اغتيال إسرائيل لـ”أبو العطا”.. رسائل سياسية وأمنية

حجم الخط
2

غزة: يُجمع محللون ومراقبون أن عملية الاغتيال التي نفذها الجيش الإسرائيلي للقيادي الفلسطيني بهاء أبو العطا، جمعت بين جُملة من الأهداف السياسية والعسكرية والأمنية، التي سعى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى تحقيقها من وراء ذلك، مُتسلحاً بمعطيات أمنية “قُدّمت له على طبق من ذهب” من قبل المنظومة الاستخبارية والأمنية.

ورأوا أن مآلات المواجهة الحالية، منوطة بالتطورات الميدانية القادمة، سواء من طبيعة وحجم رد المقاومة على عملية الاغتيال، أو رد الفعل الإسرائيلي على ذلك.

وأعلنت إسرائيل، أنها قتلت فجر الثلاثاء، “بهاء أبو العطا”، القيادي في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، في غارة شنتها على منزل، شرقي مدينة غزة.

وفي سياق متصل، قالت حركة الجهاد إن إسرائيل شنت غارة على منزل القيادي بالحركة أكرم العجوري، في العاصمة السورية دمشق، وهو ما أسفر عن استشهاد شخصين، بينهما نجله، وهو ما لم تعلق عليه إسرائيل حتى الآن.

 

توقيت سياسي انتخابي

يرى الكاتب والخبير في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر أن “هذا التوقيت ذو طعم سياسي انتخابي بحت، ولم يكن عفوياً ولا بريئاً”، لافتاً إلى أن “كل التقديرات تُشير إلى أن هذا الاغتيال مثّل استغلالاً انتخابياً وحزبياً من نتنياهو، لعملية عسكرية أمنية”.

ويضيف أبو عامر أن “أبو العطا هو قائد عسكري فلسطيني اسمه مدرج على قوائم الاغتيال الإسرائيلية منذ سنوات، لكن نتنياهو اختار هذا التوقيت لخدمة أغراض سياسية وحزبية خاصة به للخروج من أزماته السياسية، التي تُنذر بذهابه إلى القضاء والمحاكمة، في حال تعذر رئاسته للحكومة القادمة سواء بعد انتخابات ثالثة أو في حال نجاح تشكيل حكومة حالياً”.

نتنياهو اختار هذا التوقيت لخدمة أغراض سياسية وحزبية خاصة به للخروج من أزماته السياسية

ويتفق الكاتب والمحلل السياسي محمود مرداوي مع أبو عامر في دوافع وأهداف عملية الاغتيال، حيث أشار إلى أنه “مع تأكيد رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي بأن هذه العملية تمت وفق تقديرات أمنية، ومع أن المستويات العسكرية والأمنية تُغذي القيادة السياسية بالتقديرات الأمنية والعسكرية بشكل مُستمر، إلا أن المصادقة في النهاية على مثل هذه العمليات منوطة بشخص بنيامين نتنياهو كرئيس للحكومة”.

ويضيف: “نتنياهو لم يكن ليُقر هذه العملية إلا لتوقعّه أنها تخدم أهدافه السياسية والانتخابية في هذا التوقيت، حيث أراد اغتيال (خصمه السياسي زعيم حزب أزرق أبيض) بيني غانتس سياسياً –إن جاز التعبير– إلى جانب اغتيال الشهيد أبو العطا”.

 

هدف عملياتي وليس سياسيا

ويختلف الكاتب سعيد بشارات مع كل من أبو عامر ومرداوي في هذا التحليل، حيث ذهب إلى أن خلفية ودوافع هذه العملية هو أمني عملياتي بشكل بحت، قائلاً إن “إسرائيل تعتبر أبو العطا ذراع إيران في قطاع غزة التي لابد من قطعها”.

ويعتبر أن تزامن عملية اغتياله مع محاولة اغتيال “العجوري” في سوريا، يأتي ضمن هذا الإطار، من خلال استهداف كل من: اليد النشطة في غزة “أبو العطا”، والعقل المُدبر من الخارج “العجوري”.

وأشار بشارات إلى أن “اغتيال بهاء أبو العطا جاء تمهيدا واضحا لذلك في الأوساط الإسرائيلية، وتحميله المسؤولية عن عمليات إطلاق الصواريخ من غزة، وعمليات القنص على الحدود، وغيرها، وأن إسرائيل تعتبره قد خرج عن قواعد اللعبة بينها وبين الفصائل الفلسطينية”.

ولفت إلى أن إسرائيل نفّذت الاستهدافين في نفس التوقيت باعتبارهما جزءاً من عملية واحدة لهدف مُحدد، وهو إنهاء عمليات إطلاق الصواريخ من غزة باعتبارها عملاً مُعطلاً للتفاهمات الأمنية”.

وحول تنفيذ العمليتين في وقت مُتزامن، عدّ أبو عامر ذلك أمراً مُلفتاً، حيث إنه “في نفس الساعة يتم تنفيذ العمليتين في كل من غزة ودمشق، وقد ركّزت إسرائيل على استهداف حركة الجهاد في هذه المرحلة للضغط عليها، واستنزافها، وإجبارها على وقف عمليات إطلاق الصواريخ”.

وتوقع أن ذلك سيكون له تبعات في قادم الأيام، وأن “الجهاد” إذا ما شعرت بأنها مُستهدفة بشكل مباشر، سيكون لذلك تبعات قاسية على صعيد التطورات الميدانية.

 

وتر الخلافات الداخلية

ونوّه أبو عامر إلى أن إسرائيل “تحاول اللعب على وتر ضرب الأوضاع الداخلية الفلسطينية، وتسعى بشكل واضح للإيقاع بين الفصائل من خلال الإيحاء بأن حماس تريد التهدئة والجهاد لا تريدها”، متوقعاً عدم وجود تأثير فعلي لذلك، على اعتبار أن “هناك توافق فلسطيني داخلي على موضوع التهدئة والتفاهمات التي تمت، وأن أي قرار تصعيد يتم من خلال غرفة العمليات”.

إسرائيل تسعى للإيقاع بين الفصائل من خلال الإيحاء بأن حماس تريد التهدئة والجهاد لا تريدها

ويتفق مرداوي مع أبو عامر، في هذه النقطة، ويشير إلى أن حركة الجهاد كانت جنباً إلى جنب مع حماس وباقي الفصائل في إدارة عملية التفاهمات، وكانت كلمتهم موحدة في كل خطوة.

وأضاف أبو عامر أن التركيز الإسرائيلي على وتر الخلافات ليس بريئاً ولا عفوياً، وهو مُركز وموجه، حيث رأى أن “إسرائيل تسعى لأن تبقى حركة حماس خارج المواجهة حالياً من أجل الاستفراد بالجهاد الإسلامي”.

لكنه يكمل مُستدركاً بأن “حماس لن توفر ذلك لإسرائيل وبالتأكيد سيكون لها انخراط واضح في المواجهة؛ على اعتبار أن تشكيل غرفة العمليات المُشتركة جاء بالأساس لمنع منح إسرائيل فرصة للانفراد بأي فصيل على حدة”.

 

وقائع جديدة

وبسؤاله عن سعي الاحتلال للعودة إلى سياسة الاغتيالات، أشار الكاتب بشارات إلى أنه لا يعتقد أن إسرائيل أمام موجدة جديدة من الاغتيالات، مُتطرقاً إلى “حديث نتنياهو الواضح بأن هذه العملية هي اغتيال موضعي لأسباب معينة”، متوقعاً ألا تنزلق الأمور إلى مزيد من الاغتيالات أو الانجرار إلى مواجهة واسعة في الوقت الراهن.

وقال بشارات: “ستبقى الأمور ضمن نطاق قواعد التصعيد التي عرفناها عبر اثني عشر تصعيداً سابقاً، إلا في حال توسعت عمليات الرد ودخلت كل أطراف المقاومة في التصعيد الحالي، حينها ممكن أن تتغير قواعد التصعيد وأن نشهد موجة تصعيد أوسع”.

وفي هذا الصدد يُشير أبو عامر إلى أن المواجهة الحالية قد تستمر لأيام قادمة، وقد اعترف الإسرائيليون بأنها “ستكون صعبة وطويلة، وبحسب رد المقاومة على العدوان يمكن الحديث عن معادلات جديدة”.

كما توقع ألا تُسلّم المقاومة لإسرائيل “بفرض قواعد جديدة عبر سياسة الاغتيالات، فهذا أول حادث اغتيال لقيادي فلسطيني منذ اغتيال الشهيد أحمد الجعبري قبل سبع سنوات، يتم إعلان المسؤولية عنه بشكل واضح ورسمي”.

 

مآلات المواجهة

كما اعتبر مرداوي أن مآلات المواجهة الحالية منوطة بالتطورات الميدانية القادمة، سواء من طبيعة وحجم رد المقاومة على عملية الاغتيال، أو رد الفعل الإسرائيلي على ذلك.

ولفت إلى أن المقاومة لا تريد الذهاب إلى حرب شاملة رابعة في هذا التوقيت، متوقعاً أنها “لن تتساهل في الرد على عدوان الاحتلال، ولن تدع نتنياهو يتصرف وفق إرادته”، كما أكد أن المقاومة مُصرة على حماية الشعب الفلسطيني، ولن تسمح بالإخلال بالمعادلة القائمة.

ونوّه إلى أن الرد المباشر على عملية الاغتيال قد لا يكون في جولة التصعيد الحالية، وربما يأتي في ظروف أخرى تتمكن منها المقاومة من الرد بما يتناسب مع طبيعة هذه العملية.

وحول طبيعة الوساطات لإعادة تثبيت الهدوء، أشار مرداوي بأن الوساطات لم تتوقف، وأن مصر على اتصال دائم مع الفصائل الفلسطينية، وتنقل الرسائل للاحتلال.

ولفت إلى أن الجهود المبذولة قد تُثمر خلال الساعات القادمة أو يوم غد من خلال منع تدحرج التصعيد إلى مواجهة شاملة.

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول إبن كسيلة:

    تصوروا لوا حصل العكس و إغتال الجهاد الإسلامي قائد صهيوني …..؟ لقامت الدنيا و لم تقعد ….
    أما أن تكون الضحية فلسطينية …..فهذا أمر ” معتاد و طبيعي ” …..
    ثم يتسائلون بكل وقاحة ……لمذا …….؟

  2. يقول أحمد:

    الكل بلع لسانه ولم يشر الى عدوان الصهاينة وخرق كل العهود وكل الموالثيق الدولية والمنطقية كل القنوات ساكتة على هذالأجرام في حق الفلسطينيين , ارهاب يشارك فيه الغرب والشرق وحتى العرب والبعض من المسلين أنفسهم , لم سجب ولاتنديد ولا لت نظر للجويلة الصهيونية المارقة المفشوشة المجرمة القاتلة لكل حق انساني , هجوم على ناس في سجن مفتوح لسنوات لايملكون الا السماء وحتى السماء ضيقوها عليهم زمع هذا يقتلونهم , ويهجمون عليهم بأدق الصواريخ والاسلحة ,لكم الله يافلسطينيين لكم الله يامظلومين

إشترك في قائمتنا البريدية