يمكن للإسرائيليين أن يقيموا في أرض هي تحت سيادة دولة عربية لربع قرن.

التاريخ لا يمكن شطبه، وهكذا حققت التسوية الخاصة ما كانت مخصصة له، ومعقول أنه إذا ما كان مجدياً للطرفين، سنرى مرة أخرى إسرائيليين يعملون تحت سيادة أردنية في المستقبل. في نهاية المطاف، فإن للطرفين مصلحة في تحويل العلاقات إلى قصة نجاح، حتى لو كان يتعين عليهما بين الحين والآخر العمل لإرضاء الرأي العام الداخلي.

بقلم: ايرز لين
إسرائيل اليوم 10/11/2019

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية