متى تتخلى إسرائيل عن كرهها لمواطنيها العرب؟

حجم الخط
0

عشرات آلاف الإسرائيليين تجمعوا في ميدان رابين مساء السبت الماضي، لإحياء الذكرى السنوية الـ 24 على قتل إسحق رابين. وقد صعد على المنصة الواحد تلو الآخر، سياسيون وشخصيات عامة ومغنيات ومغنون، وجميعهم من اليهود، باستثناء امرأة واحدة مسلمة ألقت خطاباً قصيراً كمندوبة لحركة “نساء يصنعن السلام”.

زعيم عربي؟ في احتفال لذكرى رابين؟ هذا كما يبدو كان خطوة كبيرة جداً. قبل يومين فقط على التجمع، قام بني غانتس بخطوة اعتبرت شجاعة، وحتى راديكالية، والتقى رؤساء القائمة المشتركة عضوي الكنيست أيمن عودة وأحمد الطيبي، في إطار جولة اللقاءات مع رؤساء الأحزاب قبل تشكيل الائتلاف.

الرد المضاد لهذا اللقاء كان شديداً، وقد ترأسه رئيس الحكومة نتنياهو الذي نشر في الشبكات الاجتماعية صورتين مترابطتين، صورة له في لقاء مع جنود الجيش وصورة لغانتس مع عودة والطيبي. وأضاف نتنياهو إلى الصور جملة قصيرة، لكن النشر تحدث من تلقاء نفسه: أنا نتنياهو وطني إسرائيلي، أشد على أيدي الجنود الذين يدافعون عنا وأقوم بدعمهم، في حين أن غانتس التقى ممثلي أعدائنا.

حدد نتنياهو هذه النغمة، تصنيف الزعامة العربية كممثلة للعدو، منذ زمن. المعاملة التي يتعامل بها مع مواطني إسرائيل العرب تذكي العداء تجاههم لدى قاعدته السياسية، ونتنياهو يصمم على تعزيز هذه الاتجاهات. وهذا الأمر يساعده في صناديق الاقتراع.

زيادة كبيرة في نسبة تصويت العرب، وقرار رؤساء القائمة المشتركة التوصية بغانتس لرئاسة الحكومة، كانا الحدثين المفاجئين الباعثين على الأمل والأكثر أهمية في الساحة السياسية بعد الحملة الانتخابية في أيلول 2019. ولكن من هنا وحتى تحويل العرب إلى شركاء شرعيين في الائتلاف، ما زالت المسافة طويلة. يبدو أن غانتس ورؤساء “أزرق أبيض” لا يفحصون هذا الخيار في المستقبل المنظور. في هذا السياق يجب القول بأن ليس كل مركبات القائمة المشتركة قد أوصوا بغانتس، وعلينا الافتراض أن “بلد” لن تقفز على عربة الائتلاف في حال أن هذه الاحتمالية وضعت أمامها.

من الجهة الأخرى للمحيط، بالضبط قبل أسبوع من ذلك، كان يمكن رؤية صورة مختلفة بشكل دراماتيكي. سلسلة طويلة من الزعماء العرب احتلت مركز المنصة في اللقاء السنوي للوبي التقدمي اليهودي – الأمريكي “جي ستريت”، الذي تم عقد في واشنطن.

ليس فقط العرب –مواطنون من إسرائيل وفلسطينيون وأمريكيون– شاركوا في اللقاءات الرئيسية باللقاء وفي الجلسة العامة، بل لم تكن هناك أي جلسة جرت في إطار اللقاء لم يجلس فيها على الأقل ممثل عربي واحد، حتى في الجلسة التي ناقشت اللاسامية المتزايدة. عضو الكنيست أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة، كان متحدثاً رئيسياً في اللقاء إلى جانب بيرني ساندرز وعدد من السياسيين الرواد في الحزب الديمقراطي.

الخطاب السياسي في إسرائيل يقصي العرب، فهم لا يعتبرون على الإطلاق جزءاً شرعياً من المعادلة عندما يناقشون تشكيل الحكومة. المشهد اليهودي التقدمي في الولايات المتحدة، في المقابل، لا يحتويهم، هم مدعوون هناك إلى مركز المنصة. الفجوة بين المجتمعين اليهوديين، الموجود في إسرائيل والموجود في أمريكا، مقلقة. من المقلق جداً حقيقة أن عودة رغم أنه ألقى خطاباً في اللقاء الذي مد فيه يده لليهود غير مرة في دعوة للشراكة، فإن معظم القيادة اليهودية الإسرائيلية تخشى من مد يدها. وفي حين أن عودة، مثل كثير من زعماء المجتمع العربي، طرح رؤية لمجتمع مشترك ورغبة في أن يكون جزءاً من الائتلاف المستقبلي ومن بؤرة اتخاذ القرارات ومن العمل كتفاً إلى كتف مع اليهود من أجل خلق مجتمع أكثر عدلاً هنا، ما زال كثير من الإسرائيليين يعتبرون العرب طابوراً خامساً ويتهمونهم بتأييد الإرهاب.

هذا مقلق جداً، لأن هذا بالضبط هو الصوت الذي يرغب كثير من اليهود في إسرائيل والعالم سماعه، وهو الصوت الذي يجب تعزيزه. مجتمع مشترك، يهودي عربي، هو الفرصة الوحيدة لتعزيز قيم الديمقراطية في المجتمع الإسرائيلي.

لقد حان الوقت لدعوة المتحدثين العرب إلى المنصة في تجمع ذكرى رابين. وقد حان الوقت لإعادة تعريف العلاقات بين اليهود والعرب في إسرائيل على أساس المساواة واعتبار العرب مواطنين، بالضبط مثلنا، وليس اعتبارهم خطراً أمنياً أو ممثلين للأعداء. لقد حان الوقت للتحرر من الخوف لتشكيل ائتلاف في إسرائيل يرتكز على دعم وعلى أصوات العرب. هذه الخطوة مهمة لتطبيع العلاقات وتحويل العرب إلى مواطنين متساوي الحقوق. هذا ما يمكننا تعلمه من “جي ستريت”.

بقلم: عنات سرغوستي

 هآرتس 10/11/2019

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية